حاوره: حسن أنفلوس
كمجموعة بنكية ما الذي سيستفيد منه «التجاري وفا بنك» من خلال انخراطه في مواكبة عملية التسجيل بسجل المقاول الذاتي؟
المجموعة اتخذت استراتيجية مواكبة جميع المقاولين، سواء الشركات الكبرى أو المتوسطة أو الصغرى، وحاليا انخرطت المجموعة في مواكبة المقاول الذاتي لأنه العتبة الأولى للتحول نحو المقاولات الصغيرة جدا. وهذا هو الهدف الأول حتى يكون هناك تكامل في سلسلة خلق القيمة المضافة في المجموعة الاقتصادية الوطنية ككل، وسيتحول جزء كبير من المقاولين الذاتيين إلى مقاولات صغيرة جدا، والتي يمكن أن تشغل، وبصيغة مهيكلة، ما بين فردين إلى عشرة أفراد.
هذا الأمر سيمكن من تجديد النسيج المقاولاتي، من خلال خلق جيل جديد من المقاولين، كما أنه سيمكن المجموعة من توسيع قاعدة زبنائها من المقاولات. فضلا عن أن استفادة المجموعة، وحتى يمكن التعامل مع مقاولات مهيكلة، يجب أن تتعاون على خلقها من الأصل، وليس الانتظار، لأن الخدمة البنكية التقليدية تعتمد على مقاولات مهيكلة وسبق أن اشتغلت وتشتغل بالسوق، وتتوفر فيها جميع الشروط اللازمة للاستفادة من الخدمات البنكية.
الفكرة اليوم تغيرت، وعلى الأبناك أن تتجه نحو البحث عن الأشخاص الذين لديهم رغبة في الولوج إلى عالم المقاولات، وتوفر لهم الشروط لتأسيس مقاولاتهم، ليصبحوا في ما بعد زبناء للأبناك.. وعبر هذه الخطوات يتم توسيع النسيج المقاولاتي الاقتصادي.
هل يمكن لهذا النظام أن يساعد على تقليص القطاع غير المهيكل مع وجود تخوفات متعلقة بالمساطر والضرائب؟
نحن نثق في هذا النظام، ولابد من طرح تساؤل وهو: لماذا يتوجه الأشخاص نحو القطاع غير المهيكل، ويتخوفون من القطاع المهيكل؟ أعتقد أنهم في أغلب الأحيان لا يتوفرون على معلومات كافية عن المساطر الإدارية والضرائب. هذا تخوف مشروع طبعا، لأن تعقد المساطر الإدارية، تخوف واقعي مع الأسف، أما في ما يتعلق بالتخوف الذي يرتبط بالضرائب فربما هناك فهم مغلوط في هذا الجانب، لأن الضريبة ترتبط بنشاط المقاولة وسقف هذا النشاط، كما أن العديد من الأشخاص لا يستحضرون التحفيزات والإعفاءات الموجودة في هذا الباب.
وفي ما يتعلق بهذا التخوف، فإن النظام جاء واضحا، على اعتبار أن المقاول الذاتي معفى من المحاسبة ومن الضريبة على القيمة المضافة، ولا يؤدي سوى 1 في المائة سنويا من قيمة المعاملات التي حققتها المقاولة الذاتية خلال السنة، وذلك عبر التصريح الإلكتروني، على أن سقف المعاملات الأقصى التي تؤدى عنها نسبة 1 في المائة سنويا لا يمكن أن تتجاوز 500 ألف درهم في قطاع الصناعة والتجارة و200 ألف درهم في قطاع الخدمات، وفي حال تجاوز هذا السقف من المعاملات، يمكن حينها أن تمر المقاولة إلى تصنيف المقاولة الصغيرة جدا. وباحتساب نسبة 1 في المائة لرقم المعاملات الأقصى في إطار المقاولة الذاتية، فإن قيمة المساهمة التي سيؤديها المقاول الذاتي لفائدة الدولة لن تتجاوز 5 آلاف درهم سنويا.
إذن هذا النظام جاء ليجيب عن هذه التساؤلات ويبدد تلك المخاوف، لأنه بسط الإجراءات والمساطر بشكل كبير جدا، ولم يعد إنشاء المقاولة الذاتية يحتاج إلى أي إجراء معقد، بل يكفي التسجيل في الموقع الإلكتروني المخصص لهذا الغرض فقط، وبعدها يتوجه الشخص الراغب في إنشاء المقاولة الذاتية، بعد التسجيل بالموقع الإلكتروني، إلى المؤسسة البنكية، ويحصل على بطاقة المقاول الذاتي دون عناء ودون أن يتوجه إلى أي إدارة من الإدارات الأخرى.
هذا المسار كان في مرحلة أولى مع «بريد المغرب»، والآن دخلت المؤسسات البنكية التي وقعت اتفاقية مع «بريد المغرب» لتواكب هذا النظام، وهي اتفاقية تتيح للأشخاص التسجيل في سجل المقاول الذاتي.
الهدف الأساس من هذا النظام، كذلك، هو أن هناك العديد من الشركات، خاصة في مجال البناء والورشات، تشتغل مع المقاولين الذاتيين، وهذه الشركات تصادف العديد من العقبات لأنها عندما تريد أن تؤدي أتعاب العمل لهؤلاء المقاولين، تحتاج إلى فواتير ووثائق لتبرير المصاريف، وبالتالي فعندما لا يتوفر المقاول الذاتي على إمكانية منح الفواتير لهذه الشركات، يلجأ إلى طرق أخرى ملتوية. وهنا تكمن أهمية نظام المقاول الذاتي لأنها ستمكن من الانتقال من قطاع غير مهيكل إلى قطاع مهيكل.
هل يمكن للموظفين والأجراء إنشاء مقاولة ذاتية؟
بالنسبة للموظفين المشتغلين في القطاع العام، لا يمكنهم إنشاء مقاولة ذاتية بحكم القوانين المؤطرة للعمل في القطاع العام، ولا يمكنهم الجمع بين عملهم وصفة المقاول الذاتي. وبالنسبة للأشخاص الذين يزاولون نشاطا مهنيا آخر، فإن طلباتهم سترفض، بالنظر إلى نشاطهم الاقتصادي في مجالات أخرى. ولا يمكن أن يكون الشخص يزاول نشاطا اقتصاديا معينا ثم يأتي ليستفيد من مزايا المقاول الذاتي.
ما هي الشروط التي يجب أن تتوفر في المقاول الذاتي للاستفادة من القروض؟ وما السقف المحدد؟ ثم ماذا عن الضمانات التي يجب أن يقدمها؟
في هذا النظام وعلاقته بالفئة المستهدفة أعتقد أن الحصول على القروض هو الحاجة الأساسية، الآن هناك مقاولون يشتغلون حاليا ولا يحتاجون الكثير من القروض، لكن إذا كانت هناك حاجة فأعتقد أنها تتعلق بالقروض الصغيرة جدا.
وفي حال تحقيق المقاولة لرقم معاملات بـ 500 ألف درهم، لن تكون بحاجة إلى قرض من هذا النوع، وحتى إن كانت هناك حاجة فلا أعتقد أنها ستتجاوز الكثير للترويج. هذا يعني أننا نبقى دائما في مجال القروض الصغيرة جدا، وهذا النوع من القروض لا يتطلب أي ضمانات. إذن مسألة القروض في هذا الإطار ليست الأساس لنجاح النظام، ما يحتاجه النظام هو ضرورة تعميم التغطية الاجتماعية، ومن المرتقب أن تشمل التغطية الاجتماعية المقاولة الذاتية في إطار الأهداف التي وضعتها الدولة، وهذا مكسب للمقاولين الذاتيين وأهم بكثير من القروض.
هناك مجموعة من البرامج السابقة من قبيل برنامج «مقاولتي» وبرنامج «رواج»، اعتبرها البعض برامج لم تحقق الأهداف التي جاءت من أجلها، هل هناك إجراءات لمواكبة هذا النظام لضمان نجاحه؟
لابد من التساؤل حول الأسباب التي جعلت هذه البرامج لم تعط نتائجها الكاملة. هناك اعتقاد خاطئ مفاده أن إنشاء المقاولة يعني الحصول على القروض، والكثير من الناس يعتقدون أن القروض هي التي ستؤسس المقاولة. وترسخ هذا الاعتقاد مع برامج اعتمدت بشكل حصري على القروض. وهذا بالنسبة لنا أمر غير صحيح، لأن إنشاء مقاولة يحتاج إلى روح المقاولة والمخاطرة أولا، والقرض مسألة مكملة فقط. والمسألة الثانية والأساسية كذلك، بالإضافة إلى روح المقاولة، هي المواكبة.
ارتباطا بهذه النقطة، كيف تعمل المجموعة على تفعيل إجراء المواكبة؟
في اعتقادنا الوصول السهل إلى المعلومة يعتبر أساس المواكبة برمتها، لأن الأشخاص يجدون صعوبة في الوصول إلى المعلومة، لذلك فبالنسبة لمجموعة «التجاري وفا بنك»، يكفي أن يتوجه الشخص الراغب في تأسيس المقاولة الذاتية إلى الوكالة البنكية، ليستفسر عما يريده في هذا الباب، حيث تقدم له كافة التوضيحات الرامية إلى تبسيط فهم هذا النظام.
ونعتقد أن تعامل الوكالات البنكية بشكل مباشر مع المقاول الذاتي أمر مهم، هناك أشخاص يتعاملون بشكل مباشر أو غير مباشر، ولكن بشكل شبه دائم مع هؤلاء المقاولين. وأقصد هنا الموزعين المعتمدين في قطاع البناء مثلا، أو الصباغات، هؤلاء أيضا تنسق معهم المجموعة قصد العمل على تبسيط فهم النظام. وفضلا عن ذلك ستعتمد المجموعة مندوبين لهذا الغرض في بعض الأسواق الممتازة، وستعمل على ربط شراكات في هذا الاتجاه مع هذه الأسواق والموزعين المعتمدين، والهدف من ذلك كله هو أن يقدم المندوبون المعتمدون من قبل مجموعة «التجاري وفا بنك»، توضيحات بخصوص مزايا المقاولة الذاتية، حيث يمكن للمقاولة أن تمنح الفواتير لعملائها، ويمكنها أن تشتغل كما تشتغل المقاولات الفاعلة في إطار النظام العام العادي.
ما هو العدد التقريبي للأشخاص المعنيين بنظام المقاول الذاتي؟
انطلاقا من التقييم الذي قامت به وزارة الصناعة والتجارة، يوجد لدينا حوالي مليونين و700 ألف شخص يمكنهم الاستفادة من هذا النظام، منهم الشباب العاطلون، الطلبة والمستخدمون في الأنشطة الخاصة.