شوف تشوف

الرئيسية

الفنزويليون في فرنسا قبل حادث 1972 كانوا يكرهون «كارلوس» ويعتبرونه مغرورا

سيرة »القاتل« كارلوس الذي استأجره الهواري بومدين لاغتيال الملك الحسن الثاني سنة 1978 - 6

المخابرات العالمية هي موضة سنوات السبعينيات من القرن الماضي. كانت العواصم الأوربية تعج بجواسيس وعملاء سريين من مختلف الدول.
الـ«CIA» الأمريكية والـ«كاجيبي» الروسية وأنقاض النظام الألماني لما بعد الحرب العالمية الثانية، بالإضافة إلى «الموساد»، كانت كلها أجهزة توظف أذكى الضباط والمخبرين والعملاء.
كان إيليش، أو «كارلوس» اسمه الحركي واسم الشهرة أيضا، يفر من هذه الأوساط الموبوءة حسب ما روي عنه. فقد تعرف على عرب كثيرين ووجوه من الشرق، ونفر، أو بدأ في النفور على الأقل، من أبناء جلدته الأمريكيين اللاتينيين ممن انتقلوا إلى أوربا إما للعمل أو لتعقب أمثاله.

شاهد من «أهلها»
يحكي عنه مواطنه «سانشيز رامون» وهو دبلوماسي فنزويلي سابق، كان يستعمل اسما مستعارا لكتابة مقالات صحافية نشرت في صحف للمهاجرين اللاتينيين في أوربا، أنه كان يتجنب لقاءات الفنزويليين والبرازيليين والقادمين من الأوروغواي، وبعض المحامين أيضا ممن كانوا من أصدقاء والده في لندن. يقول: «بالنسبة لكارلوس، فقد كان أبناء جيله من مواطنيه بطموحات مختلفة. بالكاد كان خلال سنة 1970 معروفا في أوساط الجالية الفنزويلية في فرنسا أو بريطانيا. كان يعرفه الذين على صلة بتمثيلية المحامين أو رجال الأعمال الفنزويليين في أوربا، لأن والده كان شخصا محترما في أوساط المهاجرين. باستثناء هذا، لم يكن إيليش، أو إيليتش» كما تنطق تحببا لدى الفنزويليين، شخصية معروفة، إلى أن جاءت سنة 1972 وأصبح الجميع يعرفونه لأنه مطلوب أمنيا.
تتبعت الصحافة أخباره بالطبع، وكانت الصحف في فنزويلا تحاول الوصول إلى والديه في لندن لإجراء مقابلات صحافية معهما. وعندما شاع خبر اعتناقه الإسلام، في عز بحث المخابرات الفرنسية عنه، كانت الصحف نفسها تحاول الوصول إليه لإجراء حوارات معه. وكان يتهرب. أعتقد أن كارلوس كان دائما عدوا للصحافة. وحسب معرفتي ببعض المصادر الخاصة من الجالية الفنزويلية، فقد حكوا لي إنه كان شابا كتوما جدا، وليس خجولا كما يعتقد البعض. لقد كان يستحق فعلا لقب «ابن آوى». أقصد، أنه كان غامضا، ماكرا، ولا يمكن تكوين صورة ما عن شخصيته خلال اللقاءات السطحية معه. أذكر أن أحد الشبان الفنزويليين في جامعة السوربون تعرض لمضايقات سنة 1972 في الحي الجامعي بسببه، وأصدر الطلبة بيانا تضامنيا معه وأعلنوا عدم علاقتهم بالشاب إيليتش الذي كان وقتها في بداية مساره الحافل».

كارلوس.. وجها العملة
إذا كان كارلوس عملة فإنه لن يكون «سنتا» ولا فلسا. كان يفضل الجنيه، ربما لأنه مصدر ثروة والده. أما الفرنك الفرنسي فلم تكن علاقته به سوى سطحية. هل كان «كارلوس» الماكر يشتغل بطموح مراكمة المال أم أن كل التهم التي لاحقته كان سببها حس نضالي لدى شاب ثائر من أمريكا اللاتينية يريد تغيير العالم خلال السبعينيات.
لقد كان شائعا وقتها أن يتأثر شبان من الغرب بالقضية الفلسطينية ويتجهوا شرقا لمناصرتها. لقد مات الكثيرون في الأراضي الفلسطينية، حالمين برؤية فلسطين محررة من المد الصهيوني. كانت تلك ظاهرة رائجة في ذلك الوقت، حتى أنه أطلق عليها ظاهرة «الفلسطينيين الجدد»، وكانوا في جلهم من الشباب الأوربي والأمريكي المثقف. زهدوا في الحياة ورغبوا في تغيير «الظلم» الذي كانوا يرونه يتقوى في الشرق الأوسط.
لكن هل كان كارلوس واحدا من هؤلاء؟ بالتأكيد لا، لأنه ببساطة تورط في أعمال مسلحة في دول أوربية، ولم تكن علاقته بالقضية الفلسطينية وقتها تتعدى زيارات إلى الأردن للتدرب على السلاح. بينما كان الحالمون الحقيقيون بتحرير فلسطين، يسعون فعلا إلى الوصول إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة والانضمام للحركة التحريرية، وليس عقد الاجتماعات السرية مع مسؤولين من دول كثيرة تتصارع الأجهزة العالمية لمعرفة مضمونها، وتدفع بالدولار، وبسخاء، للوصول إلى تلك المعلومات، ومنها من تضع مكافآت خيالية مقابل الإطاحة برؤوس كانت في زيارات سرية لدول صديقة وأخرى ليست كذلك.
في هذا السياق بالذات، وُلدت الصداقة بين «كارلوس» والهواري بومدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى