يتحدث الخبراء عن القناة الهضمية، منذ بضع سنوات وحتى الآن، بكونها «دماغا ثانيا»، وذلك لسبب وجيه، فالمعدة مبطنة بمائتي مليون خلية عصبية تتحكم في العديد من وظائف الجهاز الهضمي، وتشارك المعلومات مع جهازنا العصبي المركزي.
نحن نعلم الآن أن محور القناة الهضمية هذا يلعب دورا رئيسيا في جعل العواطف الجسدية في البطن، وهذا ما يفسر سبب شعور بعض الناس، عندما يكونون قلقين، بوجود «تورم أو عقدة في معدتهم».
هذا الإجهاد يمكن أن يبدأ أو يفاقم بعض أمراض الجهاز الهضمي، كمتلازمة القولون العصبي، وأمراض الأمعاء الالتهابية المزمنة وغيرها..
وتشير الدراسات التي تستخدم “البروبيوتيك” بشكل أساسي إلى تورط الجراثيم المعوية في حالتنا العاطفية.
ولاحظ باحثون التأثيرات التي تحدث في الدماغ نتيجة تناول، و لمدة شهر، الحليب المخمر المخصب بأربع سلالات من البكتيريا، أو الحليب الوهمي بدون بكتيريا. قبل وبعد المكملات، سواء أكانت حقيقية أم خاطئة، خضعت النساء المشمولات بالتجربة لفحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفية.
بين الفحصين الأول والثاني، لاحظ الباحثون حدوث تغيير في مناطق الدماغ المسؤولة عن التحكم في المشاعر وتنظيمها في مجموعة من اثنتي عشرة امرأة من الحليب المخمر.
لكن “البروبيوتيك” قد تحسن، أيضا، المزاج والأفكار. وهي فائدة تقدرها الاختبارات وتتم ملاحظتها في الأشخاص الأصحاء بعد تناول مكملات لمدة شهر.
في الآونة الأخيرة، أظهر الباحثون أن الجراثيم، أي جميع البكتيريا المعوية، تتواصل مع الدماغ.
ويعتقد الباحثون أن العصب المبهم الذي يربط الأمعاء بالدماغ والجهاز المناعي، هي المسارات غير المباشرة التي يمكن أن تستخدمها البكتيريا لإرسال المعلومات إلى الدماغ. ويمكن، أيضا، استخدام وسائل أكثر مباشرة عن طريق إفراز الناقلات العصبية التي تصل إليها عبر مجرى الدم.
وتشمل هذه المواد السيروتونين، الذي يشارك في تنظيم الحالة المزاجية والاكتئاب، أو حمض جاما أمينوبوتيريك، الذي يلعب دورا رئيسيا في السيطرة على اضطرابات القلق.
ولوحظ أنه في ظل المواقف العصيبة، فإن الفئران التي تفتقر إلى الجراثيم تفرز بشكل ملحوظ هرمونات توتر أكثر من الفئران التي ليست لديها.
وأظهرت تجارب أخرى اختبرت سلوك الفئران من سلالات أكثر خوفا أو تهورا، أنها عندما تفتقر إلى نباتات الأمعاء، فإن الأولى تكون أكثر خوفا والبعض الآخر أكثر تهورا. ويشير هذا إلى أن الجراثيم، اعتمادا على الخصائص الجينية لمضيفها، يمكن أن تعدل استجابة الإجهاد.