شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

المغرب يحصن حدوده شرقا

على غرار ما هو عليه العمل بالمنطقة الجنوبية، أعلنت مجلة «القوات المسلحة الملكية»، في عددها لشهر يناير، عن إحداث منطقة عسكرية جديدة هي المنطقة الشرقية، تحت قيادة الجنرال محمد مقداد، المعروف في أوساط الجيش بخوضه معارك في الصحراء المغربية. القرار الصادر عن أعلى سلطة في البلاد بصفته العسكرية، يبدو منطقيا جدا ومتوقعا إلى حد بعيد، بالنظر إلى التحولات الجيوسياسية التي تعرفها المنطقة الشرقية، خصوصا بعد وصول التوتر مع النظام العسكري الحاكم في الجزائر إلى درجات غير مسبوقة.

وإذا كان إحداث المنطقة الجنوبية بالصحراء المغربية مرتبطا بحالة الحرب التي تعيشها تلك المنطقة، منذ أربعة عقود، حتى ظل الهم الأمني المغربي يتمحور لسنوات حول تأمين حدود البلاد الجنوبية، إلا أن التطورات العسكرية الأخيرة أظهرت أن أكبر تهديد لبلدنا، قد يكون مصدره من الشرق. ومما لا شك فيه أن الاستراتيجية العسكرية الجديدة، التي تقوم على تعددية المناطق العسكرية، تتوخى ظاهريا الحد من الجريمة العابرة للحدود والتهريب والهجرة غير الشرعية، لكنها ترمي في العمق إلى تعميم النظام الدفاعي والعيش العسكري على كامل 1559 كيلومترا، من الحدود المغربية الجزائرية.

إن القرار العسكري المتخذ هو نهاية لتصور كلاسيكي دام لعقود، حيث ظل يقوم على أنه مهما بلغ منسوب التوتر مع الجزائر فإن الحرب لن تتم إلا في الصحراء فقط، وبالتالي فالمنطقة الشرقية بقيت آمنة، لذلك لم يكن المغرب معنيا بنشر القوات المسلحة فيها. لكن التهديدات الجدية القادمة من الجار الشرقي أخيرا تجاوزت حدود التحرشات الخطابية، بل تمت ترجمتها على المستوى الميداني، وبالتالي فالتحرك العسكري المغربي، جاء بعد تقدير أمني بأن التحرك باتجاه الشرق سيؤثر بصورة إيجابية في الأمن القومي المغربي، وخصوصا أن سياسة الجزائر لا يمكن الاطمئنان لها، في ظل قيادة السعيد شنقريحة.

لذلك فقد استُبدِلت الاستراتيجيات العسكرية الناعمة التي كانت معتمدة سابقا للتعامل مع الجار الشرقي، باستراتيجيات أكثر صرامة، فالمغرب لن يقبل أبدا أن تكون حدوده قابلة للاختراق من أي كان، سواء من طرف الجزائر، أو الجماعات الإرهابية، أو منظمات الاتجار بالبشر والسلاح، لأن حدودا غير مؤمنة بما يكفي لا تعدو أن تكون سوى سبب من أسباب ضعف الدولة ومؤشر من مؤشراته، وكذلك مصدر لعدم الاستقرار والهشاشة في المنطقة الشرقية، بل في المغرب برمته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى