أعلن البيت الأبيض العثور على وثائق سرية في منزل الرئيس الأمريكي جو بايدن الخاص، في ويلمنغتون بولاية ديلاوير. ويعود تاريخ تلك الوثائق إلى فترة تولي بايدن منصب نائب الرئيس خلال عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما.
وأعلن بايدن «تعاونه الكامل» مع القضاء في ملف الوثائق السرية، التي تشكل إحراجا للبيت الأبيض، في وقت تحقّق السلطات في فضيحة أكبر بكثير ترتبط بإساءة استخدام الرئيس السابق دونالد ترامب وثائق سرية.
أعلن البيت الأبيض العثور على وثائق مصنفة على أنها سرية في منزل الرئيس بولاية ديلاوير، وذلك بعد أيام من الإعلان عن العثور على وثائق حساسة في مركز بين بايدن للأبحاث في واشنطن.
وأفادت شبكة (إن.بي.سي نيوز)، نقلا عن مصدر لم تسمه، بأن معاوني الرئيس الأمريكي جو بايدن اكتشفوا مجموعة من الوثائق السرية في مكتب بمركز أبحاث كان يستخدمه بعد أن شغل منصب نائب الرئيس.
وذكرت الشبكة أن معاوني بايدن يبحثون عن مواد سرية إضافية قد تكون في مواقع أخرى بعد العثور على مجموعة من الوثائق السرية في نونبر في مركز الأبحاث الذي مقره واشنطن.
وقال التقرير إن مستوى تصنيف الوثائق الجديدة وعددها وموقعها الدقيق لم يتضح بعد، وأضاف أنه لم يتضح أيضا موعد اكتشاف هذه الوثائق.
ويأتي تقرير (إن.بي.سي نيوز) بعد يومين من إعلان محامي البيت الأبيض عن اكتشاف محامي بايدن الشخصيين في نونبر وثائق سرية تعود لفترة توليه منصب نائب الرئيس في مركز بين بايدن للدبلوماسية والمشاركة العالمية.
واكتشف محامو بايدن نحو 12 من السجلات السرية داخل المكتب في مركز الأبحاث وأبلغوا الأرشيف الوطني الأمريكي بذلك، وسلموا المواد وقالوا إنهم يتعاونون مع إدارة الأرشيف ووزارة العدل في هذا الصدد.
وأفادت شبكة «سي إن إن» الأمريكية، نقلا عن مصدر مطلع، بأن من بين الوثائق السرية التي تم العثور عليها في مكتب الرئيس جو بايدن كانت مذكرات استخباراتية متعلقة بأوكرانيا وإيران وبريطانيا.
وأوضح المصدر لـ« سي إن إن»، يوم الثلاثاء الماضي، أن الوثائق السرية التي تم العثور عليها في مكتب بايدن الخاص، تعود للفترة بين عامي 2013 و2016، وأضاف أن الوثائق تم العثور عليها داخل ثلاث أو أربع علب مع وثائق أخرى غير سرية.
وكشف المصدر أن معظم الوثائق التي عثر عليها الخبراء القانونيون هي وثائق شخصية لعائلة بايدن، بما في ذلك ما يتعلق بتنظيم جنازة بو بايدن، نجل الرئيس جو بايدن الذي توفي في 2015، ورسائل التعزية.
«عدد قليل» من الوثائق السرية
قال ريتشارد ساوبر، المستشار الخاص للرئيس الأمريكي بايدن، إنه بعد أن عثر محامو بايدن الشخصيون على الوثائق الأولية، قاموا بفحص مواقع أخرى ربما تم شحن سجلات إليها بعد مغادرة بايدن منصبه كنائب للرئيس عام 2017.
وأشار ساوبر إلى أنه تم العثور على «عدد قليل» من الوثائق التي تحمل خاتم سري في منطقة للتخزين في مرأب منزل بايدن في ويلمنغتون، مع وجود وثيقة واحدة في غرفة مجاورة.
وقال بايدن، يوم الثلاثاء الماضي، إنه وفريقه يتعاونون بشكل كامل مع تحقيق في الأمر.
بايدن، الذي وصف سابقا احتفاظ ترامب بمئات من مثل هذه السجلات في منزله بمنتجع «مار إيه لاغو» في فلوريدا، بأنه فعل «غير مسؤول»، نفى هذه المرة علمه بمحتوى الوثائق التي عُثر عليها في مكتبه السابق، وتعود لفترة عمله نائبا للرئيس الأسبق باراك أوباما.
وقال بايدن للصحافيين، بعد قمة في مكسيكو سيتي: «تم إطلاعي على هذا الاكتشاف وتفاجأت عندما علمت أن هناك سجلات حكومية تم نقلها هناك إلى ذلك المكتب، لكنني لا أعرف ما هو موجود في الوثائق».
وفي بيان له، قال ريتشارد ساوبر، المستشار الخاص لبايدن: «يتعاون البيت الأبيض مع الأرشيف الوطني ووزارة العدل في ما يتعلق باكتشاف ما يبدو أنه سجلات إدارة أوباما – بايدن، بما في ذلك عدد قليل من الوثائق تحمل العلامات السرية».
وأضاف البيان: «تم اكتشاف الوثائق عندما كان المحامون الشخصيون للرئيس يقومون بتعبئة الملفات الموجودة في خزانة مقفلة للتحضير لإخلاء مكتب في مركز «Penn بايدن» في العاصمة واشنطن».
وتابع: «استخدم الرئيس هذا المركز بشكل دوري من منتصف عام 2017 حتى بداية حملة 2020.. في يوم هذا الاكتشاف، 2 نونبر 2022، أخطر مكتب مستشار البيت الأبيض الأرشيف الوطني».
وأكمل البيان: «استحوذ الأرشيف على تلك المواد صباحا.. تم اكتشاف هذه الوثائق من قبل محامي الرئيس. لم تكن الوثائق موضوع أي طلب سابق أو استفسار من قبل الأرشيف».
واستطرد: «منذ هذا الاكتشاف، تعاون المحامون الشخصيون للرئيس مع إدارة المحفوظات ووزارة العدل في عملية لضمان حفظ أي سجلات لإدارة أوباما – بايدن بشكل مناسب في حيازة المحفوظات».
تعيين محقق خاص
أعلن وزير العدل الأمريكي، ميريك غارلاند، أول أمس الخميس، تعيين محقق خاص في قضية العثور على وثائق سرية في منزل بايدن.
وقال غارلاند، في مؤتمر صحفي في العاصمة واشنطن، إنه واثق في المحقق روبرت هور، لأنه سيجري الأمر بشكل مهني وسريع.
وأضاف أن الرئيس بايدن أبلغ، في أواخر دجنبر الماضي، بأن وثائق سرية جديدة وجدت في مرأب منزله في ولاية ديلاوير.
وبحسب الوزير الأمريكي، فإن بايدن كشف أن تلك الوثائق تعود إلى فترة عمله عندما كان نائبا للرئيس باراك أوباما.
وأضاف أن عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» توجهت إلى المكان وأمّنت الوثائق.
وقال وزير العدل الأمريكي إن نتائج التحقيق الأولي التي اطلع عليها، في وقت سابق من يناير الجاري، تظهر أهمية تعيين مدع خاص في القضية.
وتابع: «أنا استنتجت، حسب القوانين، أنه من المصلحة العامة أن يتم تعيين مدع خاص (في قضية الوثائق السرية)».
وأضاف: «سنحقق في إمكانية إذا كانت الوثائق السرية التي عثر عليها في مقرات بايدن تخرق القانون».
واعتبرت شبكة «سي إن إن» الأمريكية أن تعيين محقق خاص في القضية لحظة فارقة لبايدن، الذي تمكن خلال العامين الماضيين من الابتعاد عن المشاكل القانونية.
وبوجود محقق خاص في هذه القضية، بالإضافة إلى «التوجه العدواني» الجديد لمجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون، فإن بايدن سيكون في موقف دفاعي خلال العامين المتبقيين من ولايته.
دعوة جمهورية للتحقيق مع بايدن
شكل الموضوع الجديد مادة رئيسية للحزب الجمهوري، الذي يحمل إدارة بايدن مسؤولية عدد كبير من الملفات، ومن بينها أزمة المهاجرين على الحدود الجنوبية وتدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد. كما أن عددا من السياسيين الجمهوريين الذين صرفوا النظر عن اكتشاف مواد سرية خلال مداهمة مكتب التحقيقات الفيدرالي لمنزل ترامب، أعربوا عن غضبهم من الموقف المشابه الذي وقع فيه بايدن.
وفي هذا السياق، دعا رئيس مجلس النواب الأمريكي، كيفن مكارثي، الكونغرس للتحقيق مع الرئيس جو بايدن في قضية الوثائق السرية التي وجدت بمنزله الخاص.
وأشار مكارثي إلى أنه «تم اكتشاف وثائق بايدن السرية قبل الانتخابات الأخيرة»، متسائلا: «لماذا لم تتم مداهمته؟ يعتقدون أنهم فوق القانون».
وأعلن النائب الجمهوري بمجلس النواب الأمريكي، بول غوسار، أن النواب الجمهوريين بالكونغرس يعتزمون إجراء تحقيق حول إساءة الرئيس جو بايدن استغلال وثائق حكومية سرية.
وقال غوسار: «جو بايدن سرق وثائق سرية وأخفاها في مكتبه أثناء عمله نائبا للرئيس، لكن الديمقراطيين لا يكترثون لذلك. يُعد الاحتفاظ بوثائق سرية جناية عقوبتها السجن لمدة قد تصل إلى 10 سنوات. وسيجري الجمهوريون في الكونغرس تحقيقا ويرون ما إذا كان بايدن سيقدم تبريرا لجرائمه».
أما النائبة الجمهورية، مارجوري تايلور غرين، فاعتبرت أنه يجب محاسبة المدعي العام «ميريك غارلاند، ووزارة العدل، إذا لم يعاملوا جو بايدن بالطريقة نفسها التي يعاملون بها الرئيس ترامب».
وقالت في تغريدة على «تويتر»: أخذ جو بايدن وثائق سرية من البيت الأبيض عندما كان نائبا للرئيس، لا يملك نائب الرئيس سلطة رفع السرية، فقط الرئيس يمكنه ذلك، سرق جو بايدن وثائق سرية. هذه جريمة خطيرة للغاية. لا تستطيع وزارة العدل وهيئة الأرشيف الوطني التخلص من هذا الأمر واضطهاد ترامب».
أما عضو الكونغرس، روني جاكسون، فكتب عبر «تويتر»: «لقد تم اكتشاف أن بايدن لديه مستندات مصنفة سرية تم تخزينها بشكل غير صحيح في أحد مكاتبه الخاصة. أين مكتب التحقيقات الفيدرالي؟ أين الغارة الدراماتيكية؟ لدينا نظامان للعدالة في هذا البلد: واحد لهم والآخر لنا».
واعتبر جاكسون أن «بايدن يحول مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى شرطته السرية. هذه الإدارة هي عدو الشعب الأمريكي».
وكشف عضو بالحزب الجمهوري الأمريكي لمنابر إعلامية الفرق بين الوثائق السرية لدى الرئيسين الأمريكيين الحالي جو بايدن والسابق دونالد ترامب.
وأكد أن قضية الوثائق السرية التي عثر عليها في منزل الرئيس الديمقراطي جو بايدن أخطر بكثير من قضية الوثائق السرية التي عثر عليها في منزل الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب، لأن الأخير كان يملك صلاحية رفع السرية عن الوثائق، بينما بايدن حصل على تلك الوثائق وهو نائب للرئيس ولا يملك صلاحية رفع السرية عن الوثائق».
من جهة أخرى، فإن الديمقراطيين الذين دانوا علنا تصرف ترامب، كانوا حذرين في تعليقهم على تصرف بايدن.
وقال النائب الديمقراطي، آدم شيف: «لا نرى أي دليل على النية المتعمدة (لتصرف بايدن مع الوثائق)، أو إعاقة العدالة، كما نرى في حالة دونالد ترامب ومار إيه لاغو».
واتهم النائب الديمقراطي الآخر، بيت أغيلار، الجمهوريين بـ«النفاق»، وقال إن بايدن اتبع «العملية المتبعة» حيث قام بتسليم الوثائق بمجرد اكتشافها.
ومن جهته، كان ترامب من أوائل المعلقين على «وثائق بايدن»، مطالبا مكتب التحقيقات الفيدرالي بمداهمة منازل بايدن، سيما أنه يخضع لتحقيق جنائي بسبب احتفاظه بمئات الوثائق السرية عندما غادر البيت الأبيض وفشل في إعادتها حتى بعد استدعائه من قبل الحكومة. وقال الرئيس السابق، على حسابه في منصة تروث سوشيال، «متى سيقوم مكتب التحقيقات الفيدرالي بمداهمة العديد من منازل جو بايدن، وربما حتى البيت الأبيض؟»، وأضاف «لم يتم رفع السرية عن هذه الوثائق بالتأكيد».
يذكر أنه في الثامن من غشت داهم مكتب التحقيقات الفيدرالي، «مار إيه لاغو»، مقر إقامة ترامب في فلوريدا، وصادر صناديق تحوي آلاف الوثائق السرية، التي لم يقم الرئيس الجمهوري السابق بإعادتها عند مغادرته البيت الأبيض، رغم الطلبات المتكررة.
يشار إلى أن بعض هذه الوثائق مصنفة تحت بند «السرية الدفاعية».
إدوارد سنودن: «القصة ليست جديدة»
قال الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأمريكية، إدوارد سنودن، الذي فر من الولايات المتحدة قبل سنوات واستقر في روسيا، إن «القصة ليست جديدة»، مضيفا أن كثيرين «قبله (بايدن) احتفظوا بوثائق سرية، ومنهم الرئيس السابق دونالد ترامب والرئيس الأسبق بيل كلينتون، ومدير المخابرات المركزية الأمريكية «سي آي إيه»، ديفيد بتريوس».
وأضاف سنودن، وفق ما نقلت عنه وكالة «تاس» الروسية، أنه لم «تجر عملية مقاضاة هؤلاء».
وقال سنودن إن بايدن قام بتهريب الكثير من الوثائق السرية بما يفوق أي عدد آخر، إبان عهد أوباما.
وذكر: «تجدر الإشارة إلى أن الرئيس (بايدن) هرّب مستندات سرية أكثر مما فعل أي شخص آخر كشف عن أمور سرية».
وتابع: «للمقارنة، فقد حكم على امرأة اسمها ريالتي وينر بالسجن 5 سنوات لمجرد كشف وثيقة واحدة، أما ترامب وكلينتون وبتريوس فلديهم العشرات والمئات (الوثائق)، ولم يتعرضوا للسجن».