شوف تشوف

الرأي

باب التوبة

حسن البصري
يبدو أن عشيرة الكرة في الجزائر لا تولي اهتماما كبيرا لبلاغ الخارجية الجزائرية القاضي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، أو بتعبير «لكوايرية» فإن كرة القطيعة ارتطمت بالعارضة، قبل أن يتبين أن صانع ألعاب الفريق كان في حالة تسلل.
في هجوم مرتد خاطف، رد جمهور اتحاد العاصمة الجزائري على قرار القطيعة بمنشور على صفحة أنصار لـ «يزما»، تضمن صورا لعلاقات الفريق العاصمي بنظيره الوداد البيضاوي وشعارات الناديين جنبا إلى جنب. وكأني بالكرة ترفض أن تدور في فلك السياسة وتعلن العصيان.
بين جمهور الرجاء البيضاوي وأنصار مولودية الجزائر علاقات متجذرة يستحيل أن تجتثها معاول نظام لازال يؤمن بنظريات علاها الصدأ ويروج لـ «فرق تسد» ولنظرية المؤامرة. فقد هنأ «الشناوة» رجاويي المغرب بعد الظفر بكأس محمد السادس للأبطال العرب، وحملوا شعارات النسور في عز الاحتقان وكتبوا في جداريات بساحة الكيتاني في باب الواد، عبارة «خاوة خاوة خاطيني سياسة».
أما عمار براهمية رئيس مولودية الجزائر، فقد أدار ظهره لقرار قطع العلاقات مع المغرب من جانب واحد، وراح يفاوض أكثر من مدرب مغربي لتدريب الفريق، من بينهم بادو الزاكي ورشيد الطاوسي، بل إن براهمية كشف في حوار صحفي عن محاولة ضم العداء المغربي هشام الكروج لفرع ألعاب القوى للمولودية قبل تألقه العالمي.
كلما خاض فريق مغربي مباراة في الجزائر إلا وتمرد أنصاره على المعبر الحدودي «زوج بغال»، ودخلوا الجزائر آمنين. يذكر الرجاويون مباراة وفاق سطيف الجزائري في أبريل 2015، وكيف تنقل أنصار الرجاء جماعات واخترقوا الحدود الشرقية للبلاد مستعينين بـ «حراكة» عبدوا لهم الطريق نحو مدينة مغنية الحدودية، ومنها إلى الجزائر حيث استضافهم جمهور المولودية قبل مواصلة الطريق صوب مدينة سطيف شرق الجزائر، في مغامرة محفوفة بالمخاطر خاصة حين يتعلق الأمر بيافعين لا يملكون جوازات سفر.
عندما خاض فريق الوداد البيضاوي مباراة رسمية ضد وداد تلمسان، اعترف المعلق الجزائري باختلال موازينه، وقال على الهواء «والله أعترف اليوم أنه لا فرق بين ودادنا وودادهم نحن شعب واحد أمة واحدة، قلب واحد اسمع يا بوتفليقة».
بوتفليقة الذي لعب في المولودية الوجدية كمدافع أيسر، أهون من عبد المجيد تبون الذي لم يلعب في حياته إلا مباريات «ضامة»، فقد أصدر عبد العزيز حين كان رئيسا للجزائر، قرار العفو على مشجعين رجاويين كانوا يقضون عقوبة حبسية في سجن الحراش، بتهمة «تعريض حياة المسافرين للخطر وتهديد الأمن العام»، بناء على تقرير من طاقم الطائرة التي كانت تقلهم من مطار محمد الخامس لمطار هواري بومدين.
كان بوتفليقة أرحم من بوخروبة وهو يوقع على قرار العفو على المشجعين المغاربة العزل، لا يهمنا إن كان الرجل حيا أو محنطا، الأهم أن تفتح أبواب السجن ويخرج المعتقلون وهم يرددون: «بوتفليقة بوتقليقة»، وعند بوابة سجن الحراش استقبلهم أنصار المولودية استقبال معتقلي الرأي.
في المغرب عشرات المدربين الجزائريين، لازالوا تحت مفعول الصدمة من قرار أحادي الجانب للخارجية الجزائرية، قد تتناسل عنه قرارات أخرى لأن الرياضة الجزائرية ترضع من ثدي الخارجية، فلا غرابة إذا اعتذرت فرق جزائرية عن خوض مباريات ما يعرف باتحاد شمال إفريقيا، وهو كل ما تبقى من توصيات اتحاد المغرب العربي الذي ولد ميتا.
لطالما سعى النظام الجزائري إلى خلط السياسة بالكرة، وجعل مشاركة الفرق في تظاهرات رياضية بالمغرب مرهونا بتأشيرة مصلحة في وزارة الخارجية بدل مصالح الشباب والرياضة، بينما اليابان لم تهتم بفرقها ومنتخباتها إلا بعد الانتهاء من تنزيل مخططات التنمية الاقتصادية، لذا على أشقائنا في الجزائر أن يتساءلوا: هل نحتاج رابح ماجر والزهوانية أم الدراجي وتبون؟
أيها الوزير تب فبلاغات القطيعة فحشاء وجرح للمشاعر. مع الاعتذار للشاعر أحمد مطر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى