شوف تشوف

اقتصادالرئيسيةتقاريرخاص

المغرب يتقدم في سباق الطاقات المتجددة والطاقة النظيفة

احتل المركز الثالث عربيا في إنتاج الطاقة الشمسية وسيصبح رائدا في تصدير الهيدروجين

في ظل المساعي الدولية للتخفيف من آثار الاحتباس الحراري المسببة للتغيرات المناخية، اعتمد المغرب منذ سنوات توجها رائدا في مجال الطاقة النظيفة، متوقعا من خلال ذلك الوصول إلى تغطية 51 في المائة من حاجاته الطاقية عبر مصادر متجددة بحلول العام 2030، في حين يتجه المغرب ليصبح واحدا من أهم البلدان المنتجة لمادة الهيدروجين.

 

لمياء جباري

رصد تقرير حديث قائمة أكثر الدول العربية إنتاجا للكهرباء النظيفة، بالتزامن مع التحركات العالمية لتحول الطاقة، وخفض الانبعاثات لمواجهة التغيرات المناخية. وكشف تقرير غلوبال إنرجي مونيتور (منظمة بحثية غير ربحية معنية بمشروعات الطاقة في أنحاء العالم) عن أن مشروعات الكهرباء الطاقة المتجددة في الدول العربية، ليست سوى بداية طموح أكبر في استثمار متعاظم في الطاقة المتجددة.

 

مشروعات عملاقة

شدد التقرير على أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تمتلك قدرات هائلة لإقامة مشروعات عملاقة لإنتاج طاقة الرياح والطاقة الشمسية، لما تتمتع به من مناخ موات وأجواء مشمسة، خلال معظم العام. وشهدت المنطقة إنشاء أول مشروعات إنتاج طاقة الرياح عام 2000، وأعقب ذلك إقامة محطات إنتاج الطاقة الشمسية مع نهاية العقد الأول من الألفية، وهو ما جعلها تمتلك إمكانات كبيرة من الكهرباء النظيفة عبر شبكاتها الوطنية. وتحتل الإمارات العربية المتحدة المرتبة الثانية في إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، بفضل استثماراتها العملاقة في إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، يليها المغرب في المرتبة الثالثة بنحو 1.9 غيغاواط، والأردن في المرتبة الرابعة بنحو 1.7 غيغاواط. وقد أعلن المغرب في عام 2015 خطته لإضافة 4.6 غيغاواط من الطاقة الشمسية، و4.2 غيغاواط من طاقة الرياح بين عامي 2018 و2030، للوصول إلى 52 في المائة من إجمالي القدرة المستهدفة بحلول عام 2030. وبحلول أكتوبر 2021، أضاف المغرب نحو 4 غيغاواط من الطاقة المتجددة، لترتفع نسبة الكهرباء النظيفة المنتجة من الطاقة المتجددة من إجمالي الطاقة المستخدمة في البلاد إلى 37 في المائة مقارنة بنحو 35 في المائة عام 2019. وطبقا لتقرير مشروعات طاقة الرياح العالمي، وكذلك تقرير مشروعات الطاقة الشمسية العالمي فإن المغرب سيتمكن من إضافة 14 غيغاواط من الطاقة الشمسية، ونحو 1.3 غيغاواط من طاقة الرياح بين عامي 2018 و2027، وهو ضعف القدرة المستهدفة، إلا أن 12 غيغاواط من الطاقة المستهدفة ستُنتج بغرض التصدير.

طموح كبير في مجال التحول الطاقي

اعتبرت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، أن الاستراتيجية والطموح المغربي الكبير في مجال التحول الطاقي، مكنا المملكة من البروز كبلد رائد في المجال خلال السنوات العشر الماضية، وزادا من تنافسيته في السوق الدولية، وذلك بفضل الرؤية والتوجيهات الملكية في المجال. وأشارت بنعلي في كلمتها، خلال الجلسة الافتتاحية للقمة العالمية حول «اقتصاد الهيدروجين الأخضر»، بمدينة مراكش، شهر يونيو المنصرم، إلى أن تقرير النموذج التنموي الجديد دعا بصراحة إلى أهمية تسريع الانتقال الطاقي نحو الطاقات المتجددة والنظيفة، وتقليص انبعاثات الكربون في مختلف المجالات الاقتصادية الخدماتية والصناعية. وتابعت بأن إنتاج طاقة نظيفة ومتجددة طموح تضعه المملكة، وتعمل على تنزيله ضمن استراتيجياتها ومشاريعها في المجال، مبرزة أن المملكة المغربية من البلدان السباقة في مجال الطاقات النظيفة، وسيمكن إنتاج الهيدروجين الأخضر بتكلفة منخفضة وتنافسية، من البروز كفاعل دولي في القطاع. وذكرت بنعلي بالتقدم الذي أحرزه المغرب في مجال الانتقال الطاقي، الذي يتمثل في استغلال محطات الطاقات المتجددة، مع الإشارة إلى أن هناك مشاريع استثمار مهمة في المجال، سيما في قطاع إنتاج الهيدروجين، حيث أكدت أن المغرب يعمل على توسيع الاستثمار والدفع بإنتاج الطاقة النظيفة في مجالات متعددة وفي مناطق مختلفة من المغرب، وذلك لزيادة إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة، ضمن طموحاته لتحقيق أهداف التغير المناخي والحياد الكربوني بحلول عام 2050، وتحقيق السيادة الطاقية. ولفتت المسؤولة الوزارية في كلمتها التي بثت في شريط فيديو مسجل خلال الجلسة الافتتاحية للقمة، إلى أن علاقات متطورة وروابط مهمة تجمع المغرب وشركائه الأوروبيين في مجالات الطاقة المتجددة، مشيرة إلى أن هناك مشاريع قادمة من أجل تقوية هذا التحالف، وأن المغرب سيكون وسيطا بين القارتين الإفريقية والأوروبية في المجال. واعتبرت بنعلي الأسواق الطاقية التقليدية هشة وغير مستقرة، مستدلة على ذلك بالإشارة إلى أن العالم لا يزال يواجه تبعات الأزمة الصحية المرتبطة بفيروس كورونا، والتي تسببت في تقلبات في السوق الدولية. وختمت ليلى بنعلي مداخلتها، بالتأكيد على أن المغرب يؤمن بالحلول المتكاملة والمتطورة والمستقرة، ويحدد ضمن أولوياته التعاون في مجال الطاقة وإقامة شراكة خضراء، داعية المؤسسات أو الحكومات التي لم تنضم بعد لهذه الشراكة إلى الانخراط فيها.

 

تركيز على إنتاج الهيدروجين

يتجه المغرب للتركيز على إنتاج الهيدروجين، وفي ذلك الاتجاه أنشأت المملكة عام 2020 اللجنة الوطنية للهيدروجين، بهدف «قيادة وتتبع وإنجاز الدراسات اللازمة بخصوص مجال الهيدروجين، وكذا تدارس تنزيل وتنفيذ خريطة الطريق لإنتاج الهيدروجين ومشتقاته من الطاقات المتجددة، ويأتي إحداث تلك اللجنة في سياق تسريع خطوات البلاد لتعزيز قدراتها والعمل على التطوير التكنولوجي لقطاع الطاقات المتجددة، بهدف جعل المغرب أحد البلدان الرائدة في مجال إنتاج الجزيئات الخضراء، والمضي قدما نحو إقامة شراكات طاقية جديدة ذات قيمة مضافة عالية». وفي ذلك الإطار وقع المغرب وألمانيا اتفاقا لتطوير قطاع إنتاج الهيدروجين الأخضر، إضافة إلى إنشاء مشاريع للأبحاث والاستثمارات في استخدام تلك المادة، «ومن شأن هذا الاتفاق الإسهام في تطوير التعاون الطاقي بين البلدين، إذ تعد المملكة رائدة في هذا المجال على الصعيد الإفريقي، كما أنه في إطار التعاون بين البلدين هناك اهتمام بالهيدروجين، وأيضا بالميثانول الذي سيشكل المرحلة المقبلة في إطار التعاون مع المملكة». وبخصوص سياسة المغرب الخاصة بإنتاج الهيدروجين، صرحت أمينة بنخضرا، المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، أن المغرب يستعد لتطوير الهيدروجين الأخضر خلال العقد المقبل، مشيرة إلى تبني المملكة خريطة طريق من أجل تطوير الهيدروجين، عبر إطلاق أول تجمع للهيدروجين الأخضر بإفريقيا «Cluster Green H2» ، الذي يضم فاعلين عموميين وخواصا مغاربة وأجانب. وأوضحت بنخضرا أن الهدف من وراء إنشاء ذلك التجمع، هو الانكباب على التطورات التكنولوجية في هذه السلسلة الاقتصادية والصناعية الواعدة للغاية، مؤكدة أن «بإمكان المغرب أن يصبح فاعلا لا محيد عنه في تصدير الهيدروجين الأخضر نحو أوروبا بكلفة تنافسية جدا، بالنظر إلى توفره على مصادر طبيعية في مجال الطاقات المتجددة ذات الجودة العالية، سيما بواجهته الأطلسية وأقاليمه الجنوبية، حيث أضحى وجهة جذابة للاستثمارات العالمية في هذه الشعبة الاقتصادية والصناعية».

 

تصدير الهيدروجين.. الاقتراب من الريادة

توقع تقرير للوكالة الدولية للطاقة المتجددة أن يدفع النمو السريع في مجال السباق العالمي نحو الهيدروجين إلى خلق تحولات جغرافية اقتصادية، مما يسمح بظهور مراكز نفوذ جيو- سياسي جديدة متعلقة بإنتاج الهيدروجين واستخدامه، بالتوازي مع تراجع تجارة النفط والغاز. وأوضح التقرير أن المغرب في طريقه لأن يصبح رائدا عالميا في مجال تصدير الهيدروجين، إذ رجحت الوكالة الدولية أن تصل نسبة الهيدروجين من الاستخدام العالمي للطاقة إلى 12 في المائة بحلول عام 2050. وأجمعت دراسات وتقارير دولية عدة على تصنيف المغرب ضمن دول قليلة تقود سباق الهيدروجين العالمي، نظرا إلى توفره على مؤهلات كبيرة على رأسها إشعاع شمسي يتراوح بين نحو أربعة إلى ثمانية كيلوواط في المتر المربع، وسرعة الرياح يبلغ متوسطها السنوي بين 7.5 و11 مترا في الثانية على ارتفاع 40 مترا فوق مستوى سطح البحر، إضافة إلى 3500 كيلومتر من السواحل البحرية التي يمكن تحليتها بواسطة الطاقات المتجددة، لإيجاد الماء الضروري لإنتاج الهيدروجين الأخضر المرتكز على تقنية التحليل الكهربائي. وخلصت الدراسات التي أجراها معهد «فراونهوفر» إلى أن «المغرب يمكن أن يستحوذ على حصة من الطلب العالمي على مادة PtX المقدرة بنسبة 2 إلى 4 في المائة في عام 2030»، وقد تم الاستشهاد بهذه الدراسات في تقارير أخرى، على سبيل المثال تلك الخاصة بوكالة الطاقة الدولية (IEA)، بعنوان «مستقبل الهيدروجين»، والتي توقعت أن يوجد المغرب بين الدول التي يمكن أن يكون الهيدروجين الأخضر فيها منافسا، كما نشرت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA)، في أوائل عام 2022، تقريرها «جيوبوليتيك تحول الطاقة.. عامل الهيدروجين»، الذي يضع المغرب واحدا من أكثر البلدان التي يرجح أن تصبح مصدرة للهيدروجين الأخضر. إضافة إلى ذلك، ذكر مقال أكاديمي لجامعة هارفارد حول الجغرافيا السياسية للهيدروجين، أن المغرب وأستراليا والولايات المتحدة الأمريكية والنرويج في فئة «رواد التصدير الذين يتمتعون بموارد هائلة، في مجال الطاقة المتجددة والمياه».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى