شوف تشوف

الافتتاحية

العثماني يختبئ وراء أصبعه

نسي رئيس الحكومة الكلام الكبير والشعارات الثقيلة التي أطلقها حزب العدالة والتنمية خلال الحملات الانتخابية في استحقاقات 2011 و2015 و2016 واعدا المغاربة بالاعتماد عليه في محاربة الفساد وقاطعا التزاما بنقل بلدنا في تصنيف منظمة الشفافية الدولية من الرتبة 80 إلى الرتبة 40، وفضل تحويل جلسة دستورية مخصصة لتقديم حصيلة حكومته لولاية كاملة للاختباء وراء ما سماهم «لوبيات الفساد» التي تعرقل تدبير الحزب الحاكم، كوسيلة مناسبة للهروب من المساءلة والمحاسبة.
فهل من المعقول أن تمنح صناديق الاقتراع المرتبة الأولى للحزب الذي رفع شعار محاربة الفساد ويكتفي بعد عشر سنوات من التدبير بجلسات لطم الخدود من مضايقات الفساد؟ وهل من المعقول قبول مشجب أن سبب فشل حكومتي العدالة والتنمية في محاربة الفساد هو وجود «لوبيات» مهما ثقل وزنها؟ وهل من المعقول أن يحوز رئيس الحكومة كل السلط الدستورية والقانونية وتوضع الإدارة تحت تصرفه ويكون التعيين في المناصب العليا تحت إرادته، وكل المفتشيات الوزارية رهن إشارته ويأتي إلى البرلمان للتباكي من ظلم الفساد؟.
لقد أصبح واضحا أن لا أمل يرتجى من محاربة الحزب الحاكم للفساد رغم ما توفر عليه من سلطات دستورية ودعم انتخابي لم تكن متاحة للحكومات السابقة، لكنه فضل أن يبقى مكتوف اليدين، خائفا على امتيازاته فاقدا للجرأة والإرادة في خوض معركة طاحنة مع كل مظاهر الفساد المالي والإداري والسياسي التي تكلف بلدنا 50 مليار درهم سنويا.
لا أحد من المغاربة يفهم لماذا لا يختصر أمين عام الحزب الحاكم المسافات ويقول بصراحة بعيدا عن لعبة الاختباء وراء الأصبع إني وسلفي فشلنا فشلا ذريعا في محاربة الفساد ونعتذر عن عدم تنفيذ تعهدات حزبنا التي جعلتنا نتصدر الانتخابات لولايتين حكوميتين. نحن آسفون ليس لدينا ما نخفيه لقد عجزنا عن وقف نزيف الفساد ولم يكن أمامنا من خيار للاستمرار في السلطة والاستفادة من منافعها وامتيازاتها سوى التعايش معه قدر الإمكان.
آنذاك كان جزء من المغاربة سيظهرون بعض الاحترام وسيجدون بعض الأعذار لرئيس حكومة تكلم هو وحزبه كثيرا عن الفساد، وصاغا حوله الحكايات والبطولات لكي لا يفعلا أي شيء يقلق مواقع الفساد، أما أن يختار رئيس الحكومة لغة الخشب وخطاب الهروب إلى الأمام ويحاول الظهور بمظهر الضحية، فهو بذلك يدخلنا في نفق التبرير الذي لن ينفعنا ولن يغير من الواقع قيد أنملة، إذ إنه عندما يبرر فشله في مواجهة الفاسدين فهو كمن يريد الاختباء خلف أصابعه، وهل يمكن لأحد خصوصا إذا كان رئيس حكومة دولة أن يختبئ خلف أصبعه؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى