اللي يحسب بوحدو يشيط ليه
أقرت هذا الأسبوع وزارة النقل واللوجيستيك بعجزها عن اتخاذ أي إجراء يلزم شركات النقل البحري والجوي، بين المغرب والدول الأوروبية، بتخفيض تسعيرة التذاكر، أو تقديم عروض تفضيلية لفائدة الجالية المغربية المقيمة بالخارج، مبررة ذلك بكون أسعار تذاكر الرحلات البحرية والجوية بين المغرب والدول الأوروبية محررة وتخضع لقواعد المنافسة الحرة وقانون العرض والطلب.
في الحقيقة، من غير المفهوم أن تخرج الحكومة آلة حاسبتها في وجه الجالية وتذكرنا بقانون المنافسة والعرض والطلب، مع أن الحكومة تتوفر على مرجعية ملكية اجتماعية قبل سنتين، حينما أصدر الملك محمد السادس تعليماته للسلطات المعنية، وكافة المتدخلين في مجال النقل، قصد العمل على تسهيل عودة العائلات المغربية بالخارج إلى بلادهم، بأثمنة مناسبة ومعقولة تكون في متناول الجميع، وتوفير العدد الكافي من الرحلات، لتمكين العائلات المغربية بالخارج من زيارة وطنها وصلة الرحم بأهلها وذويها.
مغاربة العالم بدون استثناء بحاجة إلى مثل هذه الإجراءات التحفيزية، لتختزل بعض معاناتهم على مستوى تكلفة النقل الجوي والبحري، وأكيد أنهم بعد سنة من الاجتهاد في خدمة الوطن ماديا ومعنويا يستحقون نيل بعض الامتيازات ذات الطابع الاجتماعي، من أجل تيسير عودتهم التي ينبغي إرساؤها مستقبلا كحقوق مكتسبة ودائمة.
والواقع أنه لا نفهم كيف يهيمن منطق الربح لدى مؤسسات عمومية وطنية مع مغاربة الخارج، الذين يشكلون مصدرا أساسيا للقيمة المضافة، سواء من خلال تحويلاتهم المالية، التي تعكس تشبثهم وحبهم المتين لوطنهم وملكهم، أو من خلال ارتباطهم الدائم ببلدهم، وهو ما يتبدى للعالم من خلال تنظيمهم لأكبر عودة موسمية في العالم، أو من خلال الترويج الإيجابي للوطن من خلال تألقهم في مختلف المجالات.
فمن باب العيب وقلة المروءة أن تستغل وتحلب هاته الفئة، كما تحلب البقرة من ضرعها أثناء عودتها، وما لا يفهمه بعض المسؤولين أن التزام الجالية بالعودة لبلدها هي قضية جيل فقط، ولا نظن أن أبناء الجيل الأول والثاني سيواصلون السماح بهذا الاستغلال البشع من لدن شركات النقل. والراجح أن مثل هذه الممارسات ستدفع تدريجيا أبناء الجالية إلى التحول نحو الجنات السياحية والحفاظ على أموالها ببلدان المهجر. وقد بدأت المؤشرات على ذلك بإطلاق حملة المقاطعة التي يقودها نشطاء مغاربة على مواقع الفضاء الأزرق، تحت هاشتاغ «خليها ترتاح» لمقاطعة شركة الخطوط الملكية للطيران بسبب أسعارها الباهظة.
لذلك نقول للمسؤولين عن الجالية، والنقل الجوي والسلطات العمومية، انتبهوا جيدا للجالية وكما يقول المثل المغربي «اللي تيحسب بوحدو تيشيط ليه».