تطرح بلاغات الإضرابات المستمرة التي أشهرتها التنسيقيات نهاية الأسبوع بعد تنازلات متتالية للحكومة ومكلفة بالنسبة لميزانية الدولة، الكثير من الأسئلة المريبة لدى الرأي العام، عمّن يتحمل فاتورة تعطيل المدارس بدون أفق وتحريض الأساتذة الذين بات معظمهم رهينة لدى تنسيقيات تستخدمهم في إطار صراعها على النفوذ داخل هيئة التدريس.
لقد أصبح الأساتذة يتخوفون من الرجوع إلى المدارس ليس قناعة منهم بل خوفا من حملات التخوين والتشهير التي قد يتعرضون لها في الواقع وداخل المواقع، فعشرات الآلاف من هيئة التدريس سئموا من تمييع احتجاجاتهم ويبحثون عن مخرج للعودة لأقسامهم للقيام بمهامهم، لكن هناك حفنة من المبتزين يريدون خنق الدولة مختفين وراء مطالب اجتماعية.
والمؤكد أن التنسيقيات أصبحت مدمنة على الإضرابات والاحتجاجات ومستمرة باتباع سياسة التحدي وصم حواسها عن رؤية وسماع صوت العقل الواعي ودعاوى اليد الممدودة التي نهجتها الحكومة، فهي تصغي فقط لأصوات الشعبويين والعدميين الذين يستخدمون ملف الأساتذة لخدمة أجندتهم الحزبية والأيديولوجية، أصوات هذه التنسيقيات لا تخرج عن المناداة بدق طبول الإضراب والاحتجاجات والمسيرات، وكل من يدين هذا التمادي في ممارسة الاحتجاج، تطلق عليه التنسيقيات أبواقها على صفحات التواصل لكيل التخوين والشتائم والاتهامات.
وبكل صراحة لقد حان للدولة أن تدافع عن هيبتها تجاه هذا العبث والعمل بكل الطرق الممكنة على إطلاق سراح الرهائن من التلاميذ والأساتذة، لقد آن الأوان ليشعر الجميع بأن الدولة موجودة وتستطيع أن تُؤمن للمغاربة حقهم في التعليم كما يقول بذلك الدستور، فلا يعقل أن تترك الأمور للشعبويين والعدميين ليقرروا مصير دولة فقط لأن الأمر متعلق ببضعة دراهم وسلالم وفئات. فممارسة الحق لابد أن تقترن بالتناسب مع ممارسة الواجب، ومادامت أن ممارسة حق الإضراب قد فاقت كل العبث الممكن، فلابد من تدخل المؤسسات التي تفرض ممارسة الواجب الذي نسيته التنسيقيات.