في ظل تحقيق المغرب نتائج إيجابية في مجال تعزيز حقوق العمال وحقوق النساء، تتواصل فوضى وعشوائية قطاع نقل العمال الفلاحيين، ومعها تحصد حوادث السير المميتة العديد من الأرواح في صفوف العاملات بشكل خاص، ناهيك عن التسبب في عاهات مستديمة في ظل غياب التأمين واعتماد شاحنات من مختلف الأصناف أو عربات يجرها الجرار في النقل الفلاحي خارج شروط السلامة والوقاية من الأخطار.
إن قانون النقل الفلاحي لا يختلف عن نقل عمال المصانع والمستخدمين بالمؤسسات العمومية والخاصة، لذلك فإن مسؤولية الجميع تتلخص في تسريع تنزيل هيكلة قطاع نقل العاملات الفلاحيات وتوفير سيارات تحترم معايير السلامة وتتوفر على التأمين، ناهيك عن تحمل ملاك الضيعات والمستثمرين في القطاع الفلاحي مسؤوليتهم في حماية سلامة اليد العاملة باعتبارها المحرك الأساسي للتنمية، خاصة والدعم السخي الذي تقدمه الدولة للقطاع الفلاحي من الميزانية العامة.
كل الإطارات القانونية لا تساوي شيئا في غياب التنزيل الأمثل على أرض الواقع، وقطاع النقل الفلاحي يحتاج إلى تنزيل الإصلاح وتوفير شروط السلامة، والاهتمام بفئة العاملات الفلاحيات اللائي يتم استغلالهن من طرف لوبيات متحكمة في التشغيل بالقطاع الفلاحي، بالنظر لمعاناتهن مع الفقر والهشاشة والأمية وغياب التأطير النقابي والحاجة الملحة للعمل لضمان المصاريف الضرورية التي أصبحت مرهقة مع ارتفاع الأسعار.
وجدير بالذكر أنه عندما نتحدث عن فوضى قطاع النقل الفلاحي أو استغلال العاملات الفلاحيات، فإننا لا نعمم بحيث هناك بعض أصحاب الضيعات والتعاونيات الفلاحية من يحترمون قانون الشغل المعمول به، ويستعملون وسائل نقل المستخدمين التي تتوفر على شروط السلامة، وهو الشيء الذي يجب أن يتم تشجيع تعميمه ليتوافق وتطلعات المغرب للإصلاح وتسريع وتيرة التنمية والتشغيل والاهتمام باليد العاملة ككنز ثمين.
ولا بأس كذلك من التوعية والتحسيس في ملف فوضى قطاع النقل الفلاحي، والتدرج في الإصلاح والحفاظ على توازن الاستثمارات الصغيرة والتعاونيات، من غير أن يعني ذلك القبول باستمرار الوضع على ما هو عليه، لأن العاملات الفلاحيات يمثلن شريحة واسعة تساهم في تنمية الاقتصاد الوطني والجهوي، وعلى الحكومة تمكينهن من كافة حقوقهن والزيادة في الأجور والتسجيل بالضمان الاجتماعي والتدقيق في الساعات الإضافية والتعويضات وحمايتهن من كل استغلال.
إن نقل المستخدمين في ظروف إنسانية ليس صدقة يمُن بها الباطرونا على العمال أو ترفا زائدا، بل الأمر يتعلق بحق مشروع في السلامة الطرقية والنقل في ظروف جيدة، ودعم القدرة الشرائية لمواجهة الغلاء في الأسعار، واحترام مدونة الشغل وحفظ كرامة المواطن، وذلك حتى يحس كل عامل بدوره الهام في منظومة تنمية الوطن ويفتخر بذلك خارج أي إحساس باستغلال ظروف الفقر والهشاشة وارتفاع نسبة البطالة.