إعداد: محمد اليوبي – كريم أمزيان – النعمان اليعلاوي
بعد أحداث 11 شتنبر، وضعت مؤسسة استراتيجية أمريكية خطة حددت من خلالها الاتجاهات الإسلامية القريبة من القيم الأمريكية، ماديا وثقافيا وسياسيا، لمساعدتها في الاشتراك في ممارسة السلطة السياسية بالبلاد العربية والإسلامية. وبعد انتخابات 25 نونبر 2011، وصل حزب العدالة والتنمية «الإسلامي» إلى قيادة الحكومة المغربية، ليتضح من خلال أطروحته وبرنامجه، وكذلك ممارساته والقرارات التي اتخذها الحزب من الموقع الحكومي، أنه يطبق الليبرالية على الطريقة الأمريكية.
بعد مرور حوالي خمس سنوات من تدبير الشأن العام من موقع قيادة الحكومة الحالية، أصبحت تطرح العديد من الأسئلة حول مرجعية وتوجهات حزب العدالة والتنمية «الإسلامي»، وتظهر معالم الجواب عن هذه الأسئلة التي تفرض نفسها على الباحثين والمهتمين بالشأن الحزبي والسياسي المغربي، من خلال جملة من القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي اتخذتها الحكومة التي يقودها الحزب خلال هذه الولاية.. وهي قرارات لا تختلف في جوهرها عن القرارات التي اتخذتها الحكومات السابقة، بل هناك قرارات يعتبرها الحزب الحاكم أكثر جرأة. هذا بالإضافة إلى التحالفات التي أبرمها الحزب لتشكيل الحكومة الحالية مع أحزاب من مشارب ومرجعيات مختلفة، والأكثر من ذلك مرجعيات متناقضة، فهذه الحكومة تجمع الليبرالي بالشيوعي والإسلامي.
توجيهات أمريكية
لكن، ومن خلال قراءة واقعية لأطروحة الحزب التي صادق عليها في مؤتمره السابع، وكان لحظتها في موقعه الجديد بقيادة الحكومة، وكذلك البرنامج الانتخابي الذي اعتمده الحزب في انتخابات سنة 2011، وتأكيد على كل هذا الممارسة العملية لتنزيل الأطروحة والبرنامج على أرض الواقع، كلها تكشف أن الحزب يحمل توجهات ليبرالية على الطريقة الأمريكية التي تخلط بين الحفاظ على دور الدولة وتحرير الاقتصاد وحماية المنافسة الحرة، كما أن الليبرالية الأمريكية ترتكز على الحقوق الأساسية للفرد في المجتمع ودعم العدالة الاجتماعية والاقتصاد المختلط، وهي تمثل أحدث أطوار الفكر الليبرالي والتي تبنتها الدول الصناعية الكبرى والمنظمات الدولية من قبيل منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي؛ لتبدأ آثاره في الظهور حتى على الدول التي تعتنق مذاهب اقتصادية مغايرة، حيث لم يعد الاقتصاد السياسي الكلاسيكي هو الصورة الملائمة للقطب الأمريكي الذي يسعى لتبرير التوسع الرأسمالي.
وتشير العديد من البحوث والكتابات الأمريكية إلى إنشاء رؤية ليبرالية جديدة تستطيع التعامل مع مستجدات العالم الجديد. وتحدثت دوائر بحثية غربية واسعة عن تراجع كبير في الفكر الليبرالي المزروع في الدول الإسلامية، برغم كل هذه الجهود والأموال المنفقة لنشره. ويبدو أن الفكر الليبرالي الجديد الذي تحاول أمريكا تصديره الآن، هو فكر التدخل بالقوة سواء من الحكومات التابعة لها في مختلف البلدان، ومنها البلدان العربية والإسلامية، أو من مراكز القوى المختلفة.
ومنذ أحداث 11 شتنبر، بدأت جهود أمريكا لرسم خريطة التغيير المزمع اتباعها في العالم الإسلامي، بحيث نشرت مؤسسة (راند) الأمريكية تقريرا استراتيجيا بعنوان «الإسلام المدني الديمقراطي.. الشركاء والموارد والإستراتيجيات»، وهذه المؤسسة نشأت بصفتها مركزا للبحوث الاستراتيجية لسلاح الجو الأمريكي، ثم تحولت بعد ذلك إلى مركز عام للدراسات الاستراتيجية الشاملة، وتعتبر بمثابة «العقل الاستراتيجي الأمريكي».
وحدد التقرير مواقف التيارات الإسلامية إزاء عدد من الموضوعات الرئيسية، مثل: الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وتعدد الزوجات، والعقوبات الجنائية والعدالة الإسلامية، وموضوع الأقليات، ولبس المرأة، والسماح للأزواج بضرب الزوجات، كما يتضمن تصنيف التيارات الإسلامية المعاصرة إلى أربعة: العلمانيين والأصوليين، والتقليديين والحداثيين، حيث يحدد السمات الرئيسية لكل تيار وموقفه من المشكلات المطروحة.
ويتضمن التقرير الاستراتيجي توصيات عملية موجهة لصانع القرار الأمريكي لاستبعاد التيارات الإسلامية المعادية وتدعيم التيارات الإسلامية الأخرى، وخصوصا ما يطلق عليه التقرير التيارات العلمانية والحداثية، لأنها أقرب ما تكون إلى قبول القيم الأمريكية، وخاصة القيم الديمقراطية.
وأكد التقرير أن الغرب يراقب بدقة الصراعات الإيديولوجية العنيفة داخل الفكر الإسلامي المعاصر، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة والعالم الصناعي الحديث والمجتمع الدولي ككل، تفضل عالماً إسلاميا يتفق في توجهاته مع النظام العالمي، بأن يكون ديمقراطياً، وفاعلاً اقتصادياً، ومستقرا سياسيا، تقدميا اجتماعيا، ويراعي ويطبق قواعد السلوك الدولي. ويقدم التقرير عناصر أساسية لاستراتيجية ثقافية وسياسية مقترحة لفرز الاتجاهات الإسلامية الرئيسية التي يجملها التقرير في أربعة وهي: العلمانيون والأصوليون، والتقليديون والحداثيون، وفي الوقت نفسه تصوغ استراتيجية لدعم الاتجاهات الإسلامية القريبة من القيم الأمريكية، مادياً وثقافيا وسياسيا، لمساعدتها في الاشتراك في ممارسة السلطة السياسية بالبلاد العربية والإسلامية، كما ظهرت العديد من الحركات الفكرية التي توصف بأنها ليبرالية إسلامية، والتي تنظر إلى الإسلام بأنه ينادي بقيم الحرية وحقوق الإنسان والمساواة الليبرالية وفصل الدين عن الدولة، وغيرها من المبادئ التي توصلت إليها الحضارة الغربية حديثا.
الليبرالية في أطروحة الحزب
بالعودة إلى أطروحة الحزب، فهي تؤكد أن الانفتاح الاقتصادي يجد مبرراته الموضوعية أولا في الموقع الاستراتجي للمغرب الذي ظل على مر التاريخ منفتحا اقتصاديا وتجاريا على محيطه المتوسطي والأوربي والإفريقي، يضاف إلى ذلك اعتبار واقعي يشهد له التطور المعاصر الذي أصبح من غير الممكن معه أن ينمو اقتصاد مجتمع من المجتمعات في انغلاق على نفسه، فضلا على مراهنة المغرب منذ الثمانينات على خيار الانفتاح الاقتصادي بعد عقدين من تدخل الدولة كفاعل اقتصادي، والانفتاح الاقتصادي لا يمكن أن يؤتي ثماره المرجوة دون تأهيل للنسيج الاقتصادي الوطني بما يجعله قادرا على تنويع الإنتاج وتحسينه ومن تم تأمين قدرته على المنافسة التي يفرضها اقتصاد السوق والتجارة الحرة.
ويرى عبد اللطيف بروحو، البرلماني والقيادي بحزب العدالة والتنمية، في مقال نشره على الموقع الرسمي للحزب، أن الاقتصاد المغربي «ليبرالي» في أسسه العامة، وإن كان الدستور يضفي عليه لمسة اجتماعية تماشيا مع التطورات التي تعرفها الأنظمة الاقتصادية الرئيسية في العالم الغربي، فالفصل 35 من الدستور يضمن مبادئ حماية المِلكية الفردية وحرية المبادرة والمقاولة والتنافس الحر، وهي تعتبر أهم مقومات الاقتصاد الليبرالي أو اقتصاد السوق، كما يمنع الفصل 36 من الدستور استغلال النفوذ والإخلال بالتنافس النزيه وكل أشكال الانحراف في التدبير الاقتصادي والمالي، وهو ما يؤكد المنحى الليبرالي على المستوى الاقتصادي الذي سار فيه المشرع الدستوري، والوارد في الفصل 35 قبله، وهذه المبادئ العامة يفترض أن تجد صداها في البرامج التنموية التي يجب أن تصدر عن الأحزاب السياسية، فهذه الأحزاب تتنافس من خلال الانتخابات البرلمانية على تدبير الشأن العام، لذا يتعين عليها وجوبا أن تتضمن برامجها الانتخابية تفصيلا لمواقفها الواضحة من طرق تنزيل وتفعيل هذه المبادئ. وأكد بروحو أن مواقف أغلب الأحزاب السياسية بقيت باهتة على المستوى الاقتصادي والتنموي، سواء تعلق الأمر بدور الدولة وحدود تدخلاتها الاقتصادية، أو بخصوص الورش الحيوي المتعلق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص الذي يدخل في هذا الإطار.
وبخصوص معالم النموذج الاقتصادي والمشروع التنموي الذي يطمح إليه حزب العدالة والتنمية، تركز الأطروحة التي تعتبر مرجعية أساسية للحزب، على دور الدولة في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من منطلق أن يظل لها دور أساسي في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني، بما تملكه من آليات قانونية ومالية ومؤسساتية، تسمح بمواكبة التحولات الاقتصادية ومعالجة الاختلالات الناجمة عن سنوات من النموذج التنموي السائد. وفي هذا الصدد يرى الحزب أن المهام المنوطة بالدولة حصريا هي مهمة التخطيط الاستراتيجي التنموي، بما يقتضي أن تكون لها رؤية تنموية استراتيجية، تقوم بتنزيلها في شكل استراتيجيات قطاعية، مع ضمان التقائية هذه المخططات، كما ينبغي أن تتجاوز الدولة دور الدركي المراقب، وفي نفس الوقت ينبغي أن لا تتماهى مع دور الفاعل الاقتصادي أو المستثمر المباشر في القطاع الخاص، وتكمن أهمية دورها في استشراف آفاق التطور الاقتصادي وفي قدرتها على إطلاق محركات النمو الاقتصادي عبر عدة آليات، وتبدأ من دعم الاقتصاد المنتج وتصل إلى تشجيع الطلب الداخلي والمراجعة الآنية لسياسة التصدير بما يحقق التوازنات المالية والنقذية، كما تمكن أهمية مؤسسات الدولة في نظر حزب العدالة والتنمية في مواكبة التحولات الاقتصادية والمالية، الوطنية والدولية، وإيجاد الأسس القانونية والإجرائية لتمكين المقاولة المغربية من مواجهة التحديات، وضمان تنافسيتها، وخلق مناصب الشغل القارة والدائمة. وإن تأكيد حزب العدالة والتنمية على المبادرة الحرة ودور القطاع الخاص ليس معناه إلغاء دور الدولة ومسؤوليتها في مجال تنشيط الاقتصاد ولا إلغاء مسؤوليتها الاجتماعية، أو إلغاء دورها كفاعل اقتصادي في القطاعات الاستراتيجية التي قد لا يهتم بها القطاع الخاص.
وإذا كانت الليبرالية الأمريكية الجديدة، تدعو إلى حماية الحقوق والحريات الفردية والجماعية، فإن أطروحة الحزب تؤكد ذلك، حيث ورد فيها أنه «لم يعد متوقعا اليوم في السياق الدولي القبول بدول تنعدم فيها الديمقراطية والحريات الأساسية الفردية والجماعية، وقد أصبح هذا المعطي معيارا أساسيا للتأثير في السياسات الدولية، كما صارت الدول التي لا تحترم فيها الحريات تعاني من سياق عالمي ضاغط في اتجاه عولمة قيم الديمقراطية والحريات باعتبارها قيما إنسانية محكمة وحاكمة»، وأكدت على أن التقدم الذي تحرزه الأحزاب السياسية ذات المرجعية الاسلامية اليوم في كثير من الدول يبقى ناقصا إن لم يكن من آثاره إسهامها في تعميم وترسيخ قيم الحرية والعدل والديمقراطية قطريا ودوليا، وجاء في الفصل الثامن من هذه الأطروحة في الباب المخصص للمشروع المجتمعي لحزب العدالة والتنمية، أن هذا الأخير يؤكد على ما ورد في كافة وثائقه المرجعية وما ورد أيضا في أطروحة النضال الديمقراطي.
وتضيف «فحزبنا ينطلق في فهمه الإسلام من نفس الرؤية المنفتحة والتي شكلت عنصر القوة في التجربة التاريخية والحضارية للأمة، رؤية تؤمن بالتنوع والتعدد والتعايش بين الديانات وحرية العقيدة واعتبار قاعدة المواطنة أساس بناء الدولة والمجتمع»، ويترتب على ذلك إقرار مبدأ الحرية العقدية وحرية الإبداع وحماية الحريات الفردية والجماعية، وانطلاقا من قاعدة لا إكراه في الدين التي هي قاعدة ذهبية قوامها أنه لا يجوز ولا يمكن اللجوء إلى أي شكل من أشكال الإكراه في الدين عقيدة وشريعة وأخلاقا، وأن هذه القضايا تقدم بالأساس من خلال الإقناع والاقتناع، وأنها مجال للضمير والفكر والوجدان، وليست مجالا لسلطة الدولة أو إكراهات القانون، فإنه من باب أولى أن تشمل هذه القاعدة الالتزام الديني، حيث لا إكراه على العبادات، ومجال الثقافة حيث لا إكراه في الفن والإبداع، والسلوك اليومي للمواطن حيث لا إكراه في الزي واللباس.
التوجهات الليبرالية من موقع الحكم
على مستوى الممارسة العملية من موقع قيادة الحكومة الحالية، اتضح من خلال جملة من القرارات التي حظيت بمساندة قوية من طرف الحزب الحاكم، أنها تدخل في إطار تنفيذ توصيات المؤسسات المالية العالمية الكبرى. وخلال زيارتها إلى المغرب، وضعت كريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي، مجموعة من التوصيات والالتزامات على الحكومة، من أجل تمديد الخط الائتماني الذي حصل عليه المغرب، لسنة أخرى. وأعلنت لاغارد أن الصندوق مستعد لتمديد الخط الائتماني إذا طلبت الحكومة ذلك، لكنها وضعت خمسة شروط لذلك، وهي إصلاح صناديق التقاعد والمقاصة والعدل والإصلاح الضريبي، بالإضافة إلى القانون التنظيمي للمالية، وأثنت على التزام الحكومة بالتعاون مع المؤسسة المالية العالمية، وتنفيذ كل الالتزامات والملاحظات التي يبديها الصندوق.
وهكذا، وضعت الحكومة من بين أولوياتها الشروع في إصلاح صندوق المقاصة، قبل انتهاء ولايتها الحالية، وأمام ارتفاع التكلفة المالية لهذا الصندوق، والتي تجاوزت حجم الميزانية المرصودة له في قانون المالية لسنة 2013، اكتفت الحكومة بوضع إجراءات ترقيعية تروم تقليص نفقات الصندوق والدعم العمومي المخصص له، حيث قررت تطبيق نظام المقايسة الذي أفضى بشكل مباشر إلى الزيادة في أسعار المحروقات، قبل أن ترفع عنها الدعم نهائيا، لتشرع حاليا في وضع إجراءات رفع الدعم عن مادتي السكر وغاز البوتان.
ويرى المراقبون أنه عوض وضع إصلاحات هيكلية كما وعدت بذلك، لجأت الحكومة إلى المواطن الذي تعتبره بمثابة الحائط القصير، لتمرير قرارات صعبة تستهدف قدرته الشرائية، لإنقاذ بعض مؤسسات الدولة التي تعاني من صعوبات مالية، نتيجة اختلالات في التدبير أو عدم إنجاز بعض المشاريع الاستثمارية التي كلفت خزينة الدولة، الملايين من الدراهم، مثل ما وقع بالمكتب الوطني للماء والكهرباء. ووجدت الحكومة نفسها أمام خيار التوقيع على العقد البرنامج بين الدولة والمكتب الوطني للماء والكهرباء، والذي سيمتد ما بين 2014 و2017، بغلاف مالي قدره 45 مليار درهم، ستستخلص منها 14 مليار درهم من جيوب المواطنين، من خلال الزيادة في أسعار الكهرباء.
وفي ظل الانتقادات الموجهة للحكومة بخصوص لجوئها المفرط إلى الاقتراض الخارجي، ما تسبب في ارتفاع المديونية الخارجية إلى مستويات قياسية تجاوزت الخطوط الحمراء المسموح بها قانونيا، تتجه الحكومة إلى نهج سياسة خوصصة بعض المؤسسات العمومية، بهدف تقليص عجز الميزانية، فأتى قرار خوصصة مؤسسة «مرسى ماروك» بموافقة رئيس الحكومة، كما تعتزم الحكومة خوصصة مجموعة من المؤسسات العمومية الاستراتيجية، مثل المكتب الوطني للمطارات والمكتب الوطني للسكك الحديدية. وبذلك يكون حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، قد انقلب على مواقفه السابقة، عندما كان ينتقد لجوء الحكومات السابقة إلى الخوصصة لتوفير الموارد المالية باعتبارها تجليا لسياسة التقويم الهيكلي التي تهدف إلى ضرب المرافق العمومية.
فضلا عن ذلك، شرعت الحكومة في تنفيذ استراتيجية تهدف إلى خوصصة بعض الخدمات الاجتماعية، ومنها التعليم والصحة، بحيث أدلى لحسن الداودي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، بتصريح أثار ضجة بخصوص تمويل التعليم، عندما قال: «اللي بغا يقري ولادو خصو يدير يدو في جيبه كذلك»، ناهيك عن صدور توصيات من المجلس الأعلى للتربية والتكوين حول تمويل التعليم، واقتراح بعض أعضاء المجلس التراجع عن مجانيته، وهو ما فهم منه أن تصريح الداودي يسير في نفس الاتجاه الرامي إلى خوصصة التعليم. وبعد الضجة التي أثارها تصريح الداودي، صدرت وثيقة رسمية عن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني في إطار التدابير المتخذة لتنزيل الاستراتيجية الوطنية لإصلاح التعليم، كشفت توجه الحكومة نحو فتح المدارس العمومية أمام المستثمرين في التعليم الخاص. وأثارت هذه الوثيقة جدلا كبيرا بخصوص منح مؤسسات التعليم العمومي إلى المستثمرين الخواص في قطاع التعليم، خاصة أن العديد من القياديين بحزب العدالة والتنمية يملكون مدارس حرة، وأن رئيس رابطة المستثمرين في التعليم الخاص، هو عبد الهادي الزويتن، القيادي بحزب العدالة والتنمية، كما أن رئيس الحكومة بنفسه يملك العديد من المدارس الخاصة بكل من الرباط وسلا، كما تملك حركة التوحيد والإصلاح مدارس للتعليم الخصوصي، ما جعل عملية تفويت بنايات المؤسسات التعليمية العمومية إلى الخواص تثير الكثير من الأسئلة حول خلفياتها الحقيقية.
وفي جانب الصحة، تمكنت الحكومة من تمرير القانون المتعلق بالممارسة الطبية، يھدف إلى فتح الباب أمام الاستثمار التجاري في الصحة وإخضاع المريض للمنطق الذي سيفرضه نظام السوق التجاري، ما يتعارض مع المواثيق الدولية ومقتضيات الدستور الذي ينص صراحة على أن تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية (و ليس الشركات التجارية)، على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في العلاج والعناية الصحية، والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة. وأعطت الحكومة حق حيازة المصحات الخاصة للشركات التجارية والسماح للأطباء بتأسيس شركات وفق مقتضيات القانون التجاري المغربي، ما سيفتح الباب أمام الاستثمار التجاري في الصحة وإخضاع صحة المواطنين للمنطق الذي سيفرضه نظام السوق التجاري.
حكومة بنكيران تسير نحو خوصصة قطاع التعليم
مباشرة بعدما بدأ حزب العدالة والتنمية يقود التآلف الحكومي الحالي، الذي لم يبق له سوى بضعة أشهر لتنتهي ولايته، يجمع عدد من المراقبين على أن ذلك كان «طفرة» ظهرت معها ملامح الاقتصاد الحر في المغرب، أو ما يسمى باقتصاد السوق، الذي يسعى إلى الحد من تدخل الدولة في عدد من الخدمات الاجتماعية، من بينها التعليم.
وصدر أخيرا، تقرير عن لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمنظمة الأمم المتحدة، أثار العديد من التساؤلات حول خوصصة التعليم في المغرب، كما أن عددا من المنظمات المغربية، دقت ناقوس الخطر في ما يخص الوضعية التي آلت إليها وضعية التعليم، وبعثت تقارير، شكلت الأرضية التي بني عليها التقرير المذكور، عبرت عن قلق وصفتها الجمعيات والمنظمات المذكور بـ «المريب»، لأول مرة، ما جعل لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المذكورة، تطلب من الحكومة، توفير معلومات كافية، حول المدارس الخاصة، والتأثير الذي يمكن أن يكون للخوصصة على النظام التربوي. وطالبت اللجنة من حكومة بنكيران، توفير معلومات حول الإجراءات المتخذة من أجل تحسين جودة التعليم العمومي، بما في ذلك التعليم الأولي، مستندة على تقرير لتحالف منظمات دولية ومغربية، يشير إلى أن توجه الدولة نحو تخصيص 20 في المائة من التعليم للقطاع الخاص، مشددا على أن البرنامج الاستعجالي للنجاح الذي تبناه المغرب، ساهم بشكل كبير في «خوصصة المدرسة العمومية وتسليع التعليم».
التقرير الذي يلخص أوجه «الليبرالية» التي تبنتها حكومة عبد الإله بنكيران، ولم يغفل تصريحا كان أدلى به رئيس الحكومة في الذكرى الخمسين لتأسيس البنك الإفريقي للتنمية التي احتضنتها مدينة الرباط، حين أكد على أنه «حان الوقت كي تتراجع الدولة عن بعض القطاعات من قبيل التعليم، ودعم الفاعلين الخواص الذين يريدون الانخراط في هذه القطاعات»، قبل أن يشير إلى عمليات إغلاق العديد من المدارس العمومية، في المستويين الإعدادي والثانوي، خاصة في الدار البيضاء والرباط، وهو ما يشكل مؤشرا مقلقا، بحسب التقرير ذاته، يدل على تراجع التزام الحكومة، بالاهتمام بالتربية للجميع ومجانيتها وجودتها.
المعطيات التي جرى كشفها في هذا الصدد تبرز أنه في ظرف 15 عاما، تضاعف التعليم الابتدائي الخاص بثلاث مرات، فانتقل من 4 في المائة في 1999 إلى 14 في المائة في 2013، فنسبة التلاميذ المسجلين في التعليم الخاص تضاعف بثلاث مرات في ظرف 13 عاما، بارتفاع سنوي وصل في المتوسط 8 في المائة. وإذا ما ظلت الأمور على حالها، فإن نسبة تلاميذ التعليم الابتدائي، في الخمسة عشر سنة المقبلة، سيمثل بحسب التقرير ثلث التلاميذ، إذ إنه من بين ثلاثة تلاميذ سيلتحق تلميذ واحد بالتعليم الخصوصي، لكن في المقابل، سجل التقرير أن عدد الأطفال المسجلين في التعليم الابتدائي العمومي، تراجع منذ عام 2000، حيث لم يتعد عدد التلاميذ المسجلين فيه في سنة 2014، 3.47 مليون تلميذ، بينما كان يصل قبل أربعة عشرة عاما إلى 3.49 مليون تلميذ، ما يعني بحسب الوثيقة ذاتها، أن 80 في المائة من المدراس الخاصة الابتدائية والثانوية، تدرس بمقابل مالي، ما يعكس الهدف الربحي وراء إحداثها، وأن أغلب المدارس الخاصة تستهدف الأسر الغنية في المدينة، حيث يحول ذلك بين أغلب السكان، التي لا تتوفر على الوسائل المالية من أجل الولوج إلى تلك المدارس. ولفت التقرير الذي لخص وضعية التعليم في المغرب الانتباه إلى مصاريف التعليم في المدارس الخاصة، والتي قال إنها ليست مقننة أو محدد سقفها، مشيراً إلى أن تلك المصاريف تصل في المستوى الابتدائي إلى ما بين 40 دولارا و525 دولارا في الشهر. وهي مصاريف يدعو التقرير إلى مقارنتها مع الحد الأدنى للأجور الذي يصل إلى 260 دولارا في الشهر.
بلغازي : «حكومة بنكيران تتبنى خليطا من التوجهات في إطار الاقتصاد الرأسمالي»
- هل يمكن القول إن التوجه الاقتصادي للحكومة الحالية يسير في منحى ليبرالي؟
إن هذا الأمر مركب من واجهات متعددة، ولا يمكن الحسم من خلال ملاحظة ومتابعة طبيعة القرارات الحكومية، لنقول إن هناك توجها لدى هذه الحكومة في المنحى الليبرالي أو لا، خصوصا أن الحكومة ليست مستقلة عن البرلمان، وذلك في إطار تكامل بين المؤسسات، دون إغفال طبيعة مكونات الحكومة التي هي في الأصل تحالف بين أحزاب متباعدة من حيث الإيديولوجيا لدى بعض منها، وأنها تتألف من عدد من القوى وإن كانت كلها ملزمة ببرنامج حكومي معين. فهذا البرنامج لا يتحدث صراحة عن توجه ليبرالي، بل هو توجه في إطار اقتصاد رأسمالي بصفة عامة، لم يمكن لنا معه الجزم بأنه ليبرالي أو أنه يعتمد تدخلات الإدارة أو تشجيع التنافسية. وليست لدينا إيديولوجيا بقدر ما لدينا تعاطٍ مع الواقع، وبرنامج الحكومة ما هو إلا امتداد تاريخي لتحولات يعيشها المغرب، منها على سبيل المثال انفتاح السوق الذي هو مبني على معايير.
- لكن القرارات التي اتخذتها الحكومة في قطاعات حساسة تعمق الخوصصة وانفتاح السوق..
لا يمكن الحكم على توجهات الحكومة، علما أن البرنامج الحكومي لا يتحدث عن توجه ليبرالي للحكومة الحالية، وعلما أن التشكيلة الحزبية التي تتكون منها فيها بعض العناصر الاشتراكية. في المقابل، هناك توجه نحو انفتاح السوق من خلال عدد من قرارات الحكومة، وبالتالي فلا يمكن الجزم والحكم بصفة مسدودة على توجهات الأخيرة. وشخصيا أرى أن تعددية الأنظمة التعليمية على سبيل المثال، أمر غير مقبول إن الحكومة أرادت بصدق توفير جودة التعليم وتعليم متكافئ وجيد لجميع أبناء المغاربة، والمشكل لا يرتبط فقط بالحكومة بقدر ما يتعلق بطبيعة الأنظمة في تلك القطاعات من قبيل التعليم والصحة، والتي تستوجب التوفر على تصور دقيق يجيب عن سؤال البحث عن الجودة والطريقة المثلى للوصول للعدالة الاجتماعية، بالتكامل مع الجودة وحل المعضلات الاجتماعية التي هي قطب الرحى ومحل مربط الفرس، وليس ما إذا كان التوجه الناجع لبيراليا أو اشتراكيا، رغم أنني أعتبر أن الدولة مطالبة بالتدخل في القطاعات الحساسة من أجل ضمان توزيع عادل وتقليص الفوارق الاجتماعية بين الفئات.
- ألا يمكن لتوجيهات المؤسسات المالية العالمية أن تؤثر على قرارات الحكومة في تبني توجه دون آخر؟
إن الحكومة لديها الاختيارات المتعددة بين الاقتراض من صندوق النقد الدولي أو البنك الإفريقي للتنمية أو البنك الإسلامي، بالإضافة إلى السوق المالي العالمي، وبالتالي فمن المستبعد جدا الحديث عن كون هذه المؤسسات المالية الكبرى، خصوصا البنك الدولي، تؤثر على قرارات الدولة في قطاعات حساسة وذات أولوية عميقة.. فالمغرب دولة ذات سيادة. وكما أشرت فهناك امتيازات مالية حول القروض تقدمها تلك المؤسسات المالية العالمية، هي التي تحكم في اختيار الحكومة للاقتراض من بنك وعدم الاقتراض من آخر، وهي سيدة قرارها. غير أن هامش الحرية المالية الذي لدى الحكومة محدود من حيث الديون الخارجية، وقد نقول إن هذا الهامش هو الذي قد يؤثر على قراراتها وليست توجهات المؤسسات المالية الكبرى.
3 أسئلة لعلي لطفي : «الحكومة الحالية تتعامل وفق قيم النيوليبرالية المتوحشة»
- هل تحمل القرارات التي اتخذتها حكومة بنكيران في المجال الاجتماعي (الصحة، التعليم…) سمة ليبرالية؟
بالفعل هناك ازدواجية بين الخطاب والممارسة في التعاطي الحكومي مع المسألة الاجتماعية، فالحزب الحاكم يدعي أنه يؤمن بالديمقراطية ويسعى إلى تكريس العدالة الاجتماعية لكنه يمارس نقيضهما، يرفع شعار الشفافية ومحاربة الفساد وكل يوم يصطدم المواطنون بفضائح فساد أبطالها من الحكومة أو من المنتسبين لها.
إن قرارات الحكومة وخاصة الحزب الحاكم يستمدها من الفكر والقيم النيوليبرالية بل الليبرالية المتوحشة، إنه يقدس علانية القطاع الخاص والخوصصة وتدمير القطاع العام، فالسيد رئيس الحكومة الأستاذ بنكيران دعا في مناسبات عدة وهذا مسجل بالصوت والصورة بالقول «على الدولة أن ترفع يدها على التعليم والصحة، أي أنه يدعو إلى إنهاء دور الدولة وإنهاء القطاع العام، وتشجيع القطاع الخاص الذي يستثمر فيه، هذه القرارات أدت إلى مشاكل اجتماعية واقتصادية كبيرة ازداد معها عدد الفقراء واتسعت فجوة الفوارق في الدخل والفوارق الاجتماعية أمام ضعف الحماية الاجتماعية وتدني المستوى المعيشي للسكان».
- رفع الحكومة للديون المفروضة على المغرب لدى المؤسسات المالية الدولية هل هو سبب توجه الحكومة نحو الليبرالية بشكلها الحالي؟
أعتقد أن الحزب الحاكم يؤمن بالمنطق وبالمقاربة والتوجه النيوليبرالي، ويمكن أن نقول إنه كذلك تلميذ نجيب ينفذ ويطبق بشكل جيد ودون تعثر إملاءات المؤسسات الدولية دون أخطاء، وفي هذا السياق لم يسبق للمغرب أن وصل إلى هذا المستوى من المديونية إذا اعتمدنا على فترة حكومات عبد الرحمان اليوسفي وجطو وعباس الفاسي إلى اليوم.
نحن أمام رقم مهول وبفوائد مرتفعة جدا، فقد حطمت حكومة بنكيران الرقم القياسي في الاقتراض والمديونية بما لم تعرفه أية حكومة في تاريخ الحكومات المتعاقبة، لقد انتقلت مديونية المغرب من (19.37 مليار دولار) المسجلة في نهاية 2009 إلى أزيد من 60 مليارا دولار سنة 2015، أي حوالي 81 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهو ما ساهم في إثقال كاهل الأسر المغربية بالقروض العمومية، إذ سيكون على كل أسرة تتحمل أزيد من 29 ألف درهم من القروض، التي سيتعين عليها أداؤها، من خلال الضرائب التي تؤديها إلى الدولة، إضافة إلى رهن مستقبل أجيال بكاملها للمؤسسات المالية والشركات العابرة للقارات وتهديد وتقويض القرار الاقتصادي وحتى السياسي، مع العلم أننا لازلنا نؤدي اليوم فقط فوائد الدين وبأسعار فائدة مرتفعة جدا.
ويبقى السؤال المحير والذي لا تجيب عنه الحكومة، هو أين تنفق هذه القروض والديون ولفائدة من وفي أية استثمارات؟ خاصة مع تراجع فاتورة البترول وإعدام نظام المقاصة، علاوة على سوء تدبير المديونية الداخلية المرتفعة جدا وإفلاس المقاولات الصغرى والمتوسطة (ما يقارب 7000 مقاولة سنويا) بسبب المنافسة غير الشريفة من طرف شركات تركية غزت السوق الوطنية دون حسيب أو رقيب، في إطار اتفاقية غير متوازنة للتبادل الحر مع تركيا، وما نتج عنه من تسريح لليد العاملة وأجراء هذه المقاولات المغربية، والرمي بهم في أحضان البطالة، كما هو الشأن اليوم بجامعاتنا التي لم تعد تنتج إلا الخريجين العاطلين عن العمل، بسب فشل وإخفاق السياسات العمومية وركود الاقتصاد الوطني ونتيجة حتمية للمقاربة النيوليبرالية المتوحشة المعتمدة من طرف الحكومة الحالية.
- ما تأثير هذا التوجه الاقتصادي والمالي للحكومة الحالية على المواطنين وبالخصوص الأجراء والموظفين؟
لم يعد هناك مجال للشك في أننا أمام حكومة إسلامية تؤمن بالفكر والقيم وفلسفة النظام الليبرالي، إن لم نقل النيوليبرالي المتوحش، وتطبق حرفيا التوجهات العامة للاقتصاد النيولبيرالي المدمر لكل ما هو عمومي واجتماعي وإنساني، والذي يلغي دور الدولة ومسؤولياتها في دعم وتمويل القطاعات الاجتماعية من تعليم وصحة وسكن وماء وكهرباء، وتوفير مناصب الشغل للعاطلين من جهة، ومن جهة ثانية سمحت لنفسها برفع أسعار المواد الأساسية وخدمات الماء والكهرباء والنقل وأسعار السكن، بدعوى حرية الأسعار والمنافسة واقتصاد السوق، كما اختارت تحويل المشاريع الاجتماعية إلى مجرد صدقة أو إحسان من الحكومة إلى فقراء الأمة، كما وقع لمشروع الراميد أو نظام المساعدة الطبية لذوي الدخل المحدود، الذي تم تحويل أمواله بقدرة قادر إلى مجالات أخرى، وحرمان ملايين من الفقراء من الرعاية الصحية ومن مجانية العلاج، مما كانت له انعكاسات جد سلبية على القدرة الشرائية للطبقة العاملة من موظفين وموظفات وعمال وعاملات، وكذلك الشأن بالنسبة للمتقاعدين والفئات الفقيرة والمتوسطة في المجتمع.
إن عجز الحكومة وإخفاق سياساتها الليبرالية المتوحشة وما نتج عنها من مآس اجتماعية وأزمة مالية جعلها ترفض تطبيق حتى المقتضيات الدستورية المتعلقة بالحوار الاجتماعي كآلية مؤسساتية للتفاوض والتشارك بين الفرقاء الاجتماعيين، بدءا بتجريمها للإضراب، باللجوء إلى تأويل آية قرآنية والاقتطاع من أجور المضربين دون سند قانوني، ورفضها تنزيل المادة الثامنة من الدستور لتنظيم المشهد النقابي عبر قوانين واضحة، ومحاولة فرضها لمشاريع قوانين مجحفة كالإصلاح المقياسي لنظام التقاعد، وبالتالي اختارت المنهج النيوليبرالي المتوحش لإعدام الحوار الاجتماعي حتى لا تنفذ اتفاق 26 أبريل 2011 مع النقابات، ومواجهة الاحتجاجات السلمية بالعنف والتهديد. وعلى سبيل المثال لا الحصر التعاطي مع ملف الأساتذة المتدربين من مناورات وتهديد ووعيد لحرمانهم من الإدماج المشروع، وبعد 5 أشهر من الاحتجاجات تعود لتقبل بمحضر اتفاق بين والي الرباط والنقابات والمجتمع مدني، مقابل رفضها لمحضر 20 يوليوز القاضي بتوظيف وإدماج الأطر العليا المعطلة والموقع بين حكومة عباس الفاسي وممثلي الأطر العليا والمرسوم الصادر عن نفس الحكومة، وبالتالي نحن مع حكومة تكيل بمكيالين لا رؤية ولا تصور لها إلا الارتجال والعشوائية والظرفية من منطلقات نيوليبرالية متوحشة.