حسن البصري
قيل إن مدرجات الكرة تثير السجال أكثر من مدرجات الجامعات، لهذا تهتم الشعوب بما يجري في الملاعب، أكثر مما يجري في صالونات الفكر والسياسة.
شاءت الصدف أن يتزامن جدل صراع الأهلي المصري والوداد الرياضي، مع زيارة وزير الخارجية المصري، سامح شكري، حيث كان في رحلة عمل إلى المغرب، تكللت بتدشين المقر الجديد للسفارة المصرية في الرباط.
في غمرة الصراع بين الأهلاويين والوداديين، حول ملعب المباراة النهائية لكأس عصبة الأبطال الإفريقية لكرة القدم، كان وزير الخارجية المصري يسلط الضوء على تجذر العلاقات بين البلدين عبر التاريخ، ويدعو إلى إعطاء دينامية خاصة للعلاقات المغربية المصرية.
وفي الوقت الذي ركز فيه بلاغ الخارجية المصرية على عمق العلاقات التاريخية بين مصر والمغرب، وتقارب وجهات نظر البلدين بشأن العديد من القضايا، كان بلاغ الاتحاد المصري لكرة القدم يهدد بالتصعيد والشجب المطلق لقرار إجراء مباراة نهائي دوري أبطال إفريقيا في المغرب.
ساند الاتحاد المصري مجلس إدارة النادي الأهلي المصري، حين قرر اللجوء إلى المحكمة الرياضية الدولية، ضدا على قرار الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، القاضي بإجراء النهائي في الدار البيضاء. فيما ساندت الخارجية المصرية المغرب في كثير من مساعيه الرامية إلى إقرار السلام في شمال إفريقيا، ودوره في نزع فتيل التوتر من البقاع العربية.
بين تصريحات سامح شكري، وزير الخارجية المصري، وتصريحات محمود الخطيب، رئيس مجلس إدارة النادي الأهلي المصري، مسافة تنتصب فيها علامات تشوير، تحذر من السير بسرعة لوجود ضباب كثيف في منعرجات الكرة.
حين كان سامح شكري، وزير خارجية جمهورية مصر العربية، يزور مقر منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو» بالرباط، ويشيد عبر سطور في السجل الذهبي للمنظمة بدور المغرب في استمرار هذا الصرح الثقافي، كانت عشيرة الأهلي المصري تطالب بنقل مقر «الكاف» من القاهرة إلى المغرب، وتعتبر وجوده كعدمه، ما دامت الأندية المصرية لا تستفيد من وجود هذه الهيئة الكروية في التراب المصري.
وزير الخارجية المصري كشف عن حالة الاستنفار في مصر، للاحتفال هذا العام بالقاهرة كعاصمة للثقافة في العالم الإسلامي، لذا دعونا نحتفل بالدار البيضاء كعاصمة للكرة الإفريقية، ونجعل من نهائي كأس عصبة الأبطال الإفريقية احتفالا يجمع الأفارقة حول الكرة، بدل ضياع الجهد والمال في محاكمات رياضية لا تزيد الشعوب إلا احتقانا.
بالأمس فرح المصريون بانتخاب باتريس موتسيبي على رأس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، وقالوا إن زمن أحمد أحمد قد ولى إلا غير رجعة، واليوم يطالبون برأس هذا الرجل الجنوب إفريقي، فقط لأنه وافق على إجراء مباراة في ملعب محمد الخامس، ويدعون إلى ترحيل مقر «الكاف» من مصر الجديدة إلى الرباط.
لو تعاملنا بمنطق الاستضافة، لطالبت إثيوبيا بتشميع مقر الاتحاد الإفريقي، لمجرد صدور قرارات لا تتماشى وسياسة أديس أبابا، ولتم تسريح موظفي هذه المنظمة إلى أن تعزف على النوتة نفسها لخارجية البلد المستضيف.
هذه المفارقات تحيلنا على أغنية «يا عم عربي» للفنان الراحل شعبولا المصري، حيث يشخص واقعنا الانهزامي العربي ويتنبأ بقمم كروية أهم من القمم العربية، ويعطي صورة لجامعة عربية مهترئة، مقابل جامعات الكرة القوية، ويكشف عن جيل يعرف أسماء «اللعيبة» ويجهل أسماء مدرسيه.
لم يتوقف شعبولا عند هذا الحد، فحين لمس مدى انشغال المصريين بالكرة أكثر من انشغالهم بالمعيش اليومي، أطلق أغنية أثارت جدلا واسعا في الوسط الفني والرياضي، تحمل اسم «اللعيب والراقصة»، يقول شعبان عبد الرحيم في أقوى مقاطعها:
خلاص هنلعب كرة من بكره كلنا
معدش غير الكورة دي لوقتي تلمنا
وقع لابنك في نادي واهتم ولا تسكتش
وبنتك علمها ترقص عشان تبقى لها قيمة.