الأخبار
مثلما كان متوقعا، سارع المجلس الإقليمي لعمالة سيدي قاسم، الذي يرأسه بنعيسى بنزروال، المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، إلى المصادقة، أول أمس الأربعاء، على نقطة مثيرة للجدل تتعلق باقتناء قطعة أرضية شُيد فوقها، قبل سنوات، مركز للاستقبال منجز من مالية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، في إطار البرنامج الوطني لمحاربة الهشاشة، وجرى تفويته في ظروف «مشبوهة» لفائدة شركة «بناصا سنتر»، التي يملكها حاليا المكي الزيزي، القيادي السابق بحزب الأصالة والمعاصرة، في وقت تواصل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، وبتعليمات من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، مهمة البحث والاستماع إلى الأطراف المعنية بالفضيحة، التي انفردت «الأخبار»، قبل أزيد من سنة، بنشر أدق تفاصيلها عبر سلسلة من المقالات المعززة بالوثائق.
الاستقلالي عبد الله الحافظ، العضو بالمجلس الإقليمي لعمالة سيدي قاسم، والذي يعتبر مشتكيا ضد رئيس المجلس الإقليمي لسيدي قاسم وشقيقه ورئيس المجلس الجماعي لسيدي قاسم، أمام قسم جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالرباط في الملف عدد 16/3123/2024، طالب خلال تدخله ضمن أشغال دورة المجلس، بسحب النقطة المدرجة، معتبرا ذلك بمثابة توريط صريح للمجلس الإقليمي، لإضفاء الشرعية على فضيحة تحويل المركب الاجتماعي إلى الخواص.
وأوضح أن التحقيقات طالت العديد من المسؤولين بسيدي قاسم، إضافة إلى أنه لم يعد هناك أي وجود لمركز الاستقبال أو للمركب الاجتماعي، المراد اقتناء الوعاء العقاري لفائدته، مشيرا إلى أن هيئات الرقابة، بما في ذلك المجلس الجهوي للحسابات والمفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية، تواصل بدورها الأبحاث المطلوبة في الملف الذي بات يستأثر باهتمام الرأي العام الوطني.
ويتساءل الشارع القاسمي حول خلفيات الصمت الذي أبدته السلطات الإقليمية بعمالة سيدي قاسم، بخصوص السماح بتمرير نقطة اقتناء وعاء عقاري لفائدة مشروع اجتماعي لم يعد له وجود على أرض الواقع، حيث تحول المركز إلى فندق يجهل مدى حصوله على الترخيص، وتحولت مرافقه إلى مطعم ومقهى، وساحته إلى ملاذ لهواة مشاهدة رقصات «الشيخات» وسماع الأغاني الشعبية.
ويرى عدد من فاعلي الإقليم أنه كان من باب الحياد أن يسارع الحبيب ندير، بصفته المسؤول الترابي الأول بالإقليم، إلى ممارسة الرقابة الإدارية، وقطع الطريق على كل ما من شأنه توريط المجلس المذكور في ملف قضائي قيد التحقيق من طرف الشرطة القضائية، حتى لا تتهم السلطات الإقليمية بمحاولة مساعدة المتورطين للإفلات من العقاب، إذ يأمل مهتمون أن تتدارك السلطات هذه الهفوة عبر رفض التأشير على المقرر الجماعي، بعدما بات من شبه المؤكد عدم رغبة العمالة في تفعيل مبدأ المحاسبة ومراقبة ما يجري ويدور داخل فضاء بناصا، وتم تجاهل شكاية السكان المجاورين من الضوضاء التي تحدثها مكبرات الصوت.
وجدير بالذكر أن الوكيل العام للملك لدى استئنافية الرباط، وفي سياق التحقيقات التي تباشرها الفرقة الوطنية، كان قد أصدر قرارا بحق المشتكى بهم يقضي بمنعهم من مغادرة التراب الوطني، قبل أن يرفع الإجراء عن رئيس المجلس الإقليمي رفقة شقيقه، حيث تضمنت شكاية العضو بالمجلس الإقليمي لعمالة سيدي قاسم الكثير من الاتهامات الخطيرة، من ضمنها التصريح بأن بناية المشروع أنجزت بدون ترخيص، ودون الحصول على الرأي الملزم للوكالة الحضرية، وأن ملف مشروع التهيئة المقدم للجنة الشباك الوحيد لا يتوفر على التصاميم والتراخيص المتعلقة بالبنايات القائمة، متهما في السياق ذاته المشتكى بهم بالتزوير في الوثائق الرسمية، في إشارة منه إلى رخصة البناء وشهادة المطابقة.
وأشار المشتكي إلى أن رخصة البناء الأحادية عدد 8 سلمت بتاريخ 11 ماي 2023، فيما سلمت شهادة المطابقة التي تفيد بانتهاء أشغال البناء ومطابقتها للتصميم، عدد 37 بتاريخ 23 ماي 2023، بمعنى أن عملية بناء المشروع الضخم استغرقت فقط 12 يوما، وهو ما يثير أكثر من علامة استفهام، بات معها المشتكى بهم ملزمين بتبرير ذلك، سيما أن الأمر لا يتعلق بطلب رخصة تسوية بناية قائمة.
وأضاف أن عملية إبرام عقد كراء المشروع المنجز من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وباقي الشركاء من القطاعات الحكومية، لفائدة شركة «بناصا سنتر»، شابتها العديد من الخروقات، إذ تم إنجاز عقد كراء المرافق التابعة للمشروع، بتاريخ 10 فبراير 2023، أي قبل الحصول على رخصتي البناء والمطابقة المسلمتين بتاريخ 23 ماي 2023، مثلما هو الأمر بالنسبة إلى سمسرة كراء المرفق، التي كانت تستوجب توفر بناية المشروع المراد استغلاله على شهادة المطابقة، دون الحديث عن ظروف وملابسات تحويل المشروع لهدف غير الذي خصص له في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، في حين لم يحدد دفتر التحملات أسعار استعمال قاعات وغرف الإيواء في إطار التكوين المستمر والأنشطة الثقافية والتربوية، وهو الأمر الذي استفاد منه بشكل كبير مستغل مرفق المركب الاجتماعي، الذي أصبح يكتريه (للأفراد)، على الرغم من كون المشروع مخصص في الأصل لفائدة الجمعيات والإدارات والمنظمات الوطنية والدولية.
وكلف بناء المشروع رصد غلاف مالي من المال العام بلغت قيمته 15500000.00 درهم، حيث أنجزت مديرية أملاك الدولة الملك الخاص، بتاريخ 30 يونيو 2011، عقد كراء لفائدة مؤسسة التعاون الوطني، أكرت بموجبه القطعة الأرضية مساحتها 5268 مترا مربعا التابعة للرسم العقاري عدد 515/ر لمدة عشر سنوات، تنتهي عند متم سنة 2020، قابلة للتجديد التلقائي، في حين كانت اتفاقية الشراكة عدد 112/P/2016، حول أشغال بناء وتجهيز مركز الاستقبال والتكوين المستمر بسيدي قاسم، تندرج ضمن إطار برنامج محاربة الفقر والهشاشة والإقصاء الاجتماعي والتهميش، وهي الاتفاقية الموقع عليها من والي جهة الرباط بصفته رئيسا للجنة الجهوية للتنمية البشرية، وعامل إقليم سيدي قاسم، بصفته رئيسا للجنة الإقليمية للتنمية البشرية، ورئيس مجلس جهة الرباط.