آيت الطالب: لقد دقت ساعة إفريقيا لتصبح رائدة في الحماية الاجتماعية
ح. سعود – م. اليوبي
احتضنت مدينة مراكش على مدى ثلاثة أيام، أشغال النسخة الثانية للمناظرة الإفريقية للحد من المخاطر الصحية، وذلك بمشاركة العديد من الشخصيات البارزة في الساحة الإفريقية والدولية.
وتهدف هذه المناظرة، المنظمة تحت الرعاية الملكية، بمبادرة من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بشراكة مع جمعية الصحة الإفريقية العالمية، إلى تسليط الضوء على واقع المنظومات الصحية والأمن الغذائي في إفريقيا.
وخلال افتتاح النسخة الثانية من المناظرة الإفريقية للحد من المخاطر الصحية، قال عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، إن المغرب نجح في التدبير الفعال والسريع لآثار زلزال الحوز، بفضل السياسة الاستباقية للملك محمد السادس، وفق تنزيل عدد من الإجراءات التي واكبت المتضررين من زلزال الحوز، والتي ستتم مناقشتها في جلسات المناظرة الإفريقية الثانية، إلى جانب السبل الكفيلة بالحد من مخاطر الكوارث الطبيعية، والتي تتطلب تدبيرا استراتيجيا فعالا.
وأضاف أخنوش، في أشغال المناظرة المنظمة بشراكة بين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، ووزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بشراكة مع جمعية الصحة الإفريقية العالمية، تحت شعار «الصحة في إفريقيا: الماء، البيئة والأمن الغذائي»، أن المناظرة الإفريقية الثانية ستناقش التهديدات المناخية على الصحة العامة، من بينها ندرة المياه، والتي ستجبر مليارا و800 مليون شخص في مناطق متضررة بظروف الإجهاد المائي، مشيرا إلى أن الظرفية الحالية باتت تفرض الاهتمام بالأمن المائي كشرط ضروري لتحقيق السيادة الغذائية، مع الحاجة إلى تحويل الأنظمة الغذائية وسلاسل القيمة الغذائية الفلاحية إلى أولوية لضمان الأمن الغذائي بالمغرب.
وأكد خالد آيت الطالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أن السيادة الصحية تمر عبر تقليص المخاطر، ولا يمكن أن تقوم في غياب أجوبة عن قضايا الماء والبيئة والأمن الغذائي. وأوضح الوزير ذاته في مداخلة له، خلال ورشة مدرجة ضمن أشغال المناظرة الثانية الإفريقية للحد من المخاطر الصحية، حول موضوع «تقليص المخاطر والنظم الإيكولوجية للمستقبل: المعادلة الإفريقية والتعاون جنوب – جنوب»، أن الصحة هي قضية مركزية ستتأثر قريبا بتحديات ضخمة، مسجلا أن الحد من المخاطر يتسم بالشمولية، ويتطلب الانسجام بين السياسات العمومية المختلفة.
وأكد آيت الطالب أن هذه التحديات، على غرار مختلف التغيرات الملحوظة على أرض الواقع، سيما تلك المرتبطة بالتقدم التكنولوجي، «لها تأثير على القدرة المعيشية وتكلفة الرعاية الصحية، ولن يتمكن أي تأمين صحي أو مالية عامة في المستقبل من دعم النفقات الصحية».
ولاحظ أن التكنولوجيا تغير مهنة الصحة، مشيرا إلى أن طب الغد سيكون تشخيصيا وسيستخدم المزيد من علم الجينوم والتمثيل الغذائي، ومن هنا تأتي أهمية الرؤية المشتركة والقدرة على مواجهة المخاطر الصحية.
وتحقيقا لهذه الغاية، يرى الوزير أنه يتعين على القارة الإفريقية اتخاذ إجراءات والتفكير في تقارب أفضل وتصبح رائدة في مجال الحماية الاجتماعية للتغلب على هذا النوع من المشاكل، قائلا في هذا السياق: «لقد دقت ساعة إفريقيا».
وكان عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، قد أبرز مضامين المقاربة المبتكرة المعتمدة لإصلاح القطاع الصحي في المغرب، وأوضح في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية للمناظرة الثانية الإفريقية للحد من المخاطر الصحية، أنه تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، يشهد القطاع الصحي حاليا ورشا إصلاحيا مبتكرا، سيمكنه من إرساء منظومة صحية قوية ترتكز على مؤسسات استراتيجية قادرة على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية بكثير من الفعالية والصمود.
واعتبر في هذا الصدد أن المكتسبات التي تحققت في قطاع الصحة بقيادة الملك محمد السادس في مكافحة وباء «كوفيد- 19»، مكنت المنظومة الصحية الوطنية من اكتساب مناعة في مواجهة الأزمات الصحية، وعززت العمل المشترك بين مختلف القطاعات والشركاء من أجل مواجهة فعالة وناجعة لهذه الأزمات.
وأبرز رئيس الحكومة أن موضوع المناظرة لهذه السنة: «الماء، والبيئة، والأمن الغذائي» يكتسي أهمية بالغة، حيث تتداخل هذه العناصر في ما بينها وترتبط بشكل وثيق بصحة ورفاهية سكان قارتنا الإفريقية»، مشددا على أن مواجهة التحديات والأزمات الإقليمية «التي تحيط بنا، تستدعي توحيد الجهود والعمل المشترك من أجل تعزيز الأمن الصحي والبيئي في القارة الإفريقية».
ولاحظ أن الماء، والبيئة، والأمن الغذائي تمثل مجالات ما زالت تشهد تحديات كبرى، «سيما في السياق الحالي الذي يتسم بالتداعيات السلبية الناتجة عن تدهور بيئتنا على صحة مواطنينا وكوكبنا»، مضيفا أن الاستراتيجية الوقائية لمواجهة المخاطر الصحية تكتسي أهمية قصوى، للتخفيف من المرض والوفيات الناتجة عن التدهور البيئي وسوء التغذية وجودة المياه.
وتهدف هذه الاستراتيجية، يقول أخنوش، الى تخفيف الضغط عن المنظومة الصحية، والتقليل من العبء الاقتصادي الذي يثقل كاهل الأسر والمؤسسات المدبرة لأنظمة التأمين على المرض وعلى موارد الدولة.
واعتبر أنه في ظل التحديات البيئية والمناخية التي يواجهها العالم،«أصبح تحويل أنظمتنا الغذائية وسلاسل القيمة الغذائية الفلاحية نحو قدر أكبر من الاستدامة والقدرة على الصمود، أولوية لضمان الأمن الغذائي لبلادنا».
وفي هذا السياق أكد رئيس الحكومة أن تحقيق الأمن المائي يعد شرطا ضروريا لتحقيق السيادة الغذائية، «خاصة وأن بلادنا تعرف منذ أكثر من 5 سنوات فترة جفاف استثنائية بفعل التغير المناخي، مما يفرض ضغوطا متزايدة على النظم الغذائية ويجعلها أكثر عرضة للصدمات الاقتصادية والبيئية».
وبعد أن ذكر بتوجه الحكومة الى الرفع من حجم الاستثمارات في البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020- 2027، أبرز أخنوش، في هذا الإطار، أن الحكومة «تشتغل على تصور جديد، حتى يتمكن المغرب من خلال هذا البرنامج تأمين مخزون مائي استراتيجي لدعم سيادته الغذائية» .
وأشار إلى أن هذه المجهودات ستمكن من دعم السيادة الغذائية لبلادنا، وضمان تزويد السوق الوطنية بالمواد الغذائية الأساسية بصفة منتظمة، بالإضافة إلى مضاعفة الناتج الداخلي الخام الفلاحي، فضلا عن تحسين ظروف عيش الفلاحين، مع الحرص على صحة المواطنين، وسلامة المنتجات الغذائية من خلال مجموعة من المؤسسات، وعلى رأسها المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية المضطلع بمهام مراقبة المنتجات الغذائية.
من جانبه، اعتبر سعيد أمزازي، الوزير السابق في قطاع التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بالمغرب، ومشارك في المناظرة الإفريقية الثانية، في تصريح لـ«الأخبار»، أن المناظرة بمثابة فرصة لاستخلاص الدروس والعبر من الخبراء والاستفادة من تجارب الدول في تعاملها مع الزلازل وكيفية وآلية مواكبتها.
وأوضح أمزازي أن هذه الدروس المستخلصة تهم بالأساس جعل تنمية المناطق المتضررة أولوية حكومية لإعادة الاعتبار لسكان هذه المناطق المتضررة، والحفاظ في مرتبة ثانية ضمن الأولويات على الموروث الطبيعي والثقافي لهذه المناطق التي تحظى بخاصيات جغرافية مميزة. فيما تهم النقطة الثالثة، إنجاز دراسة ميدانية عميقة ومدققة لهذه المناطق، عبر تشجيع البحث العلمي فيها.