رغم الارتفاع المضطرد لعدد النساء في وظائف التربية والتكوين، مايزال حضورهن في مناصب المسؤولية في تناقص مستمر. فبعد أن كانت بالإدارة المركزية ثلاث مديرات، تقلص هذا العدد هذه السنة باستقالة مديرتين، كما ستشهد هذه السنة أيضا مغادرة المرأة الوحيدة التي تشغل منصب مديرة أكاديمية وذلك استجابة لطلب الإقالة، بسبب ظروف صحية خاصة. وهو ما يضع وزير القطاع شكيب بنموسى أمام تحد خاص، وهو يستعد لإجراء حركية واسعة في صفوف المديريات المركزية والجهوية.
تمثيلية ضعيفة في مناصب مسؤولية
في الوقت الذي تفتخر فيه وزارة التربية الوطنية بالأرقام التي حققتها لتمكين النساء من حقهن في الشغل بالتساوي مع الرجال، ماتزال وتيرة تفعيل مقاربة النوع الاجتماعي ضعيفة جدا، بل إن التحسن الذي تم تسجيله في السنوات القليلة الماضية عاد إلى سابق عهده، بتسجيل مغادرة نساء كثيرات لمناصب المسؤولية، وتم تعويضهن برجال.
فوفق مصادر خاصة بالجريدة، فقد عملت الوزارة على تمكين العنصر النسوي العامل بقطاع التربية الوطنية وإدماجه والرفع من تمثيليته ضمن مكون الموارد البشرية، حيث سجل تقدم ملحوظ في عدد المدرسات بالتعليم العمومي الذي وصل إلى 130.277 سنة 2022، مقابل 107.267 سنة 2017، خصوصا بالتعليم الابتدائي، حيث وصل عدد المدرسات إلى 90.416 سنة 2022، مقابل 64.704 سنة 2017 والتعليم الثانوي الإعدادي الذي بلغ عدد المدرسات فيه سنة 2022 ما يناهز 27.548 مدرسة، مقابل 24.086 سنة 2017 وبالتعليم الثانوي التأهيلي، كذلك، الذي ارتفع فيه عدد المدرسات ليصل إلى 22.313 سنة 2022، مقابل 18.477 سنة 2017، فيما سجل عدد النساء، ضمن هيئة الإدارة التربوية بالتعليم الابتدائي، ارتفاعا، منتقلا من 837 مديرة إلى 898 مديرة سنة 2022.
هذه الأرقام زكتها وقائع وشهادات تثبت تفوق العنصر النسوي في مختلف المباريات التي تنظمها الوزارة في الخمس سنوات الماضية، وخاصة في السلك الابتدائي والتعليم الأولي، حيث تتجاوز نسبة النساء، حسب المصادر ذاتها 70 في المئة.
لكن، في مقابل هذه الأرقام، مايزال حضور النساء في مناصب المسؤولية ضعيفا جدا، حيث تشير الإحصاءات الرسمية للوزارة إلى ارتفاع مؤشر تقلد المرأة لمناصب التدبير والتسيير والمسؤولية، إذ بلغ عددهن على مستوى المركزي 12 و69 على المستوى الجهوي و32 على المستوى الإقليمي.
ورغم الارتفاع المضطرد لعدد النساء في وظائف التربية والتكوين، مايزال حضورهن في مناصب المسؤولية في تناقص مستمر. فبعد أن كانت بالإدارة المركزية ثلاث مديرات، تقلص هذا العدد هذه السنة باستقالة مديرتين. الأولى كانت تدير ما يعرف بمشروع جيني، والثانية تدير مديرية التواصل. كما ستشهد هذه السنة أيضا مغادرة المرأة الوحيدة التي تشغل منصب مديرة أكاديمية الداخلة، وذلك استجابة لطلب الإقالة، بسبب ظروف صحية خاصة دفعتها إلى تقليص أنشطتها التدبيرية.
هذا الواقع يضع وزير القطاع شكيب بنموسى أمام تحد خاص، وهو يستعد لإجراء حركية واسعة في صفوف المديريات المركزية والجهوية.
حضور نسوي «دعائي»
وصفت مصادر الجريدة الأرقام الرسمية التي أعلنت عنها الوزارة قبل سنتين بـ«الدعائية»، بسبب طابعها الرمزي، وتتجلى هذه الرمزية، حسب المصادر المسؤولة ذاتها، في كون عديد المسؤولين الجهويين والإقليميين يقبلون لأسباب «دعائية» تعيين نساء في مناصب تدبيرية صغيرة من قبيل رئاسة مصلحة أو قسم، لكن يتم تجريدهن من العديد من الصلاحيات التي يتم تفويضها لرجال يترأسون مصالح أو أقساما، وهو الأمر الذي لم تنفه مصادر الجريدة وحاولت تفسيره بـ«ثقافة إدارية سائدة».
التحدي الذي يواجهه بنموسى هو التوفيق بين حاجة القطاع لدماء جديدة لتسريع وتيرة إصلاح القطاع، خصوصا في ظل استمرار تعالي الأصوات التي تطالب بتغييرات كبيرة في الطاقم الإداري، المركزي والجهوي، للوزارة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى الحرص على ضمان مناصفة حقيقية تعطي فرصا كانت غير متاحة سابقا لأطر نسائية ذات تكوين عال وخبرة ميدانية محترمة تعيش الظلم في ظل ثقافة تدبيرية لم تعد تليق بقطاع تناهز فيه نسبة النساء 50 في المئة.
يذكر في هذا الصدد أن أرقام وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، في تقرير حول الموارد البشرية المرفق بقانون المالية لسنة 2021، أكد على أن مشاركة المرأة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية مؤشر أساسي على مدى إدماج مقاربة النوع في السياسات العمومية والبرامج الحكومية، والتي تهدف في مجملها الى تعزيز حضور المرأة في مراكز القرار وتعزيز دورها كشريك رئيسي في التنمية، إلا أنه، وبالرغم من المجهودات المبذولة في هذا الصدد، إلا أن مشاركة المرأة في سوق الشغل لا تزال ضعيفة مقارنة مع الرجل وخاصة في الوظيفة العمومية، وهو ما أكدته أرقام وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، في تقرير حول الموارد البشرية المرفق بقانون المالية لسنة 2021.
وبحسب المعطيات ذاتها، فقد بلغت نسبة النساء في الوظيفة العمومية سنة 2020 حوالي 34.5 في المئة مقابل 65.5 في المئة بالنسبة للرجال، ويحتل قطاع الصحة المرتبة الأولى لولوج المرأة للوظيفة العمومية، إذ بلغت نسبة النساء الموظفات بوزارة الصحة 63.2 في المئة مقابل 36 في المئة بالنسبة للرجال، يليه قطاع العدل حيث إن 43.9 في المئة من مجموعة موظفي وزارة العدل هو من النساء، بينما بلغت نسبة تمثيل النساء بكل من قطاع التربية الوطنية، ووزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة وقطاع التعليم العالي على التوالي 40.2 في المئة، 39 في المئة، 34.8 في المئة.
ومن جانب آخر، كشف التقرير ذاته عن ضعف حضور المرأة في المناصب العليا، وهي المناصب التي يجري التداول بشأنها في المجلس الحكومي، حيث بلغ عدد النساء في المناصب العليا 137 تعييناً فقط من أصل ما مجموعه 1160 منصباً، وهو ما يمثل نحو 12 في المئة من مجمل التعيينات منذ سنة 2012 إلى النصف الأول من سنة 2021