حسن البصري
من هو سعد الصايغ؟
ولدت وترعرعت في المدينة القديمة لمكناس، في طفولتي كنت ألعب كرة القدم في الأحياء وفي المدرسة مع أقراني، حيث كنا نستغل كل مساحة فارغة بين معالم المدينة لممارسة هوايتنا، وكنت أحيانا أتيه بين الأحياء من أجل كرة القدم حيث أطاردها في كل الفضاءات والدروب الضيقة. وأنا صغير كانت قامتي تساعدني على اللعب حتى مع من كانوا يكبرونني سنا، وهذا المعطى دفعني نحو حراسة المرمى التي كانت تحتاج لشخص له قامة أطول من بقية اللاعبين.
ما الحي الذي ولدت ونشأت فيه؟
حي النجارين الذي يعتبر من أقدم الأحياء في العاصمة الإسماعيلية، وتحديدا في زنقة النوار، سمي حي النجارين بهذا الاسم لأنه كانت تمارس فيه حرفة النجارة سابقا. لم تكن نشأتي في هذا الحي تمنعني من خوض مباريات في الأحياء الأخرى، على غرار أحياء بريمة وسيدي عمر، والحبول وتواركة، والرياض وأكدال، فضلا عن مشاركتي في دوريات فرق الأحياء بملعب «الحفرة» وملعب «لالة عودة» بالقرب من الجدران التاريخية. هنا برز لاعبون سيكون لهم شأن كبير في صفوف النادي المكناسي أمثال: لغويني وديدي، ومعتوق الإخوة طويرطو، وغيرهم من اللاعبين المتميزين الذين سيشقون طريقهم في عالم كرة القدم مع «الكوديم».
برزت، إذن، في دوريات الأحياء بمكناس، لكن كيف ستتحول إلى حارس مرمى؟
فعلا في بطولة فرق الأحياء التي تحدثت عنها بدأت ألفت الأنظار باعتباري حارس مرمى، وكنت معجبا أشد الإعجاب بحارس النادي المكناسي كارلوس غوميز البرتغالي الجنسية، الذي كان من أبرز حراس منتصف الستينات وبداية السبعينات، لهذا كنت أسعى إلى تقليده والاقتداء به. حين كنت وأصدقائي نذهب إلى الملعب البلدي لمتابعة مباريات النادي المكناسي، غالبا ما كنت أركز على الحارس غوميز، لكن سرعان ما لفت نظري حكام المباريات بلباسهم الأسود وصرامتهم وإدارتهم للمباريات، فقررت أن أغير التوجه من حارس مرمى إلى حكم.
كان «الكوديم»، وقتها، في عز تألقه، أليس كذلك؟
في يوم الأحد كانت قبلتنا هي الملعب البلدي لتشجيع النادي المكناسي، ونجومه الكبار الذين يقارعون الفرق البيضاوية والرباطية. كان للفريق نجوم من العيار الثقيل يلفتون نظرنا بسحر أدائهم، أمثال حميدوش وغوميز، وشيشا ومبيري بوعزة، مسجل الهدف الثاني في نهائي كأس العرش سنة 1966، بعد أن افتتح التسجيل اللاعب حميدوش، قبل مجيئه لـ«الكوديم» كان احترف بفريق «ريد سطار» الفرنسي ومثل المنتخب الوطني في عدة مناسبات ويعتبر اللاعب المكناسي الوحيد الذي حاز على عدة ألقاب لاعبا ومدربا. كانت مباراة قوية ضد المغرب الفاسي، وأنا أتابعها لم أكن أعلم أنني سأصبح يوما حكما في الملعب الذي احتضن المباراة النهائية.
من هم الحكام الذين أعجبت بهم وتمنيت لو سرت على منوالهم؟
كنت معجبا بشخصية الحكم القوية، بلباسه الأسود وصرامته وقدرته على إدارة المباريات، وجعل كل من في الملعب يخضع لقراراته. فهو الآمر والناهي طيلة أطوار المباراة، وصفارته كانت توقف وتتحكم في الفريقين. بالنسبة للحكام الذين جعلوني أعشق الصفارة أذكر منهم بنعلي والسطالي، وباحو والطويل، والزوين ومبروك وأسماء أخرى أعتذر إذا سقطت الآن من ذهني.
ما خاصية هؤلاء الحكام؟
الوقار والهيبة، والشخصية القوية واللياقة البدنية العالية، والحضور المميز في رقعة الملعب. لهذا قلت في نفسي لماذا لا تصبح حكما مثلهم يا سعد؟ من هنا صرفت النظر عن حراسة المرمى وقررت أن أمارس التحكيم.
أين تعلمت قواعد التحكيم؟
في دوريات رمضان كنت أقوم بتحكيم بعض المباريات، قبل أن ألتحق بمدرسة التحكيم في مكناس وكانت تابعة لوزارة الشبيبة والرياضة. سجلت اسمي في هذه المدرسة وبدأت أحضر للدروس النظرية والتطبيقية بانتظام، إلى جانب مجموعة من الأصدقاء الذين سيرافقونني في مجال التحكيم، أذكر منهم: نكيم والجميلي، ولمرابط والسعدوني، والعشاب وأسماء أخرى لا تحضرني الآن. وكان الطيابي المشرف على تأطير المدرسة التي كانت تضم حكاما واعدين.
من كان الحكم المؤطر للمدرسة؟
من الأسماء التي تتلمذت عليها هناك السطالي والحجلي وبوعافية، حين ترأس السطالي اللجنة الجهوية للتحكيم بفاس، ساهم في ظهور العديد من الأسماء، أبرزهم بلقولة طبعا، الذي آمن به ودافع عنه بشراسة لاجتياز امتحان الترقية إلى حكم متجول بين العصب. في المدرسة تم تلقيننا قانون التحكيم، وفصوله السبعة عشر حفظتها عن ظهر قلب.