الشهرة والشوهة
أحببنا ذلك أم كرهنا، فقد تجذر لدى الفنانين والفنانات مركب نفسي اسمه «عقدة لبنى أبيضار»، ذات الأعراض الجانبية الخطيرة، بعد أن اعتقد البعض واهما بأن الشهرة والصيت الذائع والرواج وربما «العالمية» من الأمور التي صارت في متناول اليد بدون جهد أو إبداع أو مراس، يكفي أداء دور سحاقية أو عاهرة في ملهى ليلي أو الكشف عن العورة بدل الموهبة في غرفة مظلمة، أو رسم أطول بوسة في مشهد تافه أو الخروج على الناس بتصريحات مجنونة تسبح ضد التيار، أو الطعن في مقومات المغرب الحضارية، لكي تشتعل الأضواء الكاشفة وتفتح الأبواب التي كانت موصدة وتنهال العروض المهنية والدعوات الكريمة من المهرجانات العالمية، ويصبح الولوج إلى بلاطوهات القنوات التلفزية الدولية يسيرا وسلسا، مادام أن الوصفة السحرية لبلوغ هذه الأهداف لا تتطلب عبقرية أو نبوغا، بل فقط جرأة الوقوف أمام الكاميرا عاريا بدون ورقة التوت، كما هو الحال في أفلام نورالدين الخماري أو عبد الله الطايع، أو الإكثار لحد التخمة من البهلوانيات والتصريحات العبثية، كما هو الحال مع صاحب كارثة «جزيرة المعدنوس» أحمد بولان، أو رفيق بوبكر الذي يعلن إدمانه الكحولي على الجميع.
إن لبنى أبيضار حالة خاصة غير قابلة للاستنساخ بالسهولة التي كانوا يتصورون بها الأمر، ذلك أن بطلة الفيلم الإباحي «الزين اللي فيك» المتمرسة بفن التواصل الحديث دون علم منها، وجدت نفسها دمية في لعبة أكبر منها، يحرك خيوطها لوبيات فرانكوفونية نافذة وجهات معادية للمغرب، وتواطؤات لوسائل إعلام فرنسية تتلقى التعليمات وتنفذها، وهي قادرة على خلق نجوم من عدم، إذا كان ذلك يخدم مصالح اللوبي على المدى القصير أو البعيد، كما حدث سابقا مع كتاب وروائيين مغاربة تم النفخ فيهم وإغراقهم بالجوائز والتكريمات لكي يؤدون دور «عربي الخدمة»، أي ذلك العربي الذي يستدعى إلى بلاطوهات التلفزة الفرنسية ليساند أطروحات فرنسا حتى ولو كانت ضد مصالح أبناء جلدته وانتمائه الأصلي.
وقد كان رهان هذا اللوبي على أبيضار ناجحا فقط لكونه تزامن مع مرحلة حرجة من سوء التفاهم الفرنسي المغربي.
ووجد اللوبي في أبيضار تلك الدمية الطيعة الساذجة التي يمكن التلاعب بها، وإيهام الرأي العام الفرنسي بأنها رمز للمرأة المسلمة المناضلة ضد القهر والاستعباد والمتطلعة للحرية والانعتاق.
وهكذا وجدت أبيضار نفسها بين عشية وضحاها تتقمص دورا أكبر منها، وتتزعم حركة لا تفقه شيئا في أبجدياتها وخلفياتها السياسية، لذلك فإنها ذهبت وستذهب ضحية لهذه الشهرة التي نزلت على رأسها كالصاعقة، وهو ما يعد رسالة للفنانين المغاربة الطامعين في اقتفاء أثرها بحثا عن شهرة ستحترق بها أجنحتهم وتنهي مسارهم قبل الأوان. فالطريق نحو الشهرة الحقيقية وليس «الشوهة»، يتطلب الكثير من الجهد والعرق والمثابرة وتثقيف الذات، أما غير ذلك فيدخل في إطار البحث عن السراب في وسط فني شعاره: «شوف وسكت».