محمد اليوبي
تزامنا مع اعتراف وزير الصحة، خالد آيت الطالب، أمام مجلس النواب، بوجود شبهات فساد في صفقات الأدوية التي اقتنتها وزارة الصحة، كانت تجري مفاوضات وضغوطات داخل الوزارة، من أجل تأجيل فتح أظرفة صفقة ضخمة تتعلق باقتناء آلات تحليلات خزان السكري، تبلغ قيمتها مليارا و400 مليون سنتيم، وهي الصفقة التي ظلت تحتكرها إحدى الشركات منذ 15 سنة.
وأكدت مصادر من الوزارة، أنه كان من المقرر فتح العروض المالية للشركات المتنافسة، يوم الاثنين الماضي، بعد فتح العروض التقنية، وهو اليوم الذي مثل فيه وزير الصحة، أمام البرلمان، واعترف بـ«فساد» صفقات وزارته، لكن تم تأجيل فتح الأظرفة إلى غاية يوم الخميس الماضي، لكن تم تأجيل الموعد للمرة الثالثة إلى غاية 3 فبراير المقبل، لأسباب مجهولة. ولم تستبعد المصادر وجود ضغوطات لإلغاء الصفقة، وافتعال أزمة انقطاع تحليلات خزان السكري بالمراكز الصحية العمومية، من أجل تمديد استفادة الشركة المحتكرة للصفقة، والتي واجهت لأول مرة منافسة من طرف خمس شركات أخرى.
وكشفت مصادر من مديرية الأوبئة أن جميع المراكز الصحية تعرف حاليا انقطاع تحليلات خزان السكري، ما يشكل تهديدا حقيقيا لحياة وسلامة حوالي مليوني مغربي.
وتسود تخوفات داخل الوزارة من خضوعها لضغوطات «اللوبي» الذي ظل يحتكر الصفقة بأثمنة خيالية، وتأجيل الحصة رقم 52 من الصفقة رقم 13/2019/DA/CS/MDT/DM، وتخص اقتناء 250 ألف وحدة من التحليلات لتوزيعها على 250 مركزا صحيا بالمغرب، حيث تم إلغاء الصفقة مرتين، بسبب الشروط التي فرضتها الشركة المحتكرة، حيث جرى، في المرة الأولى، تقليص الكلفة التقديرية لهذه الصفقة من 14 مليون درهم إلى 7 ملايين و500 ألف درهم، اقتناء 150 ألف وحدة من هذا الاختبار، بعدما فجرت «الأخبار» فضيحة هذه الصفقة، لكن المقاول صاحب الشركة التي تحتكر هذه الصفقة منذ سنوات رفض التكلفة المقترحة من طرف الوزارة، وفرض الثمن الأصلي المحدد في 14 مليون درهم، لكونه شارك لوحده في هذه الصفقة باسم علامة ألمانية معروفة، ظلت تحتكر كل الصفقات طيلة 15 سنة، ما يؤكد وجود ظاهرة احتكار الصفقات داخل الوزارة.
ورغم الاختلالات التي شابت الصفقة، خلال السنة الماضية، تم التحايل على الثمن المقترح من طرف الوزارة، حيث جرى تقليص الكمية المطلوبة من 150 ألف وحدة إلى 120 ألف وحدة، مع تفويت الصفقة للشركة نفسها بكلفة تقدر بـ 738 مليون سنتيم، دون احتساب نسبة 20 في المائة التي تضيفها الشركة سنويا على مبلغ الصفقة، ما يعني أن الشركة فرضت سعر البيع المقترح على الوزارة، والذي يقارب 80 درهما لكل وحدة، مع العلم أن الشركة نفسها التي تفوز دائما بالصفقة، تبيع المنتوج نفسه لمختبرات التحليلات الطبية الخاصة ولأطباء القطاع الخاص، بثمن أقل لا يتجاوز مبلغ 50 درهما للوحدة، وهو الثمن الحقيقي لهذا المنتوج في السوق، مع العلم أن شركات أخرى منافسة تقترح ثمنا أقل لا يتجاوز مبلغ 35 درهما للوحدة بجودة عالية مطابقة للمعايير الدولية، لكن يتم إقصاؤها من المشاركة في طلبات العروض، فضلا عن أن بعض الشركات اقترحت على الوزارة منحها آلات التحليلات الطبية الخاصة بمرض السكري، مجانا، مقابل اقتناء مستلزم التحليلات الطبية.
وأوضحت المصادر، أن مديرية الأوبئة التابعة لوزارة الصحة، تعلن سنويا عن طلب العروض الخاص بآلة التحليلات الطبية لمرض السكري «lecteur»، بحيث يتم تفصيل طلب العروض على مقاس الشركة المعلومة، حتى تفوز بهذه الصفقة، بعد إقصاء كل الشركات المنافسة، التي وجهت شكايات إلى الوزير، تطالبه بفتح تحقيق، وبعد ذلك يتم الإعلان عن طلب العروض الخاص بمستلزمات التحليلات الطبية «les reactifs» من طرف قسم التموين، مع التركيز على ضرورة مطابقة هذه المستلزمات للآلة التي تم اقتناؤها من طرف المديرية عبر طلب العروض الخاص بالآلة، وبالتالي يكون الفائز بالصفقة الأولى المتعلقة بالآلة هو نفسه الذي يفوز بالصفقة الثانية المتعلقة بالمستلزمات، لكن هذه السنة تم الإعلان عن صفقة واحدة تتضمن آلة قراءة التحليلات ومستلزمات التحليلات بالمبلغ نفسه المعلن عنه سابقا.