المغربوفوبيا
وجهت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الجزائرية مراسلة رسمية ومستعجلة إلى مديري الجامعات، ورؤساء الندوات الجهوية للجامعات، من أجل منع أية مشاركة جزائرية في المؤتمرات والندوات العلمية والبحثية المنعقدة بالمغرب، مع سحب عضوية الأساتذة والباحثين الجزائريين من جميع المجلات المغربية، ومنع أي نشر لمقالات أو أبحاث علمية في المجلات المغربية.
في الحقيقة، يعجز أي عقل سليم عن إيجاد أي تفسير لمثل هاته القرارات، سوى بمرض «فوبيا» المغرب والوسواس القهري، الذي أصاب الجارة الشرقية وجعلها تخرج عن طوعها. ولا نستغرب أن تصل بهلوانيات قرارات نظام «الكابرانات» إلى إصدار مرسوم رئاسي بمنع قراءة الروايات والكتب والأطروحات والمقالات المغربية، وربما التحقيق مع الطلبة الباحثين الذين يعتمدون مراجع لباحثين مغاربة، ولن يكون مستغربا أن يتم وضع قاعدة قانونية تلحق بالقانون الجنائي تجرم نطق كلمة المغرب، واعتبار الكلمة جريمة تدخل في باب السب والقذف.
حقيقة إنها المغربوفوبيا التي وصلت إلى درجة هستيرية تتجاوز النطاق المرضي الطبيعي، وتدفع بحكام الجزائر إلى حد الجنون والظهور أمام العالم بمظهر مثير للشفقة. إن الرهاب القهري الجزائري المبالغ فيه قد تجاوزت تداعياته السلبية آثار الأزمة الدبلوماسية نفسها، لتدمر قرارات دولة لم تعد تهمها سمعتها وصورتها وما تثيره مواقفها من استهجان. والحقيقة أن المنحى الذي تتجه فيه قرارات حكام قصر المرادية لم يعد يحتاج من أي عاقل إلى التحليل ورصد الخبايا التي تقف وراءها، بل يحتاج بكل بساطة إلى تدخل طبي علاجي ونفسي لعلاج صناع تلك القرارات الذين يعانون من عقدة مرضية اسمها المغرب.
للأسف وضعنا الله بجوار حكام دولة لا يقرؤون التاريخ ولا يستوعبون دروسه، فكم من دول عرفت عبر التاريخ خلافات دبلوماسية، بل تحولت إلى حروب عسكرية، لكنها لم تصل إلى جعل ساحة العلم والثقافة والفن موضوعا لتصفية الحسابات ولعبة في أيدي الأنظمة، فلا أحد ينكر حجم الإفادة التي قدمها الفكر الفلسفي والقانوني والاقتصادي الألماني للنهضة الأوروبية، في أوج العداء الأوروبي للنازية الألمانية، وظل رواد المدرسة الجرمانية يشكلون نبراسا للثقافة الأوروبية، رغم الدمار الكبير الذي تسبب فيه نظام هتلر.
والأكيد أن عدم إظهار المغرب لأي نوع من الاهتمام والانتباه، تجاه المواقف العدائية المجانية والهجمات الممنهجة على وحدته وسيادته ورموزه، قد دفع حكام الجزائر إلى المضي قدما نحو مزيد من الجنون واللامسؤولية. وبطبيعة الحال، فكلما زاد تعقل المغرب يرتفع منسوب جنون حكام الجزائر الذين لم يعد لحماقاتهم دواء.