شوف تشوف

الرئيسيةرياضةملف الأسبوع

المنتخب والملوك الثلاثة كواليس لقاءات ملوك المغرب مع بعثات الفريق الوطني

ليست كرة القدم مجرد لعبة يتسلى بها الناس، وليست مباريات محددة في الزمان والمكان تجرى تحت إشراف جهاز تنظيمي. الكرة اليوم ظاهرة إنسانية اهتم بها علماء الاجتماع والسياسة والاقتصاد وحاولوا فك شفرتها والبحث عن سر الجاذبية التي تمارسها على الشعوب.

مقالات ذات صلة

يعتقد الكثيرون أن كرة القدم تهم الفئات الهشة وأنها ولدت من رحم الخصاص، لكن الشغف بالرياضة، وكرة القدم الأكثر شعبية، لا يفرق بين كبير وصغير أو بين وزير وعاطل، بين حاكم ومحكوم بين سجان وسجين بين زعيم ورعية.

يجتمع حول الكرة ملوك وقادة دول، يتخلصون أحيانا من البروتوكول الرسمي ويظهرون في منصات الشرف تحت أسرها، خاصة أمام فرصة ضائعة أو هدف أو قرار تحكيمي، بل إن الكرة تصبح جزءا لا يتجزأ من أنشطة وخطب وقرارات الكثير من القادة.

من خلال هذه الساحرة المستديرة الصغيرة، يظهر مدى تسلل اللعبة إلى دائرة القرار، فليس غريبا إذا تضمن خطاب ملكي اسم رياضي بارز، أو تحول المنتخب المغربي إلى مؤسسة سيادية يكون القرار النهائي فيها من صنع الحاكم.

من شدة ارتباط الحركة الرياضية في المغرب بالقصر، حملت الجامعات الرياضية التي تأسست بعد الاستقلال اسم «الملكية» في إشارة إلى تبعية الرياضة المغربية لتوجهات القصر. كما أسس الملك لتقليد جديد تمثل في ترؤس المباريات النهائية لكأس العرش، كما أن الملك في المغرب غالبا ما يحمل لقب «الرياضي الأول»، الذي يدل على وجود الملك في الصف الأول للقرار الرياضي.

في الملف الأسبوعي لـ«الأخبار»، سنحاول تسليط الضوء على خبايا توغل الملوك الثلاثة في الشأن الكروي، ونتوقف عند كواليس اجتماعات سرية وعلنية كشفت عن إصرار القصر على مسك خيوط المنتخب، خاصة حين يتعلق الأمر بمواجهات خارجية.

 

حسن البصري

++++++

 

 

 

 

الحسن الثاني يختار تشكيلة المنتخب قبيل مواجهة الجزائر

كشف بوجمعة بن خريف، اللاعب الدولي السابق، عن حجم اهتمام الملك الراحل الحسن الثاني بالمنتخب الوطني، وقال إنه تدخل شخصيا لتحديد تشكيلة المنتخب المغربي في مباراة الإياب أمام منتخب الجزائر، وهي مباراة كانت مؤهلة إلى نهائيات كأس الأمم الإفريقية سنة 1972 بالكاميرون، «تدخل الحسن الثاني لتحديد اللاعبين الذين سيدخلون إلى رقعة الميدان، جاء هذا بعد أن انهزم المنتخب المغربي في مباراة الذهاب أمام المنتخب الوطني بثلاثة أهداف لواحد في الجزائر. وهو ما اعتبره الحسن الثاني، حينها، إهانة شخصية له، خصوصا وأن العداء بينه وبين بومدين كان كبيرا إلى حد لا يطاق». ولعل ما جعل ملك المغرب يتدخل شخصيا أيضا هو أهمية المواجهة خاصة وأنها كانت حاسمة وخسارتها ستحرم المغرب من أول مشاركة في كأس أمم إفريقيا.

من جهته، يروي محمد عبد العليم «بنيني»، اللاعب السابق للرجاء البيضاوي والمنتخب المغربي، لـ«الأخبار»، حكاية مواجهة نارية بين المنتخبين المغربي والجزائري، في إطار التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس الأمم الإفريقية.

«كانت العلاقات بين البلدين متوترة، لذا حرص الرئيس الجزائري هواري بومدين على متابعة مباراة الذهاب في ملعب العناصر بالجزائر، ونزل إلى مستودع الفريق الجزائري لتشجيعه على هزمنا، كما لعب الحكم التونسي دورا كبيرا في رسم الانتصار الجزائري، حين طرد المدافع السليماني مبكرا، انهزمنا بثلاثة أهداف لهدف واحد سجلته مع بداية اللقاء لكننا لعبنا أغلب أطوار المواجهة بنقص عددي، وتم الاعتداء بطريقة همجية على اللاعب الفيلالي الذي جاء من وجدة لمتابعة المباراة من المدرجات».

قبل مباراة الإياب وحين كان اللاعبون متوجهين إلى الملعب الشرفي على متن الحافلة، قرأ المدرب اليوغوسلافي فيدنيك التشكيلة على مسامع الجميع، وختمها بالقول «هذه التشكيلة حددها الملك الحسن الثاني ولا دخل لي فيها»، كان المدرب قد وعد اللاعبين الزهراوي وغاندي بخوض المباراة إلا أن قرار الملك حولهما إلى كرسي البدلاء. لكن الغريب في النزال أن المغرب انتصر بثلاثة أهداف دون رد، سجلها كل من بيتشو وباموس ثم بوجمعة.

يقول بينيني: «فاز منتخب الحسن الثاني على منتخب هواري بومدين وتمكن المغرب من العبور لأول مرة إلى نهائيات كأس إفريقيا للأمم التي نظمت بالكامرون، وكتبت الصحف عنوانا كبيرا «حرف الباء يهزم الجزائر» في إشارة إلى الأهداف المسجلة من طرف بينيني(في مباراة الذهاب) وبيتشو وباموس ثم بوجمعة (إيابا)». ولأن النصر كان من صنع الملك فقد توصل المدرب فيدنيك بقرار الإقالة بمجرد نهاية المباراة، لكنه انتظر سنتين للانتقام من المغاربة حين هزمهم وهو حينها مدرب للزايير.

 

حين جمع الملك مدربا رومانيا وكومندارا بغرفة تقنية

كان المنتخب المغربي قد خرج للتو من التصفيات المؤهلة لكأس العالم على يد الزايير، في مباراة دار لغط كبير حولها، وفضلت الجامعة عدم خوض مباراة الإياب احتجاجا على تحكيم غاني ظالم.

وافق الملك الحسن الثاني على التعاقد مع مدرب روماني، كان لاعبا في منتخب بلاده قبل أن يصبح لاجئا سياسيا في واشنطن. في لقاء جمعه بالملك الراحل الحسن الثاني، تعرف على الخطوط العريضة لمخطط ملك أشبه بمشرف عام على المنتخب، قال له: «سأكون صريحا معك، كنا نود تحقيق تأهيل لمونديال ألمانيا لنمثل إفريقيا لكننا خرجنا على يد الزايير التي يدربها فيدينيك الذي سبق له أن درب منتخبنا في ميكسيكو، بصدق الكرة الشرقية تعجبني بجديتها وصرامتها، لقد جربنا عدة مدارس خاصة الفرنسية والإسبانية، معك سندخل في تجربة جديدة، ولأن الصرامة هي العنوان الأبرز، فقد قررنا أن نضع إلى جانبك رجلا صارما أيضا عيناه ناخبا وطنيا وهو الكومندار المهدي بلمجدوب العارف بكرة القدم المغربية، سيكون المهدي ناخبا وطنيا وأنت مدرب وطني».

خرج ماردريسكو وبلمجدوب من القصر دون أن يفهم أحد حدود اختصاصاته، لكن رئيس الجامعة الملكية المغربية حينها، عثمان السليماني، قدم توضيحات أكثر، حين كلف المدرب الروماني بتدريب اللاعبين ووضع خطط المباريات، بينما عهد لبلمجدوب بمهمة انتقاء اللاعبين واختيار عناصر الفريق الوطني من البطولة.

قبل لاعب النادي الجامعي لكرايوفا الروماني التعيين على مضض، واعتبر المغرب بلد لجوء، فأشرف على تدريب المنتخب المغربي لأربع سنوات. ورغم أن مدة الارتباط كانت قصيرة، إلا أن المدرب مارداريسكو ترك بصماته على المنتخب المغربي حين قاده إلى الظفر بالكأس الإفريقية الوحيدة التي في حوزة الكرة المغربية بإثيوبيا، لم يحظ بأي تكريم رغم أنه كان رجلا مسالما إلى حد السماح للرائد بلمجدوب باختيار التشكيلة والقيام بالتغييرات التي تفرضها كل مباراة، معتبرا هذا التدخل مقاربة تشاورية.

أقيل مارداريسكو من منصبه عقب خسارة المغرب وخروجه من الدور الأول لنهائيات كأس إفريقيا بغانا سنة 1978، في منتصف التسعينات. مات المدرب الروماني في الولايات المتحدة الأمريكية، ومات بلمجدوب، رفيق دربه، بسبب داء ضعف المناعة ضد التنكر والجحود.

رسالة ملكية إلى سفير المغرب بإثيوبيا

الكأس الإفريقية الوحيدة التي ظفر بها المنتخب المغربي لكرة القدم تعود لسنة 1976 وتحديدا في إثيوبيا، لكن اللقب كان من رحم المعاناة، فقد كانت الرحلة متعبة من الرباط إلى مصر ثم السعودية ومنها إلى إثيوبيا، بعد 40 ساعة من التحليق والتوقف في المطارات وصلت البعثة إلى مدينة ديرداوا التي تبعد عن العاصمة بـ700 كيلومتر، وكانت البلاد تعيش حالة طوارئ.

أقيمت مباريات المرحلة الثانية في أديس أبابا وتحتم على بعثة المنتخب المغربي الطيران مجددا من مدينة ديرداوا إلى العاصمة، لكن الطائرة التي كانت تقل بعثة المنتخب إلى العاصمة تعرضت بعد إقلاعها لحادث اشتعال في أحد محركاتها وكادت أن تسقط أرضا لولا الألطاف الربانية.

تحولت الحادثة إلى حالة احتجاج كبيرة وعدم رضى من الجميع، بل والكل قرر مقاطعة المنافسات، بعد قضاء يوم في المطار، أمام هذا العارض استقبل السفير المغربي في إثيوبيا أعضاء البعثة ونقل لهم رسالة من الملك الحسن الثاني، قال فيها: «أنتم مثل الجنود وليس مجرد لاعبي كرة قدم. مهمتكم جعل من هذه البطولة، ملحمة. ارفعوا راية الوطن». قررت البعثة السفر صباح اليوم التالي إلى أديس أبابا لاستكمال المشوار، حيث حصل المنتخب على اللقب.

ولأن الملك الحسن الثاني كان عاشقا للكرة، فقد ظل حريضا على تزويد لاعبي الفريق الوطني بآخر التعليمات، بل إنه باغت الجميع بالسؤال عن حارس المرمى حميد الهزاز، خلال أحد اللقاءات، يقول الهزاز في سيرته «فقيه في عرين الأسود» للكاتب الصحفي محمد التويجر.

«عندما تقدمت نحوه احتراما لشخصه طلب مني أن أكف عن مغادرة مرماي وتركها فارغة، بل ذهب به شرحه لنوازل حراسة المرمى إلى تعداد المخاطر، منبها إلى المخاطر التي يمكن أن تنجم عن هذا التهور» وأضاف مازحا «قد أضطر لربطك مع قائم المرمى، إذا بالغت في مغادرة عرينك».

حادثة سير تعطل تعيينا ملكيا لمدرب فرنسي

في آخر لحظة اعتذر جيست فونطين، المدرب الفرنسي الذي عينه الملك الحسن الثاني بديلا لغي كليزو، عن مرافقة المنتخب المغربي إلى نيجيريا للإشراف على الفريق الوطني، وناب عنه الإطار الوطني حمادي حميدوش بمساعدة المدرب جبران رحمه الله.

يرجع سبب الاعتذار لحادثة سير تعرض لها المدرب الفرنسي، في الطريق الرابط بين مكناس والرباط، حيث تم الاتصال بطبيب المنتخب حينها الدكتور العثماني الذي رافقه في رحلة علاج إلى فرنسا على متن طائرة خصصها الملك لنقل المدرب المصاب.

تضاربت الأنباء حول لغز الحادثة قبل أن تكشف عنها صحيفة «فرانس فوتبول»، من خلال صور يظهر فيها المدرب جيست فونطين ملطخا بالدماء، حيث تابع النهائيات وهو على فراش العلاج، وانبهر للفريق الوطني وهو يحتل الصف الثالث في نهائيات كأس أمم إفريقيا سنة 1980.

قبل أربع سنوات خلت زار جيست فونطين المغرب، ولأنه من أصل مغربي، فقد ألح على زيارة مسقط رأسه بمراكش، رفقة فريق تلفزيوني فرنسي قصد إنجاز فيلم وثائقي حول هذا اللاعب الأسطوري الذي ولد في مدينة مراكش سنة 1933.

ولأن جيست كان قد أشرف على تدريب المنتخب المغربي في بداية الثمانينات، فقد كانت زيارته للمغرب فرصة للقاء بعض اللاعبين الدوليين السابقين، كعبد المجيد سحيتة الذي تحدث للطاقم التلفزيوني عن الفترة التي قضاها الرجل على رأس الإدارة الفنية للمنتخب المغربي.

أذرف جيست فونطين دموعا غزيرة وهو يقف في ملعب العربي بن مبارك، الذي كان سابقا يحمل اسم «ملعب فيليب»، متأملا التحولات التي عرفها المكان، مسافرا في رحلة استحضر من خلالها اللحظات القوية التي عاشها في هذا الملعب والأهداف التي سجلها والتي لازالت محفورة في ذاكرته رغم مداهمة عاديات الزمن وتقلباته.

المنتخب يسافر إلى لبنان على طائرة أقلت الملك من مدغشقر

بعد حصول المغرب على الاستقلال تقرر تكوين منتخب وطني يضم خيرة العناصر الوطنية، كلف محمد الخامس ولي عهده مولاي الحسن بإنشاء منتخب يمثل المغرب في المحافل الدولية، وأحال عليه رسالة من محمد عبد الخالق حسونة، الأمين العام لجامعة الدول العربية، تتضمن دعوة لانضمام المغرب لهذه الهيئة وحضور الدورة الرياضية العربية في نسختها الثانية، وكان من المقرر أن تنطلق دورة للألعاب الرياضية في العاصمة اللبنانية بيروت بعد أسبوعين من تاريخ الرسالة، وهي فترة لا تكفي لإعداد منتخب وطني.

باقتراح من الملك محمد الخامس، اختار ولي العهد العربي بن مبارك، الذي كان مدربا للفتح الرباطي، وعينه مدربا لأول منتخب وطني، وذلك لمعرفته بأبرز اللاعبين المغاربة وطلب منه القيام بجولة في المدن المغربية لجمع منتخب وإعداده للحدث العربي الكبير، لكن الوقت لم يكن يسمح بالجولة.

وقع اختيار العربي بن مبارك أولا على مساعد له، وهو قاسم قاسمي، عميد الوداد سابقا، وفوض أمر تدريب الفتح الرباطي للحارس السابق المكي، قبل أن يستدعي 18 لاعبا لدخول معسكر تدريبي في مركز المنظر الجميل بالرباط.

