النعمان اليعلاوي
اتهم المغرب منظمة العفو الدولية بـ«مواصلة انخراطها في حملة ممنهجة ضد المغرب، ضاربة عرض الحائط بقواعد كانت سباقة إلى نشرها منذ عقود، بخصوص أهمية إجراء تحقيقات نزيهة، فعالة، محايدة وموضوعية». وقالت المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، في بلاغ لها، إن مواقف المنظمة إزاء المملكة استقرت على سياسة ممنهجة، تنبني أولا على عدم أخذ المسافة اللازمة من نزاع الصحراء المغربية المعروض على أنظار مجلس الأمن، وثانيا، على التدخل في شؤون القضاء وسير العدالة، وثالثا، على عدم القدرة على إتيان الحجج في سائر ما تدعيه.
واعتبرت المندوبية، في ردها على التقرير السنوي للمنظمة الصادر نهاية مارس الماضي، أن المنظمة «لا يسعها، وهي التي اعتادت التواصل مع المنظمات الدولية غير الحكومية وفق ما تقتضيه التقاليد والأعراف في هذا المجال، إلا أن تبسط أوجه ردها على ما ورد في التقرير المذكور، انطلاقا من موجبات سياسة حقوق الإنسان ودفاعا عن المكتسبات الحقوقية»، موضحة أن تقرير منظمة العفو الدولية «يقحم حرية التعبير، بصفة تعسفية، في ملفات معروضة على القضاء، والحال أنه لم يقدم أي معطيات تخص اضطهاد حرية التعبير، كما أن تكوين الجمعيات التي أدرجت، بدورها، تعسفيا، في نفس الفقرة لم تقدم في شأنها أي إفادات»، وأضافت أنه «تم القفز على سير محاكمات على ذمة الحق العام، دون أن تقدم بشأنها أي بيانات مستقاة من عملية ملاحظة قامت بها هذه المنظمة بأي شكل من الأشكال، حيث اكتفى التقرير بالقول: إثر محاكمة لم تف بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، فقد حرم، على سبيل المثال، من الحق في الاطلاع على جميع الأدلة المستخدمة ضده وتفنيدها».
وسجلت المندوبية ذاتها أن «هذا المثال بالضبط، سبق وأن كان موضوع خلاصات أولية، بشأن ملاحظة قام بها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومن بين ما انتهى إليه، في تقريره، احترام شرط العلنية واستيفاء مسطرة الاعتقال للمقتضيات القانونية وتأمين حقوق الدفاع واحترام الآجال المعقولة وغيرها من الضمانات ذات الصلة، وكذا عدم الطعن في مضمون التصريحات المدونة في كناش الضابطة القضائية من طرف المتهم».
ولا يسع المندوبية الوزارية، أمام ذلك، يضيف البلاغ، «إلا أن تؤكد بأن موقف منظمة العفو الدولية، غير المسنود بأي شكل من أشكال الملاحظة، يبقى مجرد تدخل سياسي في عمل من صميم السيادة الوطنية ويتعارض مع ما أقرته هذه المنظمة، منذ قرابة ربع قرن، في إطار دليل ملاحظة المحاكمة العادلة».
وأشارت المندوبية الوزارية إلى أن «تقييم عدالة المحاكمة الجنائية عملية معقدة متعددة الجوانب، فكل حالة تختلف عن الأخرى، ويجب أن تبحث من واقع حيثياتها وككل، ويركز التقييم في العادة على ما إذا كان سير الوقائع يتفق مع القوانين الوطنية»، موضحة، بخصوص حرية التجمع، أن «تقرير منظمة العفو الدولية خصص فقرة لحرية التجمع، اعتبر فيها أنه في أربع مرات على الأقل، قمعت السلطات احتجاجات سلمية تطالب بتحسين ظروف العمل، واستخدمت مرسوم حالة الطوارئ الصحية لقمع مظالم العاملين، وقبضت الشرطة تعسفيا على ثلاثة وثلاثين معلما كانوا يتظاهرون سلميا في الرباط»، تقول المندوبية، مشيرة إلى «تعسف التقرير، إذ إن ما لا تعلمه هذه المنظمة هو أن فئة من مهنيي التعليم يجتمعون ويتظاهرون منذ أزيد من سنتين، إبان حالة الطوارئ وبعدها، وقد قاموا بذلك عشرات المرات؛ لكن الغريب في التقرير، وهو يتحدث عن تفريق المتظاهرين بالقوة، لم يقدم ولو عنصرا واحدا عن شكل التفريق وطرقه وأشكاله ونطاقه وأضراره، وفي نفس الوقت، يحاول أن يصادر الحق المشروع الذي تملكه السلطة المختصة في حفظ النظام العام وفق المعايير الدولية».
وينطبق المنطق نفسه المؤطر للتقرير، وفق المصدر ذاته، «على ما يخص إيقاف متظاهرين وإحالتهم على القضاء، وكأنه انتهاك جسيم، والحال أنه يعترف علانية بأن الإفراج عنهم تم بعد 48 ساعة»، وقالت المندوبية إن المنظمة «تتعسف لأنها لا تملك أدلة لتقييم ممارسة حرية التجمع، الذي بات في بلادنا ممارسة من صميم المكتسبات الحقوقية. وعليه فإن التقرير لم يستطع وبصفة قطعية، لا في حرية التعبير ولا في تكوين الجمعيات أو حرية التجمع، أن يأتي بأي قرائن، فبالأحرى بإثباتات تبرز ادعاءات انتهاكات هذه الحقوق»، تشير المندوبية، مبرزة، في ما يتعلق بـ«التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية»، أنه ينطبق على موضوع التعذيب ما تم ذكره في الفقرة السابقة، حيث «ادعى التقرير احتجاز بعض السجناء في ظروف قاسية، بما في ذلك الحبس الانفرادي المطول وإلى أجل غير مسمى، مما يمثل انتهاكا لمبدأ حظر التعذيب. وهذا بدوره ادعاء مردود عليه من الأصل، لأن التقرير لا يبرز مصدر ووسيلة علمه والحالات المدعاة».