الهجرة.. دين جديد للعالم
يونس جنوحي
في الوقت الذي يدعو فيه رئيس الحكومة ومحيطه إلى الافتخار بالحكومة والبلد، ويتجه سياسيونا إلى تخوين كل من ينتقد الأوضاع ويصفونه بالعدمية، تتحرك حكومات دول أخرى، ممثلة في نواب الأمة وبعض السياسيين المعارضين، إلى انتقاد أوضاع بلدان تقع في مقدمة ترتيب الدول الأقوى في العالم.
والسبب ما يخص قوانين الهجرة الجديدة. ونهاية الشهر الذي ودعناه صدرت مقالات ووثائقيات تسلط الضوء على مأساة مهاجري أمريكا اللاتينية إلى بلاد العم سام، بسبب التشدد في قوانين منح اللجوء للزاحفين نحو الولايات المتحدة الأمريكية مشيا على الأقدام بحثا عن مستقبل لهم ولأسرهم.
والمثير في الموضوع أن إدارة الهجرة رحّلت أمهات يقمن في الولايات المتحدة بصورة غير قانونية ولم يمكنوهن من اصطحاب أطفالهن..، حيث إن عددا مهما من الأطفال ضحايا هذا القانون يقيمون الآن في ملاجئ خاصة أو تحتفظ بهم أسر أخرى أو أحد الأبوين إذا نجا من الترحيل بطريقة أو بأخرى.
في السويد، انتقدت حركة حقوقية إجراء حكوميا السنة الماضية همّ تعديلات في قانون الهجرة. هذا القانون لم يكن يتعلق بالترحيل بشكل مباشر، وإنما بتشديد بعض الإجراءات في المطارات. وهو ما نتج عنه حجز آلاف الجوازات لمهاجرين كانوا يرغبون في دخول السويد، لكن التأشيرات التي كانت بحوزتهم مشكوك فيها أو كانوا يرغبون في دخول البلاد بدون ضمانات العودة أو الإدلاء بغرض زيارة مخالف تماما لما ينوون في الحقيقة القيام به بعد تجاوزهم الحدود.
وبالطريقة نفسها تعرضت حكومات أخرى لانتقادات جوهرية بخصوص قوانين الهجرة أو تجديد إقامات المهاجرين، سواء في أوربا أو أمريكا.
أما في كندا، فشعبية رئيس الوزراء الكندي الشاب، الذي أصبح أشهر من عتاة الفنانين الذين يسيطرون على مبيعات الموسيقى في العالم، فالسبب راجع إلى مجالسته للمهاجرين في الملاجئ، واختياره الدائم تناول غذاء مع عائلة من المهاجرين من سوريا أو دول جنوب الصحراء أو غرب آسيا، على أن يحضر نشاطا رسميا، بالإضافة إلى القوانين التي ضغط لتمريرها سياسيا، والتي تتعلق بالهجرة الجديدة نحو كندا، وهكذا تربع الرجل على قلوب المهاجرين عبر العالم.
هناك حكمة قديمة تقول: «كلنا مهاجرون. فقط لا نعلم متى سافرنا تحديدا». سفراء دول أوربية في المغرب ينشرون عبر بوابتهم الرسمية أرقاما سنوية لعدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة، سواء للدراسة أو السياحة أو للاستقرار العائلي، وكلها أرقام في ارتفاع رغم تشديد الإجراءات وشروط منح التأشيرة سنويا.
لكن الخرق الذي يقع بعد الحصول على التأشيرة جعل بعض السفارات تتحفظ أكثر أثناء عملية طبع التأشيرة على الجوازات. وآخرها ما قام به السفير الألماني في المغرب عندما أعلن بأسف امتناع سفارته في الرباط عن منح تأشيرات الدراسة في ألمانيا للمغاربة، لأن أغلب الذين يحصلون عليها، لا يتابعون دراستهم هناك في الواقع، وإنما يمرون مباشرة إلى البحث عن عمل كيف ما كان نوعه لجمع «الأورو» بدل حضور مدرجات الدروس.
جولة واحدة في صفوف انتظار ولوج سفارات الدول الأجنبية في المغرب، في جميع اتجاهات الكرة الأرضية، ستكون كافية لكي يعرف الحكوميون مقدار الوجع الذي يحس به اللاهثون وراء الخبز في هذا البلد، دون أن يكونوا منتمين لمكتب سياسي ودون أن يكونوا مدراء لفرع الحزب في مدينة لا تشهد أي نشاط ثقافي باستثناء مسابقة ملكة جمال أو مهرجان لغناء بدون كلمات. وهذه قصة أخرى بطبيعة الحال.