مرة أخرى، شهد منتجع الهرهورة بضواحي العاصمة الرباط، حالة استنفار قصوى، إثر تنفيذ حكم قضائي صدر من طرف النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بتمارة لصالح أحد أقارب الزعيم الاتحادي الراحل، المهدي بن بركة. يقضي بإفراغ فيلات وإقامات راقية مملوكة لوزراء سابقين، وعمال وولاة بوزارة الداخلية، وسفراء وشخصيات أخرى سامية، عجزوا عن تبرير وتعليل ملكيتهم لهذه الفيلات الراقية الممتدة على مساحة كبيرة بشاطئ الهرهورة، قبل أن ينتصر القضاء لملاكها الحقيقيين وتشرع السلطات القضائية في إفراغها بالقوة.
وأكدت مصادر خاصة بـ«الأخبار» أن فريقا مشكلا من السلطات الترابية والقضائية ورجال الدرك سهر، بحر الأسبوع الماضي، على تنفيذ حكم الإفراغ في حق مسؤول سابق بوزارة الداخلية (م. ب)، الذي كان مقربا من وزير الداخل الأسبق الراحل إدريس البصري، وترأس أهم مديرية بأم الوزارات آنذاك، وقد حضر أحد أفراد عائلته ترتيبات الإفراغ التي دامت يوما كاملا تقريبا، بالنظر إلى حجم المنقولات والممتلكات بالفيلا، التي تم شحنها على متن ناقلات أمام أنظار منفذي الحكم القضائي الصادر عن النيابة العامة المختصة.
وتعد هذه العملية الثانية من نوعها، بعد تنفيذ تدخل إفراغ مماثل في مارس 2020، طال فيلا فخمة بالموقع نفسه كانت مملوكة لسفير سابق، حيث أشرفت السلطات على إنهاء احتلال أبنائه للعقار المذكور لمدة عقود طويلة، قبل أن يحسم القضاء الأمر ويرجعه إلى أصحابه.
ووفق معطيات حصلت عليها «الأخبار»، فإن قريبا للمهدي بن بركة، الذي يشغل منصبا رفيعا في المحاماة بإحدى الدول الأوروبية، ربح قضية تتعلق باحتلال عقار في ملكيته، يوجد بموقع استراتيجي على مقربة من شاطئ الرمال الذهبية بالهرهورة، وهذه القضية كانت رائجة أمام القضاء منذ سنة 2016، حيث قضت المحكمة الابتدائية بتمارة بالإفراغ الفوري لمحتلي 20 فيلا راقية توجد على أرض مساحتها خمسة هكتارات تقريبا، وتقع تحديدا بشاطئ «كونطربوندي 2» من الطريق الرئيسية التي تعبر وسط الهرهورة في اتجاه الصخيرات، وتمتد حتى الشاطئ.
وأوضحت المصادر أن هذا العقار الذي تقدر قيمته بمليارات الدراهم، كان موضوع طلب نزع الملكية من طرف جماعة تمارة، عندما كانت الهرهورة تابعة لهذه الجماعة، لكن مسطرة نزع الملكية لم تستكمل من طرف مسؤولي هذه الجماعة، وخلال سنة 2013 أثناء تولي الرئيس الراحل فوزي بنعلال، رئاسة بلدية الهرهورة، طلب صاحب العقار، المنتمي إلى عائلة بن بركة، من الجماعة استكمال مسطرة نزع الملكية وتعويضه بمبالغ مالية كبيرة، لكن الجماعة رفضت ذلك، بدعوى عدم توفرها على الميزانية الكافية لنزع ملكية العقار المذكور، ما دفع صاحبه إلى اللجوء إلى القضاء من أجل إفراغه من المحتلين، بعدما فشلت كل المفاوضات لتسوية النزاع، بعد مطالبته بأداء مبالغ مالية باهظة.
وكشفت مصادر الجريدة أن السلطة المحلية استعانت بتعزيزات أمنية كبيرة من مختلف المصالح لتنفيذ حكم الإفراغ، لأن المحتلين هم وزراء سابقون وسفراء ومسؤولون كبارا في وزارة الداخلية وأعيان قوم كانوا مقربين من وزير الداخلية الأسبق القوي الراحل إدريس البصري، ونسجوا علاقات قوية مع عائلات نافذة عبر المصاهرات والمشاريع المشتركة، حيث كان يسود الاعتقاد بالخلود الأبدي بهذه الفيلات التي تسلموها في سياقات خاصة، وسكنوا فيها لمدة طويلة وبعضهم قام بتوريثها لأبنائهم، رغم أنهم لا يتوفرون على أي وثيقة تثبت ملكيتهم لهذه العقارات، قبل أن يظهر ملاك الأرض الحقيقيون (قريب بن بركة وشخص آخر)، حيث رفعا دعوى قضائية أمام المحكمة، وأنصفتهما الأخيرة بموجب حكم يقضي بالإفراغ الفوري لهذه العقارات. وينتظر أن تنفذ تدخلات الإفراغ تواليا، خلال الأسابيع المقبلة، بعد أن أربكت الوضعية الوبائية ترتيبات تنفيذ الحكم القضائي، التي انطلقت قبيل الحجر الصحي في مارس 2020، لتنطلق من جديد، بحر الأسبوع الماضي.