محمد اليوبي
تتجه الحكومة إلى إلغاء مبالغ كبيرة في الميزانية كانت مخصصة لاعتمادات النفقات، رغم التعديلات التي طرأت في آخر لحظة على المرسوم بقانون الذي يرخص بموجبه لوزير الاقتصاد والمالية، بتجاوز سقف التمويلات الخارجية، والذي كان يتضمن في صيغته الأولى الإشارة إلى وقف عمليات الالتزام بالنفقات.
وأوضح محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية، أمام لجنة المالية بمجلس النواب، أول أمس الثلاثاء، أثناء مناقشة مشروع مرسوم بقانون يتعلق بتجاوز سقف التمويلات الخارجية، أن وقف عمليات الالتزام بالنفقات كان مبرمجا في المرسوم، نافيا تراجع الحكومة عن ذلك، نظرا للحالة الراهنة، وقال: «من غير المعقول، أننا سنلتزم بكل النفقات الواردة في قانون المالية وكأن شيئا لم يقع، وليس هناك أي تراجع عن هذا القرار»، وأشار إلى تعديل صيغة تمرير القرار فقط، وتحدث عن نقاش قانوني كان في المجلس الحكومي، بين مقترحين، الأول يخص تقديم قانون مالية تعديلي، والثاني يخص التنصيص على ذلك في مرسوم بقانون، ليستقر الرأي في الأخير على إصدار قرارات مشتركة بين وزارة المالية والقطاعات الوزارية الأخرى.
واستبعد بنشعبون إمكانية تعديل قانون المالية في الوقت الراهن، لأن هناك ضبابية بخصوص الأزمة الحالية، وقانون المالية يفترض تقديم فرضيات وتوقعات مضبوطة. وقال الوزير إن «نقاشا سياسيا وقانونيا حول إعداد مشروع قانون مالية تعديلي وعرضه على البرلمان، تم التفكير فيه بوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، وهو ما يتطلب تقديم أرقام وتفاصيل للبرلمان». وأوضح بنشعبون أن «الأرقام تأتي نتيجة لفرضيات يجب أن تكون معقولة ومتأكدا منها»، معتبرا أن «مسألة الوقت تطرح مشكلا، لأن الأساس هو كم من وقت يمكن أن يستمر المغرب في هذه الوضعية، وكذلك بالنسبة إلى الاقتصادات التي للمغرب ارتباط بها كيف ستكون، وهذا ما يزيد من توقع فرضيات مضبوطة»، مؤكدا أن «هذه الفرضيات لا نتوفر على معطيات حولها، سواء داخليا أو خارجيا»، مشيرا إلى أن «السيناريوهات لم توضح لنا إمكانية تقديم قانون مالية تعديلي في الوقت الراهن، ومن باب المسؤولية لا يمكن أن نقدم قانونا تعديليا، ولكن نحن مطالبون بالإجراءات التي لها علاقة بالمقاولات والمواطنين».
وفي ما يخص تدبير النفقات، تم الاتفاق في مجلس الحكومة، على أن يكون إلغاء أو تقليص النفقات بموجب قرارات مشتركة بين وزارة الاقتصاد والمالية وكل قطاع وزاري على حدة، وقال بنشعبون: «لا يمكن إصدار قرار أفقي ملزم للجميع، وسننظر إلى كل قطاع على حدة، مع تحديد الأولويات والاستثمارات المهمة بالنسبة لكل وزارة، وكذلك تحديد الاستثمارات التي تستهلك العملة الصعبة»، مشيرا إلى أن «كل قطاع له أولويات»، مبرزا أنه «لا يمكن أن يكون قرارا أحاديا، وسيتم اتخاذ الأولويات وكل ما له علاقة بالانتعاش الاقتصادي مستقبلا، وبناء على الأولويات».
وبخصوص المرسوم المتعلق بالترخيص لوزير الاقتصاد والمالية بتجاوز سقف التمويلات الخارجية، رفض بنشعبون المقترحات التي تقدم بها بعض البرلمانيين بـ«الاقتراض عبر دفعات حسب الحاجيات»، وقال: «لا يمكن الرهان على احتياطي العملة الصعبة الذي يتوفر عليه المغرب حاليا، والتعامل بمنطق حدو قدو، لأن لا أحد يعرف مدة استمرار الأزمة»، وأضاف: «يمكن هاذ الشي يدوم شهر أو شهرين أو إلى آخر السنة، ونحن قمنا بإعداد عدة سيناريوهات حسب مدة استمرار الأزمة»، وأكد أنه «من باب المسؤولية يجب أن نستعد لأسوأ الحالات، ممكن هاذ الشي يدوم مدة طويلة، وعندما نطلب قرضا من المؤسسات المالية العالمية في وسط الأزمة ما كاينش لي يسلم عليك، ولي غادي يعطيك غادي يبقى واحد هو صندوق النقد الدولي مع فرض شروط، وذلك يعني عودة التقويم الهيكلي، هاذ الفرضية خصنا نحيدوها كليا، لذلك نريد وضع المغرب في مأمن مع الحفاظ على سيادته، وهذا هو الغرض من المرسوم، وليس عزيز علينا الاقتراض من الخارج».
وكانت الصيغة الأولى للمرسوم تنص على وقف جميع عمليات الالتزام بالنفقات برسم الاعتمادات المفتوحة على مستوى الميزانية العامة وميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة والحسابات الخصوصية للخزينة والمؤسسات العمومية، خلال السنة المالية 2020، وتم استثناء نفقات الموظفين والمستخدمين والأعوان والنفقات الخاصة بقطاع الصحة والأمن ومرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، والحسابات الخصوصية للخزينة والمؤسسات التابعة لها، والنفقات المخصصة لتدبير جائحة كورونا، والنفقات المتعلقة بمستحقات الماء والكهرباء والاتصالات وواجبات الكراء، ونفقات المقاصة ومنح الطلبة والنفقات الخاصة بصندوق دعم التماسك الاجتماعي، ونفقات التسيير والاستثمار الضرورية التي تكتسي طابعا استعجاليا، والتي كانت ستحدد لائحتها بقرار مشترك للوزير المكلف بالمالية والآمر بالصرف المعني.