شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

العدوي تفضح «ريع» المقالع

79 بالمائة من الرمال غير مصرح بها وخزينة الدولة تتكبد 16 مليارا سنويا

محمد اليوبي

 

كشف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات عن استمرار تفشي ظاهرة «الريع» في استغلال المقالع، ما يفوت على خزينة الدولة مداخيل مالية مهمة قدرها التقرير بنحو 166 مليون درهم سنويا.

وأفاد التقرير بأن قطاع استغلال المقالع يعتبر من بين القطاعات المهمة في الاقتصاد الوطني، إذ يتيح إمداد قطاعي البناء والأشغال العمومية بمواد البناء، ويشغل هذان القطاعان حوالي 10 بالمائة من السكان النشيطين ويحققان قيمة مضافة تناهز 72 مليار درهم، أي ما يقارب 6 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي. وبلغ الإنتاج الوطني من مواد المقالع سنة 2020، حوالي 258 مليون طن.

ويتوفر المغرب، حسب التقرير، على 2.920 مقلعا تغطي مساحة تقدر بـ35.611 هكتاراً وتدر مداخيل قدرت بـ3.6 ملايير درهم خلال الفترة 2016-2021. ويتم استغلال 1.682 مقلعا، حسب معطيات آخر سجل وطني لجرد المقالع لسنة 2020. ويقدر الإنتاج السنوي بحوالي 129 مليون متر مكعب، ويتكون الإنتاج بشكل أساسي من الحصى (35%) والرمل (18%) والتفنة (17%) والطين (10%) والرخام (1%).

وسجل التقرير أنه، بالرغم من الأشواط التي قطعها هذا القطاع بعد صدور القانون رقم 27.13 المتعلق بالمقالع، لا يزال استغلالها يعرف مجموعة من الإشكاليات المتعلقة أساساً بتعدد المتدخلين وتراكم الاختلالات على مر السنين. ويُعد وضع نظام محكم لتتبع الكميات المستخرجة أحد الرهانات الرئيسية في تدبير استغلال المقالع، وذلك قصد ضبط المداخيل الضريبية واحترام الشروط البيئية للاستغلال.

ولاحظ قضاة المجلس الأعلى للحسابات أن نسبة مستغلي المقالع، الذين صرحوا بالكميات السنوية المستخرجة للمديريات الإقليمية للتجهيز والماء، خلال الفترة 2018-2021 الموالية لدخول القانون رقم 27.13 المنظم لاستغلال المقالع، لا تتجاوز 43 بالمائة، وينطبق ذلك أيضا على تصريحات مستغلي المقالع لدى الجماعات، والتي تظل غير منتظمة وتفتقر إلى الإثبات، حيث تبين أن 23 بالمائة من الجماعات موضوع العينة لا تتلقى تصريحات جميع مستغلي المقالع بترابها، وأن 54 بالمائة من التصريحات الواردة ليست مصحوبة بمسوحات طبوغرافية، كما أن 85 بالمائة من هاته الجماعات لا تتوفر على وسائل وأدوات التحقق من صدقية تصريحات مستغلي المقالع. أما بالنسبة لتجهيز المقالع بميزان قبان، فإن 48 بالمائة من هذه الجماعات تؤكد عدم توفر المقالع الموجودة على مستوى نفوذها الترابي على هذه التجهيزات.

بالإضافة إلى ذلك، لا يتم اللجوء باستمرار إلى مقارنة الكميات المصرح بها للجماعات وتلك المصرح بها للمديريات الإقليمية للتجهيز والماء، وذلك في غياب آليات رسمية لتبادل المعلومات حول الكميات المستخرجة بينهما، كما لوحظ عدم استخدام التقنيات الحديثة للمسح الطبوغرافي للتحقق من الكميات المستخرجة.

ومن جهة أخرى، وقف قضاة المجلس على عدم فعالية نظام تتبع الكميات المستخرجة، حيث تبين من خلال مقارنة كميات الرمال المصرح بها والكمية التقديرية للرمال المستهلكة (الموافقة للإنتاج الوطني من الإسمنت حسب بيانات الجمعية المهنية لشركات الإسمنت)، أن المعدل السنوي لكميات الرمال غير المصرح بها خلال أربع سنوات، بين سنتي 2018 و2021، يقدر بنحو 9,5 ملايين متر مكعب، أي ما يعادل 79 بالمائة من كميات الرمال المستهلكة، مما يفوت على خزينة الدولة سنويا ما يقارب 166 مليون درهم من مداخيل الرسم الخاص المفروض على الرمال، أي ما يناهز أربعة أضعاف معدل الإيرادات السنوية الفعلية لهذا الرسم الذي يبلغ 44 مليون درهم.

وأشار التقرير إلى أن الكميات غير المصرح بها تتضمن نسبة من الرمال التي تبقى خارج نطاق تطبيق الرسم الخاص المفروض على الرمال والذي لا يطبق إلا على رمال الكثبان الساحلية ورمال الجرف ورمال الوديان ورمال التفتيت.

ورصد قضاة المجلس الأعلى للحسابات استمرار استغلال المقالع غير القانونية، وأوضح التقرير أن إشكالية المقالع غير القانونية تؤدي إلى منافسة غير عادلة وتؤثر سلباً على تنافسية المقالع المرخصة. وأكد التقرير أن محاربة هذه الظاهرة تعتبر من بين أهداف القانون المنظم للمقالع، وكشف التقرير أن عدد المقالع غير القانونية، حسب المعطيات المدلى بها من طرف المديريات الجهوية لوزارة التجهيز و29 جماعة موضوع العينة المختارة، يقدر بـ 194 مقلعا، توجد 61 بالمائة منها بكل من جهة الدار البيضاء سطات، وجهة الرباط سلا القنيطرة، وجهة بني ملال خنيفرة، على التوالي بنسب 26 و21 و14 بالمائة.

وأبرز التقرير أن هناك عدة عوامل تساهم في استمرارية هذا النوع من المقالع، كعدم فعالية إجراءات المراقبة، والاستخراج غير المرخص لمواد المقالع لتنفيذ المشاريع، إلى جانب الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاجتماعية للساكنة المحيطة، في بعض الحالات.

ومن جهة أخرى، لوحظ أن مستودعات تخزين مواد البناء، غير القانونية أو المرخص لها من طرف الجماعات، تُيسر عملية تسويق مواد البناء المستخرجة بطرق غير مشروعة، سيما الرمال، في غياب الضبط الكافي.

ورصد التقرير، كذلك، استمرار إشكالية المقالع المهجورة، حيث، خلال الفترة الممتدة من سنة 2015 إلى 2021، بلغ عدد المقالع المغلقة والتي لم تتم إعادة تأهيلها، ما مجموعه 278 مقلعا من أصل 518 مقلعا مغلقا، أي ما يمثل 54 بالمائة من المقالع المغلقة مقابل 46 بالمائة من المقالع المغلقة والتي تمت إعادة تأهيلها أو هي في طور إعادة التأهيل. وخلال سنة 2020، بلغ عدد المقالع المهجورة ما مجموعه 460 مقلعاً، أي نحو 16 بالمائة من إجمالي عدد المقالع المرخصة. وتصدرت جهتا فاس-مكناس وبني ملال-خنيفرة هذا العدد بأكثر من 44 بالمائة من المقالع المهجورة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى