شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

بسبب أزمة الهجرة… تكساس تلوح بالانفصال عن واشنطن

الولاية صاحبة أقوى اقتصاد بالولايات المتحدة الأمريكية

هددت ولاية تكساس بالاتجاه إلى الانفصال عن الولايات المتحدة الأمريكية، بعد اندلاع أزمة قانونية وسياسية بين الحكومة الفيدرالية الأمريكية وسلطات الولاية التي تقع في وسط جنوب البلاد، وذلك بسبب تفاقم أزمة المهاجرين وإجراءات أمن الحدود، مما اعتبرته تكساس غزوا وتشبثت بحقها الدستوري في حماية حدودها الجنوبية.

 

إعداد: سهيلة التاور

 

بعد تاريخ من المشاحنات بين حكومة تكساس والحكومة الفيدرالية، اندلع أخيرا خلاف كبير بينهما، بسبب أزمة المهاجرين وإجراءات أمن الحدود، حيث قضت المحكمة الأمريكية العليا، يوم الاثنين الماضي، بإيقاف مؤقت لقرار صدر عن محكمة استئناف اتحادية في دجنبر الماضي.

وكان قرار محكمة الاستئناف يأمر عملاء حرس الحدود الفيدراليين بوقف قطع الأسلاك الشائكة التي نصبتها ولاية تكساس، لمنع المهاجرين غير النظاميين من عبور الحدود والدخول إلى الولايات المتحدة.

واستندت المحكمة العليا في قرارها بإيقاف قرار محكمة الاستئناف إلى أن السيطرة على حدود البلاد هي مسألة فيدرالية.

وقال حاكم ولاية تكساس الجمهوري، غريغ أبوت، إن ولايته تواجه «غزوا»، وتحدى قرار المحكمة وغرد على منصة «إكس»، قائلا: «ستواصل تكساس ممارسة حقها الدستوري في حماية حدودنا الجنوبية والدفاع عنها».

ولم يتأخر دعم الجمهوريين لأبوت، والذين أكدوا في بيان مشترك، تعهد حكام جمهوريين من 25 ولاية (نصف الولايات الخمسين)، بتقديم الدعم لحاكم تكساس والسلطة الدستورية في الولاية للدفاع عن نفسها.

 

 

تاريخ جمهورية تكساس

بعد استقلال المكسيك عن إسبانيا في عام 1821، سعت الجمهورية الوليدة إلى بسط سيطرتها على المنطقة الشمالية والتي كانت شبه خالية من السكان، وكانت خلال الاستعمار الإسباني تقوم بوظيفة سياج يصد أي محاولات للتوغل من قبل الإمبراطوريتين الفرنسية والبريطانية .

وأصبحت هذه المنطقة الشمالية تعرف بولاية «كواويلا وتكساس»، في إطار نظام فيدرالي أسس له الدستور المكسيكي لعام 1824. وكان معظم من يقطنون الولاية من السكان الأمريكيين الأصليين، من قبائل الأباتشي والكومانشي.

ولأن كثيرا من المكسيكيين كانوا يرفضون الانتقال للعيش في الولاية، كانت الحكومة المكسيكية تشجع الأمريكيين وغيرهم من الأجانب على الاستيطان هناك، وقررت إعفاءهم من بعض الضرائب لمدة سبع سنوات.

ولكن سرعان ما شعرت الحكومة المكسيكية بالقلق إزاء التدفق المستمر للمهاجرين الأنغلو-أمريكيين، فقررت في عام 1830 حظر المزيد من الاستيطان في كواويلا وتكساس وأعادت فرض الضرائب المعلقة، وشهدت الولاية الكثير من الاضطرابات والكثير من النزاعات مع الحكومة الفيدرالية المكسيكية.

وفي عام 1836، أعلنت «جمهورية تكساس» انفصالها عن المكسيك. لم يستمر استقلال تكساس سوى تسع سنوات، إذ عانت الجمهورية من أوضاع اقتصادية متدهورة إبان حكم رئيسها الثاني ميرابو لامار، وربما كان ذلك سببا رئيسيا لانضمامها إلى الولايات المتحدة في عام 1845.

وبين عامي 1860 و1861، كانت تكساس من بين 11 ولاية أمريكية تنفصل عن الاتحاد في أعقاب انتخاب أبراهام لينكون رئيسا للبلاد، وتزايد المشاعر المناهضة للعبودية في الولايات الشمالية، ما عجل باندلاع الحرب الأهلية الأمريكية في أبريل عام 1861.

بعد انتهاء الحرب في 1865 وخسارة كونفدرالية الولايات الجنوبية، ومن بينها تكساس، بدأت عملية إعادة دمج لتلك الولايات استمرت لأكثر من عقد من الزمان.

وبحسب المؤرخين، لم تكن هذه العملية سهلة بالنسبة إلى سكان تكساس، الذين وجدوا أنفسهم مضطرين إلى إلغاء العبودية والإقرار بأن الانفصال عن الاتحاد غير قانوني. ورغم ذلك، أعيدت الولاية إلى حضيرة الاتحاد في عام 1870.

وبشكل عام، انتهت في الجنوب المطالبات الصريحة بحقوق الولايات في الانفصال، ولكن ذلك لم يشكل نهاية للهوية التكساسية التي شعر أهل الولاية بأنها مختلفة عن باقي الولايات الأمريكية.

وينظر كثير من أبناء الولاية إلى تاريخ «جمهورية تكساس» على أنه فترة تحقق لهم فيها الاستقلال وتحقيق الذات، في مقابل ما يرونه تدخلات من قبل الحكومة الفيدرالية في واشنطن. وظهرت في تسعينيات القرن الماضي مساع تروج لانفصال تكساس عن الولايات المتحدة مرة أخرى. وتأسست في ذلك الوقت «منظمة جمهورية تكساس»، التي زعمت أن الولايات المتحدة ضمت تكساس إليها بشكل غير قانوني. وفي عام 2005، تأسست حركة تكساس القومية من أحد فصائل المنظمة، ولكنها نأت بنفسها عن ممارسات المنظمة العنيفة وآثرت الحلول السياسية. وقالت الحركة إن هدفها هو تحقيق الاستقلال السياسي والاقتصادي والثقافي التام لتكساس.

 

أهمية تكساس الاقتصادية

تعتبر تكساس ثاني أكبر ولاية في البلاد من حيث الحجم والسكان. تجاوز عدد سكان ولاية تكساس أخيرا 30 مليون نسمة، لتنضم بذلك إلى ولاية كاليفورنيا، باعتبارها الولاية الأخرى الوحيدة التي وصلت إلى الثلاثينات. إنها واحدة من أهم المواقع لاقتصاد البلاد وسوق العمل والصناعات الرئيسية.

تكساس هي أيضا حجر الزاوية في السياسة الأمريكية، ويمنحها نطاقها وعدد سكانها نفوذا كبيرا في المشهد السياسي. ومع ذلك، بغض النظر عمن سيتولى منصبه، تظل تكساس وفية لأصولها وأصيلة كما كانت دائما. وهذا هو أحد الأسباب التي تجعل الناس ينتقلون إلى تكساس بأعداد كبيرة.

علاوة على ذلك، فإن اقتصاد تكساس متنوع بشكل ملحوظ. في حين أن الصناعات البتروكيماوية وتربية الماشية والصناعات التابعة لها هائلة، إلا أن هناك العديد من الصناعات القوية في الولاية.

الزراعة والهندسة والتكنولوجيا والخدمات العسكرية والفضاء كلها مزدهرة، وكانت كذلك لبعض الوقت، ناهيك عن صناعة الموسيقى. دون علم الكثيرين، تتمتع تكساس بأهم مشهد موسيقي في البلاد، وتعتبر أوستن عاصمة الموسيقى الحية في العالم.

ولو كانت تكساس دولة، لكانت في المرتبة التاسعة في قائمة أكبر الاقتصادات. وهذا يجعلها متقدمة على دول مهمة مثل روسيا وإسبانيا وأستراليا والمكسيك.

كما أن تكساس هي موطن لثاني أكبر قوة عمل مدنية على هذا الكوكب (أكثر من 14 مليون شخص)، وهذا هو أحد الأسباب الرئيسية لوضعها الاقتصادي. بالإضافة إلى العدد الهائل من الأشخاص، تتمتع تكساس أيضا ببنية تحتية ممتازة تلبي احتياجات الشركات الوطنية والدولية عن طريق البر والجو والبحر.

 

إجمالي الناتج المحلي

تحتل «تكساس» المرتبة الثانية من حيث الناتج المحلي الإجمالي والنمو السكاني والصادرات في الولايات المتحدة، وهناك عدة أسباب أخرى لقوتها الاقتصادية، على سبيل المثال استثمرت ولاية تكساس بشكل كبير في التعليم، بما في ذلك تعليم القوى العاملة، حيث إن لديها أكثر من 180 كلية وجامعة.

وتنتج تكساس ما يقل قليلا عن نصف نفط الولايات المتحدة، وحوالي ربع الغاز الطبيعي، وهي الولاية الرائدة في مجال طاقة الرياح والثانية في مجال الطاقة الشمسية. انتقلت العديد من الشركات الكبيرة إلى تكساس في السنوات الأخيرة، بما في ذلك ««Dell، و«تسلا»، و«هيوليت باكارد».

ولا توجد في تكساس ضريبة دخل، مما يجعلها مكانا جذابا للموظفين والشركات. يمكن للشركات تقديم عروض مغرية لعمالها، مما يزيد من تحفيز الاقتصاد وتسريع نموه.

والخبر السار بالنسبة إلى سكان تكساس هو أن هذه العوامل تبدو جاهزة للتحسن بشكل أكبر، مما يعزز مكانتها كموقع أساسي.

 

خلق فرص العمل

معظم الناس يدركون الحوافز الضريبية للعمل في ولاية تكساس، إنها واحدة من 7 ولايات فقط يشعر فيها العمال بالقيمة الإجمالية لراتبهم. وعلى الرغم من أنها ليست فريدة من نوعها في ما يتعلق بضريبة الدخل، إلا أنها ما زالت تقود البلاد في خلق فرص العمل. إن ضريبة الشركات والدخل وحدها لا تؤثر بالضرورة على الجماهير.

كما يتمتع السكان المحليون بمستوى تعليمي عال، والصناعات المزدهرة تعني دخول المزيد من العمال الطموحين إلى الولاية يوميا. توفر تكساس الفرص لأولئك الذين يبحثون عن وظائف محلية ودولية.

لقد وفرت تكساس فرص عمل جديدة أكثر من أي ولاية أمريكية أخرى خلال العام الماضي، مع أكثر من نصف مليون فرصة عمل جديدة. ويبلغ معدل خلق فرص العمل حوالي 4 في المائة سنويا، وهو أعلى بكثير من المعدل الوطني البالغ 2.7 في المائة.

ويبلغ معدل البطالة فيها 4.1 في المائة، مما يعني أن معظم القوى العاملة البالغ عددها 14 مليون شخص لديها وظيفة. منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، قادت ولاية تكساس البلاد في النمو السكاني. وطالما استمرت فرص العمل، سيستمر تدفق العمال والأسر.

 

إنتاج الطاقة

تكساس هي مركز الطاقة في الولايات المتحدة، وهي المنطقة الرائدة في إنتاج النفط الخام والغاز في البلاد، حيث تمثل 42 في المائة من النفط الخام و27 في المائة من إنتاج الغاز الطبيعي على مستوى البلاد. وتقوم تكساس أيضا بتكرير حوالي ثلث النفط في الولايات المتحدة سنويا.

ومن المثير للاهتمام أن طاقة الرياح تجاوزت توليد الطاقة النووية والطاقة، التي تعمل بالفحم في تكساس خلال العقود القليلة الماضية. إنها أكبر منتج للطاقة في جميع الأقسام.

في حين أن تكساس تقود الطريق أيضا في استهلاك الطاقة، يتم استخدام الكثير من الوقود لتشغيل اقتصادها الصناعي. لذلك هذا ليس بالضرورة أمرا سيئا. تعد الولاية رائدة في عالم الطاقة المتجددة، وهي موطن لبعض أكبر مزارع الرياح في العالم بأسره.

 

عالم الطيران

تعد تكساس واحدة من أبرز الولايات في الولايات المتحدة في عالم الطيران، ويعمل أكثر من 148000 شخص في تكساس بشكل مباشر في صناعات الطيران والفضاء، عبر 1400 منظمة. تحتل تكساس المرتبة الأولى في البلاد من حيث التوظيف في هذه الصناعات.

ويوجد في تكساس 1450 مطارا (خاصا وعاما)، وهو عدد أكبر بكثير من أي ولاية أخرى. لإعطاء سياق هذا الرقم، تأتي ألاسكا في المرتبة الثانية في القائمة بـ549 مطارا. وأدى تأثير صناعة الطيران في تكساس إلى أن تصبح الموقع الأكثر تفضيلا لأعمال الفضاء الجوي. منذ عام 2015، تم منح 52000 درجة علمية متعلقة بالطيران في تكساس.

وتعد تكساس موطنا لمركز ليندون جونسون الفضائي التابع لـ«ناسا» (هيوستن)، والذي كان بمثابة مركز التحكم في المهمة لمهمات فضائية متعددة من الولايات المتحدة. تم تدريب باز ألدرين ونيل أرمسترونغ وإعدادهما لمهمة أبولو 11 في تكساس، وهو الآن موقع التدريب الأساسي لرواد الفضاء الأمريكيين.

وأدى هذا الارتباط التاريخي بالفضاء إلى قيام العديد من شركات الطيران والفضاء الكبرى بإنشاء مقراتها الرئيسية هناك. تعمل شركات لوكهيد مارتن، وخطوط ساوثويست الجوية، والخطوط الجوية الأمريكية، وبوينغ جميعها انطلاقا من تكساس.

ومن المقرر أن تطلق شركة «SpaceX» التابعة لـ«إيلون ماسك»، موقع الإطلاق التجاري الأول في العالم في جنوب تكساس، مما يضمن مكانة تكساس كوجهة رائدة للفضاء في الحاضر والمستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى