إعداد: م.ع
تحقق مجموعة من الكتب، مباشرة بعد طبعها والإعلان عنها ثم توزيعها، إقبالاً من طرف القراء. وهذا في حد ذاته خبر يدخل في حيز الأخبار السعيدة. فمضمون هذا الخبر ينطق بما يريد الجميع سماعه، خصوصاً الناشر والكاتب والموزع وبائع الورق والمطبعي. سوف نقدم في هذا العدد مجموعة من الكتب التي انتشرت بسرعة وأقبل عليها القراء والمتخصصون، وهي: «ثورة الأيام الأربعة» لعبد الكريم الجويطي وبين «الفلسفة والتاريخ» لعبد الله العروي، و«والله إن هذه الحكاية لحكايتي» لعبد الفتاح كيليطو، و«تحملني حيرتي وظنوني» لسعيد بنكراد،
و«غبار ونجوم» ليوسف فاضل.
«ثورة الأيام الأربعة» لعبد الكريم الجويطي
بعد نجاح رواية «المغاربة» (المركز الثقافي العربي، 2016) أصدر الروائي عبد الكريم الجويطي رواية «ثورة الأيام الأربعة» (المركز الثقافي العربي، 2021)، وقد حققت، كسابقتها، نجاحا وإقبالاً منقطع النظير، وهو راجع إلى كونها تتناول تفاصيل تاريخ مغربي غني بالتفاصيل والأحداث والشخصيات؛ فالرواية تحكي عن ثورة 3 مارس المسلحة سنة 1973. وقد انطلق الروائي من كون هذا الحدث التاريخي الموشوم في الذاكرة هو استعارة كبرى تتولد عنها استعارات صغرى، شخصية وجمعية. هنا، ينزاح الجويطي عن مقولة «التاريخ يكتبه المنتصرون» لتصبح في رواية «ثورة الأيام الأربعة : التاريخ يكتبه المنهزمون أيضاً»، فتتسع الرؤية، والرواية، ووجهات النظر، وقوى الإرادة، ومنطق التاريخ، والهويات، والحضارات. لذلك وجد القراء في الرواية بؤرة مشتعلة من المنطوق والمسكوت عنه.
«بين الفلسفة والتاريخ» لعبد الله العروي
نشر عبد الله العروي سيرته الذاتية «بين الفلسفة والتاريخ» (ترجمة عبد السلام بنعبد العالي، المركز العربي للكتاب 160 ص، 2020)، التي استعرض فيها سيرة حياته الدراسية، ومراحل تحصيله العلمي بين أزمور ومراكش والرباط وباريس. وقد قدم لقرائه كيف اختار تخصص التاريخ كاختيار علمي، وما هي توجهاته المدرسية الأولى، وقراءاته التي أسست لتكوينه الفلسفي. وتأثره بوالده في ما يخص الدين الإسلامي، إذ كان الإسلام يمثل له الطهر والصفاء. وأيضا دوافع إعجابه الشديد بالمذهب المعتزلي، وانجذابه نحو التفكير المجرد. تناول العروي أيضاً في سيرته الذاتية انتقاله إلى فرنسا لمتابعة دراساته العليا، حيث درس على أساتذة فرنسيين متشبعين بالثقافة التنويرية العمانية، وكيف كان ذلك وراء تأثره بالفكر الحديث.
«والله إن هذه الحكاية لحكايتي» لعبد الفتاح كيليطو
فيما كان القراء ينتظرون من عبد الفتاح كيليطو إصدار كتاب في الأدب، في تحليل النصوص العربية، بالطريقة التي اشتهر بها كيليطو، قام ناشره «دار المتوسط» بالإعلان مبتهجاً بأن كيليطو أصدر رواية عنوانها «والله إن هذه الحكاية لحكايتي» (2021، 142 ص). ولعل سعادة الناشر هي من سعادة المؤلف: ها قد ارتاح كيليطو من تأليف كتب التحليل الأدبي وانتقل إلى استراحة تخييلة منتشية. لكن السؤال: هل ابتعد كيليطو فعلاً عن التحليل؟ لا، إن الرواية في صلب التراث العربي: ألف ليلة وليلة، أبو حيان التوحيدي، ابن خلكان. تبدأ الرواية بحدث غريب، كأنه تسلل من كتاب، وهو طيران «نورا» مع ولَدَيْها، بعد ارتدائها لمعطف الريش، وانتظارها لزوجها «حسن ميرو» حتى يستيقظ لتودعه… حسن ميرو يشتغل على أطروحة دكتوراه أبو حيان التوحيدي وكتبه المفقودة أو غير المقروءة…هنا تسللت كتب الأدب والتراثيات العزيزة على قلب كيليطو إلى نصه السردي.. ولعل هذا هو الطعم الذي وضعه كيليطو لقارئه.
«وتحملني حيرتي وظنوني» لسعيد بنكراد
بعد أعمال عديدة في التأليف السيميائي والترجمات المتصلة بنفس الحقل، وبعد رحلة طويلة في التدريس، أصدر سعيد بنكراد سيرته الذاتية «وتحملني حيرتي وظنوني» سنة 2021 عن المركز الثقافي للكتاب، وتقع في 342 صفحة من القطع المتوسط. وهي، حسب تعبير المؤلف، نص و«إخراج لغوي لحياة تمت في حقيقة الواقع، وكان ذاك سبيلي إلى تحديد الفجوة الرفيعة الفاصلة بين الاستيهام والحقيقة، بين ما عشته فعلاً وبين ما أضافته اللغة لحظة الترتيب والتركيب وما قُدم وما أُخر. وما أعيدت صياغته وفق وعي اليوم لا استناداً إلى ما وقع قديماً حقاً، وتلك هي مخلفات صمت الفواصل والبياض واللامحدود في الذاكرة». لقد كتب بنكراد سيرته، وربما هي جزء أول من نص شامل، وهو على وعي تام بدلالة فعل الكتابة عن الذات، يقول: «فنحن في السيرة وفي الحياة أيضاً نستمد جزءاً كبيراً من هويتنا، ومن انتماءات قبلية».
«غبار ونجوم» ليوسف فاضل
أصدر الروائي المغربي يوسف فاضل رواية «غبار ونجوم» عن دار المتوسط، بميلانو، وتقع في 336 صفحة من القطع المتوسط. وقد أقبل القراء على هذا النص الفريد الذي يتناول تفاصيل التاريخ العام انطلاقاً من حوادث وأحداث شخصية حفرت في نفسية الأفراد أخاديد كثيرة. تتقاطع في الرواية أصوات وأفعال عديدة: الإسلاميون، الجامعيون، الشيوعيون، النساء…في بلد يقع في أقصى الخارطة العربية: المغرب. لكن، يمكن التأكيد على أن ما جلب عقول القراء نحو هذه الرواية هو قوة التفاصيل، إلى درجة أن الناشر وصف يوسف فاضل بـ«عبقري التفاصيل». هذا إضافة إلى قوة الأمكنة والمدن المجروحة بسكين التاريخ: آسفي، طنجة، شفشاون.