تفاعل الجزائريون مع صورة الفنان الشاب حسني، التي تضمنها «تيفو» جمهور الرجاء في مباراة الكلاسيكو. وكتب الصحافي الجزائري رفيق بوعترة على صفحته في منصة التواصل الاجتماعي: «شكرا لجمهور الكرة في المغرب، نفضتم الغبار عن جريمة سياسية».
في الجزائر، يسمح بتأبين الشاب حسني سرا، ويساق للتحقيق كل من ثبت إدمانه على سماع أغاني هذا الفنان المناضل. وحين يمتلك كاتب ما يكفي من الشجاعة للحديث عن اغتيال «ملك الراي»، يختار اسما مستعارا انسجاما مع مبادئ السلامة الطرقية.
كتب الزميل الصحافي جمال زعيتر قصة اغتيال حسني، تحت اسم مستعار «بو زهرة»، وقال إنه شاهد عيان على تصفية الفنان في وهران، في يوم خريفي جميل، وقدم تفاصيل حصرية حول حادث مأساوي أشبه بأفلام المافيا القديمة.
لكن زميلنا جمال اغتيل بدوره في وهران بعد رحيل صديقه حسني، دون أن يعرف أحد لغز وفاة الفنان والصحافي، الذي حاول الكشف عن لغز الاغتيال السياسي. منذ ذلك الحين، أصبحت الصحافة الجزائرية تخشى المسدسات الكاتمة للصوت، أكثر من خوفها من بيانات الحقيقة.
سبق لجماهير الرجاء أن منعت من رفع «تيفو» بعنوان: «لله يا جزائر»، لكن جمهور سطيف رفع «التيفو» نفسه في مباراة الإياب، وردد المغاربة والجزائريون بكورال جماعي مقطعا من أغنية «الخضراء المغربية»، يشيد بالمدرب الجزائري رابح سعدان، الذي قاد الرجاء للظفر بكأس إفريقيا للأندية البطلة سنة 1989 من قلب وهران.
لأول مرة، يتفاعل جمهور فريقين مع أغنية تشيد بالنصر المغربي من قلب وهران: «عمرنا ما ننساو ديك لاكوب من وهران، جابوها الشبان وشهدوا عليها ليزالجيريان، حمراوي فنان وما ننساوش رابح سعدان».
أغلقت الجزائر مجالها الجوي في وجه المشجعين وأعلنت القطع مع «زهو» المدرجات، لتفتح صفحة جديدة مع الألم، بعد أن كانت الكرة تحاول قدر الإمكان ترميم ما أفسدته السياسة.
اختلط النعي بالكرة في «شان» الجزائر، بعدما سجلت مدينة وهران الجزائرية قبل ثلاثة أيام وفاة غريبة حين لفظ نائب رئيس الاتحاد الموريتاني لكرة القدم، «اباب آمغار ديينغ» أنفاسه خلال وجوده مع البعثة المرافقة لمنتخب موريتانيا، غير بعيد عن مسرح جريمة مقتل الشاب حسني.
فارق نائب رئيس الاتحاد الموريتاني لكرة القدم، ورئيس العصبة الوطنية، الحياة بالجزائر، أثناء وجوده رفقة وفد المنتخب الوطني المحلي المشارك في «الشان». مات قبل أن ينعم بانتصار منتخب بلاده، ونقل جثمانه على عجل إلى نواكشوط ليتحول مقر إقامة المنتخب الموريتاني إلى مزار لتقديم العزاء.
وقف المحققون أمام جثمان المسؤول الموريتاني ووقعوا على تأشيرة نقله إلى نواكشوط، وتم استئناف المنافسات بتعزية مقتضبة من اللجنة المنظمة، على الموقع الرسمي لبطولة «الشان». ومن المفارقات الغريبة أن يلفظ «غي كولير»، رئيس الاتحاد الفرنسي لرفع الأثقال، أنفاسه في مدينة وهران الجزائرية، خلال ألعاب البحر المتوسط التي أقيمت بمدينة وهران بالجزائر، في شهر يوليوز الماضي. قالت صحيفة «ليكيب» إن الوفاة يلفها الغموض. فالميت كان رئيسا لاتحاد كمال الأجسام وهذا يكفي للاستدلال على لياقته البدنية.
لكن أم المفارقات أن يلفظ لاعب جزائري يدعى بن إيدر أنفاسه في ملعب بجاية، في نفس اليوم الذي شهد وفاة المسؤول الرياضي الموريتاني. في كرة القدم، هناك تعبير شائع يصف القرعة الحارقة بـ «مجموعة الموت»، خاصة حين تصطدم فرق ومنتخبات في نزال لا يمكن التكهن بنتيجته، لكن هناك موت غامض لا ينال حظه من النعي أمام جبروت الكرة وصخبها. في كرة القدم وحدها، يصبح الجحيم مصدرا للسعادة.
حسن البصري