شوف تشوف

الرئيسية

الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعله

هذا يورى في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال المفضل: أولُ مَنْ قاله اللُّجَيْجُ بن شُنَيف اليربوعي في قصة طويلة ذكرها في كتابه الفاخر.

قد أنصف القارة من راماها
زعموا أن رجلا من جهينة رمى رجلا من القارة، وهم بنو الهون بن خزيمة ابن مدركة بن الياس بن مضر- فقتله، فرمى رجل من القارة رجلا من جهينة، وكان القارة فيما يذكرون أرمى حيّ في العرب، فقال قائلهم: قد أنصف القارة من راماها. فأرسلها مثلا.

قد نراك فلست بشيء
زعموا أن امرأة كان لها صديق، وهو لزوجها عدو، وكانت معجبة، قال لها: لا أشتفي أبدا حتى أجامعك وزوجك يراني، فاحتالي لي. وكان لزوجها بهم، فكان يرعاها بفناء بيته، فاصطنعت له سربا إلى جنبها ثم جعلت له غطاء، وكان رب البيت يرعى حول بيته، فلما تبرز من البيت وتباعد عنه وثب عليها صديقها، فرآه زوجها فأقبل مسرعا قد ذهب عقله، فلما رآه صديقها مقبلا دخل السرب، وجاء الرجل وقال للمرأة: ما هذا الذي رأيت معك؟ قالت: ما رأيت من شيء وهذا البيت فانظر فيه، فنظر فلم ير شيئا، فعاد إلى غنمه، وعاد صديقها إليها، فلما رآه زوجها أقبل، وعاد صديقها إلى سربه، فلما جاء قال: ما هذا؟ قالت:
وهل ترى من بأس؟ فنظر وانصرف إلى مكانه، فعاد صديقها إليها، حتى فعل ذلك مرارا يقبل الزوج فلا يرى شيئا ثم يعود صديقها إليها إذا ذهب زوجها، فلما أكثر قال زوج المرأة: قد نراك فلست بشيء فأرسلها مثلا.

أعن صبوح ترقّق
وأما هذا المثل: أعن صبوح ترقّق. فإن العرب يدعون شراب الليل الغبوق، وشراب النهار الصبوح، فزعموا أن رجلا نزل ببيت من العرب ليس لهم مال، فآثروه على أنفسهم فغبقوه غبوقا قليلا فبات بهم ليستوجب أن يصبحوه، فقال: أين أغدو إذا صبحتموني- أي أنه لا بد من أن يصبحوه فقالوا: أعن صبوح ترقق، فذهب قولهم مثلا.

أعز من كليب بن وائل
كليب بن ربيعة بن الحارث بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن عثم بن ثعلب بن وائل كان سيد ربيعة في زمانه، فكان الناس إذا حضروا المياه لم يسق أحد منهم إلا من سقاه، وإن بدا فأصابهم مطر لم يتحوّض إنسان منهم حوضا إلّا ما فضل عن كليب، وكان يقول: إني قد أجرت صيد كذا وكذا فلا يصاد منها شيء قال معبد بن سعنة الضبي- كذا رواه المفضل، وهو الأسود ابن سعنة أخو معبد:
كفعل كليب كنت أخبرت أنه/يخطّط أكلاء المياه ويمنع.
يجير على بكر بن وائل/ أرانب ضاح والظباء فترتع

دَرْدَبَ لَمَّا عَضَّهُ الثَّقَافُ
يقال: دَرِب بالشيء، ودَرْدَبَ به، إذا اعتاده وضَرِىَ به، ودَرْدَبَ: أي خضع وذلَّ. والثِّقَافُ: خشبة تُسَوَّى بها الرماح. يضرب لمن يمتنع مما يُرَاد منه، ثم يَذِلُّ وينقاد.

أَدْرِكِي القُوِيمَّةَ لاَ تَأْكُلْها الهُوِيمَّةُ
القُوِيمَّة: تصغير قَامَّة، ويعني بها الصبي، لأنه يقمُّ كلَّ ما أدرك يَجْعَلهُ في فيه، فربما أتى على بعض الهوامّ كالعقرب وغيرها، والقمُّ والاقتمام: الأكل، وأنَّث القامَّة أراد الصبية، وصَغَّرها، وخصها لضعفها وضَعْفِ عقلها، والْهُوَيمَّة: تصغير هَامَّةٍ، وهي ما هَمَّ ودب.
يضرب في حفظ الصبي وغيره، والمراد به إدراك الرجل الجاهل لا يقع في هلكة.

دُونَ ذَا ويَنْفُقُ الحمَارُ
زعم الشرقي وغيره أن إنسانا أراد بيع حمار له، فقال لمشوِّر: أطر حماري ولك على جُعْل، فلما دخل به السوق قال له المشوّر: هذا حمارك الذي كنت تصيدَ عليه الوحشَ؟ فقال الرجل: دون ذا ويَنْفُقُ الحمار، أي الزم قولاً دون الذي تقول، أي أقلَّ منه، والحمار ينفُقُ الآن دون هذا التنفيق. والواو للحال، ويروى «دون ذا ينفق الحمار» من غير واو، أي ينفق من غير هذا القول. يضرب عند المبالغة في المدح إذا كان بدونه اكتفاء.
دُرِّي دُبَسُ
قال ابن الأعرابي: تقول العرب للسماء إذا أخالت للمطر: دُرِّي دُبَسُ، وقال غيره: دُبَسُ اسم شاة. يضرب لمن يُكْثِرُ الكلامَ.

دَمِّثْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ النَّوْم مُضْطَجَعا
ويروى «لجنبك» أي استعدَّ للنوائب قبل حلولها، والتدميث: التَّلْيين، والدَّمَاثة والدمث: الين، ويروى أن عائشة رضي الله تعالى عنها ذكرت عمر رضي الله تعالى عنه فقالت: كان والله أحْوَذيّاً نَسِيجَ وَحْدِهِ قد أعَدَّ للأمور أقْرَانَها.

دَقَّكَ بِالمِنْحَاز حَبَّ القِلْقِلِ
ذكرت الأعراب القُدُم أن القِلْقِلَ شجيرة خضراء تنهض على ساق، ولها حب كحب اللوبيا حلو طيب يؤكل، والسائمة حريصة عليها. يوضع هذا المثل في الإذلال والحمل عليه.

دُونَ ذَلِكَ خَرْطُ القَتَادِ
الخَرْطُ: قَشْرُكَ الوَرَقَ عن الشجرة اجتذاباً بكَفِّك، والقَتَاد: شجر له شوك أمثال الإبر. يضرب للأمر دونه مانع.

أدْرِكْنِي وَلَوْ بِأحَدِ المَغْرُوَّيِنْ
المَغْرُوّ: السهم المَرِيشُ. قال المفضل: كان رجلان من أهل هَجَرَ أخوان ركب أحدهما ناقة صعبة، وكانت العرب تُحَمِّقُ أهل هَجَر، وأن الناقة جالت، ومع الذي لم يركب منهما قَوْس، واسمه هُنَين، فناداه الراكب منهما فقال: يا هُنَيْن ويلك أدركني ولو بأحد المغروَّيْنِ، يعني سهمه، فرماه أخوه فصَرَعه، فذهب قوله مثلا.
يضرب عند الضرورة ونَفَاد الحيلة.

الدَّمَ الدَّمَ والهَدَمَ الهَدَمَ
جعل الهَدْمَ هَدَماً محرك الدال متابعة لقوله «الدَّمَ الدَّمَ» يعني أني أُبايِعُكَ على أن دَمي في دمكِ وَهَدْمِي في هَدْمك، قاله عطاء بن مصعب، ونصب «الدم» على التحذير، أي احذر سفكَ دمي، فإن دمي دمُك وكذلك هدمي هدمك. يضرب عند اسْتِجْلاَب منفعة للوِفاق والاتحاد.

دَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ فِي حَجَرَاتِهِ
النهب: المالُ المنهوب، وكذلك النُّهْبَى والحَجَرَاتُ: النواحي. ويضرب هذا المثل لمن ذهب من ماله شيء ثم ذهب بعده ما هو أجَلُّ منه.
وهذا من بيت امرئ القيس، قاله حين نزل على خالد بن سَدُوس بن أصمع النَّبْهَاني، فأغار عليه باعث بن حويص وذهب بإبله، فقال له جاره خالد: أعطني صنائعَكَ ورواحلك حتى أطلب عليها مالَكَ ففعل، فانطوى عليها، ويقال: بل لَحِقَ القومَ، فقال لهم: أغرتم على جاري يا بني جَديلة، فقالوا: والله ما هو لك بجار، قال: بلى والله ما هذه الإبل التي معكم إلا كالرواحل التي تحتي؟ قالوا كذلك، فأنزلوه وذهبوا بها، فقال امرؤ القيس فيما هجاه به:
وَدَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ فِي حَجَرَاتِه/وَلكِنْ حَدِيثاً مَا حَدِيث الرَّوَاحِلِ
يقول: دع النهبَ الذي انتهبه باعث، ولكن حدثني حديثاً عن الرواحل التي ذَهَبْتَ أنت بها ما فَعَلَتْ، ثم قال في هجائه:
وأعْجَبَنِي مَشْيُ الْحُزُقَّةِ خَالِدٍ/كَمَشْيِ أتَانٍ حُلِّئَتْ عن مَنَاهِلِ.

دَعِ امْرأً وَمَا اخْتَارَ
يضرب لن لا يقبل وعْظَكَ، يقال: دَعْه واختياره، كما قيل:
إذا المرءُ لم يدر ما أمكنه/ولم يأتِ من أمْرِهِ أزْيَنَهْ
وأعْجَبَه العجب فاقْتَادَهُ/وتَاهَ به التيهُ فاسْتَحْسَنَهْ
فدَعْهُ فقد ساء تَدْبِيرُهُ/سَيَضْحَكُ يَوْماً ويبكي سَنَةْ
ونكَّر قوله «امْرَأَ» لأنه أراد بالنكرة العمومَ كقوله تعالى {آتِنَا في الدنيا حَسَنةً وفي الآخرة حسنة} والواو في قوله «وما اختار» بمعنى مع، أي اتْرُكْهُ مع اختياره وكِلْه إليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى