باعتبار البرتغال وعلامة «صنع في البرتغال» رائدا أوروبيا لصناعة النسيج، يريد المشغلون المغاربة الاستفادة من هذا الاشعاع، من خلال تطوير أوجه التآزر والشراكة المربحة للجانبين مع نظرائهم البرتغاليين.
شراكة بين البرتغال والمغرب
يرغب المشغلون المغاربة في قطاع النسيج والملابس في تعزيز شراكتهم مع أقرانهم البرتغاليين من أجل الاستفادة من فرص التآزر بين القطاعات على جانبي البحر الأبيض المتوسط. الفاعلون المغاربة في قطاع النسيج أكثر قدرة على المنافسة في المصب في هذا القطاع، لا سيما في الملابس، في حين أن البرتغاليين أكثر فعالية، بقدرات إنتاجية كبيرة – وهو ما يزال يفتقر إليه القطاع في المغرب. من أجل مد جسور هذه العلاقة، وقعت الجمعية المغربية لصناعات النسيج والألبسة (AMITH) اتفاقية شراكة مع غرفة التجارة والصناعة والخدمات البرتغالية في المغرب (CCISPM)، بحضور رئيسيهما، أنس الأنصاري وخوسيه ماريا تيكسيرا، خلال حفل يوم الأربعاء الماضي في أكاديمية كاسا مودا. وتخطط هذه الاتفاقية أيضا لإعادة إطلاق مشروع إنشاء مركز تقني في المغرب بالشراكة مع البرتغاليين. سيقدم هذا الخدمات المتعلقة بشهادة المنتج، والاستشارات التقنية والتكنولوجية، والبحث والتطوير، والابتكار والتدريب والأزياء والتصميم. وقال رئيس غرفة التجارة البرتغالية في هذا الصدد «لا تزال البرتغال غير مدركة تمامًا لإمكانيات المغرب، والعكس صحيح. لقد استهدفنا بالفعل الخطوات التي يجب اتباعها. إذا نجحنا في تجسيد الأفكار المطروحة على الطاولة، فسنكون قادرين على إحراز تقدم هائل في إمكانية التقارب هذه».
وأشار أنس الأنصاري إلى أن اختيار البرتغال لم يكن مصادفة، بالنظر إلى الطريقة التي تمكنت بها المنسوجات البرتغالية من عكس الوضع الذي وجدت فيه نفسها قبل خمسة عشر عامًا مع المنافسة الآسيوية، لإحياء عصر ذهبي جديد. تتمتع البرتغال بأحد أدنى حد أدنى للأجور في أوروبا، لكنها لا تزال أعلى بثلاث مرات من المغرب. ما سر هذه المعجزة البرتغالية؟ بالنسبة لرئيس AMITH، فإنه يكمن في الاستثمار في المنبع في القطاع، والذي لا يعتمد على تكلفة العمالة مثل أنشطة التصنيع.
استلهام التجربة البرتغالية
تتمثل رؤية AMITH في تعزيز الروابط المختلفة في سلسلة قيمة المنسوجات في المغرب، ولا سيما على مستوى المنبع، ومن هنا تأتي الرغبة في استلهام التجربة البرتغالية وإنشاء شراكة رابحة. نظرًا للقرب الجغرافي، يمكن بسهولة دمج القطاعين في بعضهما البعض دون التأثير على المواعد النهائية. عادل بودس، المدير العام لغرفة التجارة والصناعة والخدمات بالمغرب وعضو AMITH، ساهم في إقامة هذه الشراكة. وأوضح أن المغاربة، الذين يعتمدون الآن على المقاولين، سيستفيدون من تطوير منتج نهائي للعلامات التجارية الأوروبية، بدلاً من الاهتمام فقط بالتصنيع، مع قيمة مضافة منخفضة. ومع ذلك، لا يزال المغرب يعاني من نقاط ضعف على المستوى الأولي للقطاع، بما في ذلك التصميم والبحث والتطوير. البرتغال، التي تعمل بشكل جيد للغاية في هذا القطاع، لديها طاقة إنتاجية زائدة. يقول عادل بودس: «البرتغاليون بحاجة إلى مغاربة، مثلما يحتاج المغاربة إلى البرتغاليين». الخيار المثالي بالنسبة له هو إقناع مشغلي المنسوجات البرتغاليين بالاستقرار في المغرب أو مرافقة الممثلين المغاربة للاستثمار هناك. ستتدخل غرفة التجارة البرتغالية في هذا الاتجاه لإقامة اتصالات. من ناحية أخرى، تنتج البرتغال اليوم لكل أوروبا، خاصة لأنها تتحكم في جميع الروابط في سلسلة القيمة. تحتاج الشركات البرتغالية إلى القدرة التنافسية التي تجلبها الشركات المغربية من حيث التجميع والملابس لتعزيز هذا الموقف. يكشف عادل بودس أن مائة شركة مغربية تقوم بالفعل بالتصدير للعملاء البرتغاليين الذين يسلمون للسوق الأوروبية. بالإضافة إلى ذلك، يمتلك البرتغاليون مركزًا تقنيًا مشهورًا عالميًا، SITEV، والذي تريد الجمعية المغربية لصناعات النسيج والملابس أن تستلهم منه. يسعى المغرب أيضًا إلى الحصول على دعم من البرتغاليين في إنتاج الأقمشة التقنية (أقمشة غير الملابس)، خاصة لسوق السيارات. البرتغاليون هم أيضًا أبطال من حيث عمليات الإنتاج. «اليوم، يمكنك إنتاج قميص في عشرين دقيقة، تمامًا كما يمكنك إنتاجه في دقيقتين، إذا كان لديك إتقان للعمليات وإذا كان لديك أحدث التقنيات من حيث الآلات»، يضيف بودس.
قطاع النسيج الوطني يشهد تحولا
قال وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، سابقا على هامش افتتاح الدورة الـ 18 لمعرض Maroc in Mode (MIM)، الذي بادرت إليه الجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة (AMITH)،، إن قطاع النسيج في المغرب يشهد ازدهارا على مستوى الصناعة والإبداع. وأضاف مزور، أن «قطاع النسيج الوطني يشهد تحولا كاملا»، مبرزا الأنشطة التصديرية للمجموعات المغربية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في البلدان الأكثر تقدما. وتابع مزور «اليوم نحن فخورون بأن نرى أن هذا القطاع، الذي تعززت مكانته واستعاد ألوانه بعد الجائحة، في توسع كامل أيضا». وقال مزور، في تصريح على هامش يوم دراسي حول تنمية ومستقبل القطاع، تحت عنوان: «نحو اقتصادي مستدام ودائري: التفكير في مستقبل قطاع النسيج بالمغرب»، شهر يوليوز المنصرم أن «التحول الأول يتعلق بالاستدامة، وهو تحول شرع المغرب فيه بالفعل. ثانيا، يتعلق الأمر بزبناء أكثر إلحاحا على مستوى احترام المعايير الاجتماعية وثالثا القرب، الذي يمثل فرصة للمغرب على مستوى التنافسية وخلق فرص الشغل». كما ذكر الوزير بالمستوى القياسي الذي بلغته صادرات قطاع النسيج المغربي، التي سجلت ارتفاعا بنسبة 33 في المائة عند متم أبريل 2022 مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2021. ودعا مزور جميع الفاعلين للعمل المشترك والتعبئة من أجل إحداث قطاع نسيج مستدام بغية خلق المزيد من فرص الشغل وتنمية حصص السوق إزاء سوق متزايد المطالب. من جانبه، أكد رئيس الجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة، أنس الأنصاري، أن الاستدامة تشكل «جواز النمو» بالنسبة لصناعة النسيج والألبسة، مبرزا أنها لا تمثل خيارا بل ضرورة. وتابع الأنصاري قائلا إن «النسيج المغربي كان على الدوام قطاعا وازنا وأحد أكثر القطاعات دينامية في الاقتصاد الوطني بما أنه يمثل اليوم أكثر من 1800 مقاولة وما لا يقل عن 200.000 أجير، وهو ما يعادل 22 في المائة من الوظائف الصناعية بالمغرب». وأشار إلى أن القطاع تميز، خلال السنوات الأخيرة المتسمة بتحولات عميقة على المستوى العالمي، بفضل كفاءات معترف بها وقرب جغرافي يتيح له مزايا قوية على صعيد المرونة والاستدامة. من جهته، شدد مدير مكتب المغرب العربي لمؤسسة التمويل الدولية، كزافيي ريل، على أن التحدي الذي يواجه قطاع النسيج المغربي اليوم هو اغتنام مختلف الفرص التي تتيحها المتغيرات الجارية، والتحول من أجل الاستجابة للانتظارات البيئية والاجتماعية للسوق. وأشار إلى أنه في الوقت الذي يتعافى العالم من جائحة «كوفيد-19» ويسعى إلى وضع أسس تنمية مستدامة، توجد صناعة النسيج العالمية عند مفترق الطرق. وأوضح أن الابتكارات وأنماط الاستهلاك الجديدة والانشغالات الاجتماعية والبيئية تغير القطاع على نحو عميق، في وقت تفسح النماذج الإنتاجية التقليدية المجال لممارسات جديدة أكثر شمولا واحتراما للبيئة. وجمع هذا اليوم الدراسي، المنظم من طرف وزارة الصناعة والتجارة ومؤسسة التمويل الدولية بشراكة مع الجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة، ممثلين للسلطات العمومية والقطاع الخاص، من أجل تبادل التجارب والخبرة وبهدف الحوار ورفع التحديات حول مسألة استدامة قطاع النسيج والألبسة.