شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةتقاريرسياسية

«القضاء» على الفساد

ما قالته الرئيسة الأولى للمجلس الأعلى للحسابات، زينب العدوي، هذا الأسبوع، من أن الأجهزة العليا للرقابة مدعوة للقيام بنقلة نوعية في تفكيرها الاستراتيجي داعية إلى تعزيز الوظائف الرقابية التقليدية، لما لها من دور في تحسين الأداء العمومي وتعزيز المساءلة في القطاع العام، يجب أن يتوقف عنده جميع رؤساء المؤسسات الرقابية على المال العام في البلاد.

مقالات ذات صلة

والواقع أن هاته الخلاصة هي ما ينقصنا اليوم في التعامل مع المال العام الذي أصبح عملة نادرة ومقدسة، ليس من طرف المجلس الأعلى للحسابات لوحده بل من طرف كل مؤسسات الرقابة التي تنص عليها قوانين ومراسيم البلاد.

إن المحافظة على المال العام، وصيانته من النهب والتلاعب والهدر والاستغلال، أصبحت في ظل السياق المالي الصعب الذي نعيشه مسؤولية كل أجهزة الرقابة المركزية والترابية القطاعية والعابرة للقطاعات، الحكومية والبرلمانية والقضائية بالخصوص.

الجميع عليه أن يلتزم بالعمل على حماية المال العام بكل الطرق والوسائل المتاحة، بحسب موقعه ووظيفته الدستورية، وليس بتدبيج التقارير ونشر الأسئلة البرلمانية على «فيسبوك» وتأخير إصدار الأحكام النهائية حتى نهاية الولاية الانتخابية.

فالفساد والتطاول على المال العام لا يمكن أن يُجتث ويزول بمجرد الإعلان عن اكتشاف حالة أو حالتين وتطوى الصفحات بعدها، ولا يمكن القضاء عليه عبر تقارير توضع في الرفوف ولا تقدم ولا تؤخر شيئا باستثناء بعض النقاش البرلماني والبوليميك السياسي والإعلامي، إنما يتم القضاء على الفساد، من خلال شن حملة قضائية صارمة ضد الفساد والمفسدين ومعاقبة المتلاعبين بالمال العام أيا من كانوا كباراً وصغاراً، سياسيين نافذين أو مبتدئين، نجوماً أو مغمورين.

إن تحريك المتابعات القضائية الفعالة والصارمة وسريعة الأحكام النهائية، هي وحدها القادرة كي  لا يتمكن الموكول لهم التصرف بالمال العام، من اقتراف كل أشكال النصب والاحتيال والتلاعب من خلال صفقات تبدو في ظاهرها قانونية وفي باطنها جريمة مالية.

لا نظن أن تقارير المجلس الأعلى للحسابات ووسيط المملكة ومجلس المنافسة والمفتشيات القطاعية وتلك التابعة لوزارتي المالية والداخلية، قادرة لوحدها أن تجعل جماعاتنا وإداراتنا ومؤسساتنا ومقاولاتنا العمومية خالية نقية من جرذان المال العام، وآكلي أموال دافعي الضرائب، فإن لم تتحرك سيوف المتابعة القضائية بالقوة التي تتناسب مع استقواء الفاسدين وتعالج الملفات الموضوعة أمام أنظارها، فلن يحسب كل من تسول له نفسه مد يده المال العام ألف حساب قبل أن يقدم على فعلته. فالقضاء هو السيف الذي يحرس المال العام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى