اللهم إن هذا منكر
صراع الديكة بين أساتذة أطر الأكاديميات والوزارة الوصية مستمر في قطاع التربية والتكوين، ويتجه نحو مزيد من التأزيم بعد إعلان الآلاف من أساتذة التعاقد قرار تمديد إضرابهم الطويل، والضحية ليس أحد المتصارعين بل مئات الآلاف من التلاميذ في أعالي الجبال والمداشر والقرى الذين ذهبوا ضحية إصلاحات غير مخطط لها وأجندات سياسية لها رهانات أخرى غير رهانات التعليم. وفي ظل هذا الوضع المتشنج ضاعت المدرسة وضاعت الحقوق الفضلى للتلاميذ بين اتهامات الوزارة للتنسيقية بعدم التجاوب مع سياسة اليد الممدودة التي أعلنها شكيب بنموسى، واتهامات الأساتذة للوزارة بالتآمر عليهم ومحاولة ضرب حقوقهم في التوظيف.
في مثل هاته الأثناء العصيبة لا يهم من المسؤول عن هذه الكارثة، هل هي مسؤولية الحكومات المتعاقبة التي صنعت تنينا ضخما لم تعد قادرة على مواجهته؟ أم هي مسؤولية التنسيقية التي تتباهى بقوتها العددية وامتداداتها السياسية غير المعلنة؟ أم النقابات التي تحولت إلى ما يشبه ساعي بريد؟ ما يهم هو أن تتوقف الإضرابات ويقف نزيف هدر الزمن المدرسي وينعم الأطفال بالتدريس والاستقرار بأقسامهم والاستفادة من العملية التربوية.
فلا يمكن، تحت ذريعة الضغط الاجتماعي من أجل تحقيق مطلب الإدماج في الوظيفة العمومية، أن يتم التلاعب بمصير أطفال أبرياء وتغييب مصلحتهم ومستقبلهم العلمي، أو استخدامهم كرهينة وأذرع بشرية للوصول إلى مطالب مادية محضة يمكن بلوغها بطرق أخرى. فلا أحد يعارض دفاع الأساتذة عن حقوقهم المشروعة في تأمين مستقبلهم المهني، لكن عليهم أن يفعلوا ذلك بعيدا عن حقوق تلاميذ الأسر الفقيرة، وحتى حينما يقرر الأستاذة خوض إضراب، فهذا الأخير لا يعني العطلة الطويلة الأمد والراحة والسفر بل عليه ومن واجبه أن يبقى المُضرب في مكان عمله دون مزاولة نشاطه. والحقيقة أن المبالغة في استعمال حق الإضراب مهما كانت شرعية المطلب قد يصبح تجاوزا وهو بالفعل ما نعيشه حاليا مع الإضرابات المتكررة واللامتناهية في قطاع التربية.
للأسف وصلنا إلى درجة يمكن للأستاذ أن يضرب شهرا كاملا ولا يجد أي حرج في التباهي بذلك، وفي المقابل يمكن للوزارة والنقابات والأحزاب والبرلمان أن ترى مئات الآلاف من التلاميذ يتعرضون للضياع فتفضل الصوم عن الكلام وتترك الزمن للزمن، ولا أحد منهم يقول كفى…اللهم إن هذا منكر.
يطلقون عليها ( أسرة التعليم) ، فهي فعلآ تضخمت و تغولت حتى صارت أسرة بالمفهوم المافيوزي ، و الدولة هي من صنعت هذا البعبع اللذي صار صعب عليها تطويعه و إخضاعه لرغباتها ، بعدما أدرك أهميته في خططها و استراتيجياتها . فصار يلعب معها لعبة الطفل المدلل ، .