انتهت يوم 9 شتنبر جولة جديدة من الحوار بين وزارة التربية الوطنية والنقابات التعليمية، وكان لافتا أثناء المناقشات التي تخللت هذه الجولة أن ملف أطر الأكاديميات، أو ما يعرف إعلاميا بـ»أساتذة التعاقد»، يحظى بأهمية خاصة، خصوصا وأن هذا الملف يحتل المرتبة الأولى من جهة الاحتقان الاجتماعي الذي يشهده القطاع في السنوات الأخيرة.
نظام واحد بصفتين
كل المؤشرات تدل على أن مسألة إدماج إطار الأكاديمية داخل منظومة التوظيف الرسمية في وزارة التربية الوطنية أضحت موضوع توافق بين النقابات التعليمية والوزارة الوصية، لكن المعضلة تتمثل في التعريف الذي يعطيه كل طرف لمفهوم الإدماج. ففي الوقت الذي تؤكد النقابات وتنسيقية أطر الأكاديميات على مطلب الإدماج داخل النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية، وبالتالي توقيف العمل بالأنظمة الأساسية للأكاديميات المعمول بها حاليا، تقترح الوزارة العمل بنظام واحد أساسي يتضمن نوعين من الموظفين، لا فرق بينهما من حيث المسار المهني والحقوق و الواجبات اللهم إلا من جهة التوظيف. النوع الأول تم توظيفه من طرف وزارة التربية الوطنية قبل 2016، والجهة المشغلة هنا هي الوزارة نفسها، أما النوع الثاني فيضم فئة من الأطر التربوية والإدارية تم توظيفها بعد 2016، والجهة المشغلة هي الأكاديميات وهي أيضا مؤسسات عمومية بموجب القانون، وبالتالي فموظفوها هم أيضا موظفون عموميون.
وعن مبررات اعتماد نظامين داخل نظام واحد، أكدت مصادر وزارية أن الجهوية خيار استراتيجي بالنسبة للدولة المغربية، وأن من ينظر للصلاحيات الواسعة التي منحت للأكاديميات في تنزيل مشاريع الإصلاح وفي تدبير قطاع التعليم على صعيد الجهات، سيعرف أن مسألة توظيف أطر مسألة جزئية لأنها تقع ضمن تصور أكثر شمولية يهم أدوار الأكاديميات في القطاع.
وأكدت المصادر ذاتها أن الوزارة مقتنعة بضرورة منح ضمانات قانونية لتوفير الأمن الوظيفي لجميع أطرها، بمن فيهم أطر الأكاديمية، لذلك تقترح صفة أطر نظامية وتضمين ذلك في النظام الأساسي المرتقب، قصد ترسيم مسألة المماثلة، خصوصا بعد حل الكثير من الإشكالات التي رافقت هذا النوع من التوظيف، وعلى رأسها مسألة التقاعد، عندما تم توحيد نظام التقاعد بين جميع موظفي القطاع بغض النظر عن الجهة المشغلة، أكانت مركزية أو جهوية.
وأكدت المصادر نفسها أن المناقشات حول هذا الملف أضحت قانونية خالصة، لكون مسألة الرواتب والتعويضات المخولة لهؤلاء الأطر مصدرها الميزانية العامة، وبالتالي يتوجب إيجاد صيغة تجمع من جهة الجهوية كخيار استراتيجي ومن جهة أخرى ضمانات الاستقرار المهني للأطر بحيث لا يتعرضون لأي شكل من أشكال التمييز الوظيفي.
استهل أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين الموسم الدراسي باتخاذ خطوات تصعيدية ضد وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بالنظر إلى عدم تطابق وجهات النظر حيال طريقة تدبير ملف «الأساتذة المتعاقدين». وأعلنت «التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد» عن تنظيم العديد من الوقفات الاحتجاجية خلال فترات الاستراحة بالمؤسسات التعليمية يوم 14 شتنبر الجاري، بالتزامن مع محاكمة المجموعة الخامسة من الأساتذة أمام المحكمة الابتدائية بالرباط. وكشفت التنسيقية ذاتها، ضمن البرنامج التصعيدي الأولي، عن خوض إضراب وطني يوم 26 شتنبر، بالتزامن مع محاكمة 45 أستاذا أمام محكمة الاستئناف بالرباط، بالإضافة إلى تنظيم وقفة احتجاجية أخرى من طرف أعضاء المجلس الوطني للتنسيقية ولجنة الدعم والدفاع عن الأساتذة المتابعين أمام المحكمة. وجددت الهيئة التربوية رفضها مخرجات جلسات الحوار بين النقابات ووزارة التربية الوطنية، حيث قالت إن «تسريع جلسات إعداد النظام الأساسي الجديد، دون الإجابة عن المطلب الأساسي للتنسيقية، يعد هروبا من الحل، تمهيدا للإعلان عن هذا النظام التراجعي».
جولة جديدة قبل الحسم النهائي
تم الاتفاق على عقد لقاءات من أجل التدقيق أيام 20 و21 و22 و23 شتنبر 2022، وهي مناسبة ليدرس كل طرف مقترحات الطرف الآخر، وتشمل هذه المقترحات ملفات أخرى تم الاتفاق مبدئيا عليها.
فبالنسبة للزنزانة 10 تمت المطالبة باعتماد شرط 15/6 بالإضافة إلى شرط 10 سنوات لتسريع وتيرة ترقيتهم في المقتضيات الانتقالية للنظام الأساسي المقبل. وبالنسبة للتعويض عن التكوين سيتم البت في ملفات الشطر السادس(1990-1996) قريبا، وبذلك سيبقى عدد الحالات قليلا. وبالنسبة للراسبين في امتحان التخرج من مسلك الإدارة التربوية، قامت الوزارة بدورة استدراكية وستقوم مجددا بدورة استثنائية. أما فئة المستبرزين فتم الاتفاق على استدراك تعيينهم بالتأهيلي بدل الإعدادي في النظام الأساسي أو أنظمة المراكز.
وبخصوص ضحايا النظامين، خلص النقاش إلى أن الوزارة تنتظر موافاتها بمقترح موحد للنقابات حول هذا الملف، أما المساعدون التقنيون والإداريون فوافقت الوزارة على دمجهم في النظام الأساسي الجديد ومنحهم الدرجة الجديدة. كما تم الاتفاق حول قرارات تفعيل المراسيم أي اتفاق 18 يناير 2022. أما بالنسبة للحركات الانتقالية، فتم الاتفاق على عقد يوم دراسي لمراجعة المذكرة وشروط المشاركة، مع تحفظ الوزارة على تخفيض سنوات المشاركة لهيئة الإدارة التربوية، كما تم إقرار الدرجة الجديدة للمبرزين، وأيضا خلق إطار أستاذ باحث بالنسبة للدكاترة العاملين في الوزارة مع اعلان مباريات خاصة حسب الحاجة.
الاتفاق شمل، أيضا، تدقيق شروط الولوج لخارج السلم وتفعيل المرسوم الجديد للتوجيه والتخطيط. كما تم اتفاق على مهام ووضعية هيئة التفتيش، حيث ستصبح مهام التأطير فقط. أما بشأن الملحقين التربويين وملحقي الاقتصاد والإدارة، فتم الاتفاق على الدرجة الجديدة وأيضا تفعيل التكوين الأساس والتكوين المستمر.
الاتفاق بين الوزارة والنقابات شمل، أيضا، موظفي القطاع حاملي الشهادات من غير هيئة التدريس، حيث سيتم الإعلان عن مذكرة تغيير الإطار قريبا، كما تم الاتفاق على أن ملف الملحقين سيأخذ وقتا كافيا أثناء مناقشة النظام الأساسي الجديد، حيث تقر الوزارة بضرورة تحفيزهم.
وتم الاتفاق، أيضا، على أن مرسوم الإدارة التربوية لسنة 2002 لا يشمل الملحقين التربويين وملحقي الإدارة والاقتصاد ورؤساء المصالح ورؤساء الأقسام، بل يشمل فقط المدير/ الناظر /الحارس العام /رئيس الأشغال مدير الدراسة، بحيث سيشارك الإسناديون في الترقية في إطار متصرف تربوي.