النيابة العامة تتابع 14 ألف مسؤول بجرائم الرشوة والفساد المالي
محمد اليوبي
قدم محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، أول أمس الثلاثاء، بمقر رئاسة النيابة العامة بالرباط، أول تقرير سنوي حول تنفيذ السياسة الجنائية وتطوير أداء النيابة العامة برسم سنة 2017، وذلك بعد فصل النيابة العامة عن سلطة وزير العدل. وسيتم رفع التقرير إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وعرضه للمناقشة أمام لجنتي العدل والتشريع بمجلسي النواب والمستشارين.
وحسم عبد النباوي من خلال التقرير المذكور، الجدل الذي أثاره فريق العدالة والتنمية بخصوص استدعائه للمثول أمام البرلمان، بتأكيده على أن استقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية والتشريعية أصبح أمرا دستوريا وقانونيا، زكاه قرار المجلس الدستوري، بخصوص التقرير الذي يرفعه الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، حيث إن الدستور لم يشترط عرض الوكيل العام للملك لتقريره أمام اللجنتين المكلفتين بالتشريع بمجلسي البرلمان، وبمفهوم المخالفة فإن قيام رئيس النيابة العامة بتقديم التقرير، أو حضوره لمناقشته أمام لجنتي البرلمان مخالف للدستور لأنه يمس بالاستقلالية، مشيرا إلى أن استقلال النيابة العامة لا يعني إفلاتها من المراقبة والمحاسبة، ذلك أنها تخضع لمراقبة القضاء بالنسبة إلى القرارات التي تتخذها، وكذا مراقبة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي تقدم له تقارير دورية بشأن تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة.
ويستعرض التقرير مجموعة من الإحصائيات المرتبطة بنشاط النيابة العامة في مجال مكافحة الجريمة الإرهابية لسنة 2017، ونشاطها في مكافحة الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص خلال السنة نفسها، بالإضافة إلى نشاط النيابة العامة في مكافحة الجرائم المرتكبة ضد الأموال، ونشاط النيابة العامة في مكافحة الجرائم الماسة بنظام الأسرة والأخلاق العامة.
ويعالج التقرير ذاته أيضا، نشاط رئاسة النيابة العامة في مجال مكافحة الجرائم المرتكبة ضد الأمن والنظام العام، وكذا مكافحة جرائم التزوير والتزييف وانتحال الصفة، إضافة إلى الجرائم المنظمة بمقتضى قوانين خاصة كالغش في المواد الغذائية وقضايا التهريب والهجرة السرية وقضايا الصحافة والجمعيات وقضايا التعمير والبيئة، بالإضافة إلى نشاط النيابة العامة في مكافحة جرائم المخدرات. وركز تقرير السياسة الجنائية وسير النيابة العامة على قضايا تحقيق الأمن العقاري، وجعله أولوية من أولويات السياسة الجنائية الوطنية، ودعا قضاة النيابة العامة إلى تتبع الأبحاث الجارية بشأن قضايا الاستيلاء على عقارات الغير بالحزم والصرامة اللازمين، وتسريع وتيرة البت في هذه القضايا.
وأشار التقرير إلى أن محاكم المملكة سجلت خلال السنة الماضية، إجراء 13.435 متابعة من أجل جرائم الرشوة وغيرها من جرائم الفساد المالي، في حق 13.946 شخصا، يمكن تصنيفها من حيث القيمة المادية جرائم بسيطة، بسبب ضآلة المبالغ المقدمة كرشاوى، والتي يتم التعامل معها بالصرامة اللازمة، من أجل الحفاظ على وضوح الرسالة الردعية للسياسة الجنائية في هذا الموضوع، الذي يعتبر من ثوابت السياسات العمومية في المرحلة الراهنة.
وأكد التقرير أنه يتم التركيز بالأساس على القضايا الأهم التي أولاها المشرع حرصا خاصا، بالنظر إلى قيمتها المادية (تجاوز 100 ألف درهم)، والتي خصص لها القانون أقساما خاصة (أقسام الجرائم المالية) في أربع محاكم استئناف (الرباط، الدار البيضاء، مراكش وفاس)، ويتعلق الأمر بالجرائم المنصوص عليها في الفصول من 241 إلى 1-256 من مجموعة القانون الجنائي المغربي، كجرائم الرشوة والاختلاس والغدر واستغلال النفوذ.
وبلغ عدد الأبحاث المفتوحة بالنيابات العامة بأقسام الجرائم المالية، ما مجموعه 869 قضية، منها 292 بقيت من سنة 2016، و577 تم تسجيلها خلال سنة 2017، وتم اتخاذ قرارات بشأن 588 قضية، بنسبة إنجاز بلغت 101.90 في المائة، فيما بقيت 281 قضية في طور البحث القضائي. وأشار التقرير نفسه إلى أن السياسة الجنائية تركز على جرائم الفساد المالي التي يرتكبها موظفون عموميون وتستهدف المال العام، وفي هذا الإطار يتم التعامل بالحرص اللازم مع القضايا التي تكون موضوع تقارير للمحاكم المالية (المجلس الأعلى للحسابات، والمجالس الجهوية للحسابات).
وبخصوص وضعية الفساد المالي التي لها علاقة بتقارير المجلس الأعلى للحسابات، أفاد تقرير رئاسة النيابة العامة، بأن هذه الأخيرة توصلت بما مجموعه 115 قضية ذات صبغة جنائية، منها 36 ملفا قيد البحث، و24 قيد التحقيق، و21 قيد المحاكمة، و23 تم اتخاذ بشأنها قرار نهائي، وتم حفظ 11 ملفا، واستحضر التقرير حقيقة أساسية تتعلق بتدبير هذا النوع من القضايا، ذلك أن الأمر يتعلق بجرائم يتم ارتكابها بطرق تدليسية معقدة ومختلفة، وبالكثير من الاحتياط والسرية، مؤكدا أن البحث فيها يتطلب خبرة ودراية كبيرتين لفحص الأوراق والوثائق والكشوفات المالية، والحسابات البنكية ووثائق الصفقات والعقود المتعلقة بتوريد السلع والخدمات، الذي يتطلب بدوره وقتا طويلا لفحصها والتأكد من صدقيتها، مما ينعكس على آجال البت.