الرئيس وأمينة المال روجا مشروعا عقاريا وهميا ونصبا على عشرات المهاجرين
بعد إدانتهما من طرف المحكمة الابتدائية بتمارة بالحبس النافذ، نهاية شهر ماي الماضي، مثل أمام قضاة محكمة الاستئناف بالرباط، صباح الجمعة الماضي، المتهمان في ملف ما أصبح يعرف بفضيحة «باب دارنا 2»، التي تفجرت بمنتجع الهرهورة. ويتعلق الأمر برئيس الودادية (ه. م)، والوسيطة التجارية المكلفة بتسويق المشروع الوهمي (غ. إ)، حيث حضرا إلى قاعة المحكمة رفقة دفاعهما، قبل أن تقرر الهيئة إرجاء الشروع في مناقشة الملف إلى وقت لاحق بطلب من الدفاع، من أجل إعداد المرافعات.
وكانت هيئة الحكم بالغرفة الجنحية الابتدائية بمحكمة تمارة، قد أدانت رئيس الجمعية السكنية بـ4 سنوات حبسا نافذا، وأمينة مال الجمعية بسنتين حبسا نافذا، وغرامة مالية قدرها 500 درهم لكل واحد منهما، مع أداء تعويضات مالية بالملايين لضحايا المشروع السكني الوهمي.
وتابعت المحكمة رئيس الجمعية في حالة اعتقال، وأمينة المال التي اعتقلت من داخل الجلسة بعيد النطق بالحكم، من أجل تهم النصب وخيانة الأمانة واستعمال مال الغير، بعدما تعرض 130 منخرطا في الجمعية لأكبر عملية نصب واحتيال في مشروع سكني وهمي، ويوجد ضمن الضحايا أفراد من الجالية المغربية المقيمة بالخارج.
وكان عشرات الضحايا قد تقدموا بشكاية إلى النيابة العامة، بعدما وجدوا أنفسهم بعد سنوات من الانتظار والتسويف أمام مشروع عقاري وهمي، حيث لم يتم حتى اقتناء وعائه العقاري، ليكتشفوا في الأخير أنهم ذهبوا ضحية عملية نصب واحتيال من طرف مسؤولي الجمعية السكنية.
وترجع حيثيات هذه الفضيحة إلى بداية سنة 2013، حين أطلق المسمى (ه. م)، بمعية مجموعة من شركائه مشروع «بسمة» بتمارة، قبل أن يتحول إلى مشروع «دار الأعراس» بشطريه الأول والثاني بالهرهورة، حيث تم نصب لوحات إشهارية لمشروع سكني وهمي، قبل إزالة هذه اللوحات من شوارع الهرهورة من طرف السلطات. وأكد الضحايا أن رئيس الجمعية يواجه تهما بالاستيلاء على أموال المنخرطين بالجمعية، والتي تجاوزت مبلغ 4 مليارات سنتيم. وكشفت التحريات المنجزة أن المتهم استعمل كافة أساليب المماطلة والوعود التسويفية واختلاق الأعذار، لتبرير عدم حرص الجمعية على إنجاز الشقق السكنية التي يروج لها، علما أن الجمعية لم تعمل حتى على اقتناء الوعاء العقاري. ولم يستبعد الضحايا وجود تواطؤ بين رئيس الجمعية وبعض المسؤولين، خاصة بعد التستر على وضع لوحة إشهارية ضخمة في الشارع الرئيسي، مما أعطى الانطباع للمنخرطين وقتها بأن المشروع جدي، وجعلهم يسارعون إلى دفع أشطر وتسبيقات مالية جديدة لدعمه وتسريع إنجازه ما أمكن. كما ساهم تعليق تلك اللوحة الإشهارية، في تغليط منخرطين جدد والتحاقهم بركب ضحايا المشروع الوهمي، حيث قاموا بدفع مبالغ مالية كبيرة لفائدة الجمعية، سيما بعد أن لجأ (ه. م) و(إ. غ) إلى توسيع المشروع بخلق مشروع «دار الأعراس» الشطر الثاني، لاقتناص المزيد من الضحايا الذين يبلغ عددهم حوالي 130 ضحية، علما أن الأرض التي كان مفروضا إنجازه عليها لم تكن حتى موضوع وعد بالبيع. كما تمت الاستعانة بملصقات دعائية وأشخاص من خارج الجمعية، للترويج علنا ووسط الشارع العام لمشروعين لا يتوفران حتى على وعود بالبيع.
وبعد لجوء أعداد من المنخرطين إلى القضاء مطالبين بالكشف عن مصير أموالهم، قام قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتمارة بمتابعة رئيس الجمعية المدعو (ه. م) في حالة اعتقال احتياطي، وأمينة المال المدعوة (إ. غ) في حالة سراح، بتهم النصب والاحتيال وخيانة الأمانة. وقادت التحريات التي قام بها مجموعة من المنخرطين إلى اكتشاف امتلاك رئيس الجمعية، رفقة أمينة المال، لمجموعة من الشركات التي تتنوع أهدافها ما بين التسويق، وخدمات البناء والتجهيز، والاستشارات، والدراسات، وتدبير النفايات، وتدبير «السنديك» السكني، وتصفية العقارات، وإنتاج العلامات التجارية، حيث استعملت بعض الشركات في القيام بتحويلات مالية من حساب الجمعية، إذ اكتشف الضحايا إبرام عقد بين الجمعية وشركتين في ملكية الرئيس وأمينة المال، بحيث تكلفت الشركة الأولى باقتناء علامة تجارية، وتدبير النفايات للمشروع السكني الذي لم ير النور بعد، في حين تتكفل الشركة الثانية بتسويق مشروع الجمعية السكني. وفي المقابل تدفع الجمعية لكل شركة من الشركتين 5 في المائة من كل دفعة مالية من دفعات المنخرطين. وكشفت تحريات المنخرطين أن هاتين الشركتين كانتا تستفيدان بدون وجه حق من أموال الجمعية، سواء عبر أداء رواتب مستخدميها، أو عبر تحويلات بنكية غير مبررة حتى في إطار العقدين المذكورين.
من جهة أخرى، أفضت التحريات التي قام بها منخرطو الجمعية إلى كشف قيام مكتب الجمعية باقتناء قطعة أرضية فلاحية بمنطقة «عين عتيق»، ويظهر في شهادة ملكيتها المستخرجة من المحافظة العقارية وجود حجز تحفظي عليها من طرف شركة يملكها رئيس الجمعية، بمبلغ يفوق القيمة العقارية للأرض المذكورة.