محمد اليوبي:
أصدرت محكمة النقض، أول أمس الأربعاء، قرارا يقضي برفض طلب النائب البرلماني عن حزب الحركة الشعبية، عبد النبي العيدودي، نقض الحكم الاستئنافي الصادر في حقه عن غرفة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالرباط، والقاضي بإدانته بسنتين حبسا موقوفة التنفيذ في قضية اختلاس وتبديد أموال عمومية.
وبصدور قرار محكمة النقض كأعلى درجة للتقاضي، أصبح هذا الحكم نهائيا ومكتسبا لقوة الشيء المقضي به، وسيترتب عنه قانونيا التشطيب على العيدودي من اللوائح الانتخابية، بسبب فقدانه للأهلية الانتخابية، وبالتالي عزله من رئاسة وعضوية جماعة دار الكداري بإقليم سيدي قاسم، التي يترأسها حاليا، وكذلك تجريده من مقعده البرلماني، وذلك تطبيقا لأحكام المادة 11 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب.
وتنص هذه المادة على أنه «يجرد بحكم القانون من صفة نائب، كل شخص تبين أنه غير مؤهل للانتخاب، بعد إعلان نتيجة الانتخاب، وبعد انصرام الأجل الذي يمكن أن ينازع خلاله في الانتخاب، أو كل شخص يوجد خلال مدة انتدابه في إحدى حالات عدم الأهلية للانتخاب المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي، وتثبت المحكمة الدستورية التجريد من هذه الصفة بطلب من مكتب مجلس النواب أو وزير العدل….»، كما تنص المادة السادسة من القانون التنظيمي المذكور، على أنه «لا يؤهل للترشح للعضوية في مجلس النواب، الأشخاص الذين اختل فيهم نهائيا شرط أو أكثر من الشروط المطلوبة ليكونوا ناخبين، وحسب المادة السابعة من القانون رقم 57.11 المتعلق باللوائح الانتخابية العامة وعمليات الاستفتاء واستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري العمومية خلال الحملات الانتخابية والاستفتائية، لا يمكن أن يقيد في اللوائح الانتخابية الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة حبس نافدة كيفما كانت مدتها أو عقوبة حبس مع إيقاف التنفيذ لمدة تتجاوز ثلاثة اشهر أو غرامة من أجل جناية التزوير أو اختلاس أموال عمومية».
وكانت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالرباط أصدرت حكما يقضي بتأييد الحكم الابتدائي الصادر في حق البرلماني العيدودي، والقاضي بإدانته بسنتين حبسا موقوف التنفيذ في قضية اختلاس وتبديد أموال عمومية والتزوير بجماعة الحوافات بإقليم سيدي قاسم، الذي توبع فيه رئيس الجماعة وبعض مساعديه، حيث أدانت الهيئة المتهم الرئيسي في الملف بسنتين حبسا موقوف التنفيذ وأداء غرامة مالية لصالح دار الطالبة التي اتهم رئيس الجماعة ومساعديه بالتطاول على الميزانية المخصصة لها، وخصم سبعة ملايين منها من أجل تسليمها إلى الفنان الشعبي عبد العزيز الستاتي، مقابل مشاركته في مهرجان فني أقيم بالجماعة.
وتفجر هذا الملف في سنة 2019، بعد توصل النيابة العامة المختصة بجرائم الأموال بشكاية تتعلق بتبديد أموال عمومية من طرف العيدودي الذي أصبح معروفا بمجلس النواب بمداخلته الشهيرة «هشة بشة كشة»، وحاولت شقيقته التي خلفته على رأس جماعة الحوافات بعد رحيله إلى جماعة دار الكداري أن تورط أعضاء المجلس في إدراج نقطة فريدة في أول الدورة للمجلس الجماعي مباشرة بعد فوزها برئاسة المجلس، تروم تنازل المجلس عن تنصيبه طرفا مدنيا في الدعوى التي كانت رائجة أمام محكمة جرائم الأموال، وهي الفضيحة التي تصدت لها سلطات الوصاية بعمالة إقليم سيدي قاسم ومصالح وزارة الداخلية.
وقامت الهيئة القضائية بغرفة جرائم الأموال بإجراء مواجهات ساخنة بين المتهمين الرئيسيين وعشرات الشهود من موظفين ورؤساء جمعيات مدنية متهمة بتسلم أموال عامة، بشكل مشبوه وفق المعطيات والتبريرات الواردة بمحاضر الاستماع والتحقيق وكذا على لسان المتهمين الرئيسيين في الملف.
وحاصرت الهيئة القضائية رئيس الجماعة، وهو الإطار بوزارة الأوقاف، بسيل من الأسئلة والشهادات، بعد أن طالبته بتبرير التفاوت الكبير بين الميزانية المخصصة لمهرجان المدينة، وفق محضر جلسة رسمية للمجلس، والمبالغ المالية التي تم صرفها للمشاركين في هذه المهرجان، خاصة المبلغ الذي تسلمه الفنان الشعبي الستاتي من ميزانية دار الطالبة، إضافة إلى اختلالات مالية شابت أشطرا مالية أخرى مرتبطة بمنح ختان أطفال الجماعة، ودعم الفرق الرياضية بالجماعة التي يتجاوز عددها 16 فريقا، ثم المنح المالية المخصصة لجمعيات مدنية تعنى بتربية النحل وذوي الاحتياجات الخاصة بإعاقات مختلفة وغيرها.