حمزة سعود
مجال تصميم المواقع الإلكترونية بالمغرب يستهوي ثلة من الشباب. فئة منهم يتخذونه هواية وآخرون يسلكون سنوات دراسية قبل ممارسته بشكل مهني.
طلبات العروض المتعلقة بتصميم المواقع الإلكترونية بالمغرب عرفت ومنذ سنوات أشكالا من التلاعبات بخصوص تفاصيل إنجازها، بحيث أشارت مصادر «الأخبار» إلى أن شركات كانت تتأسس قبل إطلاق طلبات العروض بأيام قليلة ثم تحصل في غضون ذلك على الصفقة.
«الأخبار» تكشف في هذا المقال عن تفاصيل تجارة، سوقها السوداء تدر آلاف الدراهم على هواة وخبراء ولجوا هذا المجال بطرق حتى وإن اختلفت فالهدف واحد؛ تصميم موقع إلكتروني يناسب الزبون.
سوق سوداء تنشط في مجال برمجة وتصميم المواقع الإلكترونية في المغرب. هواة هذا المجال أو خبراؤه، مهما اختلفت أعمارهم أو أجناسهم، يتلقون طلبات واقتراحات من زبناء في العالم الافتراضي، تُتَرجم تحت الطلب إلى مواقع إلكترونية تعرض محتويات في واجهات مصممة بمعايير تحددها دفاتر تحملات.
السوق السوداء المرتبطة بهذا المجال، وحسب المعطيات المتوفرة لدى «الأخبار» تضم مضاربين ونشطاء، يعتمدون على تقديم جملة من «مشاريع المواقع الإلكترونية» إلى جهات متخصصة في التصميم، ومن ثم لعب دور الوسيط في العملية والحصول على قدر من الأرباح.
المعطيات المتوفرة تشير إلى أن مجال تصميم المواقع الإلكترونية في المغرب بات خلال السنوات الأخيرة قطاعا غير مهيكل نسبيا، نظرا لولوجه من قبل فئات واسعة من هواة تطوير المواقع الإلكترونية، والذين احتكوا بهذا المجال بواسطة الممارسة المستمرة أو بمساعدة بعض الأقارب أو الأصدقاء.
تنامي النشاط الذي تسجله السوق السوداء في مجال تصميم المواقع الإلكترونية، حسب المعطيات نفسها، يعود بالأساس إلى اعتماد عدد من المطورين على العمل الحر، بالإضافة إلى ولوج بعض الهواة لهذا المجال بفضل احتكاكهم به عن طريق التجربة ودون تلقي تكوينات تقنية في مجال التصميم أو البرمجة.
المعطيات ذاتها، التي حصلت عليها «الأخبار» تؤكد أن عددا من المصممين والمطورين(حديثي التخرج) للمواقع الإلكترونية على شبكة الأنترنيت يعتمدون على تصميم مواقع إلكترونية لمراكمة التجارب، من خلال العمل الحر، والاحتكاك بالشق التطبيقي للمجال، ما يزيد من توسع نشاط السوق السوداء بوتيرة متسارعة.
بالإضافة إلى ذلك، تفيد المعطيات نفسها بأن القطاع غير المهيكل والمرتبط بهذا المجال يعرف إقبالا واسعا من طرف عدد من هواة التصميم وهواة التطوير البرمجي، معتمدين في ذلك على مساعدة بعض الأصدقاء والأقارب لإنجاز المهام المطلوبة، كما أن بعض المسؤولين عن مقاهي الأنترنيت بات لهم حضور في هذا المجال، بفضل استعمالهم المستمر للأنترنيت والبحث في المواضيع التي لها علاقة بهذا المجال، حسب ما يؤكده عدد من العارفين بما يدور في مجال تصميم المواقع الإلكترونية.
الهواية.. مصمم مواقع إلكترونية
«ولجت هذا المجال بدافع الهواية، كنت أتلمس برمجة وتشفير المواقع الإلكترونية بشكل تجريبي على الحاسوب خلال المرحلة الدراسية الثانوية، وبعدها تلقيت تكوينا بالمدرسة الوطنية لعلوم المهندسين. حاليا أتوصل ببعض المشاريع المرتبطة بتصميم وإنشاء المواقع الإلكترونية، وأكتسب خبرات وتجارب جديدة بفضل ذلك». هذا تصريح من رشاد سبديب، الطالب في شعبة الهندسة المعلوماتية، يكشف فيه أيضا أن هوايته المفضلة في وقت سابق تحولت إلى أولوية في حياته المهنية.
رَشاد سَبديب، الطالب في شعبة الهندسة المعلوماتية، والمصمم لمواقع إلكترونية، أوضح في حديث مع «الأخبار» أن هذا المجال بات بفضل مواقع التواصل الاجتماعي مفتوحا أمام هواة ومحترفي التصميم والبرمجة على حد سواء.
رشاد أضاف في الحديث نفسه إلى الجريدة أنه يشرف شخصيا على المشاريع المرتبطة ببرمجة المواقع الإلكترونية، من خلال تلقيه طلبات بواسطة بعض الصفحات المتخصصة في ذلك على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، بالإضافة إلى اعتماده على سوق سوداء متعارف عليها بين مجموعة من المطورين والمبرمجين.
سبديب، الذي اكتسب تجربة وخبرة، يعتبرها بالمهمة في مجال إنشاء المواقع الإلكترونية عن طريق المشاريع التي يتلقاها بواسطة صفحات «الفيسبوك»، أشار إلى أن المقابل المادي الذي تلقاه من أجل تصميم المواقع الإلكترونية سابقا تراوح بين 6 آلاف درهم و60 ألف درهم.
رشاد أفاد بأن مجال تصميم وإنشاء المواقع الإلكترونية، عرف طفرة نوعية في المغرب بفضل الإقبال المتزايد على استعمال الأنترنيت لدى شريحة واسعة من الشباب المغاربة، معتبرا أن هذا المجال في تطور مستمر نظرا لتزايد الطلب على الخدمات الإلكترونية.
طلبات العروض.. تلاعبات وأموال «تحت الطاولة»
مصادر وثيقة الاطلاع أكدت لـ»الأخبار» أن طلبات العروض، في مجال تصميم المواقع الإلكترونية لصالح بعض المؤسسات والهيئات بالمغرب، كانت بالأمس القريب تشوبها أشكال من التلاعبات، بالإضافة إلى اعتماد المحسوبية في تفويت الصفقات والمشاريع لصالح شركات يتم تأسيسها أياما قليلة بعد الإعلان عن الطلبات.
المصادر ذاتها أكدت لـ»الأخبار» أنه قبل بضع سنوات، كانت الصفقات المرتبطة بهذا المجال، تتم بشكل سري وغير معلن، بالإضافة إلى احتكارها من طرف بعض المشرفين والمسؤولين، في شكل من أشكال التلاعب بالصفقات.
وزادت المصادر ذاتها، بأن تكاليف إنجاز وتصميم المواقع الإلكترونية كان يتم التلاعب فيها بين المؤسسات والشركات الحاصلة على صفقات التصميم.
وأشارت المصادر نفسها، إلى أن بعض الصفقات كان يعلن عنها بشكل متأخر، الأمر الذي كان يضيع على مجموعة من الشركات المتخصصة، فرص تقديم ملفاتها للإشراف على المشاريع التي يجري إطلاق طلبات العروض بشأنها.
إنشاء موقع إلكتروني.. المراحل والخطوات
حسب عصام العمراني، مدير شركة «وصلة» المتخصصة في تصميم وإنجاز المواقع الإلكترونية، فأولى خطوات إنشاء موقع إلكتروني تبدأ بـ»الفكرة الرئيسية للموقع»، ثم اختيار وتكوين طاقم يشرف على ترجمة تفاصيلها إلى واجهة بألوان وأقسام محددة.
بعد الإحاطة بمختلف تفاصيل الفكرة، يجب اختيار الفئة المعنية بخدمات ومحتويات الموقع الإلكتروني، ومن تم تحديد نقاط الاختلاف بين الموقع وبين باقي المواقع الإلكترونية بالإضافة إلى تحديد أهم نقاط القوة التي تؤخذ بعين الاعتبار خلال مرحلة التصميم والبرمجة، بالإضافة إلى طريقة تسويق الموقع على الأنترنت ليكون رهن إشارة قاعدة واسعة من المتصفحين.
عصام العمراني، ومن خلال تجربته كمصمم مواقع إلكترونية، يرى أن نجاح الموقع الإلكتروني رهين بإعداد خطة إعلامية متكاملة، تتضمن إنشاء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي والاعتماد على آليات تسويقية محددة تزيد من قاعدة زواره.
بعد تحديد فكرة الموقع وخطته الإعلامية، يتم اختيار الشركة التي ستنفذ المشروع الإعلامي مع مراعاة مجموعة من الجوانب المرتبطة بتكلفة الإنجاز وتفاصيل دفتر التحملات الخاص بمحتويات الموقع الإلكتروني.
ويضيف عصام العمراني : «خلال مرحلة التصميم يتم الاهتمام بنقاط القوة المقترحة من طرف الزبون.. عند تصميم واجهة الموقع الإلكتروني في نسختها الأولى تتم معاينتها بشكل أولي قصد إبداء الملاحظات والتعديلات عليها، بعد ذلك تتواصل عمليات التقسيم والتركيب والتقطيع والتشفير، ثم ملاءمة واجهة الموقع الإلكتروني مع مختلف الأجهزة والمتصفحات.
خلال المراحل النهائية للتصميم، يتم تنزيل تفاصيل دفتر التحملات في واجهة الموقع الإلكتروني، بحيث يتم خلال نهاية العملية دمج التصميم والبرمجة معا بالإضافة إلى حجز الاستضافة المتلائمة مع طبيعة الموقع ومن ثم اختبار مستويات الحماية عبر طاقم تقني يشرف على اختبار الموقع الإلكتروني أمنيا، على أن يتم تقديمه بعد ذلك في شكله النهائي إلى الزبون.
«ANRT» : عدد المواقع الإلكترونية المغربية في ارتفاع مستمر
أفاد التقرير السنوي للوكالة الوطنية لتقنين المواصلات بأن عدد أسماء النطاق «ma.» بلغ 54450 اسما، مقابل حوالي 50945 ألف اسم نطاق تم تسجيلها سنة 2013 أي بارتفاع قدره 6.88 في المائة خلال سنة واحدة.
وعرفت أسماء النطاق بالمغرب ارتفاعا ملحوظا ابتداء من سنة 2003 بحيث لم تتجاوز خلال تلك الفترة 7500 اسم نطاق، لتسجل سنة 2009 حوالي 21 ألفا، في حين سجلت خلال سنة 2011 حوالي 42 ألف اسم نطاق.
وعرفت سوق الأنترنت نموا تصاعديا سنويا بحوالي 72 في المائة، بحيث ناهز عدد المشتركين في الأنترنت سنة 2014 أزيد من 10 ملايين مشترك، ما أثر بشكل إيجابي على وتيرة النفاذ إلى المواقع الإلكترونية.
وبلغ عدد المشتركين في الأنترنت من الجيل الثالث حوالي 9 ملايين مشترك مع حلول سنة 2014 في حين سجلت سنة 2013 حوالي 5 ملايين مشترك أي بنمو سنوي بلغ حوالي 81 في المائة.
يشار إلى أن أسماء النطاق «ma.» تسوق من طرف مقدمي خدمات مصرح بهم لدى الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، باعتبارهم مقدمين للخدمات ذات القيمة المضافة، ويبلغ عددهم حوالي 28 مقدما.
وارتباطا بالموضوع ذاته، بلغت نسبة ولوج الأسر المغربية للمواقع الإلكترونية حوالي 50 في المائة خلال سنة 2014، بحيث تبلغ نسبة ولوج الأسر إلى الأنترنت المتنقل ما يقارب 36 في المائة، في حين أن 5 في المائة من الأسر فقط من تعتمد على خط الأنترنت الثابت في الولوج إلى الأنترنت.
عصام العمراني : «السوق السوداء يحركها زبناء يفضلون الاستفادة من خدمات جيدة لكن بأسعار تفضيلية»
قال عصام العمراني، مدير شركة «وصلة» المتخصصة في تصميم المواقع الإلكترونية، إن السوق السوداء المرتبطة بمجال تصميم وإنشاء المواقع الإلكترونية، يحركها زبناء يفضلون عادة الاستفادة من خدمات جيدة، لكن بأسعار تفضيلية، ما يطرح بعض الإشكاليات على مستوى معايير الجودة.
نفس المتحدث، أشار إلى أن عدد الشركات المغربية المتخصصة في مجال تصميم وإنشاء المواقع الإلكترونية قليل نسبيا، في حين تتراوح تكلفة إنجاز موقع إلكتروني بين 10 آلاف و60 ألف درهم.
ويرى عصام أن الطفرة التي يعيشها المغرب على المستوى الرقمي، تبرر الحاجة إلى مزيد من المواقع الإلكترونية التي تقدم خدمات للمتصفحين للمغاربة. مضيفا : «قبل خمس سنوات كان هناك نقص كبير على مستوى المواقع الإلكترونية بالمغرب .. سنة 2010 شهدت تزايدا في أعداد المواقع الإلكترونية، بحيث انعكس ذلك على وفرة المعلومات، وبالتالي بات بإمكان المتصفحين الوصول وبسلاسة إلى كم هائل من المعطيات اعتمادا على خدمات المواقع الإلكترونية».
وأوضح عصام، بأن الحد الأدنى لتكلفة تصميم وإنشاء موقع إلكتروني على الأنترنت، في المغرب، تبلغ 10 آلاف درهم، مع وجود بعض التخفيضات التي تقدمها الشركات المغربية، على اعتبار أن التكلفة لها علاقة مباشرة بجودة المنتوج.
وترتفع فرص قرصنة الموقع الإلكتروني، حسب نفس المتحدث، في حال ما إذا تم تصميمه بطريقة عشوائية اعتمادا على برامج لا تخضع للضوابط والمعايير المعتمدة، بحيث أن التصميم والاستضافة يكونان غير محميين في حالة الاعتماد على خدمات السوق السوداء، ما يزيد من فرص نجاح الهجمات الإلكترونية للقراصنة.
وأوضح عصام في حديث مع «الأخبار»، بأن بنود دفتر التحملات تحدد تكلفة إنجاز الموقع الإلكتروني والمدة الزمنية اللازمة لإنجازه، بحيث تتراوح مدة تصميم المواقع الإلكترونية في المتوسط بين أسبوعين وستة أشهر.
وتحرص بعض الشركات المغربية المتخصصة في المجال على توفير طاقم إضافي يسهر على تقليص مدة تصميم الموقع الإلكتروني، في حين تعتمد أخرى على تقديم خدمات متكاملة تشمل تخصصات مختلفة منها التصميم والبرمجة وحجز الاستضافة.