قبل أن يسافر المنتخب المغربي إلى لبنان تقرر استقبال البعثة المغربية المكونة من كل المنتخبات المغربية (كرة القدم، كرة الماء، ألعاب القوى، الدراجات، الجمباز، الملاكمة) من طرف الملك محمد الخامس رفقة ولي العهد مولاي الحسن والأمير مولاي عبد الله بالقصر الملكي بالرباط، كما حضر حفل الاستقبال إداريو المنتخبات وبعض الحكام، إضافة للصحفي العربي الصقلي أصغر مشارك في البعثة حيث كان سنه لا يتجاوز العقدين من الزمن، وجاء اختياره لدرايته الواسعة بالرياضة حيث لعب للوداد البيضاوي فرع كرة السلة، وبعد عودته من لبنان عينه الملك محمد الخامس رئيسا للتحرير في الإذاعة الوطنية، بينما غابت أسماء لامعة عن المنتخب أبرزها عبد الرحمن بلمحجوب.

سافرت البعثة المغربية إلى لبنان على متن الطائرة نفسها التي أقلت الملك محمد الخامس من مدغشقر إلى الرباط، وتوقفت الرحلة في جزيرة مالطا للتزود بالوقود، قبل أن تستأنف السفر إلى بيروت حيث كان في استقبال الأبطال المغاربة سفير المغرب ومنظمو التظاهرة.

وشهد مقر بعثة المنتخب المغربي معركة بين المدرب العربي بن مبارك والحارس محمد رفقي بسبب عدم إشراك هذا الأخير في المباراة الافتتاحية وإصرار المدرب على وضع الثقة في حارس الفتح العياشي، حيث تقرر ترحيل حارس الوداد رفقي بقرار من المدرب والسيتل العيساوي رئيس الوفد، لكن اللاعبين رفضوا مغادرة زميلهم للبلاد.

الحسن الثاني يعرض على اللاعبين خطة لهزم منتخب تركيا

قبل المباراة النهائية التي جمعت المنتخب المغربي لكرة القدم ونظيره التركي، على أرضية مركب محمد الخامس بالدار البيضاء، وفي الوقت الذي كان موعد المواجهة يزحف نحو آخر يوم من أيام ملتقى ألعاب البحر الأبيض المتوسط سنة 1983، توصلت إدارة فندق بالمحمدية، حيث كان يقيم المنتخب الوطني، بمكالمة هاتفية تحمل إشعارا عاجلا بضرورة تنقل كل أعضاء المنتخب إلى قصر الصخيرات حيث كان الملك الحسن الثاني يريد الاجتماع بالعناصر الوطنية لشحنهم بآخر وصاياه وهو العارف بالشأن الكروي.

بعد زوال يوم السبت 16 شتنبر، أي قبل يوم واحد عن موعد المباراة، توجه اللاعبون رفقة أفراد الطاقم التقني والإداري والطبي صوب الصخيرات، فتح باب القصر وتحلق اللاعبون حول الملك الحسن الثاني في جلسة حميمية تبادلوا فيها الرأي حول مشوار المنتخب المغربي في المنافسات المتوسطية، وأكد الملك للجميع أنه، وبالرغم من انشغالاته اليومية، يحرص على متابعة المباريات.

تحدث الملك مع المدرب فلانتي البرازيلي الجنسية، واستفسر عن سر الانطلاقة المحتشمة أمام اليونان، في لقاء انتهى بالتعادل السلبي، ونبه من الخصم التركي الذي كان سيواجه الفريق الوطني المغربي في المباراة النهائية التي كانت ستجرى في اليوم الموالي على أرضية مركب محمد الخامس.

