نظرًا لندرة ملابس الأطفال، فقد كانت الجدات مشغولات دائما بخياطتها. فهن كن حاضرات على الدوام خلال الولادات التي تتم في منزل الأسرة ويوجهن الأم لأفضل الطرق لرعاية الطفل: الرضاعة الطبيعية، الاستحمام، وتغيير الحفاظات التي كانت تسمى حينذاك (التسماط).
علاوة على ذلك، كان الأجداد يجدون دائمًا الكلمات المشجعة والعبارات السحرية لرفع معنويات أفراد أسرهم. كانت التقوى والورع لديهم تعنيان السعي لتقاسم الحكمة وتبني الممارسات الجيدة في الحياة. كان أسلوبهم في اللباس رصينًا وأنيقا، لا يهدفون به أبدا إلى التفاخر والتباهي، وإنما إلى الستر. كانوا غالبًا يعيشون حياة بسيطة ينجزون فيها طقوسهم اليومية المنتظمة جدا مثل انتظام نوتات الموسيقى.
خالد فتحي نعيمة برادة كنون
دور الجدات في التماسك الأسري
جدتي الكبرى، للا السعدية، التي جسدت مثال المرأة الخاضعة تمامًا للإملاءات الاجتماعية، كانت غالبًا ما تنظر بعين الريبة للتغييرات التي تحدث في المجتمع سواء على المستوى الاجتماعي أو على مستوى اللباس. إذ كانت قد لاحظت على سبيل المثال أن الشعور المتنامي بالتحرر لدى النساء تزامن مع السماح لهن بالتظاهر في الشوارع ضد المستعمرين.
كان من طبع للا السعدية أيضا حين تستشعر تزايد الخلافات التي تنشب بين الأزواج، أن تصطف دائمًا إلى جانب الأزواج. وفي حالة فشلها في فض النزاع، كانت تنصح حفيداتها بالدفاع عن مواقفهن عبر المفاوضة والانتباه للنقاط الإيجابية لدى أزواجهن.
وكثيراً ما كررت لهن: «الأسرة مثل البناء المرصوص، إذا أزلت حجراً، تداعى وانهار كل البناء. دورنا بعد الزواج، هو تدعيم المبنى، وليس هدمه».
كانت الحياة الجماعاتية منظومة اجتماعيًة جد مقبول، تعيش فيها النساء محصورات، معزولات في المنزل، بينما يتمتع الرجال بجميع أنواع الحريات، وعندما كن يخرجن من منازلهن، كن يرتدين «الحايك»، وهو نوع غير عملي من أنواع الحجاب يمتد من الرأس إلى أخمص القدمين. بعض النساء كن قد لجأن في مرحلة أولى إلى تقليد الرجال بلبس الجلابة مثلهم. وهو ما شكل بالفعل ثورة إلى حد ما في طريقة اللباس، لم يتقبلها المحافظون إلا على مضض. بعد الاستقلال، ستستبدل هذه الجلابة بملابس عصرية، وهو ما مثل هذه المرة أكثر من ثورة بمقاييس تلك الفترة.
على الرغم من أن قاعدة الفصل بين الرجل والمرأة ظلت على حالتها، فقد كانت تنشأ في ذاك الوقت أحيانًا على أرض الواقع صداقات عميقة ملؤها الصدق والوضوح بين الرجال والنساء.
كان لجدي لأمي صديقتان مشهورتان للغاية: للا راضية، وللا فضولة الوزاني. حيث كان قد جرى انتخابه من قبل عائلتهما كمستشار عائلي بفضل حكمته وسداد رأيه. ولذلك لم تكن النساء تترددن في استفتائه حول عدة مواضيع تخصهن.
كان الشقيق الأكبر للا فضولة، الحاج محمد، يبقى على تواصل دائم مع جدتي الكبرى للا السعدية خلال رحلات زوجها المتكررة إلى الرباط وطنجة. لقد قدم له هذا الصديق خدمات جليلة بالنظر إلى كونه رجلاً مثقفًا وصادق الطوية. لم يبرهن هذا الصديق الوفي فقط عن قدرته الفائقة على إدارة أعماله، بل وأيضًا عن قدرته على حسن الاهتمام بأنشطة جدي الأكبر ورعايتها، حيث كان يتنقل في هذا الصدد بين مستودعين «دار السلعة» و«ساحة الصاغة».
قالت جدتي الكبرى بهذا الصدد: «لقد وقع اختيارنا على شقيقه الأصغر ليكون زوجا لابنتي مليكة، رغم أنه كان بالكاد قد انخرط في الحياة العملية. انتقاء عائلة ذات سمعة جيدة أمر مهم لنجاح أي زواج. الزوجة هي المسؤولة الأولى والأخيرة عن سعادة بيتها أو شقائه. هي من تضمن الاستمرارية، وهي أيضا من تتسبب في تفكك أسرتها. لقد ورث كل من صهري وشقيقه خصالهما العالية عن والدهما الراحل المعروف بكونه أكبر تاجر للجلابة والأغطية (البطانيات) الصوفية المنسوجة في ورشاته الحرفية (الدراز). كان الحاج محمد معروفًا أيضا باحتفاظه بالودائع النقدية لليهود الذين كانوا يترددون على الحي. في أحد الأيام المشؤومة، التي اندلع فيها حريق في السوق، كان أول شيء سارع إليه هو استنقاذ أمانة صديقه اليهودي.
كانت للا السعدية تهوى المنتجات والسلع الطبيعية مثل الفخار والملابس الصوفية أو الحريرية. أما الأغطية الاصطناعية، التي تم طرحها حديثًا في السوق، فلم تكن لتروقها رغم جمالها وخفتها. سبق لها أن قالت: «بالنسبة لي، لن أقايض أبدا غطائي الصوفي الطبيعي مقابل الصوف المستورد الذي لا يدفئ بتاتا خلال فصل الشتاء القارس».
في تلك الفترة، ستجرب والدتي أن تتمرد، حيث سيدفعها ظمؤها الشديد للحرية إلى تقرير عدم الاستمرار في العيش في منزل العائلة. كانت المسألة في العمق مسألة رغبة في الاستقلال بذاتها، ومسألة تنظيم لشؤونها اليومية. كانت تتطلع لمنزل يضمها وأسرتها الصغيرة فقط. لقد فرض عليها تمدرس أبنائها، بالإضافة للالتزامات المهنية الشاقة جدًا لوالدي، أعباء كبرى تتطلب منها انضباطا صارما. كانت قد تأثرت في اتخاذ قرارها ذلك بالفكر المتقدم للوطنيين الذين كانوا قد بدأوا عملية تغيير قوية تستهدف بنى المجتمع التقليدي. زد على ذلك، ما حظيت به الأفلام المصرية المعروضة في سينما بوجلود من شعبية كبيرة لدى النساء، والتي ضخت في شرايينهن جرعة حرية إضافية. كانت والدتي وكل النساء اللائي حولها عينة ممتازة ممثلة للجيل الجديد للنساء المغربيات الطامحات إلى تحقيق التحرر والانعتاق. هكذا تضافرت الكثير من العوامل لنترك في عام 1958 منزل العائلة الكبير بإصرار وتخطيط مسبق من والدتي.
كثيرات قد كن أولئك النساء المنتميات لجيلها، اللائي تخلين عن غطاء الجلباب وعن اللثام الصغير الشفاف الذي يوضع تحت العيون لفائدة الزي الحديث. أخبرتني أمي أن والدتها، والنساء عموما، كن في الماضي يرتدين «الحايك». هذا الزي المخصص للنزهات لم يكن بأي حال من الأحوال عمليا، لكنه كان يسمح لهن بالتجول مخفيًات هويتهن في المدينة، حتى أن بعض الفتيات الصغيرات كن يضعنه على أجسادهن، ويذهبن سرا للتجسس على خطيبهن الموعود دون علمه. كان ذلك نوعا من التجسس الخاطف، لأن الخوف الذي كان يخالجهن، عندما يمررن أمام متاجر أزواجهن المستقبليين، كان يجعلهن يفعلن ذلك بسرعة، ويعاودن المرور عدة مرات، حتى لا يكتشف أمرهن. والدتي لم تفعل مثلهن، لأنها لم تكن في مقتبل شبابها بمستوى شجاعتهن. لقد حُرمت النساء الحضريات، والحالة تلك، من أي اتصال بأزواجهن الموعودين قبل يوم الزفاف، إذ حتى تلك الخطوبة الرسمية التي كانت تسبق الحفل، كانت تعرف حضور الرجال فقط.
أنماط الحياة وجدل التغيير
وجدت والدتي لالة راضية أن كبار السن كانوا عمومًا يقاومون التغيير. وكثيراً ما كانت تقول لجدتها: «جدتي، إنك تقضين وقتك في مقارنة أسلوب حياتنا قبل الحرب وبعدها». فتجيبها هذه الأخيرة: «من الطبيعي أن أفعل ذلك، لقد تغيرت جذريا العديد من الأمور، وهو ما يزعجني ويريحني في نفس الوقت. لا يمكنني أبدًا أن أنسى حقبة المجاعة حين تخلى الناس عن أطفالهم لعدم قدرتهم على إطعامهم». لقد كانت القسائم التموينية الموزعة بالآلاف لا تكفي بتاتا. وحتى المال لم يكن بوسعه شراء الكثير لنا». حينها ذكّرتها والدتي قائلة: «لقد كانت سنوات كارثية قاسى فيها الجميع أغنياء وفقراء. بالإضافة إلى ذلك، علقت الحفلات. لقد تملكني الحزن والخيبة جراء ذلك لفترة طويلة، لأن احتفالات زواجي لم تتم، مما حرمني ارتداء لباس العروس الجميل».
عرفت جدتي كيف تواسيها مستدركة: «أهم شيء في حياة الفتاة هو الزواج. بالإضافة إلى ذلك، لديك زوج شاب ومحب. وعندما تصابين بأقل مرض، نراه يسرع بك أنت وأطفالك إلى الطبيب». لكن والدتي ستعقب عليها: «حين كنا أطفالا، كنا نقتصر على العلاجات التي يقدمها لنا العشابون، وتلك التي يتم تحضيرها في المنزل. اليوم، نرى الطب الحديث يصنع المعجزات. لم يعد هناك وجود لمثل تلك الأمراض والأوبئة التي كانت تنتشر بالأحياء، وتترك الأسر ثكالى».
حين أسرد هذه المقارنة المتفائلة، ونحن نعيش واحدة من أشد الأوقات مأساوية للبشرية بسبب وباء كوفيد 19، أدرك أننا لم نغادر منطقة الخطر بعد.
تنهدت لالة السعدية موافقة على رأيها: «لقد فقدنا أطفالا، أعماما، أبناء عم، وأقارب..، لكن بالنسبة للقروح الصغيرة، ما زالت موجودة. وأنا لست مستعدًة للتخلي عن طبنا التقليدي». ذكّرتها والدتي: «أنا أيضًا، استخدمت علاجاتك المنزلية عدة مرات. كان زوجي يعاني مؤخرًا من داء الثعلبة. لقد عالجته بوضع فص ثوم على الجرح بعد شقها سطحيًا بشفرة حلاقة جديدة». ردت عليها الجدة: «هنيئا لنا بك، لدي ثقة كبيرة فيك!». آنذاك ستعترف لها والدتي: «بصدق، كنت أخشى ألا يلتئم الجرح. غالبًا ما أقوم بإعداد الشاي باللويزة والمشروبات العشبية لعائلة زوجي بأكملها، وكان الرب سبحانه وتعالى يوفقني غالبا في علاجهم. حتى أنهم أصبحوا واثقين أنني أحوز نوعا من البركة بين يدي». إنني أحاول جاهدة أن أجدد طاقتي، وأن أتمسك وأتحلى بالطيبوبة، كي أواصل اتباع نصائحك. الجميع كان يكافئني بقطع نقود معدنية أو بقليل من الملح». أجابت للا السعدية: «علمنا أسلافنا هذه العادة كي نتجنب الإصابة بالعدوى. شخصيا لا زلت أواظب على الذهاب عند الفقيه سيدي علال الوزاني، حين يرقيني ببضع آيات من القرآن الكريم، تتنزل علي الرحمة والسكينة. أظنه أكثر كفاءة وفاعلية من الطبيب. الطب يشفي أسقام الجسد، لكنه لا يبرئ الاختلالات التي يتسبب فيها ظلم الإنسان لأخيه الإنسان. حين مات والداي إثر وباء التيفوس الذي انتشر في فاس، لم أجد أشخاصا بجانبي لمواساتي، فجعلت الصلاة عزائي الوحيد في محنتي تلك. كنت الطفلة الوحيدة لأبوي، ولم أرغب في أن يختبر أطفالي بدورهم تقلبات حياتي الزوجية والشخصية. بنات عمي اللواتي كان من المفترض أن أتوجه إليهن بمعاناتي، كن متزوجات من أشخاص متواضعين ماديا وفكريا. ولذلك لم يكونوا على أهبة للاستماع إلي. اعتبروا متعسفين أن ليس لدي ما أشكو منه. عندما يقاسي بعض الناس الفقر، يعتقدون خطأ أن الثروة هي المصدر الوحيد للسعادة. لا أريد بأي حال من الأحوال أن أنكأ جراح قلبي القديمة، ولا أن أنبش فيما عشته من معاناة وأهوال سابقة، لقد كابدت الكثير من أنواع الألم، لكن العيش تحت سقف واحد مع رجل متقلب المزاج هو في رأيي أشد هذه الأنواع فظاعة. لقد قررت بعد وفاة زوجي أن أدفن الماضي. بل أكثر من ذلك، غفرت له، وأصلي دائما من أجل روحه، وأدعو له، لأنني، وبفضله، أصبحت مستقلة ماليًا. كما أنني عشت دائما في نعيم أفضاله وكرمه. بما أنني لم أنجب ولدا ذكرا، فقد كان من السهل أن أصبح عالة على أصهاري، وكان ذلك سيشكل أسوأ وضع بالنسبة لي». والدتي: «كل بناتك مستقلات ماليًا لدرجة أنه يؤخذ برأيهن في بيوتهن. لكنني أشعر بالإهانة في كل مرة أضطر فيها إلى استجداء المال من زوجي من أجل مصاريفي، ثم تبريرها له بعد ذلك». أجابتها جدتي مهونة عليها الأمر: «يجب أن تتقبلي هذا الأمر. فبموجب الشريعة، يتعين عليه أن يسد كل احتياجاتك». تخلصت والدتي من حرجها، وأعربت لها عن مشاعرها قائلة: «أشعر بالخجل حين أطلب من والدتي أن تقرضني دائمًا مجوهراتها وأزياءها لحضور الحفلات التي ينظمها أهل زوجي. لم ألب عددا من الدعوات بسبب عدم تمكني من شراء فستان، فزوجي يعتبر استبدال ملابسي التقليدية القديمة بملابس جديدة نوعا من التبذير غير المبرر. ومن ناحية أخرى، هو يحب أن يراني مرتدية ملابس عصرية، فهو يجدها عملية وخفيفة. أعرف أنه لم يعد يحب بتاتا أن يراني عالقة في ثيابي التقليدية».
غالبًا ما يقول لي: «عليك أن تكوني عملية، وأن تنجزي كل شيء بسرعة متناهية. الوقت وقت سيارات. انتهى زمن الإيقاع البطيء. انتهى عهد العبيد والخدم».
كان مفهوم الإنتاجية، والذي هو مفهوم حديث، قد بدأ يفرض تصوراته بين عائلات معينة.
خففت للا السعدية من شجنها بهذه الكلمات: «أنت تعلمين أني أحبكما كزوجين. وأني غالبًا ما أقدم إلى منزلكما، لأنكما تجسدان بالنسبة لي كل ما هو جميل في الأزواج العصريين».
زواج الجيل الجديد.. الحب والاحترام المتبادلين
غالبًا ما كنت أحضر مناقشات بين جدتي الكبرى ووالدتي:
الجدة الكبرى: «أجد أن الحب الذي يسود بين أزواج هذا العصر جميل جدًا. حقيقة لا أستطيع أن أحدس سبب هذا التوافق. لكن في حالتك أنت وزوجك، عزيزتي راضية، أظن أن الفضل في ذلك يعود إلى كونك زوجته الوحيدة. فبدون هذا الآصرة النبيلة التي يمثلها الحب، لن يتحقق التوازن أبدًا. التوازن لا يتأتى بالمال، ولا يحصل من خلال التباهي والمبالغة في الإنفاق. فيما يخصني، لم يحب زوجي أيًا من زوجاته الكثيرات. كنا جميعنا هناك لإشباع رغباته ونزواته الشبقية. كان بالتأكيد يبحث عن الحب من خلال تعديد الزوجات دون أن يفوز به أبدا. إلى جانب ذلك، كان دائمًا ما يلهث وراء مراكمة القوة وتوطيد المكانة. كيف كان له إذن أن يتذوق متعة الحب الحقيقية والسلام الداخلي؟. بما أنني عشت الحب الحقيقي في كنف والدين حنونين، فقد بقيت هذه الطاقة العظيمة مختزنة مدفونة في داخلي. إنها كنز حقيقي ألهمني القوة والصبر لأصارع من أجل البقاء في بيئة تختلف جذريا عن بيئتي. لم أرغب في طلب الطلاق لأنني لم أكن أعرف إلى أين أذهب. خصوصا وأن عائلتي الكبيرة كانت تعتمد في تدبير شؤونها على الهبات التي كان زوجي يقدمها لي. في الواقع، كنت قد تعلمت أن أحب نفسي، لذلك لم أعد أرغب في أن أجلب لنفسي عذابات إضافية، مجانية، وعبثية». اعتبرت والدتي أن جدتها كانت مبالغة في سلبيتها، لكن هذه الأخيرة ستستبسل في الدفاع عن وجهة نظرها: «العفو يمحو عندك ندوب الماضي، ويصالحك مع ذاتك، لقد كان طوق نجاتي الوحيد. إذ كان هدفي هو أن أعيش من أجل أولادي ومن أجل المحتاجين. يجب علينا أن نغفر لمن ظلمونا وتسببوا في معاناتنا. لم أعد قادرة على تجرع الألم جراء عدم نسيان مظالم الماضي. لقد غفرت، لكني قررت ألا أكون ضحية بعد الآن.
حين ستعرفين كيف تسامحين، سينمحي لديك رفض الذات. سيشكل ذلك بداية قبولك لذاتك، بل وسيصبح احترامك لها قويًا لدرجة أنك ستتمكنين أخيرًا من قبول نفسك كما أنت». عند هذا الحد أعربت والدتي عن رغبة دفينة لديها قائلة: «أتمنى بصدق الوصول إلى هذه المرحلة. ولكن التسامح لا يمنع من عدم النسيان».
كان النقاش عميقا وفلسفيا في عدد من محطاته، لكن الجدة التي كانت تحفظ القرآن عن ظهر قلب، أصرت على أن تدعم مقاربتها من خلال تلاوة بعض الآيات التي تحض المؤمنين على العفو والتسامح.
كانت جدتي جد فخورة بكل أصهارها وبكل الرجال الذين يحترمون المرأة، لكنها لم تكن تنظر بعين الرضى على الإطلاق للصراعات بين الأزواج، كما كانت لا تقدر النساء اللائي كن يتزوجن مرة أخرى بعد الطلاق أو بعد وفاة الزوج. بالنسبة لجيلها، ومرورا بجيل أجدادي ووالداي، كان الزواج الأول عبارة عن مؤسسة مقدسة. بل إن المجتمع كان حريصا بهذا الخصوص على وضع أسس متينة وخاصة للحفاظ على هذه المؤسسة.