شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

الكرة في ملعب  CGEM

تنعقد ابتداء من اليوم لقاءات هامة بين رجال أعمال مغاربة ونظرائهم الإسبان، بهدف تشجيع الاستثمارات بين البلدين وتقوية الشراكة الاقتصادية. وسيشارك وزراء وكتاب دولة ورؤساء باطرونا من الدولتين في هذا الحدث الاستثماري الهام، إلى جانب وفد يضم 58 شركة إسبانية تبحث عن شركاء محليين يتيحون لها الاستقرار أو تعزيز تواجدها في المملكة.

والظاهر في هذه التوجهات الاقتصادية والاستثمارية، بين الرباط ومدريد، أنها امتداد طبيعي للتوافقات الجيواستراتيجية الكبرى التي أعقبت الانعراجة الديبلوماسية الكبرى في المواقف الإسبانية تجاه الصحراء المغربية، لكنها، في الوقت نفسه، تستبطن رسائل مهمة موجهة إلى فرنسا «ماكرون» بكون المغرب لن يقبل المواقف الغامضة وسياسة ليِّ اليد، وأن الاستثمار في المغرب رهين بالمواقف الديبلوماسية. وكما قال الملك محمد السادس، في أحد الخطابات، فالمغرب لن يقوم بأي خطوة اقتصادية وتجارية مع أصحاب المواقف المزدوجة والغامضة. وهذا التوجيه يجب أن يستحضره لعلج، رئيس الباطرونا المغربية، وأن يتوقف عن نظم قصائد الغزل في «الشريك» الفرنسي.

والواقع أن هناك حاجة ماسة اليوم إلى مراجعة المغرب لعلاقاته الاقتصادية والاستثمارية مع فرنسا، ليتناسب حجم الاستثمار مع حجم المواقف الديبلوماسية، فلا يعقل أن تقود فرنسا حملة ابتزاز وضغط رهيبة على مؤسسات بلدنا السيادية، خارج الحلبة الديبلوماسية التقليدية، التي تدور فيها عادة كل التوترات بين الدول، وتستخدم أذرعها الإعلامية والحقوقية وامتدادها القوي في المؤسسات الأوروبية لضرب سمعة المغرب والمس برموزه، وفي الوقت نفسه تظل شركاتها تستفيد بسخاء من كعكة الاستثمارات والمشاريع الكبرى، ومن ازدواجية المواقف لدى بعض رجال الأعمال المغاربة أعضاء الباطرونا الحاملين للجواز الفرنسي.

ويبدو أن فرنسا تعيش وهما كبيرا في علاقتها مع المغرب، وتتصور أن وضعها كشريك تقليدي غير عادي، لن يجعل المغرب يجرؤ على التعامل مع استفزازاتها ودسائسها بصرامة وجرأة في لحظة الأزمات، بل تعتقد أنها تملك خيارات عديدة لتفرض الأمر الواقع على الدولة المغربية لإبقائها تحت الطاعة مهما كان الوضع، وهذه مجرّد استيهامات وتخيلات مرضية وتمثلات تخفي تلك العقلية الاستعمارية التي تجاوزها المغرب منذ عقود.

لقد جاء الوقت لنغير توجهاتنا الاستثمارية، ولنعيد النظر في سلم ترتيب الأصدقاء والحلفاء وفق علاقاتهم معنا، وهذا يعني أن استثمارات فرنسا في بلدنا ينبغي أن يعاد فيها النظر وتتناسب مع مواقف قصر الإليزيه.

وكما قال الملك، فإن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات.

أما إذا كان لرجال أعمال «الباطرونا»، ذوي الجنسيات الفرنسية، رأي آخر فهذه حكاية أخرى.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى