محمد اليوبي
بعدما مفاوضات دامت لأزيد من أسبوع، من أجل التوافق حول رئاسة لجنة العدل والتشريع، بسبب الصراع حولها بين فريق الاتحاد الاشتراكي وفريق الحركة الشعبية، عقد مجلس النواب، أول أمس الاثنين، جلسة عمومية خصصت لانتخاب رؤساء اللجان النيابية الدائمة، وذلك تطبيقا لأحكام الفقرة الثالثة من الفصل 62 من الدستور ومقتضيات المادة 89 من النظام الداخلي للمجلس.
وقبل انعقاد الجلسة، عقد رؤساء الفرق البرلمانية اجتماعا توج بتنازل الفريق الحركي عن رئاسة لجنة العدل والتشريع لفائدة الفريق الاشتراكي، وتمت عملية التصويت خلال هذه الجلسة التي ترأسها رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، عبر قائمة ضمت المرشحين الثمانية لرئاسة اللجان النيابية المتوافق عليها، في حين تم التصويت على مرشحين اثنين لرئاسة لجنة مراقبة المالية العامة عبر ورقتين فريدتين تحملان اسم المرشحة والمرشح المعنيين.
وأفرزت عملية التصويت انتخاب النائبة البرلمانية سلمى بنعزيز، عن فريق التجمع الوطني للأحرار، رئيسة للجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج، خلفا للبرلمانية من الفريق نفسه، نادية بوعيدا، والنائب البرلماني محمد ودمين رئيسا للجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة، الذي كان يترأس اللجنة في النصف الأول للولاية التشريعية، خلفا للبرلماني المثير للجدل، هشام المهاجري، الذي قدم استقالته من رئاسة اللجنة.
كما تم انتخاب النائب البرلماني سعيد بعزيز، عن الفريق الاشتراكي، رئيسا للجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، خلفا للبرلماني عن الفريق الحركي، سعيد السرار، وانتخاب النائب البرلماني لحسن السعدي، عن فريق التجمع الوطني للأحرار، رئيسا للجنة المالية والتنمية الاقتصادية، خلفا للبرلماني عن الفريق ذاته، محمد شوكي، الذي أصبح رئيسا للفريق التجمعي، وانتخاب البرلماني حميد نوغو، عن الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي، رئيسا للجنة القطاعات الاجتماعية، وهي اللجنة التي كان يترأسها في النصف الأول من الولاية التشريعية.
وتم انتخاب عبد العزيز لشهب، عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، رئيسا للجنة القطاعات الإنتاجية، خلفا للبرلماني عن الفريق نفسه، جمال الديواني، وانتخاب البرلماني إبراهيم أعبا، عن الفريق الحركي، رئيسا لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة، خلفا للبرلماني محمد ملال، عن الفريق الاشتراكي، وحافظ عدي الشجري، عن فريق التقدم والاشتراكية، على منصبه رئيسا للجنة التعليم والثقافة والاتصال، أما رئاسة لجنة مراقبة المالية العامة فآلت إلى النائب محمد الحجيرة، عن فريق الأصالة والمعاصرة، بعد حصوله على 151 صوتا، فيما نالت منافسته عائشة الكوط، عن المجموعة النيابية العدالة والتنمية، 53 صوتا، وكانت هذه اللجنة تترأسها البرلمانية لطيفة لبليح، عن فريق الأصالة والمعاصرة، في النصف الأول من الولاية التشريعية.
ويستفيد رؤساء اللجان النيابية الدائمة من نفس الامتيازات المخولة لأعضاء مكتب مجلس النواب، حيث يستفيدون من تعويضات مالية تقدر بـ7 آلاف درهم، تنضاف إلى التعويضات الشهرية التي يحصل عليها النواب البرلمانيون والمحددة في 36 ألف درهم. كما يستفيد رؤساء اللجان على غرار أعضاء المكتب ورؤساء الفرق البرلمانية من الإقامة بفنادق مصنفة بالعاصمة الرباط، وسيارات فاخرة تحمل لوحات ترقيم شبيهة بلوحات ترقيم سيارات أعضاء الحكومة والولاة والعمال، بالإضافة إلى بطائق لتعبئة الوقود واستعمال الطريق السيار.
وأصدرت الأمانة العامة لحزب الحركة الشعبية بيانا، أوضحت من خلاله أنه تفاعلا مع المبادرة الجماعية لكل مكونات مجلس النواب، اختار الفريق الحركي بمرجعيته الوطنية الصادقة وانتصاره الموصول لمغرب المؤسسات، روح التوافق، والترشح للجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن بدل لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، كرسالة حركية تنتصر مرة أخرى للمواقف وليس المواقع، وبغية الخروج بالمؤسسة التشريعية من أزمة تنظيمية عابرة نحو أفق جديد لترسيخ الجدية والتجسيد الفعلي للبرلمان كسلطة تشريعية قادرة على تنزيل المغرب الدستوري الجديد، ومباشرة الملفات والقضايا المجتمعية الكبرى والارتقاء بالممارسة الديمقراطية، والاسهام في استعادة العمل السياسي لنبله ولغاياته الاستراتيجية.
وأكدت الأمانة العامة للحزب أن هذا الموقف الحركي الإيجابي نابع عن قناعة راسخة تستحضر مصلحة المؤسسة التشريعية، رغم أحقية الفريق الحركي في مواصلة التنافس الديمقراطي حول رئاسة هذه اللجنة، باعتباره مكونا أساسيا في المعارضة الوطنية والمؤسساتية، وبحكم الأساس الدستوري والقانوني المحدد لكيفية الحسم في رئاسة هذه اللجنة، واستنادا إلى الضوابط والقواعد المؤسسة، من قبيل ضرورة الفصل بين التمثيل الديمقراطي المحدد في الفصل 11 من الدستور في منطق الاقتراع والانتخاب، وبين التمثيل النسبي الذي له طابع إجرائي في تحديد المهام في مكتب المجلس حصريا وفي ممارسة المهام الرقابية والتشريعية والتقييمية، وكذا التمييز بين كيفية انتخاب أعضاء مكتب المجلس من جهة، وكيفية انتخاب رؤساء اللجان الدائمة من جهة أخرى، وهو الفصل الصريح بالسند الدستوري وبموجب النظام الداخلي لمجلس النواب، وبالممارسات الفضلى المسجلة في تاريخ البرلمان منذ المصادقة على الدستور الجديد ، الذي ينص في المادة 62 على إعمال التمثيل النسبي في انتخاب أعضاء مكتب المجلس فقط وليس اللجان الدائمة، وهو ما فصلته المادة 89 من النظام الداخلي لمجلس النواب، والتي نصت بصريح العبارة على انتخاب رؤساء اللجان الدائمة بالاقتراع السري.
وأوضح البيان أنه لم يرد في الدستور ولا النظام الداخلي لمجلس النواب ما يشير صراحة ولا تلميحا إلى إعمال مبدأ التمثيل النسبي، ولا اعتماد الترتيب العددي للفرق البرلمانية في رئاسة اللجان الدائمة، مشيرا إلى أن المشرع الدستوري خصص لجنة العدل والتشريع بشكل حصري للمعارضة، بعيدا عن منطق النسبية، بل إن المادة 70 من النظام الداخلي لمجلس النواب حصرت حق الترشيح لرئاسة هذه اللجنة لنائب أو نائبة من المعارضة وليس حتى من فرق المعارضة، بما يضمن للمجموعات أو اللامنتمين من نواب ونائبات المعارضة حق الترشح لهذه المسؤولية، كما منح للمعارضة أسبقية الترشح للجنة مراقبة المالية العامة.