إعداد: محمد اليوبي – كريم أمزيان – النعمان اليعلاوي
أثارت مصادقة لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب على القانون المتعلق بالعمال المنزليين، والذي يسمح بتشغيل الخادمات القاصرات في سن 16 سنة، الكثير من الجدل في الآونة الأخيرة، ما يفتح المجال لتسليط الضوء على وضعية الأطفال بشكل عام خلال الولاية الحكومية الحالية، خاصة أن منظمات وطنية ودولية أصدرت تقارير وإحصائيات صادمة حول وضعية أطفال المغرب، وسجلت تزايد الاعتداءات على الأطفال، وكذلك ارتفاع نسبة الهدر المدرسي وتفشي ظاهرة أطفال الشوارع والمتخلى عنهم.
هناك أرقام صادمة تتعلق بتشغيل الأطفال القاصرين بالمغرب، وأكد البحث الدائم حول التشغيل الذي نشرت نتائجه المندوبية السامية للتخطيط، بمناسبة اليوم العالمي لمحاربة تشغيل الأطفال، أن عدد الأطفال المشتغلين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 7 وأقل من 15 سنة، بلغ 92 ألفا، أي ما يعادل 1.9 بالمائة من مجموع الأطفال الذين ينتمون لهذه الفئة العمرية، رغم أن المكان الطبيعي لهؤلاء الأطفال هو المدرسة وليس خارجها، وحماية الأطفال في العمل تشكل جزءا هاما من الحقوق الإنسانية التي تكفلها المواثيق والمعايير الدولية ذات الصلة، وتحميها أحكام الدساتير والقوانين الوطنية، باعتبار أن عمل الأطفال في سن مبكرة وأحيانا في أسوأ الأشكال، يعد انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان الأساسية، وهو ما عبر عنه المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تقريره، حيث وعد بالقيام بحملة ترافع من أجل القضاء التام والنهائي على تشغيل الأطفال، والذي اعتبره نابعا ليس فقط من قناعة مبدئية، وإنما هو إفراز لواقع مقلق أكده باستمرار البحث الدائم حول التشغيل.
أرقام صادمة
على الرغم من أن المغرب يصنف على أنه ثالث الدول العربية إنفاقا على التعليم بنسبة 5.5 في المائة من الدخل الوطني، فإنه لا زال يحتل مراتب متأخرة في عدد من المؤشرات، حيث سجلت مختلف التقارير ارتفاع نسب الهدر المدرسي، إذ إن 10 في المائة من الأطفال لا يلتحقون بالمدرسة. وسجلت التقارير الدولية أن 13 في المائة من الأطفال المغاربة لم ينتقلوا إلى مرحلة التعليم الثانوي الإعدادي لأسباب مختلفة، وأن حوالي 34.5 في المائة فقط هي نسبة التلاميذ التي تلتحق بالتعليم بالثانوي، و10 في المائة تتمكن من الالتحاق بالتعليم العالي بسبب الهدر المدرسي في مختلف مستويات التعليم، ولم يتمكن المغرب من تحقيق تعميم التعليم الأساسي الشامل نتيجة عدم قدرته في الارتقاء بمعدل القيد الصافي للأطفال في مراحل التعليم الابتدائي والإعدادي.
وسجلت المعطيات الرقمية الواردة في تقرير “اليونسكو”، أن معدل الأطفال الذين لا يلتحقون بالمدارس قبل الابتدائي بلغ نحو 20 في المائة بالنسبة للذكور و47 في المائة بالنسبة للإناث.
وحسب تقرير صادر عن الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة، فإن معدل وفيات الأمهات والرضع في المغرب يعد واحدا من أعلى المعدلات في العالم، وتعرف هذه النسبة تفاوتات صارخة بين الجهات والمدارين الحضري والقروي. وتعزى هذه الوفيات إلى عدم توفر الشروط الصحية اللازمة للولادة، ولم تحقق الحكومة الحالية هدف خفض معدلات وفيات الأطفال إلى 23 وفاة لكل 1000 ولادة حية، وتقليص معدل وفيات المواليد الجدد من 19 إلى 12 وفاة لكل 1000 ولادة حية، وخفض وفيات النساء عند الولادة إلى 50 وفاة لكل 100 ألف ولادة حية، وظل ارتفاع وفيات الأمهات أثناء وبعد الوضع ما بين 120 إلى 130 في كل ألف ولادة حية. والأطفال دون سن الخامسة تفوق نسبتهم 31 وفاة لكل 1000 ولادة حية، لذلك صنف تقرير دولي المغرب ضمن خانة الدول التي لم تتمكن من تحقيق الهدف الإنمائي للألفية (2000-2015). وحسب إحصاءات عدد من المنظمات الأممية، فإن المغرب مازال متأخرا في التصدي لوفيات الأطفال الذين يبلغون أقل من خمس سنوات، رغم كل الجهود المبذولة، إذ مازال متخلفا عن بلدان المغرب العربي، حيث لم تسجل في تونس، حسب إحصاءات هذه المنظمات دائما، سوى 14 حالة وفاة لكل 1000 ولادة حية.
وهناك إحصائيات سجلت تزايد ظاهرة أطفال الشوارع وتزايد حالات اغتصاب الأطفال، وارتفاع معدل العنف ضد النساء، وتزايد حالات زواج الطفلات القاصرات. كما أبانت إحصائيات جديدة صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، ارتفاع معدل تشغيل الأطفال، بينهم أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 7 سنوات و15 سنة، ما يطرح عدة أسئلة حول الإجراءات المتخذة من طرف وزارة الأسرة والتضامن وحماية الطفولة، بعد تجميد أغلب القوانين والمبادرات التي تقوم بها الوزيرة المشرفة على القطاع، بسيمة الحقاوي، والتي أقبرت بدورها جميع المشاريع التي وضعتها الوزيرة السابقة، نزهة الصقلي، خاصة في ما يتعلق بمجال حماية الطفولة.
غياب الحماية
رصد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تقرير خاص عن مراكز الحماية الاجتماعية، جملة من الاختلالات، حيث قام المجلس بتحليل واقع الأطفال المودعين في مراكز حماية الطفولة، ولاحظ وجود مجموعة من المشاكل تجعل من مسار عملية إيداع الأطفال مراكز حماية الطفولة، غير متلائمة مع المعايير الدولية ذات الصلة سواء على مستوى البنية التحتية، أو على مستوى الإشراف والتأطير وظروف العيش والأمن والسلامة، خاصة بالنسبة للأطفال دون سن 12 عاما والأطفال في وضعية إعاقة، فضلا عن موقع الطفل في مسار المحاكمة وسبل التظلم وإيداع الأطفال بدون تصنيف قائم على السن أو سبب الإيداع.
وكشف تقرير المجلس أن عددا كبيرا من الأطفال المودعين في هذه المراكز، يتعرضون لمعاملة سيئة، نظرا لافتقاد هذه المراكز للمعايير المعتمدة في مجال الاستقبال والتكفل بالأطفال.
وأشار التقرير إلى أن هذه المراكز تؤوي أطفالا تختلف أعمارهم، وكذلك أوضاعهم اختلافا كبيرا، إذ يشكل اختلاط من هم في وضعية صعبة، مثل الأطفال المبعدين عن وسطهم العائلي غير الملائم، والمهملين، أو الأطفال المشردين والمتسولين، مع أطفال في نزاع مع القانون أي المحكومين أو في طور المحاكمة، الأمر الذي يشكل عائقا أمام توفير التكفل الملائم لكل فئة، ويطرح تساؤلات حول سلامة الأطفال دون سن 12 عاما، وكذلك الأطفال المعاقين.
وفي ظل غياب مراكز الحماية، يلجأ الأطفال في وضعية صعبة إلى العيش في شوارع المدن، ما يعرضهم لمختلف الانتهاكات والاغتصاب.
وتفيد بعض الإحصائيات أن عدد أطفال الشوارع بالمغرب يتراوح بين 30 ألفا و50 ألف طفل، وهناك دراسة أنجزتها جمعيات فرنسية ومغربية، خلصت إلى أن عدد أطفال الشوارع في المغرب ارتفع خلال السنوات الأخيرة، ليصل إلى 30 ألف طفل.
وسجلت الدراسة ارتفاع نسبة الفتيات بين أطفال الشوارع في المغرب، إذ انتقلت من 11 في المائة سنة 2009 إلى 27 في المائة سنة 2013، ما يساهم في ارتفاع أعداد أطفال الشوارع، بسبب الاعتداءات الجنسية على فتيات الشوارع، التي نتجت عنها ظاهرة «أطفال أطفال الشوارع، وتضم مدينة الدار البيضاء وحدها حوالي 8 آلاف طفل يحترفون التسول بالشوارع، أما عدد الولادات التي تسجل يوميا خارج إطار الزواج، فهناك أرقام صادمة كشفت عنها جمعيات مهتمة، حيث سجلت ارتفاع عدد الأطفال الذين يولدون خارج مؤسسة الزواج إلى 153 طفلا يوميا، أي ما يزيد عن 50 ألف طفل سنويا، ويصل عدد الأطفال المتخلى عنهم يوميا إلى 24 طفلا، أي ما يزيد عن 8 آلاف طفل يكونون عرضة للتشرد بالشوارع سنويا، والعدد مرشح للارتفاع بسبب تزايد ظاهرة الاعتداءات الجنسية والاغتصاب داخل المدن الكبرى. وتشير الأرقام إلى حوالي 500 ألف.
وحسب دراسة ميدانية أنجزتها وزارة التنمية الاجتماعية، في عهد الوزيرة السابقة نزهة الصقلي، فإن مدينة الدار البيضاء وحدها تحتضن 294 طفلا في وضعية الشارع، أي 38 في المائة من مجموع الأشخاص في وضعية الشارع، وأن 89 في المائة من هؤلاء الأطفال هم ذكور، و11 في المائة إناث، ضمنهم طفلات أمهات عازبات (أطفال أطفال الشوارع)، وأغلب هؤلاء الأطفال بنسبة (56 في المائة) يتعاطون للتسول، فيما الباقون يقومون بالعمل في تنظيف زجاج السيارات، بيع السجائر، بيع الخضر، ضمنهم نسبة لا تتجاوز 1 في المائة يتعاطون للسرقة والدعارة.
تقرير حقوقي يفضح تجاهل الحكومة للوضعية المقلقة لأطفال المغرب
سجل تقرير صادر عن الرابطة المغربية لحقوق الإنسان، بمناسبة اليوم العالمي للطفل، أن الحكومة تنهج سياسة اللامبالاة حيال وضعية أطفال المغرب التي تعرف تدهورا مستمرا ومتزايدا، رغم تعدد الآليات والهيئات الحكومية وغير الحكومية وكذا المؤسسات الوطنية المعنية بحقوق الأطفال، ورغم الأرقام الإيجابية التي تحاول الحكومة تمريرها، مثل معدل تمدرس الأطفال الذي بلغ 94 في المائة، مع ظهور ظاهرة خطيرة «المتمدرسين الأميين» وبالأخص في العالم القروي، حيث رداءة التعليم العمومي بشكل غير مسبوق منذ استقلال المغرب، إضافة إلى تفشي الفساد بشكل خطير ودون إجراءات واضحة من الحكومة للتحقيق فيه.
وأكد التقرير أن المغرب يصنف في مراتب متأخرة لوفيات الأطفال أقل من 5 سنوات، بسبب الأمراض المختلفة والنقص الحاد في التغذية، رغم التراجع البسيط في نسبة الوفيات، ما يؤكد تدهور وضعية وفيات الأطفال حيث إن معدل وفيات الأطفال المغاربة دون سن الخامسة، بلغ حوالي 36 وفاة عن كل ألف ولادة حية. ويعاني نحو 10 في المائة من أطفال المغرب من الهزال الشديد والمتوسط، ونحو 22 في المائة من الأطفال يعانون من النمو المتعثر، في حين يعاني حوالي 2 في المائة من الأطفال دون سن الخامسة، من نقص في الوزن، فيما بلغ معدل وفيات الرضع أقل من سنة نحو 30 وفاة عن كل ألف ولادة حية، مع ارتفاع نسبة وفيات الأمهات عند الولادة.
هذا وسجل التقرير ارتفاع نسب الهدر المدرسي، حيث إن نسبة 10 في المائة من الأطفال الذين يبلغون السن المخولة لهم للالتحاق بالتعليم الابتدائي، لم يلتحقوا قبل ثلاث سنوات.
وسجلت التقارير الدولية أن 13 في المائة من الأطفال المغاربة لم ينتقلوا إلى مرحلة التعليم الثانوي الإعدادي لأسباب مختلفة، في حين أن عددا من الدول العربية استطاعت أن تحارب الهدر المدرسي وسجلت نسبا أقل من المغرب، مثل الجزائر وتونس والسودان لا تتعدى نسبة الهدر بها أكثر من 4 في المائة، وأن نسبة التحاق التلاميذ بالثانوي لم تتجاوز قبل ثلاث سنوات نسبة 34.5 في المائة.
وسجلت المعطيات الرقمية الواردة في تقرير «اليونسكو»، أن معدل الأطفال الذين لا يلتحقون بالمدارس قبل الابتدائي، بلغ نحو 20 في المائة بالنسبة للذكور، ونسبة 47 في المائة بالنسبة للإناث.
وأشار التقرير إلى أن الآلاف من الأطفال يتم الزج بهم في عالم الشغل واستغلالهم في أعمال مضرة بنموهم وصحتهم، في غياب أي حماية أو مراقبة قانونية، حيث إن 8 في المائة من الأطفال المغاربة يزاولون أعمالا دون أن يستفيدوا من حقهم في اللعب والدراسة والتمتع بفترة الطفولة التي يعيشونها. ويشكل الإناث النسبة نفسها مقارنة بالذكور، مع استمرار استغلال الفتيات في المنازل الخاصة وتعرضهن للعنف الجسدي واللفظي والعزل، وعملهن ساعات طوال (100 ساعة أو أكثر أسبوعياً) دون راحة أو عطل، مضافاً إلى ذلك الحرمان من التعليم، وقلة الطعام أو الرعاية الطبية أحياناً، فضلا عن تنامي ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال، وصمت الحكومة المغربية عن السياحة الجنسية وعن حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال من طرف أشخاص ذوي نفوذ، وكذلك أطفال الشوارع في تزايد مستمر، وهم عرضة لكافة أنواع سوء المعاملة وتنامي ترويج المخدرات وسطهم.
وأمام هذا الوضع الذي وصفته الرابطة بالمأسوي، طالبت الحكومة بتنفيذ التوصيات والملاحظات الأممية المتعلقة بالطفل، ومن أهمها عدم إحراز تقدم في اعتماد قانون شامل عن الطفل، علماً أنه اقتُرح وضعه في عام 2003، واستمرار وجود أحكام كثيرة في مدونة الأسرة تنطوي على تمييز في حق الفتيات، وتُبقي على تمييز شديد بين الجنسين، فضلا عن الافتقار إلى الإنفاذ الفعلي للتشريعات القائمة المتعلقة بالأطفال، وذلك أساساً بسبب قلة الموارد وضعف القدرات والرقابة. كما طالبت بجعل جميع التشريعات الوطنية، وبخاصة مدونة الأسرة، تتوافق مع الاتفاقية الدولية التي صادق عليها المغرب، وبأن تسارع إلى إلغاء جميع الأحكام التي تنطوي على تمييز في حق الفتيات والنساء وتضر بجميع الأطفال، من قبيل أحكام الميراث وتعدد الزوجات.
وأوصت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، بوضع إجراءات ملموسة للحد من السياحة الجنسية، بما فيها التنسيق دوليا لوضع لائحة سوداء لمغتصبي الأطفال الأجانب لمنعهم من الدخول إلى المغرب قصد السياحة الجنسية، ووضع حد لإفلات بعض مرتكبي الجرائم من ذوي النفوذ ضد الأطفال من العقاب، واتخاذ إجراءات حمائية لفائدة الأطفال المعرضين للاستغلال الاقتصادي، ومنع تشغيل الأطفال دون سن 15 مع الإسراع بإخراج القانون المنظم لعمل خادمات البيوت قصد تمكين أجهزة تفتيش الشغل من مراقبة ظروف التشغيل في البيوت، ومعاقبة مستغلي الطفلات دون السن القانونية للشغل في هذا المجال، واتخاذ كافة التدابير لمنع جميع أشكال العنف ضد الأطفال وحمايتهم منها, بما في ذلك العنف البدني والنفسي والجنسي والمنزلي والإهمال، وسوء المعاملة من قبل المسؤولين الأمنيين في ملاعب كرة القدم ومراكز الشرطة والاحتجاز أو الرعاية الاجتماعية، مع وضع برامج لمواجهة ظاهرة أطفال الشوارع وتقديم المساعدة الضرورية لهم ولأسرهم.
الهدر المدرسي.. المندوبية السامية للتخطيط تدق ناقوس الخطر
نبهت المندوبية السامية للتخطيط من ارتفاع ظاهرة الهدر المدرسي في أوساط الأطفال أقل من 18 سنة، وقالت المندوبية في مذكرة لنتائج البحث حول “الرأسمال البشري بالمغرب” الذي كانت قد أجرته في السنة الماضية إن “الحكومة مطالبة بإعطاء الأهمية الكبرى لتقوية قطاع التعليم مع تحويل البنيات الاقتصادية الكبرى في المغرب للتمكن من تقوية الرأسمال البشري” مؤكدة أن “المعطيات التي أظهرتها الأبحاث المنجزة أوضحت أن النزعة الموجودة اليوم هو الخروج في أقرب وقت من المدرسة وهو ما يفسر النسبة المرتفعة من الهدر المدرسي في مستويات الابتدائي والعالي والثانوي، وهو أيضا ما يعيق توفير رأسمال بشري بمستوى مرتفع كشأنه في باقي الدول مثيلات المغرب”، حسب المندوبية التي نبهت إلى ارتفاع هذه الظاهرة في أوساط الأطفال في العالم القروي أكثر من أقرانهم في المدن.
وفي السياق ذاته، دقت المندوبية السامية للتخطيط ناقوس الخطر في نتائج البحث الذي أنجزته، والذي لم يجد أذانا صاغية من حكومة عبد الإله بنكيران، حول ارتفاع الهدر المدرسي في مستويات أولى للتعليم، موضحة أن النماذج السيئة التي تتواجد داخل الأسر المغربية لعاطلين في مستويات علمية جامعية، تدفع الأطفال إلى النفور من المدرسة وبالتالي تشجع على الهدر المدرسي، حسب المندوبية التي دعت إلى التركيز على تثمين الرأسمال البشري من خلال الرفع من جودة التعليم كمؤشر قوي من مؤشرات أهداف الألفية ما بعد 2015، ومشددة على أن الرفع من جودة التعليم من شأنه الرفع من مردوديته.
وإلى جانب بحث المندوبية، نبهت الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب من أجل الإصلاح، مسؤولي وزارة التربية والتكوين إلى ضرورة إلغاء فصل تلاميذ المؤسسات و”أخذ التدابير اللازمة لإيجاد حلول أخرى غير حلول فصل التلاميذ الى الشارع، لأن ظاهرة الهدر المدرسي في صفوف هذه الفئة تتجه نحو الارتفاع بشكل ظاهر” على حد تعبير الشبكة، مضيفة في رسالة مفتوحة وجهتها لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، وقعت عليها 30 جمعية “هناك تناقض واضح بين السياسة الداعية إلى الإصلاح واعتماد مؤسسات تعليمية وخيار فصل التلاميذ عن الدراسة مما يجعلهم عرضة للشارع مهددين بالانحراف والجريمة في سن المراهقة”.
وأشارت الجمعيات الموقعة على الرسالة إلى أن “دمج قطاع التربية الوطنية والتكوين المهني ضمن وزارة واحدة كان بغرض أن يساهم في ضمان تنسيق مندمج بين القطاعين الحيويين على المستوى الوطني والمستوى الجهوي والمحلي، ويساهم في إنتاج الحلول البعيدة عن خيار الطرد إلى الشارع”، مضيفة أن “الحالات الكثيرة التي تعرضت إلى الفصل من المدرسة في مرحلة التعليم الإعدادي والثانوي والتي سيحتضنها الشارع ويجعلها تمتهن تجارة المخدرات والأقراص المهلوسة، لتعمل على تهديد محيط المؤسسات التعليمية تترجم خلاف ذلك”. وشددت على أن “وضعية التعليم اليوم تقتضي العمل على تقوية مساره و محاربة ظاهرة الهدر المدرسي من جانب المؤسسة التعليمية، ومن جانب الأسرة ومن جانب كافة المتدخلين حماية لأطفالنا وشبابنا”.
طفلات قاصرات «يتزوجن» بعقود سلف عوض عقود الزواج
تفجرت في الآونة الأخيرة، ظاهرة غريبة، وكشفت معطيات صادمة عن زواج القاصرات في المغرب، تتعلق بزواجٍ يتم بواسطة عقود سلف واعترافات بدين، تعمد من خلالها العائلات إلى رهن قاصراتهن لدى رجال، معظمهم مهاجرون في الديار الإسبانية والإيطالية، مقابل مبالغ مالية تحدد سلفاً في «الكونطرا». هذا النوع من الزواج، يسمى «زواج الكونطرا» تعتبره العائلات اللاتي تخلصن منه، استعبادا واسترقاقا واستغلالا جنسيا، بمباركة العائلة والأهل والأحباب، خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر في غالب الأحيان هي عطلة صيفية، أبطاله غالبا ما يكونون قادمين من الخارج، يتخذون قاصرات عشيقات وخادمات طيلة هذه المدة، ويعتبرونهن أشبه بـ«رهينات» مقابل عقود سلف لا تتعدى في أقصى الحالات عشرة ملايين سنتيم، قبل رجوعهن إلى أهلهن فاقدات عذريتهن وهن لا يتجاوزن بعد الـ14 سنة، في أقصى الحالات.
المكان الذي تجري فيه هذه الوقائع هو مدينة قلعة السراغنة، وينتشر بكثرة في ضواحيها، رغم أنها مدينة ذات خصوصيات محلية بثقافة محافظة! فقد تولدت عنها ظاهرة مثيرة بتفاصيل صادمة مبنية أساساً على الأعراف ومنفلتة عن رقابة القانون. فزواج الفتاة هناك يبدأ منذ بلوغها 12 عاماً حتى حدود الـ14 سنة، وإن تجاوزتها فتعتبر عانساً.
صرامة القوانين والتواء الإجراءات جعلت الآباء، بحسب ما حصلت عليه «الأخبار» من معطيات، يلجؤون إلى التحايل على القانون لتزويج بناتهم، فهو حل تفتقت عنه عبقريتهم، حيث يبرمون عقوداً يلتزم من خلالها «الزوج» برد المبلغ الذي اقترضه من الأب دون أن يتسلمه فعلاً، فيؤدي واجبات العرس وتصبح بذلك الطفلة «زوجة»، وإذا حاول «زوجها» إنهاء العلاقة قبل توثيق الزواج بعقد القران عليها، يهدده الأب بـ«الكونطرا» التي يحتفظ بها ويعتبرها ورقة ضغط، لكن غالباً ما تعود الطفلة إلى بيت أهلها كأنها لم «تتزوج» قط.
تبدو العملية في قلعة السراغنة وفي الدواوير المجاورة لها، أمراً عادياً نتجت عن تداخل عوامل متباينة، فالفقر باعتباره متغيراً سوسيو اقتصاديا، ساهم بحسب أبناء المنطقة، بشكل كبير في بروز الظاهرة في «القلعة» التي تعتبر هامشاً حضرياً، 75 في المائة منه مجال قروي و25 في المائة فقط يشكل المجال الحضري، تتقاسمه المدينة وتملالت والعطاوية.
وعزا صلاح الدين لعريني وهو باحث سوسيولوجي من أبناء المدينة المذكورة، في حديث مع «الأخبار»، الظاهرة إلى ارتفاع نسبة الفقر في المنطقة، بسبب عدم تكافؤ الفرص، «فسكانها يعيشون على الفلاحة البورية، خصوصاً الزيتون وتربية المواشي، وحين يشتد الجفاف تتفاقم مظاهر الفقر والبؤس بالمنطقة، خصوصاً وأنها لا تستفيد من مشاريع التنمية التي تأخذ منها مدينة مراكش حصة الأسد، ويترك لـ«القلعة» الفتات، مما يرفع من نسبة الحرمان والتهميش، فيفُتح المجال أمام السكان للهجرة إما إلى المدن الكبرى، أو إلى الخارج. فقد استفحلت الهجرة في فترة التسعينات إلى إسبانيا وإيطاليا على وجه الخصوص، ونشطت خلالها المتاجرة في عقود العمل إلى أوربا، وأضحت الهجرة «موضة» لدى الشاب «السرغيني»، فارتفعت بالموازاة مع ذلك مطامع العائلات التي ترى في الزواج من مهاجر ومصاهرته إضافة نوعية لها، اقتصادياً ورمزياً، تفاضِل في بعض الأحيان مصاهرة موظف مثقف! وكل فتاة تقدم شاب مهاجر لخطبتها فهي محظوظة وذات نصيب في الزواج. فالتمثل الجمعي في قلعة السراغنة للهجرة إلى الخارج مرادف للسعادة وحل للأزمة وتجديد للهوية بحسب لعريني.
وفي مقابل ذلك، يضيف لعريني، تستشري الأمية بحدة، فمعظم أبناء المنطقة لا يتابعون دراستهم بسبب الفقر وبُعد المدارس، وهؤلاء المهاجرون يعيدون إنتاج الأمية والجهل، فهم ليسوا من حالات هجرة الأدمغة، بل شباب انقطعوا عن الدراسة والتجؤوا للهجرة إلى الخارج للعمل هناك، فإذا كانوا يساهمون اقتصادياً في النمو الحضري للمدينة وتوسعها الجغرافي، فهم يشاركون في إعادة إنتاج الأمية، فكثيراُ ما يعودون في العطلة الصيفية لتصريف «طاقاتهم الليبيدية»، فيلجؤون إلى «زواج الكونطرا» بعد أن عقدت مدونة الأسرة التي عوضت قانون الأحوال الشخصية إجراءات الزواج والطلاق، احتيالاً منهم على القانون، دون أن تتحرك الجهات الوصية، في الوقت الذي لم يحرك المسؤولون في وزارة العدل والحريات أي ساكن، ويكتفون بالقول: «سمعنا عن هذه الظاهرة ولم نتأكد من وجودها، وبعد بحثنا سنتخذ الإجراءات اللازمة».
قضايا «زواج الكونطرا» المعروضة على أنظار القضاء قليلة، ومعظم الآباء يتفادون رفع دعوى قضائية ضد «الزوج» خوفاً من الفضيحة، مصادر في قسم قضاء الأسرة التابع للمحكمة الابتدائية في قلعة السراغنة، أكدت أن الوثيقة التي يعتبرها أب الفتاة القاصر حجة ضد من يعتبرونه «زوجاً» لا تدخل في اختصاصات قسم قضاء الأسرة، بل تعتبر ذات طابع مدني إذا كان مبلغ الدين لا يتجاوز 20 ألف درهم، وإذا تجاوزه يحال على المحكمة التجارية. وهي من بين الأسباب التي تجعل «الزوجة» لا تقدم شكوى ضد من تزوجته، خوفا من الاعتقال، لأن القانون قد يعتبر الفترة التي قضتها رفقة «زوجها» فساداً، فهو قانونياً ليس زواجاً بالمفهوم الشرعي والقانوني للكلمة، إذ إن الزواج، بحسب المادة 4 من مدونة الأسرة، عقد بين رجل وامرأة على سبيل الدوام، الغاية منه هي تكوين أسرة، لكن الوضع مختلف تماماً في زواج «الكونطرا» الذي يكون هدفه الاستغلال الجنسي. فيما قال قاض يبت في قضايا الزواج والطلاق بالمحكمة ذاتها: «إن زواج الكونطرا تحايل على الشرع والقانون، وليس بزواج، والمدة التي تقضيها الفتاة القاصر فهي فساد، فيما زواجها اغتصاب يعاقب عليه القانون».
الناحيلي : «ما تعيشه الطفولة في عهد الحكومة الحالية يعبر عن ردة ورجوع إلى الوراء»
• كيف ترى السياسة الحكومية في مجال الطفولة؟
السياسة الحكومية مرتبكة في ما يخص مجال الطفولة، وليس لديها خيط ناظم، وهي الغائبة في البرنامج الحكومي. ففي الهندسة الحكومية هناك بعض الغموض، والتداخل في المهام في هذا الشأن. نجد وزارة مكلفة بالأسرة والتضامن والتنمية الاجتماعية، ووزارة الشباب والرياضة، التي يوجد فيها قسم خاص بالطفولة، وعلى الرغم من ذلك لا نلمس أن هناك مبادرات تستهدف الأطفال، باستثناء برنامج «عطلة للجميع»، الذي يطرح بخصوصه نقاش كبير. فالاستثمار الحقيقي هو استثمار في الطفولة، على اعتبار أنها هي أساس التنمية والتقدم في المستقبل. والملاحظ أن اليوم العالمي للطفل، الذي يصادف 20 نونبر من كل سنة، لا يحرك في الحكومة أي ساكن، إذ لا تنظم أنشطة أو برامج للاحتفاء بالطفولة المغربية. وحتى 25 ماي، الذي نحتفل فيه باليوم الوطني للأطفال، ليس هناك أي استعداد لاستقباله، والأمر نفسه حتى بالنسبة إلى الأحزاب السياسية.
• ما تعليقكم على التصويت على مشروع قانون متعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعمال المنزليين، والذي يسمح بتشغيل القاصرات خادمات في البيوت؟
الذين صوتوا على هذا القانون هم منفصلون عن حركية المجتمع والعالم، وهذا يعبر عن ردة ورجوع إلى الوراء، على الرغم من أن المغرب يسير إلى الأمام، ويحتضن لقاءات كبرى في ما يخص حقوق الإنسان، وتبرز التزام المغرب وانخراطه في الركب الحقوقي، وولوج منتديات كبرى.. لكن الحكومة في حالة شرود، وبالتالي ليس هناك حتى انسجام مع السياسة الكبرى. فما جرى أخيراً في البرلمان، بخصوص «إباحة» تزويج القاصرات، يعبر عن رجعية كبيرة، ما يعني أن هذا الاستعجال يجد مبرره في حجم فظاعة الفعل الذي اقترفته أحزاب التحالف الحكومي في اجتماع لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، إزاء تصويتها على مشروع قانون رقم 19.12، والمتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعمال المنزليين، والذي يسمح بتشغيل القاصرات (ابتداء من 16 سنة) خادمات في البيوت، وذلك ضدا على حقوقهن الأساسية، والمتمثلة في التربية والتعليم والحماية من الاستغلال والعنف والإيذاء، والصحة والنمو والمساواة والكرامة والاتجار، وفي تناقض تام مع مقتضيات المادة 32 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، والقاضية بحماية الطفل من الاستغلال الاقتصادي والإكراه على أي عمل يعرضه لمخاطر تعرقل التحاقه بالمدرسة وتؤذي تطوره البدني والنفسي والروحي والأخلاقي والاجتماعي.
• ألا ترى أن الطفولة المغربية تعاني في صمت، وهناك عدة مجالات يجب الالتفات إليها؟
هناك فراغات كثيرة في مجال الاهتمام بحقوق الطفل، ولا تحترم ولا تعطاها أهمية، من قبيل الحق في الأسرة. وهنا يتعلق الأمر بالأطفال المشردين، فضلاً عن استغلالهم كذلك في التسول، فالظاهرة مازالت تستفحل يوما بعد آخر، بالرغم من المصادقة على اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكولات الملحقة بها، واحتضان المغرب للعديد من التظاهرات ذات الصلة بحقوق الطفل، وبالتالي وجب الضغط والمساهمة في المرافعة لتعزيز وحماية حقوق الطفل ببلادنا وتبويء الطفولة موقعها المركزي في السياسات العمومية مع إيلائها الاهتمام اللازم من أجل مغرب جدير بأطفاله، تتم حمايتهم من الاستغلال والاعتداءات في أماكن العمل، ومن كل ما يعتبر خرقا لحقوقهم الأساسية في التربية والصحة والنماء والترفيه والرعاية الأسرية.
3 أسئلة لـ عبد العالي الرامي : «تعاطي الحكومة مع قضايا الطفولة اتسم بالتراجع عن المكتسبات وخرق الدستور والمواثيق الدولية»
- كيف تابعتم تصويت الأغلبية الحكومية على قانون تشغيل الطفلات القاصرات خادمات في البيوت؟
سجلنا للأسف نقض الحكومة لمجموعة من الوعود التي كانت أعلنتها في برنامجها، واليوم، بعد قرب نهاية العمر الحكومي، ورغم وضع الاستراتيجية المندمجة التي طالبنا بها منذ زمن بعيد، نجد أن أوضاع حقوق الطفل غائبة بشكل شبه كامل، بل إن الأمر تجاوز الجمود على قرار قوانين صادمة، كما هو الشأن بالنسبة لقانون تشغيل القاصرات عاملات في البيوت، وهو القانون الذي صوتت عليه فرق الأغلبية الحكومية وخلق بالنسبة لنا صدمة كبيرة. ونعتبر أن هذا الأمر تراجع كبير عن المكتسبات وضرب للمواثيق الدولية والدستور المغربي الذي يحث على العدالة الاجتماعية وحماية الطفولة. وهذا التصويت شكل لنا صدمة كبيرة لأن الفرق بات واضحا بين الخطاب والواقع. ففي الوقت الذي أعلنت الحكومة شعارها «من أجل المصلحة الفضلى للطفل»، نجد أنها لم تراعه بمبرر أن الكثير من الأسر تجد معيليها في الأطفال، وهو في حد ذاته اعتراف مسيء لنا كمغاربة، ويسائلنا عن البرامج التي سطرناها لتفادي هذه التجاوزات، وأيضا عن البرامج التنموية التي سطرناها في المناطق المصدرة لهذه الظاهرة.
إن شرعنة تشغيل القاصرات، كما أشرت، هو ضرب واضح لحقوق الطفل في حياة سوية وضرب للمواثيق الدولية ومبادئ الدستور. وزيادة على كل هذا فهو شرعنة من الحكومة لسماسرة البشر من أجل استغلال الأطفال والطفلات القاصرات للعمل في البيوت، بضمير مرتاح قانونيا لكون القانون سيحميه، هذا إذا علمنا أنه ليست هناك قوانين حمائية للطفلات القاصرات، إن افترضنا القبول بهذا الوضع المرفوض مبدئيا.
- ما ملاحظاتكم حول عمل اللجنة الحكومية الخاصة بحماية الطفولة؟
تجب الإشارة إلى أن الخطة المندمجة لحماية الطفولة لم تطبق بعد على أرض الواقع، ولا نفهم سبب كل هذا التلكؤ من طرف القطاعات المسؤولة والمشرفة على الطفولة، منها وزارة الأسرة والتضامن ووزارة الشباب والرياضة، في تفعيل البرامج الخاصة بهذه الفئة الهشة، خصوصا إذا علمنا أن أي تأخر في تفعيل مخططات حماية الطفولة والنهوض بأوضاع الأطفال في وضعية صعبة، يفقدنا الكثير من هذه الثروة غير المادية، المتمثلة في مستقبل البلد. وتكفي العودة للأرقام الرسمية المقدمة من طرف وزارة الأسرة والتضامن لنعرف خطورة المشكل، حيث إن الوزارة أعلنت عن أن 25 ألف طفل شارع يعيشون بمدينة الدارالبيضاء لوحدها.
هذا دون إغفال التوصيات الصادرة عن المنظمات الدولية، وعلى رأسها منظمة «اليونسيف» التي شددت على عدم تشغيل الأطفال أقل من السن القانوني المتمثل في 18 سنة، كما أن بعض المؤسسات، وعلى رأسها المجلس الوطني لحقوق الإنسان بدوره نبه إلى هذا الأمر، وهي التنبيهات التي لم تجد صداها لدى الحكومة الحالية التي قامت أغلبيتها البرلمانية بتمرير المشروع، لتختتم به هذه الحكومة التراجعات المسجلة في مجال الطفولة.
- ما تقييمكم لعمل الحكومة في مجال الطفل؟
للأسف نلاحظ أن القطاعات الحكومية المعنية لا تولي الأهمية المطلوبة لمعالجة المشاكل المرتبطة بأوضاع الطفل، بقدر ما تمهر في الخطابات الرسمية واللقاءات التي لا نرى لها نتيجة على أرض الواقع. ففي الوقت الذي يتفاقم المشكل يوما بعد يوم، نلاحظ أن الحكومة مازالت لم تفعل حتى النقط التي وعدت بها في برنامجها، والخاصة بحماية الطفولة، إذ سجلنا أن صندوق التكافل الاجتماعي يستفيد منه فقط الأطفال الأيتام أبناء الأرامل، في الوقت الذي تظل فئة عريضة من الأطفال، وهم أطفال الشوارع خارج الحسبان الحكومي. ويبقى هذا الكم الهائل من الأطفال عرضة للجريمة أو مجرمين مستقبليين، فضلا عن أنهم سينشؤون ناقمين على وطنهم.
هذا بالإضافة إلى التراجع في قطاعات التعليم والصحة، حيث بتنا نسجل ارتفاع أعداد التلاميذ في الأقسام إلى 50 تلميذا وأكثر، وهو ضرب وتهديد لحقوق الطفل في التعليم، زيادة على حالات عدة من الأطفال الذين لا يتوفرون على علاجات ولا تغطية صحية لأمراض مزمنة يعانون منها، وهو الأمر الذي يدفعنا إلى تنظيم حملات من أجل جمع التبرعات لدى المحسنين، ولولا الدعم الذي نلقاه منهم لفقد المغرب عددا من أبنائه لا يتوفرون على تغطية صحية ولا تستطيع عائلاتهم أداء تكاليف العلاج والعمليات الجراحية التي هم في حاجة لها.