النعمان اليعلاوي
كشف المجلس الأعلى للحسابات عن اختلالات تعتري قطاع التدبير المفوض لجمع النفايات والنظافة بجهة الرباط سلا القنيطرة، وأشار التقرير، الذي نشره المجلس حول مهمة تقييم تنفيذ عقود التدبير المفوض لمرفقي جمع النفايات المنزلية، إلى أن أهداف البرنامج الوطني للنفايات المنزلية المسطرة على مستوى الجهة، لم يتم تحقيقها، وهو ما أثر سلبا على التدابير المتخذة من أجل تحديث منظومة تدبير النفايات الصلبة بالجهة، مشيرا إلى أنه لم تتم إعادة تأهيل سوى أربعة مطارح غير مراقبة من أصل 15 مطرحا تم إحصاؤها على مستوى الجهة، كما لم يتم، إلى غاية نهاية سنة 2019، إنجاز أي مركز لطمر النفايات وتثمينها في إطار البرنامج المذكور، علما أن الهدف المسطر هو إنشاء 10 مراكز بالجهة.
من جانب آخر، أشار تقرير المجلس الأعلى للحسابات (تتوفر «الأخبار» على نسخة منه)، إلى أن تكلفة خدمات التدبير المفوض عرفت ارتفاعا متواصلا خلال السنوات الأخيرة على مستوى قيمتها الإجمالية، حيث انتقلت من 279 مليون درهم سنة 2012 إلى 504 ملايين درهم سنة 2018، كما ارتفعت قيمة هذه العقود من مجموع نفقات تسيير الجماعات المعنية، حيث بلغت حوالي 20 في المائة من ميزانية تلك الجماعات في سنة 2018، وهو ما أشار التقرير إلى أنه أثر على التوازن المالي المتوخى، كما سجلت تراكم لمتأخرات الأداء، بلغت حوالي 92 مليون درهم عند متم سنة 2018، وهو الأمر الذي أدى إلى نشوء منازعات قضائية عند نهاية بعض العقود، حيث تم إصدار سبعة أحكام ضد أربع جماعات بمبلغ إجمالي قدره 39 مليون درهم، في حين ما تزال أربع قضايا أخرى معروضة أمام القضاء.
وشدد تقرير المجلس الأعلى للحسابات على أن مجموعة من الجماعات، سيما تلك التي تعرف تعدادا سكانيا منخفضا وإنتاجا محدودا من النفايات، تعمقت هشاشة وضعيتها المالية، مما جعل بعضها غير قادر على الوفاء بالتزاماته تجاه الشركات المتعاقد معها، وأدى، في بعض الحالات، إلى تدهور الخدمات المقدمة للمرتفقين، مؤكدا أن عدم إعمال هذه الفئة من الجماعات آليات التعاون في ما بينها، والمنصوص عليها في القانون التنظيمي رقم 14.113 المتعلق بالجماعات، والتي من شأنها أن تساهم في ترشيد الموارد والاستفادة من وفورات في الحجم، كما أشار التقرير إلى نواقص في عمليات إعداد عقود التدبير المفوض وتنفيذها، تجلت في عدم وفاء طرفي العقد المبرم ببعض التزاماتهما، وعدم قيام الجماعات المعنية بدراسات قبلية لتحديد الحاجيات والتكلفة العامة للاستثمار والتسيير، كما أنها لا تراعي خصوصياتها المجالية أثناء إعداد الوثائق التعاقدية، مع عدم تضمينها أي أهداف يتعين بلوغها ولا مؤشرات لقياس الأداء، بالإضافة إلى لبس يحرم الجماعات من عدد من الممتلكات المنقولة التي يمكن استخدامها في حالة العودة إلى التدبير المباشر أو لتعزيز الآليات المخصصة لتدبير مرفقي جمع النفايات والتنظيف.
وفي ما يتعلق باختيار الشركات المتعاقد معها، وفي غياب صدور نص تنظيمي خاص بهذه العملية، أشار تقرير المجلس إلى أن الجماعات تستلهم المسطرة المتبعة في هذا الإطار من مرسوم الصفقات العمومية، وهو ما لا يسمح بتقييم مندمج للعروض التقنية والعروض المالية، وبالتالي التأكد من تناسقهما وتجانسهما، مشيرا بخصوص تنفيذ عقود التدبير المفوض من طرف الشركات المتعاقد معها، إلى أنه سجل عدم احترام بعض الشركات التزاماتها المتعلقة ببرامجها الاستثمارية، إذ اكتفت بتنفيذ جزء منها أو قامت، في بعض الحالات، بجلب آليات ومعدات لا تتوافق مع المواصفات التقنية التعاقدية، كما أنه، وفي هذا السياق، لجأت بعض الشركات إلى إبرام عقود للإيجار لتمويل استثماراتها، وهي آلية تنطوي على عدة مخاطر حينما يتعلق الأمر بعقود للتدبير المفوض، ذلك أنها لا تضمن استمرارية تقديم الخدمة في حالة الإنهاء المبكر للعقد، لكون جميع المعدات سوف يتم استردادها من قبل المؤجر.
كما أشار تقرير المجلس إلى أن تدبير الشركات اعترته مجموعة من النقائص المرتبطة أساسا باستبدال أساليب الجمع المقترحة في العروض المقدمة بأخرى تقليدية، وخلط النفايات المنزلية بمخلفات البناء والهدم وعدم تخصيص العدد الكافي من الأعوان لعمليات التنظيف اليدوي، ناهيك عن التخلي عن عمليات الكنس الميكانيكي، مؤكدا أن الشركات لم تتخذ ما يكفي من المبادرات للوفاء بالتزاماتها في ما يتعلق ببرامج التكوين المقترحة من طرفها لأجل تعزيز القدرات التقنية للموارد البشرية المكلفة بجمع النفايات وتنظيف الطرق، أو في ما يرتبط بعمليات التحسيس والتواصل مع المرتفقين ومنتجي النفايات الكبار، كما أن الجماعات التي اعتمدت التدبير المفوض لم تحترم مجموعة من التزاماتها سواء تلك الواردة في النصوص القانونية الجاري بها العمل أو تلك المضمنة في الوثائق التعاقدية.