مكناس: النعمان اليعلاوي
ترأس محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أول أمس الأربعاء بمكناس، على هامش الدورة السادسة عشرة للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب، الدورة الرابعة لأيام تكنولوجيا المعلومات للفلاحة، وكان الوزير مرفوقا بعامل إقليم مكناس، والكاتبة العامة لوزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، ورؤساء الغرف الفلاحية الجهوية، ورؤساء التنظيمات البيمهنية، وخبراء وباحثين على المستوى الوطني والدولي في مجال المنظومة الرقمية والفلاحية، بالإضافة إلى وفد مهم من المسؤولين بالوزارة.
وتنظم هذه السنة أيام تكنولوجيا المعلومات للفلاحة تحت شعار «الذكاء الاصطناعي من أجل فلاحة مستدامة ومرنة»، تماشيا مع رؤية الملك محمد السادس، التي تؤكد على الأهمية التي يجب إيلاؤها لتكنولوجيات المعلومات والاتصال الجديدة، لتحسين حكامة مختلف برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا، وتقديم خدمة عمومية جيدة للمواطنين المغاربة. كما تتماشى مع توجهات كل من استراتيجية الجيل الأخضر وتوصيات النموذج التنموي الجديد، اللتين جعلتا من الرقمية العمود الفقري للتنمية الاقتصادية لبلادنا، مع وضع التنمية الفلاحية والرقمنة في صميم أولوياتهما.
توفر أيام تكنولوجيا المعلومات للفلاحة مساحة للعرض تمثل جميع جوانب النظام البيئي الرقمي المتعلق بالفلاحة والصناعة الغذائية، كما أنها مساحة لتبادل الآراء والخبرات بين الخبراء والمشاركين، من خلال موائد مستديرة، وورشة عمل رئيسية مخصصة للذكاء الاصطناعي، وورش عمل موضوعاتية.
وفي كلمته الافتتاحية، شدد صديقي على الدور المحوري للذكاء الاصطناعي في تحديث قطاع الفلاحة المغربي، وسلط الضوء على التطبيقات المتعددة للذكاء الاصطناعي في القطاع الفلاحي، كما أكد الوزير على رغبة المغرب في أن يصبح مركزا للابتكار في الفلاحة 4.0، من خلال الاستثمار المكثف في البحث والتطوير، وتشجيع الشراكات بين القطاع العام والخاص، وظهور الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الفلاحية Agri-tech بهدف ربط مليوني فلاح بالخدمات الإلكترونية الفلاحية في أفق سنة 2030.
في السياق ذاته، أوضح صديقي الدور الذي تلعبه التقنيات الرقمية في جذب الشباب إلى القطاع الزراعي، ليس فقط من حيث الإنتاج، ولكن أيضا من خلال تعزيز ريادة الأعمال الخدمية، مشيرا إلى أن استراتيجية «الجيل الأخضر» طرحت فكرة ريادة الأعمال الخدمية لتقديمها، وإتاحة الفرصة للشباب لتطوير الأنشطة في مجال الخدمات الزراعية، مما يساهم في تعزيز جاذبية القطاع، وبالتالي فإن الهدف النهائي هو خلق طبقة وسطى زراعية وريفية متينة، أساس الاستمرارية والاستدامة. وقال الوزير: «تحقيقا لهذه الغاية، يتمثل الطموح في توصيل 2000 مزرعة بحلول عام 2030، مما يعني الانتقال إلى الرقمية على جميع المستويات».
من جانبها، أشارت سارة العمراني، الأمينة العامة لوزارة التحول الرقمي والإصلاح الإداري، إلى أن الدورة الرابعة لأيام تكنولوجيا المعلومات الزراعية تأتي في الوقت المناسب، من أجل تشجيع التطورات الرقمية التي تشكل رافعة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وأضافت المسؤولة الوزارية أن المغرب ملتزم بشكل حازم بمسار الذكاء الاصطناعي لتشكيل مستقبله الرقمي، مشيرة إلى أن هذه الرؤية المدرجة في الاستراتيجية الوطنية للتنمية الرقمية، تهدف إلى استغلال إمكانات الذكاء الاصطناعي لتحويل الخدمات العمومية وتحفيز الاقتصاد الرقمي وإعداد الاقتصاد الرقمي. لتصبح الدولة منتجة للتكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي.
وبالإضافة إلى ذلك «تستفيد المملكة من مجموعة هائلة من المواهب التكنولوجية» التي تسعى وزارة التحول الرقمي والإصلاح الإداري، بشراكة مع الفاعلين العموميين والخاصين، إلى تطويرها ودعمها لتعزيز الميزة التنافسية وتطوير مكانة المغرب كبلد مفضل.
«الرقمنة والذكاء الاصطناعي خلقا ثورة جديدة في المجال الفلاحي»
قالت لبنى المنصوري، مديرة القطب الرقمي لوزارة الفلاحة، إن «القطب الرقمي في الوزارة، هو مؤسسة جديدة تم إحداثها قبل عام، وبالتالي فمشاركة هذا القطب في المعرض، هي الأولى هذه السنة»، وأشارت المنصوري في تصريح لـ«الأخبار» إلى أن «مهمة القطب الرقمي في الوزارة تتمثل في تجميع جميع الجهود للمتدخلين من شركات ناشئة ومستثمرين وباحثين وفلاحين تواقين لاستعمال التكنولوجيا في مجالتهم، بغاية الوصول إلى أحسن النتائج»، مضيفة أن «الوزارة تطمح من خلال هذا القطب إلى تحويل الأفكار والمشاريع في خدمة الفلاحة والفلاح، في العديد من الاستعمالات».
في السياق ذاته، أشارت المنصوري إلى أن استعمال التقنيات الحديثة والذكاء الصناعي في المجال الفلاحي، يساعد على خفض التكاليف واقتصاد الموارد، مبينة أن «القطب الرقمي اشتغل على دراسة في هذا الجانب، في ما يتعلق باستعمال الطائرات المُسَيَّرَة في المجال الفلاحي، وقد كشفت النتائج أن استعمال الدرون يمكن من اقتصاد بنسبة 93 في المائة للموارد المستعملة، وبالتالي فلا يمكن حرمان الفلاحين المغاربة من إيجابيات هذه التقنية». موضحة أن «الدراسات العالمية بينت أن التكنولوجيات الحديثة من شأنها تحسين جودة الإنتاج الفلاحي بنسبة 30 في المائة في أفق 2030، وبنسبة 70 في المائة في أفق سنة 2050»، مشيرة إلى أن «هذه ثورة تكنولوجيا تقتحم العالم الفلاحي ومن شأنها أن تغير الكثير»، مبينة أن «أبرز الأهداف التي يشتغل عليها القطب الرقمي في الوزارة، هي منح الفلاحين حلولا رقمية، وإيصال هذه الحلول إليهم بكل الوسائل المتاحة بغاية الاستفادة منها، مثل الاقتصاد في الماء والمبيدات والأسمدة».
من جانب آخر، أكدت المنصوري أن «القطب الرقمي يشتغل على سياسة الوزارة في التركيز على الفلاح الصغير الذي يمثل 80 في المائة من القطاع»، وأن «الذكاء الاصطناعي يتخطى حدود غلاء التكنولوجيا»، مبينة أن «الرقمنة والذكاء الاصطناعي من شأنهما تحسين ظروف اشتغال الفلاحين، والوزارة تعي هذا الأمر، لذلك تم إدخال الذكاء الاصطناعي في مجال التكوين الفلاحي، نظرا إلى أهمية هذه التقنيات الحديثة، والسباق الحاصل اليوم على مستوى العالم حولها، والذي انخرطنا فيه قبل أن يتجاوزنا الركب»، حسب المنصوري، مؤكدة أنه لا يمكن الجزم بتوقع المغرب على المستوى القاري والعالمي في مجال استغلال الفلاحة الرقمية، أو الذكاء الاصطناعي، لغياب دراسات حاليا في هذا المجال، غير أنه قد تم الاشتغال على خرائطية بخصوص حلول الرقمنة في المغرب، وهي الخطورة التي أبرزت نتائج إيجابية سجلنا فيها وجود الرقمنة بقوة لدى الفلاحين المغاربة.
وأشارت المنصوري إلى مشروع الضيعات الفلاحية النموذجية، وهو المشروع الذي يتمثل في استعمال الرقمنة في عدد من ضيعات الأشخاص، وقد أبانت نتائج هذا المشروع عن رغبة كبيرة لدى الفلاحين في الانخراط في الفلاحة الرقمية، وكانت الضيعات الفلاحية التي تم تطبيق الرقمنة فيها حافزا لباقي الفلاحين، من أجل البحث عن تطبيقها في ضيعاتهم، لما رأوا من نتائج إيجابية ومهمة على فلاحتهم.
تنافس حول جودة زيت الزيتون البكر الممتاز
على هامش الدورة السادسة عشرة للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب، ترأس محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أول أمس الأربعاء بمكناس، حفل توزيع الجوائز على الفائزين في المباراة الوطنية الرابعة عشرة لجودة زيت الزيتون البكر الممتاز للموسم الفلاحي 2023/2024.
وتعكس هذه المباراة التي تنظمها الوزارة بالتشاور مع الفيدرالية البيمهنية المغربية للزيتون «INTERPROLIVE»، الاهتمام الخاص الذي توليه استراتيجية الجيل الأخضر لتحسين جودة المنتجات الفلاحية، بما في ذلك زيت الزيتون، وقد أجريت المباراة وفقا لنظام وضع طبقا للمعايير المعمول بها من قبل المجلس الدولي للزيتون في هذا المجال.
شراكة تجمع ADA وشركة إدارة صناديق الاستثمار
ترأس محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، حفل توقيع مذكرة تفاهم بين وكالة التنمية الفلاحية وشركة إدارة صناديق الاستثمار Azur Partners»»، وذلك على هامش الدورة السادسة عشرة للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب، حيث تهم هذه المذكرة تمويل صناديق الاستثمار التي تديرها Azur Partners»» لمشاريع استثمارية فلاحية مبتكرة ومستدامة.
ويندرج هذا المشروع في إطار الرؤية الشاملة لاستراتيجية «الجيل الأخضر 2020 – 2030 «التي تهدف أساسا إلى تسهيل التحول الفلاحي نحو فلاحة أكثر تنافسية ومتكيفة مع التغيرات المناخية، وكذا خلق مشاريع جديدة مبتكرة ومستدامة من خلال تمويلات صناديق الاستثمار التي تديرها Azur» Partners» في هذا الإطار، تسعى وكالة التنمية الفلاحية من خلال هذه الشراكة إلى تأكيد التزامها، من أجل دعم وتعزيز المبادرات الفلاحية التي تستجيب لمعايير الاستدامة والابتكار، كما تمثل هذه المذكرة خطوة مهمة من أجل تحقيق هذه الالتزامات.
درونات فلاحية تستقطب الأنظار
استقطبت الأروقة الخاصة بالتكنولوجيات الحديثة وعلى الخصوص الطائرات المُسَيَّرَة (درونات) المستعملة في المجال الفلاحي، زوار المعرض الدولي للفلاحة بمكناس، حيث عرضت شركات متخصصة عددا من المُسيرات بأحجام مختلفة، فاتحة الباب أمام تساؤلات الفلاحين والجمهور على السواء، بخصوص جدوى استعمال هذه التقنيات المتطورة في المجال الفلاحي.
وفي هذا السياق، قال ياسين قاموس، المدير العام لشركة «درون واي» المروجة للعلامة الصينية «DJI» المتخصصة في المسيرات الفلاحية، إن هذه التقنية قد بدأت في المغرب منذ أزيد من أربع سنوات، وهي المتعلقة باستعمال الطائرات المسيرة في المجال الفلاحي، مبينا أن استعمالات هذه التقنية ترتبط برش البذور والأسمدة، بالإضافة إلى السقي عبر «الدرون» أو رش المبيدات الفلاحية. مؤكدا أن هناك توجها كبيرا لدى الفلاحين لاقتناء هذه المسيرات التي تتراوح أسعارها بين 60 ألف درهم و190 ألف درهم، حسب الحجم والاستعمالات.
وبين المتحدث في تصريح لـ«الأخبار» أن طائرات «الدرون» تمكن الفلاح من مزايا كبيرة واستعمالها في المجال الفلاحي له انعكاسات إيجابية تتعدى ما هو اقتصادي إلى ما هو اجتماعي، مبينا أن ما كان سيطلبه رش مبيدات فلاحية بالطرق العادية من جهد وتكاليف يقلصه «الدرون» بنسبة 80 في المائة، بمعنى أن استعمال «الدرون» يقلص من تكاليف الإنتاج في مراحل محددة بنسبة 80 في المائة، وهو ما سينعكس بشكل إيجابي على أرباح الفلاحين، وبالتالي أسعار السلع الفلاحية، وأيضا تجاوز الإشكالات الاقتصادية لدى الفلاح والتي قد تدفعه إلى الهجرة نحو المدينة، مضيفا أن هذه التقنية لا تحتاج إلى نسبة عالية من التكوين من أجل استعمالها، زيادة على استعمالات «الدرون» لا ترتبط فقط بالرش والسقي، بل أيضا بتجميع المعطيات حول (الأعشاب الضارة، وحالة المزروعات، والمراقبة الآنية للغرس..).
«الفاو» تناقش رهانات وتحديات تحول النظم الغذائية بالمغرب في «SIAM»
ترأس كل من محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، وجان سيناهون، ممثل منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة بالمغرب (FAO)، أول أمس الأربعاء بمكناس، ندوة حول تحولات الأنظمة الغذائية بالمغرب.
تناولت أشغال هذه الندوة، التي نظمت على هامش الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب (SIAM)، من قبل وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بشراكة مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، رهانات وتحديات تحول النظم الغذائية بالمغرب، وتميزت على الخصوص بتقديم نتائج مسلسل الحوار الوطني وورقة الطريق الوطنية حول تحولات النظم الغذائية بالمغرب، وحكامة النظم الغذائية وسبل تمويلها، أخذا بالاعتبار التجارب الدولية والدروس المستخلصة، وذلك بهدف التوجه نحو نموذج تدبير مرن وجماعي للموارد المائية.
في هذا الإطار، تم توقيع اتفاقية مهمة بين الحكومة المغربية ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة. وتمثل هذه المبادرة مرحلة حاسمة في مواجهة ندرة المياه، وتعزيز استدامة النظم الغذائية بالمغرب وفي منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا (NENA).
وفي إطار هذا التعاون، وقع الطرفان رسميا على التزامهما بتنفيذ المبادرة الإقليمية حول ندرة الماء. ويتوخى هذا المشروع، الذي رصد له مبلغ 31.5 مليون دولار، والذي سينفذ خلال الفترة من يونيو 2024 إلى شتنبر 2028، تحسين حكامة ومرونة النظم الغذائية، وتدبير الماء في مواجهة التغيرات المناخية.
وفي هذا الصدد، أكد صديقي على أهمية هذه المبادرة، قائلا: «نحن بصدد اجتياز منعطف حاسم، أصبح فيه تعزيز نظمنا الغذائية يكتسي أهمية حاسمة. بفضل هذا التعاون مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة سنتمكن من تحسين تدبير الماء والنجاعة في استعماله، الشيء الذي يعد أساسيا بالنسبة إلى ضمان الأمن الغذائي لمنطقتنا». ويعكس هذا التصريح التزام المغرب المتواصل لصالح فلاحة مستدامة، وقادرة على التأقلم والصمود في مواجهة التحديات البيئية المتنامية.
وفي الاتجاه نفسه، أعرب جان سيناهون من جانبه عن تفاؤله بشأن وقع هذه المبادرة، وقال: «أكثر من مجرد التزام مالي وتكنولوجي، يمثل هذا المشروع نموذجا مثاليا للتعاون الرامي إلى تحويل الممارسات الزراعية عبر جعل الاستدامة والابتكار في صلب النظم الغذائية».
ويأتي توقيع هذه الاتفاقية في ظرفية تواجه فيها منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا (NENA) تحديات غير مسبوقة، من حيث حجم المخاطر التي تهدد الأمن المائي والغذائي. في هذا السياق، يعمل المغرب ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) يدا في يد، من خلال اعتماد مقاربات مبتكرة وتعزيز التعاون الدولي، من أجل بناء مستقبل يكون فيه الأمن الغذائي محصنا ومضمونا من قبل نظم أكثر قوة وأكثر إنصافا.
وتأتي هذه الاتفاقية أيضا كثمرة للمجهودات المتواصلة التي يبذلها المغرب في سبيل إدماج الانشغالات البيئية والمناخية في إطار استراتيجيته الفلاحية، من خلال ضمان انسجام مبادراته مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. كما يمثل توقيع هذه الاتفاقية خطوة إلى الأمام في اتجاه إرساء نظم غذائية، لا تقتصر فحسب على توفير الغذاء، وإنما تدعم أيضا المنظومات الطبيعية والمجتمعات المرتبط بها.
وتشكل الاتفاقية الموقعة، أول أمس الأربعاء، شهادة حية على رغبة المغرب وشركائه الدوليين في إحداث تحولات ملحوظة في تدبير الموارد الطبيعية، من خلال التأكيد على ندرة الماء التي تمثل انشغالا رئيسيا بالنسبة إلى الأجيال الحالية والمقبلة.