النعمان اليعلاوي
انتقل الجدل بخصوص تفاصيل مشروع القانون التنظيمي لممارسة الحق في الإضراب إلى مجلس المستشارين، فقد عقدت لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، اجتماعا خصص للمناقشة العامة لمشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، وذلك بحضور وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، في الوقت الذي أشاد ممثلو فرق الأغلبية بمجلس المستشارين بالجرأة السياسية التي أظهرتها الحكومة لإخراج القانون التنظيمي للإضراب إلى حيز التنفيذ، وبالتعديلات التي أدخلها نواب الغرفة الأولى على النص الأصلي، والتي جعلته يختلف بشكل كبير عن النسخة التي طرحتها حكومة عبد الإله بنكيران. في المقابل، وجهوا انتقادات لاذعة إلى المعارضة التي وُصفت بأنها تعاني «هذيان خصوم النجاح»، بسبب استمرارها في انتقاد مشروع القانون.
خلال المناقشة العامة لمشروع القانون بمجلس المستشارين، اعتبر محمد البكوري، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، أن النقاش العمومي الذي رافق المشروع يشكل «محطة مفصلية في العمل السياسي والنقابي بالمغرب».
وأشاد بشجاعة الحكومة التي وصفها بـ«غير المسبوقة» في التعاطي مع هذا الملف الحساس، بعد عجز حكومات متعاقبة على مدار 62 سنة عن إخراجه. كما هنأ رئيس الحكومة وفريقه على هذا «الإنجاز التاريخي»، مؤكدا أن الحكومة أوفت بتعهداتها مع مختلف الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين، دون الانجرار إلى المزايدات السياسية التي تعطل الإصلاحات الوطنية.
وأبرز البكوري أن المشروع يضمن الحقوق المكتسبة، ويدعم حكامة ممارسة الحق في الإضراب عبر تقنينه وتأطيره بما يقطع مع الفوضى. وشدد على ضرورة اعتماد الوضوح والصراحة في التعاطي مع الملفات الكبرى، بعيدا عن الحسابات الضيقة، مشيرا إلى أن الحكومة جعلت الحوار الاجتماعي خيارا استراتيجيا يهدف إلى بناء تعاقد اجتماعي متين ودائم.
وأكد لحسن الحسناوي، المستشار عن فريق الأصالة والمعاصرة، أن مشروع القانون يعالج فراغا تشريعيا استمر لأكثر من 60 سنة. وأشار إلى أن الصيغة التي قدمتها حكومة بنكيران عام 2016 كانت «مجحفة»، لغياب إشراك الأطراف المعنية، بما في ذلك النقابات و«الباطرونا» والمؤسسات الدستورية، ولم تحترم المعايير الدولية ذات الصلة.
واعتبر أن المشروع الحالي يمثل خطوة إيجابية نحو تعزيز الديمقراطية وتقنين العلاقة بين المشغل والعامل، بما يوازن بين الحقوق والواجبات.
من جانبه، أكد يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، أن مشروع القانون التنظيمي بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب «سيخضع لتعديلات إضافية في مجلس المستشارين».
وقال السكوري، عقب اجتماع للجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، إن مناقشة مشروع قانون الإضراب والمصادقة عليه في مجلس النواب «مثلت محطة مهمة ومكنت من إجراء تغييرات مهمة عليه»، معتبرا أن النص «يظل غير مكتمل ولا يشكل بعد الصيغة النهائية»، وكشف أنه تم الاتفاق مع المكونات النقابية بمجلس المستشارين على مباشرة المفاوضات حول المشروع على مستوى النقابات، بالموازاة مع تقديمه أمام اللجنة المعنية والشروع في المناقشة العامة.