دخل النظام العسكري الحاكم في الجزائر في حالة من الهستيريا المرضية، بسبب قرار قانوني وسيادي اتخذته السلطات العمومية بنزع ملكية من أجل تحقيق المنفعة العامة، وهو إجراء قانوني يطبق يوميا على عدد من أملاك المغاربة، كلما كانت المنفعة العامة تتطلب ذلك، وبالتالي لا علاقة للأمر بأي حسابات أخرى.
لكن النظام الجزائري الذي يعيش خلال السنوات الأخيرة تحت ضغط الفشل الدبلوماسي والعزلة الدولية، يريد أن يستغل أي عمل سيادي وقانوني يقوم به المغرب، مهما كان حجمه وإطاره، لركوب موجة التصعيد والتهديد وتلفيق التهم إلى بلدنا، رغم أن مسطرة نزع الملكية إجراء قانوني سائد في العالم بأسره.
والغريب في الأمر أن تخرج الخارجية الجزائرية لتتحدث عن خرق المغرب للأعراف والممارسات الدبلوماسية، وهي الدولة التي جعلت من قواعد القانون الدولي والأعراف المرعية مكنسة تعتدي عليها يوميا، فأين كانت الأعراف الدولية من قرارات النظام العسكري باحتضان الانفصاليين بالصحراء المغربية، والقبول بفتح ما يسمى تمثيلية لانفصاليي الريف؟ أين غابت الأعراف في ممارسة نظام عسكري وهو يتخذ قرارات إغلاق الحدود البرية والبحرية والجوية؟ أين كانت الأعراف بعد القرار الانفرادي بقطع العلاقات الدبلوماسية واستدعاء السفير؟ أين تبخرت الأعراف الدبلوماسية يوم صادر ممتلكات المغاربة وطردهم من الجزائر في أحد أعياد الأضحى من سبعينيات القرن الماضي؟ أين اختفت الأعراف الدولية والجزائر تقوم يوميا باستفزاز المغرب لدفعه إلى ردة الفعل؟ ولولا ما هو معهود على حكام المغرب من حكمة وتعقل لانجر بلدنا إلى سياسة المعاملة بالمثل، للرد على أساليب بهلوانية أصبحت ماركة مسجلة ضمن حقوق الملكية الفكرية لحكام الجزائر.
وبدل أن يتباكى النظام الجزائري كالأطفال الصغار على النزع القانوني لبضعة عقارات لم تعد لها أي حاجة دبلوماسية له، ويمكن تعويض مالكيها، كان عليه أن يكف عن بهلوانيته ورعونته ويحترم مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وعلى النظام الجزائري أن يفهم جيدا أن تحمل المغرب لحماقات حكام الجزائر لبعض الوقت لا يعني تحملها كل الوقت، فالمغرب يدرك أن ما يقوم به حكام الجزائر ليس إلا ضغطا بالوكالة لفائدة دول أخرى عجزت عن مخاطبة المغرب بالمكشوف، فلجأت إلى تحريك كراكيز قصر المرادية.