شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

انتصار جيو سياسي

في اللحظة التي كان فيها نظام «الكابرانات» بالجزائر يحتفي بانتصار كروي وهمي لا تتجاوز تأثيراته رقعة أحد ملاعب دولة قطر، كانت الديبلوماسية المغربية تسجل الأهداف الاستراتيجية داخل ملعب مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي أصدر ملوكه وأمراؤه مواقفهم وقراراتهم الثابتة الداعمة لمغربية الصحراء، والمدافعة عن أمن واستقرار المملكة المغربية ووحدة أراضيها، مشيدين بقرار مجلس الأمن الأخير بشأن الصحراء المغربية، مع تأكيد قادة المجلس الأعلى على أهمية الشراكة الاستراتيجية الخاصة بين مجلس التعاون والمملكة المغربية، والتي سيتم تنزيلها عبر خطة عمل مشتركة.

هذا بالفعل ما يسمى بالفوز الجيو- سياسي الذي يستوجب الاحتفاء، ولعل ما يعطي لهذا القرار طعم الانتصار الدبلوماسي للمغرب، ليس هو مضمونه الذي سيشكل انعطافة جديدة في العلاقات بين المغرب ودول الخليج، بل السياق الذي أتى فيه والموسوم بمحاولات الاتجار بالقضية الفلسطينية لعزل المغرب عن محيطه العربي والقومي، فعلى الرغم من كل المناورات والدسائس والمكائد التي يقوم بها نظام «الكابرانات» والمتاجرون بالقضية المقدسية، لربط نزاع مفتعل بقضية قومية عادلة، إلا أن مساعيهم قوبلت بالاستهجان من طرف دول مجلس التعاون قاطبة، ولعل خير دليل على ذلك أن الرسالة التي وجهها ملوك وأمراء العالم العربي واضحة وضوح الشمس، مفادها أن وحدة المغرب من وحدتهم، واستقرار المغرب من استقرارهم، وأن البعد الجغرافي لن يحول دون تحقيق المصير المشترك.

والقارئ لما بين سطور بلاغ المجلس الأعلى لدول الخليج، يدرك أن رسائله تتجاوز التعاون الكلاسيكي في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، إلى إرساء أسس شراكة استراتيجية مبنية على خطة عمل مشتركة، في المجال الأمني والدفاعي لحماية الأمن القومي للدول. فلا يمكن الوقوف في وجه محاولات الاستهداف الممنهجة للدول العربية المستقرة، ومواجهة حركات الانفصال التي تهدد وحدة الدول سوى بالاتجاه نحو غريزة الدفاع عن المصير المشترك، من خلال تعزيز القدرات الدفاعية والتنسيق الأمني، وتوحيد المواقف الديبلوماسية، وتوسيع الشراكات متعددة المجالات. وقد أخذ الملك محمد السادس منذ سنوات زمام المبادرة في الدعوة إلى بناء شراكة مغربية خليجية، حيال التحديات والمخاطر التي تواجه بلدنا، ويبدو أن بلاغ مجلس التعاون الأخير يحمل في طياته بعض عناصر الجواب، التي ستشكل بداية انعطافة في زمن التوترات والاصطفافات.

ما هو مؤكد أن مجلس التعاون أعلن سياسيا وديبلوماسيا عن تدشين مرحلة جديدة مع المغرب، والمطلوب أن تعقب ذلك خطوات عدة، لتصبح الشراكة الاستراتيجية والمصير المشترك واقعا في أقرب الآجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى