الشارع العام.. بويا عمر الجديد
زينب بنموسى
يوم الخميس الفائت وقعت جريمة قتل بشعة ببني مكادة بطنجة، حيث دخل مختل عقليا في خلاف مع شاب في 23 من عمره، ليستل سكينا من الحجم الكبير ويشرع في توجيه طعنات قاتلة إليه على مستوى الصدر والعنق، أودت بحياته على الفور، ثم حاول فصل رأس الضحية عن الجسد، قبل أن يتدخل أحد الشبان ويبعده. كما أصاب الجاني شقيق الضحية بجروح خطيرة، نُقل على إثرها إلى المستشفى.
قبلها بأيام قليلة، قطع شاب ثلاثيني رأس والدته وتجول به في أزقة حي أناسي بالعاصمة الاقتصادية، وعلى بعد أقل من شهر على هاتين الحادثتين اهتزت مدينة الدار البيضاء على إثر وقوع جريمة بشعة راحت ضحيتها طفلة تبلغ من العمر 6 سنوات، حيث أقدم رجل أربعيني مختل هو الآخر على ذبحها دون سبب أو دافع منطقي. وقبلها قتل مختل آخر سيدة مسنة وتسبب بجروح لثلاثة أشخاص آخرين، وأنهى آخر حياة 10 أفراد من أسرته… ومثل هذه الحوادث كثير، كأن الشارع تحول إلى «بويا عمر» كبير يحكمه المختلون، ويظل فيه «العقلاء» على أهبة الاستعداد إما للدفاع عن أنفسهم، أو للنطق بالشهادة قبل أن تسلب أرواحهم على يد فاقد للأهلية، يتجول بكل حرية في الشارع العام. ياك آودي لاباس؟
تنتشر بين شباب الجيل الجديد خصوصا في المجموعات المغلقة المخصصة للضحك، و«التقشاب»، نكت حول «الضحكة لي كايدير فيك الحمق قبل ما يصرفقك»، وتدوينات تطلب من المعلقين «يعاودو على شي قصة وقعات ليهم مع شي حمق»، لتجدها مذيلة بآلاف التعليقات التي تحكي بكل سخرية قصصا حول اعتداءات، وتحرشات تعرضت لها جميع فئات المواطنين من طرف المختلين عقليا. صحيح أن القصص في ظاهرها مضحكة، لكن هل من الطبيعي أن نعيش تجارب مماثلة في الشارع العام، داخل بلد استطاع احتواء ظاهرة الإرهاب، وما زال يعجز عن إيجاد حل لأفواج المختلين عقليا التي تعيث فسادا في جميع المدن والأحياء على اختلاف مستوياتها، وتهدد أمان المواطنين واستقرارهم؟
فين كايكونو السلطات حتى كايموت الميت عاد كايجيو يشدو المختل عقليا، قبل أن يتم إطلاق سراحه بعدها بناء على حالته العقلية، أو تحويله إلى أحد المستشفيات التي لا تتوفر فيها حتى أدنى شروط الحياة والعيش الكريم، حيث يقضي مدة غير معروفة «على حسب الكانة»، ويطلق سراحه طبعا بعدها؟ وما الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها وزارة الصحة من أجل محاربة هذه الظاهرة؟ ياك سديتو «بويا عمر»، إوا باش عوضتوه؟
وللإشارة هذه الظاهرة لا تحارب بالعقوبات السجنية، واعتقال الجناة بعد حدوث الكارثة، لأن طرفي الجريمة بجوجهم ضحايا، ومسؤولية الأرواح التي تم إزهاقها والمواطنين المعتدى عليهم يتحملها لي مخليهم عايشين فالزنقة دون رقيب أو حسيب، إلى أن يتحولوا رغما عنهم إلى مجرمين، بدل التدخل لإجلاء هؤلاء المرضى وإحالتهم على مستشفيات الأمراض العقلية والنفسية قصد العلاج.