قال الحسن الثاني: «لا تعتقدوا أن المنتخب التركي خصم مجهول، فهو لم يصل إلى المباراة النهائية بالصدفة، لقد تمكن من إزاحة منتخبات وازنة شاركت بمنتخباتها الأولى، ويعتمد على اللياقة البدنية العالية في نزالاته»..، قبل أن يشرع في وضع الخطة الملائمة لمواجهة الأتراك، والجميع متحلق حوله، حيث كان يستعين بأشكال هندسية من الورق المقوى لشرح «التكتيك» الملائم للمباراة النهائية، وبين الفينة والأخرى كان يلتفت إلى المدرب ليأخذ رأيه. وحين انتهى من رسم الخطة على المائدة، طالب اللاعبين بتنفيذها على رقعة الملعب، مرددا عبارة: «الكرة الآن في معسكركم»، مضيفا أن أهم عمل قام به المدرب البرازيلي فلانتي هو الجانب السيكولوجي باعتبار أن المنتخب كان يلعب أمام جمهوره وبالتالي كان الضغط قويا على عناصره.

وردد الملك عبارة: «المدرب النبيه لا يغير المجموعة التي تفوز»، مطالبا بالاعتماد على العناصر التي هزمت مصر في نصف النهائي، باعتبار أن الانسجام يشكل النقطة الإيجابية في المنتخب، قبل أن يؤكد له المدرب أن تغييرا اضطراريا سيطرأ على الفريق حيث سيعوض اللاعب الرموكي بخليفة بسبب إصابة طارئة للأول.

يقول عبد الحق السوادي، اللاعب السابق للرجاء البيضاوي، ومسجل الهدف الثاني في المباراة النهائية التي انتهت بثلاثة أهداف دون رد لفائدة المغاربة، إن الاستقبال الملكي أكد أن الملك عارف بشؤون الكرة، «لقد كان يتحدث خطابا تكتيكيا، وكان يضع الخطة وكأنه يتابع الحصص التدريبية للفريق الوطني، ما أثار استغراب المدرب البرازيلي ومساعده العماري».

محمد السادس يستقبل وصيف بطل إفريقيا ويسلم أفراده منحا

مباشرة بعد فوز المنتخب المغربي على نظيره المالي برباعية على أرضية ملعب سوسة بتونس يوم 11 فبراير 2004 في إطار نصف نهائي كأس أمم إفريقيا، وفي غمرة أفراح اللاعبين ومكونات المنتخب بالفوز الذي أهل المغرب إلى النهائي التاريخي، تقدم الجنرال المختار مصمم وكان حينها برتبة كولونيل، نحو مدرب الفريق الوطني بادو الزاكي وطلب منه الانزواء في ركن من الملعب وانتظار مكالمة هاتفية من ملك البلاد محمد السادس، وهو ما تم فعلا حيث هنأ العاهل المغربي كافة عناصر الفريق على انتصارهم المستحق على المنتخب المالي.

جدد الملك اتصاله ببعثة المنتخب، وأجرى اتصالا هاتفيا عقب المباراة النهائية ضد تونس، حيث ربط الاتصال بالجنرال دو كور درامي حسني بنسليمان، رئيس اللجنة الأولمبية المغربية والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، الذي التحق بالعاصمة التونسية لمتابعة المباراة النهائية من ملعب رادس، وهنأ بادو الزاكي، مدرب الفريق الوطني، وأعضاء الفريق.

في اليوم نفسه بعث الملك محمد السادس ببرقية تهنئة إلى الرئيس التونسي زين العابدين بنعلي بمناسبة فوز المنتخب التونسي بكأس إفريقيا للأمم، في مبادرة تنم عن درجة عالية من الروح الرياضية، كما أرسل طائرة خاصة لتقل المنتخب المغربي من تونس إلى أكادير التي كان يتواجد بها الملك، هناك سيكون للبعثة موعد مع العاهل المغربي في قصر أكادير.

وفي منتصف شهر فبراير، استقبل ملك البلاد بقاعة العرش بالقصر الملكي بأكادير أعضاء الفريق الوطني المغربي لكرة القدم، بعد العرض الجيد الذي قدموه في الأدوار النهائية لكأس إفريقيا للأمم، ووشح خلال هذا الحفل أعضاء الفريق الوطني وكذا الطاقم التقني والإداري والطبي بأوسمة ملكية. ومن الأمور التي استأثرت بانتباه عناصر المنتخب المغربي حرص الملك على المساواة في العطاء بين جميع مكونات الفريق الوطني، حيث سلم منحة لكل عنصر قيمتها 100 مليون سنتيم، لا فرق بين المدرب والمكلف بالأمتعة، إذ اعتبر كل أفراد البعثة سواسية في الشكر والعطايا.

مؤسسة محمد السادس للرياضيين تنهي محنة قدماء لاعبي المنتخب

بمبادرة ملكية، خرجت إلى الوجود في 17 غشت 2011، مؤسسة محمد السادس للأبطال الرياضيين، برعاية من الملك الذي أبى إلا أن يحفظ كرامة اللاعبين الذين حملوا راية المغرب خفاقة في المحافل العالمية والقارية، من خلال مؤسسة وطنية تهتم بأوضاعهم بعد الاعتزال، خاصة وأن هناك أبطالا تألقوا في مختلف الرياضات لكنهم يعيشون أوضاعا اجتماعية مزرية، دون أن يجدوا من ينتشلهم من الضياع.

تهدف هذه المبادرة إلى تأمين حياة كريمة للرياضيين وتقديم المساعدة الاجتماعية الضرورية لهم، ومع مرور الوقت فاق عدد المستفيدين من خدماتها ألف بطل ينتمون لسبعة وعشرين نوعا رياضيا، استفادوا من مساعدات اجتماعية مباشرة وتغطية صحية ومنهم من أدى مناسك الحج أو حظي بتكريم رياضي وفئة خضعت للتكوين، ناهيك عن التكفل بدراسة الأعضاء أو أبناء الأعضاء في حدود مئة مستفيد، مع التكفل بواجب الكراء والماء والكهرباء لأربع وستين أسرة في وضعية صعبة، بل إن الدعم وصل في بعض الأحيان إلى حد التكفل بالحاجيات الغذائية للأسر.

قال رئيس المؤسسة منصف بلخياط، في آخر جمع عام، «حين كنت وزيرا للشباب والرياضة، طلب مني الملك محمد السادس خلق مجال للرياضيين الأبطال يحفظ كرامتهم، والآن تم الوصول لألف منخرط في مؤسسة محمد السادس للأبطال الرياضيين، وهي ثمار عمل امتد لسنوات. إضافة إلى تأمين حياة كريمة للرياضيين وتقديم المساعدة الاجتماعية الضرورية من حيث التغطية الصحية والتعاقد، هناك عمل آخر على مستوى الذاكرة الرياضية».

يقع مقر مؤسسة محمد السادس بحي الرياض في الرباط بإحدى عمارات ياقوت بجنان السويسي، ويضم قاعات الاجتماعات والاستقبال ومكاتب لمسؤولي وإداريي المؤسسة، ويسهر على تدبيرها اليومي رجل خبرة من قبيل سعيد بلخياط، الرئيس السابق للمغرب الفاسي والعضو الجامعي الأسبق.

قررت مؤسسة محمد السادس توسيع معايير الأهلية للحصول على عضوية بالمؤسسة إلى المشاركين في دوري أبطال إفريقيا في الرياضات الأولمبية والفردية والجماعية، والحكام الدوليين المشاركين في نهائيات كأس العالم لكرة القدم، أو مرتين على الأقل في نهائيات كأس إفريقيا للأمم، ولاعبي المنتخب الوطني، الذين بلغوا نهائيات كأس العالم، أو الفائزين ببطولة كأس إفريقيا للأمم، والمتوجين بالكرة الذهبية الإفريقية في كرة القدم، والفائزين بطواف المغرب للدراجات، والفائزين بالميداليات في دورة الألعاب البارا أولمبية للمعاقين، فضلا عن اللاعبين الدوليين الذين احترفوا في الخمسينات والستينات، والفائزين والمدربين المحليين المتوجين بالبطولة الإفريقية في التخصصات الأولمبية الجماعية أو الفردية.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى