المديرة العامة لوكالة حساب تحدي الألفية بالمغرب تقيم في حوار مع «الأخبار» 4 سنوات من نشر برنامج «الميثاق الثاني»
مليكة العسري: «التحدي الأكبر هو ضمان استفادة الفئات المستهدفة من ثمار مشاريع الوكالة وآثارها الإيجابية»
في هذا الحوار، تقوم المديرة العامة لوكالة حساب تحدي الألفية بالمغرب، والمسؤولة عن تنفيذ الميثاق الثاني، مليكة العسري، بشرح وتقييم 4 سنوات من نشر هذا البرنامج الذي يستفيد منه المغرب للمرة الثانية، وكذلك آفاقه.
بداية، هل من الممكن التذكير بحيثيات برنامج «الميثاق الثاني» ومهمة وكالة حساب تحدي الألفية بالمغرب؟
«الميثاق الثاني» هو برنامج للتعاون بين حكومة المملكة المغربية وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية، عهد بتنفيذه لوكالة حساب تحدي الألفية بالمغرب التي أحدثت في شتنبر 2016. وقد وقعت هذه النسخة الثانية بتاريخ 30 نونبر 2015. ويعد تجديد الطرفين لهذا البرنامج في حد ذاته دليلا على نجاح الميثاق الأول (2007-2013)، وعلى العلاقات المتميزة التي تجمع المملكة المغربية بالولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الثقة التي تحظى بها المملكة لدى شركائها الدوليين. ويتمحور «الميثاق الثاني»، الذي يستفيد من دعم وتمويل هيئة تحدي الألفية (MCC) بمبلغ إجمالي يناهز 450 مليون دولار، والذي تنضاف إليه مساهمة من الحكومة المغربية بقيمة تعادل15 في المائة على الأقل من المساهمة الأمريكية، حول مشروعين، وهما «التربية والتكوين من أجل قابلية التشغيل» و«إنتاجية العقار». ويشكل اختيار هذين المشروعين، اللذين يركزان على أولويتين وطنيتين، ثمرة دراسة تحليلية للإكراهات الرئيسية التي تعترض النمو الاقتصادي في المغرب، أنجزتها الحكومة وهيئة تحدي الألفية بالتعاون مع البنك الإفريقي للتنمية؛ وهي الدراسة التي خلصت إلى أن ضعف جودة الرأسمال البشري وعدم ملاءمته لحاجيات المقاولات وصعوبة ولوج المستثمرين إلى العقار يشكلان من بين أهم الإكراهات الرئيسية، التي تقرر العمل على التصدي لهما في إطار «الميثاق الثاني»، سعيا إلى ضمان نمو شامل ومقلص للفقر. وتتقاطع أهداف هذين المشروعين، اللذين يندرجان في إطار التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس المتعلقة بتثمين الرأسمال البشري وتعبئة العقار في خدمة النهوض بالاستثمار، مع أهداف الاستراتيجيات القطاعية التي اعتمدها المغرب، مثل رؤية 2015-2030 لإصلاح منظومة التربية والتكوين، وخارطة الطريق المتعلقة بتطوير التكوين المهني، ومخطط التسريع الصناعي، والمخطط الفلاحي «الجيل الأخضر»، وكذا مع توصيات النموذج التنموي الجديد.
ما هي أهم الإنجازات التي طبعت السنة الرابعة لبرنامج «الميثاق الثاني» في ظل أزمة «كوفيد-19»؟
أدى ظهور تفشي جائحة «كوفيد -19» إلى إرباك عمل كافة الفاعلين في جميع المجالات وفي جميع أنحاء العالم. ولقد تمكن المغرب من تجنب الأسوأ بفضل الاستراتيجية التي اعتمدها في مواجهة ومحاربة هذه الوباء، والتي لاقت إشادة دولية. فبفضل القيادة الحكيمة والحازمة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، تمكن المغرب من تدبير هذه الأزمة الوبائية بمسؤولية ونفس تضامني قوي. وقد أبانت كافة مكونات المجتمع عن حس عال من الالتزام والتعبئة. كما تمكنت المقاولات المغربية من إبداء مقاومة عالية، بل إن بعضها أبان عن قدرة مذهلة على الابتكار. في وكالة حساب تحدي الألفية بالمغرب، أدت هذه الأزمة الوبائية بالتأكيد إلى تباطؤ وتيرة سير وتنفيذ مشاريعنا في بداية الأزمة، لكنها لم توقفنا، حيث كانت السنة الرابعة من «الميثاق الثاني» واحدة من أكثر السنوات إنتاجية وكثافة من حيث الإنجازات ومشاورة شركائنا ومواكبتهم. وقد هم التقدم المحرز بالأساس الأنشطة ذات الصبغة الميدانية، ولاسيما تلك المتعلقة بأشغال البنيات التحتية. وفي هذا السياق، يمكن أن ننوه، على سبيل المثال، بالانتهاء من أشغال إعادة تأهيل البنيات التحتية على مستوى 18 مؤسسة تعليمية بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، وإطلاق أشغال البنيات التحتية بحوالي مائة موقع، تضم 71 مؤسسة تعليمية أخرى و 14 مؤسسة للتكوين المهني و 12 منطقة صناعية. كما تشمل هذه الإنجازات ذات الصبغة الميدانية تسليم معدات معلوماتية وديداكتيكية وروبوتية للمؤسسات التعليمية المستهدفة بنشاط «التعليم الثانوي»، والتي يستفيد منها سنويًا أزيد من 85.000 تلميذا وتلميذة. كما تم إطلاق ثلاثة تطبيقات جديدة للهاتف المحمول قصد تيسير الولوج إلى خدمات النظام المعلوماتي «مسار» لفائدة الأساتذة، والتلاميذ والتلميذات، وآبائهم وأمهاتهم وأولياء أمورهم. وتجدر الإشارة أيضًا إلى الإنجازات المهمة المحققة على مستوى تنزيل برامج تطوير قدرات الشركاء، حيث تم تنظيم تكوينات لفائدة 3.100 من الأطر الإدارية والتربوية بقطاع التربية الوطنية، وسلسلة من التكوينات الأخرى بهدف النهوض بثقافة تقييم سياسات التشغيل وسوق الشغل القائمة على الأدلة، إلى جانب تكوين أطر قطاع الصناعة على مبادئ تصميم وتدبير المناطق الصناعية المستدامة. بالإضافة إلى الأنشطة ذات الصبغة الميدانية، همت الإنجازات أيضًا الأنشطة الأخرى المتعلقة بتطوير واختبار العديد من النماذج المبتكرة، مثل نموذج «ثانوية التحدي» الذي يهدف إلى الرفع من فعالية وأداء المؤسسات التعليمية وتحسين تعلمات التلاميذ ونتائجهم المدرسية، وبرنامج التشغيل المعتمد على التمويل القائم على النتائج للرفع من قابلية تشغيل الفئات الهشة، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مجال تطوير وتدبير أجيال جديدة من مؤسسات التكوين المهني والمناطق الصناعية المستدامة. هذا دون أن ننسى أن هذه الإنجازات الاستراتيجية تشمل أيضًا إطلاق أو مواكبة إصلاحات مهيكلة، كإطلاق إنشاء منصة رقمية للمعلومات حول سوق الشغل تعتمد على الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، وتنزيل عملية تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دائرتي الري للغرب والحوز وفق مسطرة ناجعة، ودعم بلورة مشروع الاستراتيجية العقارية الوطنية، وتنفيذ الإجراءات ذات الأولوية المحددة في إطار مخطط عملها، وتحسين ولوج النساء للعقار ومشاركتهن في الحكامة العقارية.
ما هي التحديات الرئيسية التي تعتزمون رفعها خلال المدة المتبقية من البرنامج؟
يتمثل التحدي الأكبر في تسريع تنفيذ مختلف المشاريع المندرجة ضمن برنامج «الميثاق الثاني» بغية ضمان الاستفادة الأمثل للفئات المستهدفة من ثمار المشاريع وآثارها الإيجابية، مما يعني بالتالي السعي بشكل أكبر إلى تحسين نسب الإنجازات المالية. فإلى غاية شهر أكتوبر 2021، واستنادًا إلى الميزانية المخصصة لبرنامج «الميثاق الثاني» من طرف هيئة تحدي الألفية الأمريكية، حققنا معدل التزام بالنفقات يناهز 85,5 في المائة، فيما بلغ معدل الإنفاق 43,5 في المائة، إذ تمت مضاعفة هذا المعدل ما بين شهري مارس وشتنبر 2021. وتعتبر هذه الإنجازات المالية، التي تتوج الجهود لوكالة حساب تحدي الألفية-المغرب وشركائها، جد مشرفة بالنظر إلى أهمية مشاريع «الميثاق الثاني» ودرجة تعقيدها. نحن على ثقة بأن نسب الإنجازات المالية ستتطور بوتيرة أسرع برسم السنة الخامسة لبرنامج «الميثاق الثاني»، حيث من المرتقب استكمال أشغال البنيات التحتية، واقتناء التجهيزات لفائدة مشاريع مؤسسات التكوين المهني التي تحظى بتمويل صندوق «شراكة»، وإنجاز مشاريع واسعة النطاق تتعلق على وجه الخصوص بإنشاء منصات رقمية متطورة تتعلق بسوق الشغل، والمناطق الصناعية، وعدة برامج تهم تعزيز القدرات ومحو الأمية. علاوة على ذلك، نحن مصممون، بدعم من مختلف شركائنا، على تكثيف الجهود والتحلي بأقصى درجات الإبداع والتفاعل والمرونة والاستباقية قصد تسريع وتيرة الإنجازات ورفع التحدي المتمثل في استكمال المشاريع في غضون الآجال المحددة.