بقلم: خالص جلبي
في (الفيزياء الذرية) أعلن الفيزيائي «أولرت» من معهد «سيرنCERN » في جنيف عن تصنيع مضاد المادة ANTIMATERIAL))، فأمكن تركيب ذرة مقلوبة الهيئة من بروتون سالب وإلكترون موجب (بوزيترون). إذا اجتمع الضدان (المادة وضدها) تولدت طاقة أعظم من كل طاقة حلم بها الإنسان.
وفي (الكوسمولوجيا) أعلن عن العثور على (كوكب بيغاسوس) يبعد 52 سنة ضوئية عن النظام الشمسي، بتطبيق ظاهرة (ترنح النجم)، وأعلن عن كشف أرض توأم تبعد عنا بعشرة آلاف سنة ضوئية، ورست مركبة «الباثفايندر» على سطح المريخ؛ لتندلق من أحشائها عربة «السوجرنير» الأنيقة، مزودة على ظهرها كسلحفاة، بمائتي حجرة ضوئية للطاقة، تعاين سطح المريخ بعيون ثلاثية الأبعاد، تنحني بأنفها، تشم سطح المريخ العابق بأكاسيد الحديد الحمراء، تقول: لا المس مس أرنب ولا الريح ريح زرنب! وحاليا عرفنا أن الثقب الأسود هو من يمسك مركز المجرة.
وفي (البيولوجيا) بعد إعلان «إيان ويلموت» من اسكتلندا، عن أول نجاح له في توليد النعجة دوللي، بواسطة الاستنساخ الجسدي، تبعها جيلان «بوللي» و«بوني» بنعجات تحمل جينات بشرية، تدب على الأرض لا شية فيها تسر الناظرين، وقفزت أجيال متراكبة من خمسين فأرا، تقفز بمرح ورشاقة، من الاستنساخ الجسدي في نسخ تترى، نجحت فيها التجربة بعد خمسين محاولة، عرضها اليابانيون في المؤتمر العلمي بنيويورك بما عرف بـ(تكنيك هونولولو)، ومن أوريغون في أمريكا تمت عملية استنساخ مرادفة طبقت على القرود، في قفزة نحو الاستنساخ الإنساني؛ عندما توقع «لي سيلفر»، عالم الجزيئات البيولوجي، أول نسخة إنسانية خلال سنوات .
وفي (الأنثروبولوجيا) استطاع الأمريكي «دونالد جوهانسون» انتشال هيكل «لوسي LUCY» المدفون في طبقات الأرض، في مثلث عفار بالحبشة، وبتطبيق تقنية (الأرغون ـ البوتاسيوم) المشع أمكنه أن يحدد عمر أنثى تمشي منتصبة بطول 120 سنتيمترا، وبحجم دماغ لا يزيد على 450 سنتيمترا مكعبا، يعود إلى زمن سحيق يرجع إلى 3,2 ملايين سنة. واستطاع زميله «تيم وايت TIM WHITE»، وبواسطة تمويل سيدة أمريكية ثرية محبة للعلم، أن يعلن عن كشف هيكل عظمي يعود إلى 4,6 ملايين سنة، ضاربا الرقم القياسي في عمر الإنسان السحيق، أعطاه اسم (أرديبيتيكوس راميدوس) في اقتراب حثيث لجذور وجود الإنسان الأولي، التي تقدر بـ(5 – 7 ملايين سنة)، ليلحقه بعد ذلك فريق تشاد ـ برونيت، فيرفعوا الرقم مجددا إلى قريب من سبعة ملايين من السنين. وفي المغرب سارع بعض الجهلة ليقولوا إن المغرب كشف عن أقدم إنسان، وهو خبر عالجته أنا في مقالة سابقة.
وفي (الطب) أعلن الأخوان الصقليان «فاكانتي» عن ثورة جديدة في استنبات الأعضاء، بتعاون علم البيولوجيا والكمبيوتر والهندسة الحيوية؛ فنجحا في استنبات أربعة عشر نوعا من الأنسجة، وكبد جرذ، وذراع إنسانية غير كاملة، ليلحقه تكنيك جديد لتوليد الأعضاء، بما يشبه الاستنساخ المتطور، بالاستفادة من الخلايا بعد تميزها، ودفعها باتجاه توليد عضو بذاته، من قلب ووعاء وكلية .
ويتقدم الطب بكسر المسلمات السابقة، كما فعل جراح العظام الروسي «إليزاروف»، بمعالجة العظم ليس بالتجبير، بل بالكسر، عندما اهتدى إلى طريقة انقلابية في معالجة قصر القامة، التي كانت قدرا بيولوجيا؛ فمط الأقزام؛ بتسخير قانون ضد قانون، بالاستفادة من آلية النمو داخل البدن، سنة الله في خلقه .
وفي (الكيمياء) قفز العلم إلى حل مشكلة جنسية يعاني منها الرجال منذ أيام حمورابي، بالإعلان عن الماسة الزرقاء (VIAGRA)، تم تركيبها بصدفة جانبية لمعالجة ضعف الانتصاب عند الرجل، سواء عضويا أو نفسيا. وهو بحث كتبته في مقالة موسعة، حين انفجرت القنبلة الإعلامية فعالجنا المسألة بالعلم.
وفي (علم الخلية) أعلن الثنائي «جيري شاي» و«وودرنج رايت» من تكساس، عن استنساخ إنزيم «التيلوميراز» وحقنه في الخلايا؛ فأعطاها فسحة جديدة من العمر؛ فتابعت انقسامها بهمة لا تعرف الكلال، في مؤشر إلى إمكانية مط أعمار الناس قرونا كثيرا، مذكرا بقصة أصحاب الكهف.
وفي (أبحاث الأعصاب) بالسويد من جامعة «لوند» أعلن طبيب الأعصاب، «وايدنر»، عن بداية رحلة زرع الدماغ، بتقنية الاستفادة من بقايا (الأجنة الساقطة) في عزل خلاياها العصبية، وإعادة زرعها بنجاح في أدمغة المصابين بداء (باركنسون الرقصي) لتحل مكان الخلايا التالفة، في كسر مريع لعقيدة ثبات الخلايا العصبية .
وفي (أبحاث الجينات) من لوس ألاموس وصل العلماء بمشروع الماموت الجديد (الجينوم البشري= HGP) العالمي إلى فك الشيفرة الوراثية عند الإنسان، وأعلن «كريج فينتر» عن فتح (الطريق السريع) لكشف الكود الإنساني، مسخرا ثلاثمائة كمبيوتر، تعمل أطراف النهار وآناء الليل، بكمبيوترات لا تعرف الاستراحة وشرب القهوة، تقدح بيديها أشعة الليزر، فوق أسرار نواة الخلية، وتقوم (جراحة الجينات) بأخطر لعبة على الإنسان منذ أن بدأت الخليقة رحلتها؛ فسبق مشروع الجينوم.
وفي أبحاث (التاريخ) قامت الكنيسة بما يشبه (بيريسترويكا= وتعني إعادة الهيكلة، وهو برنامج إصلاحي على طريقة غورباتشوف الروسي في الشيوعية) داخلية، بالسماح للعلماء بدخول أقبية الفاتيكان، يطلعون على 4500 ملف سري، من عصور ظلمات التعصب الديني وحرق قريب من مليون امرأة بتهمة السحر، أو الكتاب الأسود الذي يعرض جرائم الشيوعية، تقتل قريبا من مائة مليون إنسان، باسم يقين الإيديولوجية.
جرت العادة أن الموتى لا يتكلمون، وإلى المحاكم لا يحضرون، وبشهاداتهم لا يدلون، ولكن علم (حفريات الجينات) توصل إلى تطوير علم خاص بالمقابر والجثث وبقاياهم في إنطاق الموتى، واستحضار تعابير الوجه من بقايا الجماجم وهي رميم، وقراءة صفحات لغات منقرضة لم يبق حي واحد من أهلها ينطقها، وإحياء تاريخ شعوب بادت، وقصص حضارات انهارت وغيَّبها الزمن .
واعتبر المفكر الفرنسي «جاك أتالي» أخطر خمسة تحديات تواجه مستقبل الجنس البشري في القرن المقبل هي: جراحة الجينات بجانب تلوث البيئة والسلاح النووي والمخدرات وازدياد التصدع بين الشمال والجنوب؛ فيزداد الأغنياء غنى فوق غناهم، والفقراء تعاسة إلى تعاستهم، في جنة وجحيم أرضيين من نوع جديد، ويغرق العالم في عنف جديد من قيم متردية؛ فالسياسة بلا مبادئ، والغنى بدون عمل، والتجارة بدون أخلاق، والمعرفة بدون فضيلة، واللذة بدون ضمير، والعلم بلا إنسانية، والعبادة بدون الاستعداد للتضحية .
نافذة:
في علم الخلية أعلن الثنائي «جيري شاي» و«وودرنج رايت» من تكساس عن استنساخ إنزيم «التيلوميراز» وحقنه في الخلايا فأعطاها فسحة جديدة من العمر